2024-04-20 07:26 ص

واشنطن وموسكو: صياغة الردود القاسية.. جاري البحث عن الضربة القاضية؟!

2016-09-23
بقلم: الدكتور محمد بكر
يبدو بالفعل أن مرحلة مابعد استهداف الطائرات الأميركية لمواقع الجيش العربي السوري في جبل ثردة بدير الزور لن تكون كما بعدها، قيل أن عدداً من الجنود الروس لقوا حتفهم أيضاً في ذلك الاعتداء، لم تصبر موسكو طويلاً لصياغة رد مؤلم وحاسم يكاثر سيلاً من الدلالات والرسائل، حاملة طائرات روسية ستحط في البحر المتوسط، تم الحديث عن آلاف الجنود الروس سيشاركون في معارك حلب، وأكثر من مئة غارة في تلك الجغرافية، قبلها نقلت وكالة سبوتنيك عن مصادر ميدانية أن السفن الروسية استهدفت بصواريخ كاليبر مقراً لغرفة عمليات في دار عزة بحلب كانت تضم ثلاثين ضابطاً خليجياً وأميركياً واسرائيلياً ، تصل مدلولات ورسائل كل ذلك جيداً لواشنطن التي لانعرف إن كانت ستصوغ ربما رداً آخر من عيار ( القصف بالخطأ) لتعنون المرحلة الحالية بكل عناوين الكباش والصدام. كان طبيعياً ومتوقعاً أن تتملص الولايات المتحدة من كافة الالتزامات التي صاغتها في اتفاق وقف إطلاق النار حول سورية ، إذ لطالما تشي مفرزات هذا الاتفاق عن اليد الطولى الروسية في رسم معالم أي تسوية مرتقبة، ربما هذه الجزئية هي الأكثر إزعاجاً للولايات المتحدة التي لم ولن تنخرط " بالحصاد التوافقي" للنقاط مع الروس، من هنا نقرأ ونفهم مدلولات خطاب أوباما أمام الجمعية العامة للأمم  المتحدة وتوصيفه لجهة أن الروس يحاولون استعادة ماسماه بالمجد الضائع عن طريق القوة منتقداً " الأقوياء" واستيلائهم على السلطة من خلال تصدير المخططات السياسية للخارج، ولم يخفي امتعاضه مما سماه توغل موسكو في أوكرانيا. يقول الكاتب رؤوبين باركو في صحيفة إسرائيل اليوم:  " من حسن الحظ أن الولايات المتحدة أخطأت و قامت بقصف الجيش السوري لتفوق رسالة ذلك آلاف التنديدات الضعيفة التي أسمعها كيري خلال فترة التصعيد، إذ أن سذاجة كيري خلال الاتفاق كانت ستبدو  لا حدود لها وإن الولايات المتحدة من خلال ذلك الخطأ تكون قد زرعت العمود الفقري لقوتها" هذا الكلام الذي يشي بالضرورة عن استمرار الولايات المتحدة في مسلسل المراوغة والاستثمار في يوميات الميدان السوري التي يراد لها أميركياً أن تبقى في قلب النار مثلما يراد أيضاً المزيد من الانخراط الروسي في تلك النيران، من هنا فإننا نعتقد جازمين بأن الولايات المتحدة ليست غير قادرة على فصل المعارضة " المعتدلة " عن الفصائل المتطرفة كما رأى الخبير العسكري الروسي موراخوفيسكي، بل انها لاتريد أن تقوم بذلك الإجراء، ولعل أداء تحالفها الستيني الباهت في جزئية محاربة داعش يشي عن نياتها الحقيقية في هذا المضمار. الأيام القادمة ستكشف عن ماهية السلوك الأميركي، ولاسيما أن قرار روسيا مع الجانب السوري بالحسم العسكري في حلب قد اتخذ من جهة، وتقاسم وجهات النظر بين التركي والايراني على قاعدة التعاون بين البلدين الاسلاميين الكبيرين لاعادة الاستقرار للمنطقة قد تم الإعلان عنه من جهة أخرى بحسب ما رشح عن لقاء روحاني- أردوغان في نيويورك، إذ وجد الرئيس الايراني في الانقلاب الأخير استكمالاً لمخططات الأعداء، ووضعه في سياق الاستهداف المشترك. الكباش الروسي- الأميركي اليوم لايزال فيه البحث جارياً عن كل عوامل ومقومات " الضربة القاضية " الذي يتسابق فيها الطرفان لرؤية الآخر في عقر داره مستسلماً وطائعاً ومؤتَمِراً ، فماقاله بوتين خلال لقائه أعضاء الحكومة بأن هناك محاولات حثيثة للعبث في الداخل الروسي سينسف نظرية " الشراكة " مع الخصوم، وبالضربة القاضية.
* كاتب صحفي فلسطيني مقيم في ألمانيا
Dr.mbkr83@gmail.com