2024-04-23 09:02 م

سوريا تُفشل إستراتيجية واشنطن الإرهابية

2016-08-28
بقلم: ميشيل كلاغاصي
وسط غياب ٍ تام للحل السياسي في سوريا , ووسط صمت دولي مخيف لغالبية دول العالم, ووسط حضور ٍ كلي الإنحياز للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي على الدولة السورية , تتابع الولايات المتحدة الأمريكية عدوانها على سوريا, بإعتمادها الإرهاب المتوحش وسيلة وحيدة لغزوها. ست سنوات من الحرب "البدعة", ولم تتوقف عن إمتطاء الإرهاب كحمار حقيقي تستخدمه في سعيها لإضعاف الدولة السورية و إلهائها بمعارك مختلفة , أخفت فيها خطتها الأساسية في إجتياح سوريا وتفتيتها وتحويلها إلى كانتونات ٍ لا تعد ولا تحصى . إن الدعم الأمريكي للرئيس التركي وعمليات التعويم التي إقتضت تزوير الإنتخابات, بالإضافة إلى إعادة إنتشاله من السقوط في الإنقلاب العسكري جاء لضمان القضاء على معارضيه في الجيش والإستخبارات ممن يقفون في وجهه في المشاريع المخطط لها , خصوصا ً بما يتعلق بإحتلال سوريا . حدث ٌ كبير مكنّه من التقرب من الدولتان الروسية والإيرانية , تحت عنوان "الإستدارة".. وعلى الرغم من غزله اللفظي تجاه الدولة السورية والرئيس الأسد, فمن الواضح تماما ً أنه يمهد لعدوانه المشترك مع الإدارة الأمريكية, وأمام الحضور العسكري لثمانية دول ٍ أوروبية والتي تنتظر على الأرض السورية حصتها من الكعكة !.. يبدو أنه بصدد إستدارة ٍ أقرب إلى سيده الأمريكي , وأبعد ما تكون عن أهداف روسيا وإيران في محاربة الإرهاب وحماية وضمان وحدة الأراضي السورية . فقد تذرع بمنع قيام كيان ٍ كردي في الشمال السوري و بالقرب من حدوده وبمحاربة تنظيم داعش الإرهابي.. متناسيا ً دوره المفضوح في دعمه اللا محدود لكافة التنظيمات الإرهابية على مدى السنوات الماضية. لقد سار في ركب المخطط الأمريكي الذي أعتمد على خداع (بعض) أكراد سوريا واستمالتهم عبر دعمهم من خلال التشكيلات العسكرية المختلفة التي تموضعوا خلفها. أراد المُخطط إستغلال المكون الكردي في سوريا للإستيلاء على محافظتي الحسكة والقامشلي, وطرد الدولة منها , لكن الحزم السوري والمرونة والحكمة التي أبدتها أجبرت الأكراد على الإستدارة 180 درجة – في ليلة ٍ و ضحاها- خلال لقاء التفاوض مع الدولة السورية في مركز حميميم في اللاذقية برعاية روسية.. لقد تباينت المواقف من عملية "درع الفرات"، والتي أعلنت عنها تركيا بالتنسيق مع فصائل الجيش الحر، والتي انتهت بسيطرة الجيش التركي على مدينة جرابلس، وطرد داعش منها من خلال الفيلم الهوليودي ذاته؛ في الوقت الذي أعربت فيه واشنطن تأييدها للعملية.. فيما جرى استقدام بعض الخونة السوريين ممن استبدلوا ملابس داعش بالنصرة و فتح الشام , و ممن أعادوا التذكير ب " الجيش الحر" البائد , كشهود زور على تقسيم وطنهم وبيعه في سوق النخاسة العصملي – الأمريكي – الصهيوني لاحقا ً , واللذين تُعوّل عليهم الإدارة الأمريكية لإدارة المناطق التي خططت لإنتزاعها من السيادة السورية . إن المخطط الخبيث يؤكد حاجة واشنطن للجهود التركية , والتي يحلم فيها أردوغان بقضم المزيد من الأراضي السورية بما لا يسمح بفتح ملف قضية إستلاب و إغتصاب لواء الإسكندرون السوري . يبدو أردوغان سخيفا ًو واهما ً إذ يشعر أنه غدا هدفا ً تتصارع عليه واشنطن و موسكو , فواشنطن تُعتبر نموذجا ً للمشغل سريع التسريح , فيما موسكو تمتلك بدائل عديدة لإعادة إحياء مشروع خط السيل الناقل للغاز الروسي, حتى حليفه العضوي و الإستراتيجي الكيان الغاصب الإسرائيلي يرى أن دخول أردوغان الأراضي السورية – بحسب صحيفة معاريف : "هو دخول في المستنقع السوري لأجل هدف غير ممكن".. إن دعم واشنطن للأكراد جعلهم يقاتلون تحت راية أحلامهم و طموحاتهم , وتم إدخالهم و إخراجهم من مدينة منبج بعد مسرحية تطهيرها, فيما قامت الدولة التركية بإحتلال جرابلس و رفع العلم التركي فيها, في الوقت الذي منعت واشنطن الأكراد من التواجد غربي نهرالفرات (جو بايدن من تركيا) وحددت لهم مهمتين الأولى خروجهم من منبج,والثانية التوجه نحو تحرير الرقة.. في خطوة مزدوجة الهدف , يكون الأول في مساعدة واشنطن في تحرير مدينة الرقة كونهم القوة الوحيدة على الأرض التي تمتلكها واشنطن, والثاني في تكريم الرئيس أوباما وإدارته في نهاية الخدمة وخروجه كبطل عالمي قضى على داعش في الرقة عاصمته ومعقله الرئيسي. إن إعتقاد أردوغان أن عدوانه سيمر دون إعتراض دولي - مفترض- حتى داخل مجلس الأمن بداعي قانونية دخولهم إليها بحسب "إتفاق" أضنة الموقع مع الدولة السورية.. الأمر سيدفع تركيا لطلب الموافقة الدولية لمجلس الأمن على إقامة منطقة حظر جوي, تبدأ من جرابلس وتتمدد غربا ًووفق خط مستقيم يتجه غربا ً نحو البحر المتوسط .. وبهذا يُحقق حلمه بإقامة المنطقة العازلة, تلك التي رفضتها واشنطن مرارا ً, يدفع نحوها مئات اّلاف المعارضين السوريين الموجودين في تركيا. و من الضروري توضيح حقيقة و ماهية ما سمى" إتفاقية " أضنة:هو إتفاق لا يتعدى محضر جلسة و بروتوكول أبرم بين الدولتين في20 تشرين الأول 1998, والتي تفصل بينهما حدود ٌ مشتركة , بهدف ضبط الأمن على جانبي الحدود، ولا يمكن إعتبارها معاهدة سياسية, وإنما هي بروتوكول تعاون مشترك ذو هدف ٍ وحيد.. ويُعمل بموجبه على 1- تحديد نقاط تعاون مشتركة ولا تعطي أيا ً من الدولتين حق أو فرصة فرض ِ التزامات ٍ سياسية، واقتصرت تلك النقط على فتح خط اتصال مباشر وفوري بين السلطات في الدولتين وتعيين ممثلين خاصين للبعثات الدبلوماسية , مقابل التزام الجانب السوري بإنشاء وزيادة النقاط المذكورة, وإقامة نظام رصد و تعزيز التدابير الأمنية عبر الحدود ومدى فعاليتها , وتعهد يومها الجانب السوري برفع هذا الإقتراح إلى حكومته للدراسة..2- كما نص البروتوكول بإتفاق الدولتين على مكافحة الإرهاب في منطقة الثلاثية – سوريا , لبنان , تركيا – مؤكدا ًومحددا ًضرورة موافقة لبنان على هذا البند, على إعتبار أن الهواجس التركية تتعلق بتدريب مقاتلي حزب العمال الكردستاني في البقاع اللبناني. و قد عرف عن الإتفاق هذين البندين فقط , فيما يُشاع (دون دليل) عن وجود ملحقين سريين آخرين – نعتقد بوجودهما في مخيلة أعداء سورية فقط– بدليل خلو نص الإتفاق المسجل على موقع وزارة الخارجية التركية من ذكر أي ملحقات سرية... و يقول المغرضون أن الملحق الرابع فيها ينص على حقوق الدولة التركية في اتخاذ جميع الإجراءات الأمنية اللازمة داخل الأراضي السورية، حتى عمق 5 كم، في حال إخفاق الجانب السوري في اتخاذ التدابير والواجبات الأمنية، المنصوص عليها في هذا الاتفاق... وهذا يفسر عدم دخول القوات التركية لإحتلال منبج مباشرة ً,على عكس ما جرى في جرابلس التي تقع على الحدود مباشرة ً. يبدو أن العدوان التركي على مدينة جرابلس يعكس غياب الذاكرة التركية المفلسة في البحث عن ذريعة مناسبة لتبريره... فالإتفاق وبحسب وثائق موقع الخارجية التركية تم برعاية الرئيس المصري حسني مبارك و وزير خارجيته عمرو موسى وكمال خرازي وزير الخارجية الإيراني كممثل للرئيس محمد خاتمي اّنذاك.. و يمكن العودة لوثائق كافة الأطراف لكشف زيف الإدعاء , وسط غياب أي دليل على إعتبارها إتفاقية مبرمة مع الحكومة السورية اّنذاك أصولا ً. أما عن الحضور المزيف لمرتزقة ما يسمى الجيش الحر في جرابلس , فكان مقابل 2000 دولار لإستكمال فصول المسرحية , بإعتباره سيكون الطرف الموّقع على صكوك البيع الرسمية , بعدما ارتضى "ساستهم" بيع أنفسهم و قيم شعوبهم وتاريخ أوطانهم ومقدساته وعقائده , وتاجروا بدماء من ادعوا الدفاع عنهم.. ووصلوا إلى الحائط المسدود . سيناريو عريض يرتكز على التهويل الإعلامي يفترض استهلاك الوقت إلى حين وصول الرئيس الجديد إلى البيت الأبيض, وبحسب الكثيرون يعتقد أن هيلاري كلينتون ستكون أول الواصلين, وسيكون بدء الهجوم الإرهابي على سوريا باكورة مهام الرئيس الماسوني الجديد. لقد أوضحت الدولة السورية حقيقة ما جرى في بيان لوزارة الخارجية أدانت فيه العدوان التركي على جرابلس ووصفته بعدوان ٍ خارجي يستهدف إحلال واستبدال إرهاب بإرهاب.. وتجدر مقارنة هذا السيناريو بالهزائم الميدانية والسياسية للولايات المتحدة الأمريكية وتوابعها الإرهابية, وإرتفاع منسوب هواجسها من تحول أردوغان نحو الطرف الروسي – الإيراني, على خلفية الخلافات البينية معه, والتي أتبعتها بزيارة جو بايدن لمحاولة للملمة التوتر بينهما, بالإضافة إلى تقزيم تنظيم القاعدة في جبهة فتح الشام , والحديث عن تخلي الجولاني خلافته , وإقتراب الجيش السوري من إتمام السيطرة على الكليات العسكرية في حلب , ودخوله أحيائها القديمة , بالإضافة للإنتصار في داريا و إقتراب سقوط دوما وما حولها كآخر معاقل الإرهاب في ريف دمشق وغوطتها .. بالتوازي مع هزيمة المشروع الوهابي في سورية واليمن و لبنان , بالإضافة لحديث السيد لافروف عن إقتراب التوصل لإتفاق مع الإدارة الأمريكية التي قدمت أسماء بعض التنظيمات الإرهابية و تسعى للتخلي عن البقية الباقية. إن السوريين بقائدهم وجيشهم البطل وصمود شعبهم , ووقوف حلفائهم إلى جانبهم و إنضمام المارد الصيني إلى جانب الحليف والشريك الروسي, ودعم مقاومي وأشراف العالم سيكونون السد المنيع في وجه المؤامرة الدنيئة , بما يُثبت أن الولايات المتحدة الأمريكية تستعمل الإرهاب في العدوان على الدولة السورية كما فعلت في عدوانها على أفغانستان و العراق و لن تكون ليبيا بععزل ٍ عن هذا العدوان و بنفس الطريقة , فإحتلال الدول عبر محاربة الإرهاب أضحى استراتيجية ً أمريكية سيطول أمدها, فيما إذا فشل السوريين بإيقافهم وهزيمتهم , ونعتقد أن سوريا وجيشها وقائدها هم الأقدر وأصحاب اليد الأولى والطولى في إلحاق الهزيمة النكراء , فبشائر النصر يرتفع منسوبها يوما ً بعد يوم .. وما النصر إلاّ صبر ساعة.