2024-04-20 09:11 ص

يا الله... كم قابيل بيننا!

2016-09-24
بقلم: خليل حرب
تأخرت عليكم... فلقد فتشت عن الاسماء ولم أجدها. مجهولون أنتم... معلّقون من أسقف عارنا، وأنتم تُقتَلون كالخراف في عيد. هكذا قيل عنكم فقط!
ودققت، فعثرت على لائحة لبعضكم: خالد، حسام، مهند، عبد الملك، ابراهيم، جمعة، عامر، عبد الرحمن، صالح، بشار، قاسم، عبد الله ومحمد. وتمعنت في وجوهكم المتدلية في فراغ الإنسانية الكاذبة، وعيونكم الزائغة في لحظات ما قبل انقطاع شرايين الروح، وانفضاح عورات وحشيتنا.
وكأنكم تهامستم، وتسامحتم في ما بينكم وأنتم ترتعدون وسكين «الكفار الجدد» يبحث عن رقابكم. هذا صديق الطفولة معلق إلى جانبي، وهذه أحلامنا تسيل من عنقه، دما. وهذا رفيق الدراسة ومشاغبات المراهقة، يقبع هو الآخر في ركن الموت، لم تمهله دولة «الخليفة البغدادي» ليردد لمرة أخيرة أغنية الشقاوة، لفتاة الحي.
ولقد شاهدتُ في ما شاهدت، «دينهم» الممسوخ. وقلت بداية إن المراد في التوقيت هو طواف الحجاج. ثم رأيت في حشدكم في ركن المسلخ المجهول في دير الزور، والسفاح يجول بينكم بسكينه، تكدس الضحايا في ربوع الكعبة، قبلكم بعام تماما، بلا قيمة لجسد أو حياة أو اعتذار.
وتنبهت أنه أيلول، وكأنما لا ينقصه سواد لكل أيامنا الكالحة هذه وسوقوه باسم «صناعة الوهم». ولم يأتِ أحد لنجدتكم. ولم يستنكر أحد موتكم. ولا اكترث أحد أين دفنتم. ولا اهتم أحد بمن ذبحكم. أنتم ككل الفقراء المقتولين باسم شيوخ الفتنة والسبي. في كابول أنتم، في كراتشي، في ديالى، في بغداد، في سنجار، في الكويت، في مصر، في ليبيا، في الرقة، في حلب، في تدمر، في دمشق، وكالمذبوحين في نهر العاصي ومشفى الكندي ومطار الطبقة وسهل الغاب...
لا «خوذات بيضاء» لكم فتتداعى عواصم النفاق لتندد بموتكم، ولو مجاملة، وهي تفتش عن غيركم لاستثمارهم في «نوبل» العار. ولا هدنة تشملكم، ولا إغاثة، ولا دعاء أمهاتكم ولا شقيقاتكم الصغيرات ولا حبيباتكم.
أما ابتهلتم قبل ارتقائكم الموحش؟ يا رب السماوات أما من معجزة أخيرة تنجينا من عهر، يظنونه بطولة، ومن خسة، يظنونها جهادا. كم قابيل بيننا يا الله؟ يا رب هذه الكائنات، ألم يستحقوا موتا «عاديا»!!
عن صحيفة "السفير" اللبنانية