2024-03-29 01:06 م

اليمنيون واقتحام حصن خيبر

2016-08-30
بقلم: إيهاب شوقي
تقول المصادر التاريخية انمدينة خيبر كانت مدينة مليئة بالحصون و بها ماء من تحت الأرض و طعام يكفيها سنوات و بها عشرة آلاف مقاتل من اليهود منهم آلاف يجيدون الرمي، و كانت خيبر ممتلئة بالمال و كان اليهود يعملون بالربا مع جميع البلدان وتضيف المصادر ان خيبر كانت وكر الدس والتآمر، ومركز الاستفزازات العسكرية، ومعدن التحرشات وإثارة الحروب، و أن أهل خيبر هم الذين حزبوا الأحزاب ضد المسلمين، وأثاروا بني قريظة على الغدر والخيانة، ثم أخذوا في الاتصال بالمنافقين - الطابور الخامس في المجتمع الإسلامي - وبغطفان وأعراب البادية، وكانوا هم أنفسهم يستعدون للقتال، وقد عاش المسلمون بسببهم محنًا متواصلة، اضطرت المسلمين إلى الفتك ببعض رؤوسهم أمثال سلام بن أبي الحقيق وأسير بن زارم، ولكن كان لابد من عمل أكبر من ذلك إزاء هؤلاء اليهود، وما كان يمنع النبي من مجابهتهم إلا وجود عدو أكبر وأقوى وألد ألا وهو قريش. كان المسلمون في فتح خيبر ألفاً وأربعمائة ومعهم مائتي فرس. فلما نزلوا بساحتهم لم يتحركوا تلك الليلة حتى طلعت الشمس وأصبح اليهود وفتحوا حصونهم وغدوا إلى أعمالهم، فلما نظروا إلى رسول قالوا: محمد والخميس (اي الجيش )، وولوا هاربين إلى حصونهم،فقال الرسول الله اكبر، خربت خيبر; إنّا إذا نزلنا بساحة قومٍ فساء صباح المنذرين. فحاصرهم بضع عشرة ليلة، وكان أول حصونهم قد افتتح هو حصن ناعم، ثم القموص، ثم حصن الصعب بن معاذ، ثم الوطيح والسلالم، وكان آخر الحصون فتحاً حصن خيبر. والقصة معروفة، حيث قال الرسول لأبعثنّ غداً رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّانه، لا يولي الدبر، يفتح الله على يديه. فتطاولت الأعناق لترى لمن يعطي الراية غداً، وكان عليّ بن أبي طالب أرمد، شديد الرمد، فدعاه، ـ فقيل له أنه يشتكي عينيه ـ ; فلما جاء علي أخذ الرسول من ماء فمه ودلـك عينيه، فبرئتا ـ حتى كأن لم يكن بهما وجع ـ وقال: اللهم اكفه الحرّ والبرد. فما اشتكى من عينيه، ولا من الحرّ والبرد بعد ذلك أبداً، وعقد له، ودفع الراية إليه، وقال له: قاتل ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك. فقال علي: يارسول الله; علام أقاتلهم؟ فقال الرسول: على أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله فإذا فعلوا ذلك حقنوا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله عزّ وجل. فقال سلمه: فخرج والله يهرول وأنا خلفه نتبع أثره حتى ركز رايته تحت الحصن، فاطلع إليه يهودي من رأس الحصن، فقال: من أنت؟ قال على: أنا علي بن أبي طالب. فقال اليهودي: علوتم أو غلبتم. وخرج إليه أهل الحصن، وكان أول من خرج إليه منهم الحارث ـ أخ مرحب ـ وكان فارساً شجاعاً مشهوراً بالشجاعة، فانكشف المسلمون وثبت علي فتضاربا، فقتله عليّ وأنهزم اليهود إلى الحصن. فلما علم مرحب أخاه قد قتل نزل مسرعاً، وقد لبس درعين، وتقلّد بسيفين، واعتمّ بعمامتين ولبس فوقهما مغفراً وحَجَراً قد أثقبه قدر البيضة لعينيه، ومعه رمح لسانه ثلاثة أشبار، وهو يرتجز ويقول: قد علمت خيبر أني مرحب *** شاكي السلاح بطل مجرّب أطعن أحياناً وحيناً أضرب *** إذا اللـيوث أقـبلـت تلـتـهـب فردّ عليّ عليه، وقال: أنا الذي سمّـتني أمي حيدرة *** أكيلكم بالسيف كيل السّـندرة ليث بغابات شديد قسورة فاختلفا ضربتين فبدره الإمام عليّ فضربه فقدّ الحَجَرَ والمغفر ورأسه حتى وقع السيف في أضراسه، فقتله، فكبّر عليّ وكبّر معه المسلمون. فانهزم اليهود إلى داخل الحصن واغلقوا باب الحصن عليهم. وكان الحصن مخندقاً حوله ... فتمكّن عليّ من الوصول إلى باب الحصن فعالجه وقلعه وأخذ باب الحصن الكبيرة العظيمة ـ التي طولها ثمانون شبراً، أي: أربعون ذراعاً ـ فجعلها جسراً فعبر المسلمون الخندق وظفروا بالحصن ونالوا الغنائم ولما انصرف المسلمون من الحصن أخذ عليّ الباب بيمناه فدحى بها أذرعاً من الأرض ـ أربعون ذراعاً ـ وكان الباب يعجز عن فتحه أوغلقه أثنان وعشرون رجلا منهم. وقد قال الشاعر في ذلك: يا قالع الباب التي عن فتحه *** عجزت أكف أربعون واربع وقد جرّب بعد ذلك أربعون رجلا حمل الباب فلم يتمكنوا ... فتكاملوا سبعون فحملوه. الدرس المستفاد هو ان المعركة حتمية مع موطن الدسائس والشرور مهما تحصنت ومهما بلغت من الكفاية والغنى، وان المعركة الحتمية قد تؤجل وفقا للاولويات ولكنها حتما واقعة، وان النصر للمستضعفين واصحاب الحق وان اجتماع الحق والشجاعة لهو السبيل الى الانتصار المعجز المذهل الذي لايتوقعه من لا يتمتع بالايمان بقوة الحق ولايرى الا الاسباب المادية فقط للقوة دون الاسباب الايمانية والروحية. باسقاط على الواقع نرى ان خيبر العصر هي مملكة ال سعود التي تمثل موقع الدس والفتن وتحزيب الاحزاب وموطن العدوان وان فتية يمنيين امنوا بربهم ولم يخضعوا للجبروت الخيبري استطاعوا بايمانهم بالحق وشجاعتهم وابائهم الصمود والانتصار وها هم على مشارف بلداتهم المغتصبة محطمين حصون خيبر واحد تلو الاخر غير عابئين بمرحب او اخاه ولا دروعهم وسيوفهم وطيرانهم المدعوم من يهود اسرائيل دعما لاجدادهم في خيبر وحلفائهم في خيبر العصر الحديث! نعم حطم اليمنيون الحصن وستدخل المنطقة عهدا جديدا سارع فيه اهل فدك العصر ووادي قرى العصر للتسويات السياسية مع رجال يقاومون في جبهات اخرى عدوان خيبريين اخر. قد تكون هناك معارك كبرى لكن الله امد معسكر المقاومة بهذه الدفعة المعنوية والمعجزة اليمنية ليثبتهم ويؤكد لهم انهم بأعينه وان الله ناصرهم.