2024-04-25 04:25 ص

المُعقّد السوري وتلافيفه الدولية... الحل المرهون؟؟

2016-08-29
بقلم: الدكتور محمد بكر
تتعقد الخارطة اللوجستية للحرب السورية، إذ باتت " السيادة المنتهكة " الخبز اليومي لهذه الحرب، هكذا ردت دمشق على جديد التدخل التركي في الشمال السوري عادة إياه انتهاكاً للسيادة، إدانة "باهتة " لم ترفع فيها دمشق كعادتها رسالتين متطابقتين للأمم المتحدة ومجلس الأمن كما جرت العادة في كل عدوان إسرائيلي على مواقع سورية خلال الأزمة، ربما لأن الجديد التركي جاء بمباركة الروس والايرانيين، وما قيل عن لقاءات أمنية واستخبارية بين الطرفين، كيري وبعد اجتماع ماراتوني مع نظيره لافروف أكد أن الطرفين توصلا لما سماه توضيحاً للمسار المؤدي لوقف القتال، فيما أكد لافرف على بعض الامور المحددة التي كانت موضع البحث مشيراً لبعض المسائل التقنية البحتة العالقة مضيفاً أنه إذا ماتوافرت النية الحسنة لإطلاق مفاوضات مثمرة فإنهم سيطلبون من السيد ديمستورا إعادة الملف لطاولة المفاوضات من أجل التوصل لاتفاق وتحقيق الانتقال السياسي. فماهي المسائل التي لا تزال عالقة، وهل ستتشابك الأيادي الأميركية - الروسية هذه المرة على قاعدة " التعاضد وشد الأزر" لفك تعقيدات الملف السوري الذي بات طافحاً بالتلافيف الدولية وصور الكباش المستعر؟؟ المؤكد أن الانتقال السياسي في الميزان الروسي لن يؤدي بنتائجه على الإطلاق إلى رحيل الأسد فبعد أن تحول الكباش الروسي -الأميركي لصيغته النصف ساخنة دخلت فيه روسيا بشكل مباشر في يوميات الحرب السورية وأغدقت سلاحاً ودماءً فثمنه لن يصرف سياسياً إلا بالصيغة التي ترسمها الأقلام الروسية، ( أي فتح الباب للجميع بمن فيهم الأكراد للانضمام لحكومة شاملة لكن تحت جناح الأسد)، هنا يمكن الحديث عن نقطتين رئيستين يشكلان في اعتقادنا جوهر الأمور العالقة، واللتين تتجاوزا البعد التقني وتجعلان الحل السوري مرهوناً ومقيداً بقيود الصراع الدولي النقطة الأولى : أن الولايات المتحدة لا تريد إدارة روسية مطلقة لجملة الملفات الساخنة في المنطقة، ولاسيما بعد الحديث عن تغلغل محتمل للأيادي الروسية في الملف اليمني، إذ تسعى الولايات المتحدة لحصاد " نقاط التفوق " بالتوافق مع الروس فتريد تظهير أي تقدم روسي او انتصار على الارهاب في الساحة السورية، في إطار الجهود الدولية المشتركة ومن هذه الزاوية نفهم الاجتماع الأخير لكيري مع نظرائه الخليجيين في جدة وتأكيده على ضرورة وضع حد لسفك الدماء في اليمن وانهاء الحرب متهماً في نفس الوقت إيران بتزويدها الحوثيين صواريخ على الحدود اليمنية السعودية  لن تقبل خلالها الولايات المتحدة بأي تهديد لحليفتها السعودية. النقطة الثانية : تتعلق تحديداً بحزب الله،إذ كان لافتاً ما أعلنه الجنرال عاموس يدلين مدير مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي والرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات ( أمان) بأن حزب الله هو فقط من يشكل الخطر على " إسرائيل " لا حماس ولاداعش ولا حتى النووي الإيراني، وهو القوة الوحيدة التي لم تضعف، مضيفاً: بعد أن صار الروس اللاعب المركزي في سورية فإن " إسرائيل " ستوضح بصراحة لموسكو بأنها ستستمر بالعمل بالطرق العسكرية إذ ما شعرت بأن مصالحها في خطر وتحديداً في مسألة انتقال أسلحة نوعية من سورية إلى الحزب، أو نشر قوات في مرتفعات الجولان أو امتلاك الحزب أسلحة غير تقليدية. الواضح أن المشهد السوري دخل مرحلة جديدة تعج بالتلافيف الدولية التي يبقى ( حلها) في الملعب الروسي - الأميركي ومرهون بالصيغة السياسية التي ترسمها الأقلام الروسية التي تبدو مهمتها صعبة في إيجاد توزان بين المتناقضات السياسيةمن جهة ، واستيلاد نقاط التوافق مع الأميركي من جهة أخرى ، لأن التفرد في سلوكها المتنامي في المنطقة، لن يمنع الأميركي  من مراكمة المزيد من التلافيف والتعقيدات ولاسيما في المشهد السوري الذي باتت أرضه وماؤه وسماؤه مسرحاً ملتهباً للكباش الدولي لا محرمات فيه ولا خطوط حمراء.
* كاتب صحفي فلسطيني مقيم في ألمانيا
Dr.mbkr83@gmail.com