2024-04-25 12:29 م

الحرب باسم الله..تحريف ما هو مقدس من أجل ما هو غير مقدس

2016-09-01
لطالما كان الرب والدين مطية لكل منحرف لتبرير إجرامه وغرائزه الدموية. ولطالما رُمي الضحايا بتُهم مثل «الردة» و«الكفر». بل ولطالما شنت دول تدعي التحضر والتقدم حروبًا بزعم تحرير شعوب مستضعفة، وهي في حقيقة الأمر تشن حروبًا على أساس معتقدات دينية تخفيها.

تحدثنا أنيسة مهدي من معهد ستراتفور عن «الحرب باسم الله»، فتقول إنه منذ فجر التاريخ، كان الدين مبررًا لأفعال شيطانية يرتكبها قتلة محترفون. فمن قتلة الخلفاء الراشدين الثلاثة عمر وعثمان وعليّ، إلى محاكم التفتيش الإسبانية، إلى محاكمات الساحرات في قرية سالم في الولايات المتحدة، وصولًا إلى صواريخ إسرائيل التي قتلت أطفال غزة بمباركة حاخامات يهود، وأخيرًا إلى قتل مئات من الأيزيديين على يد «جنود الخلافة»، يبقى القوس مفتوحًا للمزيد من تلك المآسي.

إلا أن حادثة قتل الأب جاك هاملت في فرنسا على يد تنظيم الدولة منحت الإرهاب باسم الله بُعدًا جديدًا.
إدراك الواقع الجديد
كان للتغيرات الجيوسياسية المعقدة التي حدثت في العالم تأثير هائل على إشعال الحروب باسم الدين في العقدين الأخيرين، فضلًا عن تفسير محرف للنصوص المقدسة وفتاوى مشبوهة أدت لاضطرابات سياسية واجتماعية لا يمكن بعد معرفة عمق تأثيرها على المجتمعات.

وعن البداية، تحدثنا أنيسة فتقول، إن ما شهده العالم من حروب في القرن العشرين، التي سقطت على إثرها إمبراطوريات وظهرت الدويلات، قد قضى على تركيبات اجتماعية ودشن أخرى جديدة. تحكي أنيسة قصة القس الكندي، لورنس فريزلي، الذي سافر إلى عدة دول في الشرق الأوسط، كانت قد تخلصت حديثًا من الاستعمار، وكيف أنه قد قوبل بترحاب شديد.

وقد أحسن الناس في تلك الدول ضيافة القس. وكان من الصعب تصديق أن تلك الشعوب قد استبدلت ديكتاتورية المحتل بديكتاتورية الرجل الواحد.

وفي دمشق، التي نُفي إليها الأمير عبد القادر الجزائري، بطل معارك التحرير ضد المحتل الفرنسي، آوى في بيته جماعة من المسيحيين فروا من بطش جيرانهم المسلمين، على إثر غضبهم من قيام سلطات الاستعمار الفرنسي آنذاك بفرض ضرائب باهظة على المسلمين، وفق ما ذكره جون جورج كايزر في كتاب سلط فيه الضوء على حياة الأمير عبد القادر.

تقول أنيسة إن ما تلا ذلك من أحداث مثل صعود عبد الناصر بفكره القومي، والاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، وعملية عاصفة الصحراء، أحدث فراغًا كبيرًا مما خلق مساحة للانتقام.
تحريف النصوص المقدسة لأغراض غير مقدسة
يتسبب الاضطراب السياسي في صعود نجم أصوات المتشددين. وعلى الرغم من أن المجتمعات المتدينة تحاول عدم إثارة المشاكل، إلا أن الغوغائية تنتصر في نهاية المطاف، بمباركة من وسائل الإعلام الكبرى.

وتعتبر عملية قتل الأب جاك هاميل في فرنسا أوضح مثال على ذلك. نفذ مشتبه بهما جزائريان ينتميان فكريًا إلى تنظيم الدولة، اللذين قتلهما الشرطة لاحقًا، الهجوم أثناء تعبد القسيس. وقد لاقت الهجمات التي ضربت فرنسا خلال العام المنصرم إدانة شديدة من قبل المجتمع المسلم في فرنسا، وتقاطر المسلمون على الكنائس تعبيرًا عن تضامنهم مع المسيحيين. وهنا تتساءل الكاتبة، ما الذي دفع شابين مسلمين إلى مهاجمة الكنيسة؟

عندما نقرأ الآية 29 من سورة التوبة لشعرنا بالحيرة. تقول الآية «قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ…»

فما المقصود بالذين لا يؤمنون بالله من أهل الكتاب؟

ثم تتوالى الآيات لتحذر من المساواة بين المسيح والله، حيث يعد ذلك شركًا في الإسلام.

«اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ(31) يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ 32«

لكن الآية رقم 34 من نفس السورة تنتقد الفاسدين من رجال الدين، فتقول:

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ