2024-03-29 01:26 م

الطفل عمران في عين الأعور الدجال ..

2016-08-23
بقلم: نارام سرجون
اذا كان ذنبنا أننا لانملك ماكينة اعلامية هائلة تشبه بسطوتها سطوة الديانات القديمة فان هذا تقصير لكنه لايعني أننا على خطأ .. واذا كانت الكاميرات مصابة بالتمييز العنصري وتنبش الأطفال من بين الركام في أضيق شوارع حلب لكنها تتركهم بلا أرجل أو رؤوس أو عيون في اليمن وحي الزهراء في حمص فان هذا ليس ذنبنا أيضا ولايعني ان الكاميرا على صواب وأننا على خطأ وأن عيوننا لاترى .. واذا كانت عيون العالم لاترى آلاف الأطفال الذين ثقبت جماجمهم مدافع آل سعود .. أو حولتهم مدافع جهنم التركية في حلب الى شواء حلبي فان هذا لايعني أن القاتل ليس قاتلا ..

عالم اليوم هو كعالم الأمس وهو كعالم الغد .. ليست فيه الا صحف الأثرياء وليست فيه الا روايات الأقوياء .. وليست فيه الا عقول الأغبياء .. حيث تجوب روايات الأقوياء مياه العقول كما تجوب السفن مياه المحيطات وترسو حيث تريد بما تحمل من عبيد وتوابل .. فهناك من يرتكب الجريمة وهناك من يروي الرواية ويكتبها وهناك من يروجها وهناك من يصدقها .. أما من يثقب الرواية ويغرقها بأعاصير النار كسفينة صدمها جبل من حديد فانه لاشك ليس الا ذلك الذي يكون عقله مثل جبل من حديد .. ويكون قلبه كالمخرز الفولاذي في عين الكاميرا.. عين الأعور الدجال ..
اليوم كلما أقلعت طائرة حربية سورية أو روسية أقلعت مقابلها أسراب من الكاميرات والأقلام والصحف والمواقع وصارت تقصف العالم بصور وروايات عن الأطفال الذين قتلتهم طائرات الروس وطائرات النظام السوري .. وكلما تقدمت دبابة سورية ودكت تحصينات للعدو وضع العدو صورا للأطفال على صدره حيث تصوب القذائف .. ويعلقها على الجدران .. لتكون مثل الدروع ومثل أجهزة التشويش التي تضلل الصواريخ الحرارية .. بالأمس صور مضايا وبعدها صورة ايلان .. واليوم صورة عمران ..

في الحرب على سورية منذ اللحظة الأولى هناك اصرار على الاقلاع بديانة جديدة هي ديانة الأعور الدجال .. الذي يغرز المخارز في عيوننا كيلا نرى الحقيقة .. هذا الأعور الدجال هو الاعلام العالمي الذي يروي لنا روايات الأثرياء ويقص علينا قصص الأقوياء .. ويريدنا جميعا ان نكون أغبياء .. 
هل يريدنا عالم الأعور الدجال أن نصدق أنه تأثر لصورة الطفل عمران في حلب وهو الذي لم يكترث برأس الطفل عبدالله عيسى المرفوعة قبل ذلك بأيام بيد قاتلها؟؟ وهو العالم الذي لم ير صور الطفل الفلسطيني "المناصرة" الذي أطلق الرصاص عليه على الرصيف أمام الكاميرات؟؟ بل تصرف العالم يومها وكأن عينه كانت تتجول عبر تلسكوب على سطح القمر ولاترى أثرا لحياة ولالرأس طفل تفصل عن جسده ولالرصاصة تثقب الرأس والرصيف .. وأكثر ماقاله أنه سيحقق في المزاعم .. لأن عين الأعور الدجال كانت في رحلة على سطح المريخ ..

اذا كان العالم أعور فان لنا عقلا ليست فيه عورة وعيونا ليس فيها غبش لاتريد أن تضيع في المريخ ولا أن تشوشها أجهزة تضليل العيون كما تفعل أجهزة تضليل الصواريخ الحرارية .. فعين الأعور الدجال تفتح مذهولة اليوم من صورة عمران يعلوها الغبار والدم .. فنعرف أننا لسنا أمام صورة عادية بل أمام جهاز تشويش يستعمل صور طقل ليضلل الرصاص ويبعده عن صدور الأوغاد ..

وعندما ينتقي العالم الصور التي يريد وفي التوقيت الذي يريد ويعلق على الجدران صورا لكنه يرمي تحت الأنقاض صورا لنا ولأطفالنا وجراحنا فان علينا ان نحتقر هذا العالم الذي يدوس كل أطفال الحرب في سورية وفي اليمن وفلسطين ويميز بين دمائهم وأرواحهم وهم الذين لم يعبأ بهم وبصورهم وبأصواتهم واستغاثاتهم التي تقطع نياط القلوب ..

هذا العالم الذي يوزع صورة عمران هو ذات العالم الذي وضعه بنذالة تحت الركام ثم انتشله ليلتقط له صورة تذكارية مع دمه وغباره .. وهو ذات العالم الذي يتأمل آلاف قذائف الهاون وقذائف جهنم تسقط على أحياء حلب وتقتل آلاف البشر ولكنها في عين الأعور الدجال تبدو وكأنها تسقط على سطح المشتري حيث لاحياة هناك ولاضحايا ..

اياكم أن تتخيلوا أنني اريد أن أمزق تلك الصورة لذلك الطفل البريء وان سطح قلبي صار قطعة باردة من سطح المشتري حيث لاحياة عليها كما هي قلوب الشر في هذا العالم الغربي الذي لم يشبع من صور أطفالنا الذين يردمهم أحياء ويحرفهم أحياء ويقطع رؤوسهم .. واياكم أن تتخيلوا أن عقلي دخل العصر الجليدي الذي دخله الثوار ولايقدر ان يزرع وردة على جليده .. لكنني أريد أن أقول لكم بأننا نحارب من أجل عمران وجيل عمران الذي سيكبر يوما وسيلومنا أننا لم نفكر أن نزرع له القمح على سطح المشتري ولم نأت له بحجر كهدية من المريخ .. وأننا لم نفكر بأن نكتب له قطعة أرض مطوبة باسمه من سورية الموحدة .. ولذلك فاننا سنحارب وسنكسر العيون العوراء ونفقأ عيون الدجالين .. وسنمزق الروايات التي يكتبها الأثرياء ويملك حق نشرها الأقوياء .. ويتداولها الأغبياء ..

من أجل حق عمران وجيل عمران القادم .. الحرب مستمرة بين الفقراء من جهة والأثرياء وأتباعهم الأغبياء من جهة أخرى حتى اتمام المهمة كاملة وطعن الأعور الدجال في عينه وقلبه .. الى أن ينبت الورد في حلب ويغطي جبين عمران الدامي ويكبر ويتسامق .. ويعرش في السماء .. حول عرش الاله نفسه .. ولن يطول انتظار عرش الاله ..