2024-03-29 05:45 م

الإستراتيجية التركية في الشمال.. كانتون اسلامي مقابل كانتون كردي

2016-09-26
بقلم: محمد احمد الروسان*
العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي شعرت أنّ الروس أوقعوها في فخ الاتفاق حول وقف اطلاق النار في الداخل السوري وفي خديعة عظيمة، وأنّ الاتفاق من شأنه أن يؤسس لمحاربة حقيقية وفعلية للعامود الفقري للجماعات الإرهابية المسلّحة عبر جبهة النصرة فرع القاعدة في الداخل السوري(ما تسمى جبهة فتح الشام – جفا بزعامة الأرهابي حسين احمد الشرع)، كون أمريكا تعوّل على القاعدة في سورية لتحقيق التوازن مع الجيش العربي السوري في الميدان، لكي تملك أوراق عسكرية وتصرفها على طاولة المفاوضات السياسية لاحقاً، لحماية مصالحها في المنطقة وعلى الساحل السوري والساحل اللبناني، وما يحتويان على ثروات طبيعية كبيرة من غاز ونفط، كون الحرب على سورية هي حرب عيون الطاقة بالدرجة الأولى. وبالتالي الأمريكان تعمّدوا قصف مواقع للجيش العربي السوري وقتلوا من قتلوا لهدف مزدوج، لجهة صرفه في الداخل الأمريكي لرفع حضوض المرشحة الديمقراطية هيلاري كلنتون، ولدفع الروسي والسوري لعدم تنفيذ الاتفاق والعودة الى المربعات العسكرية والأمنية من جديد، كي لا تنفذ واشنطن التزاماتها في الاتفاق الروسي الأمريكي في جنيف وتظهر بمظهر الضعيف، وكونها تسعى الى تعديله من جهة ثانية، باضافة بند أساسي يتموضع في منع تحليق الطيران الحربي السوري فوق المناطق المفترض قصفها، بشكل مشترك من قبل الروس والأمريكان لمواقع داعش والنصرة. ثم لأبعاد الروس والسوريين عن شرق سورية وشمال شرقها، لقطع التواصل الجغرافي لمحور المقاومة الممتد من ايران فالعراق فسورية فلبنان، ولتقام ما أسميه في جلّ تحليلاتي السياسية والأستخباراتية، بدولة القاطع في شمال شرق وشرق سورية وقلبها في الرقّة. ومن زاوية أخرى، يسعى الروسي في الكواليس لكي يتم اعتبار ما تسمى بأحرار الشام(الأخوان المسلمون السوريون)وما يسمى بجيش الأسلام، منظمتين ارهابيتين تشملهما عمليات القصف المشترك بين موسكو وواشنطن في حال تم تنفيذ الأتفاق الروسي الأمريكي، وبعبارة مغايرة: تعديل أمريكي مقابل تعديل روسي على بنود الأتفاق العسكري بينهما. والغارات الأمريكية على مواقع الجيش السوري في دير الزور نعم وبعمق عزّزت الإرهاب بشكل عام، وخاصة ارهاب عصابة داعش، وأثبتت بشكل قاطع أنّ واشنطن تستثمر في الإرهاب الأممي عبر الوكلاء، من توابع من الدول والمشيخات الخارجية لأعاده توجيه نحو روسيا والصين وايران، وجلّ قارة أسيا وخاصة في شمال غرب أسيا، ضمن استراتيجية الاستدارة الأمريكية بعد اعادة تموضعاتها العسكرية في منطقة الشرق الأوسط، وليس انسحاباتها كما يروج البعض من السذج من من يدّعون التحليل السياسي. تكمن عمق المصالح الأمريكية في عدم فصل واشنطن لما تسميه بالجماعات المعتدلة عن الجماعات الراديكالية، لأنّها هنا سوف تخرج بصفر مصالح، حيث التداخل الديمغرافي الإرهابي على الجغرافيا السورية، بمعنى آخر: تجد في العائلة والأسرة الواحدة من مع الجماعات الراديكالية، وشقيقه أو أباه مثلاً مع الجماعات المعتدلة التي تسميها كذلك أمريكا، من هنا تكمن الصعوبة بجانب أسباب أخرى. فأمريكا لا تريد تنفيذ الاتفاق مع الروسي، كون تنفيذ الاتفاق يحرجها وتفقد مصالحها في الداخل السوري، ويمنعها من ادخال السلاح عبر الممرات الإنسانية، وبالتالي عدم تحقيق التوازن العسكري الميداني مع الجيش السوري والحلفاء له. بلا أدنى شك أنّ الدخول العسكري التركي في الشمال السوري لجرابلس وغيرها وبغطاء جوي أمريكي، ثلم جديد لحق بالسيادة السورية وهو بمثابة انتداباً تركيّاً. فالتركي دخل جرابلس ودفع بزومبياته اليها من بقايا ما يسمى بالجيش الحر وأحرار الشام(الأخوان المسلمون)والتي هي أشرار الشام، وجماعة نور الدين زنكي، وفي نفس الوقت وفّر الغطاء الجوي الأمريكي الآخر للكرد للتقدم في مناطق أخرى يسيطر عليها داعش، انّه فخ أمريكي متقدم عن فخ اسقاط الطائرة الروسية للتركي، للتورط مع الكردي في الداخل السوري، وتوظيفات أمريكية للكرد ضد الجميع. والأمريكي يدفع بالكردي أيضاً الى خلط الأوراق في الشمال السوري لعرقلة العملية الروسية السورية المشتركة في جلّ حلب، كل ذلك لأستباق أي تقارب سوري تركي حقيقي أو تركي ايراني عميق، وما يزيد من تسريع أي تقاربات ايرانية تركية سورية، هو التوسع المتواصل لحزب العمال الكردستاني الفرع السوري المتمثل بقوّات الحماية الكردية في الشمال السوري، وازاء مناطق الغرب السوري لوصل كانتونات الحسكة شرقاً وعين العرب وسط وعفرين غرباً، بالرغم من الوجود العسكري التركي وحلفائه، حيث الأمريكي ما زال يراهن على الكردي بجانب داعش والنصرة لخلط الأوراق، وتوظيف الجميع ضد الجميع لأستنزاف الجميع لغايات ترتيب مصالحه في اقامة القواطع في شرق سورية ودولة القاطع وقلبها في الرقّة السورية. الأمريكي يسعى الى مزيد من العسكرة في حرب الشمال السوري، حيث من شأن ذلك أن يقود الى فرض حل اقليمي في سورية، على حساب حلفائه الكرد أولاً والقضاء على ما تم انجازه حتّى الأن من قبلهم، فهم أول وآخر الأوراق لأمريكا في الداخل السوري. وتشكل الحسكة جوهر وقلب المشروع الكردي، فمساحة الحسكة 23 ألف كيلو متر مربع، ضعف مساحة لبنان، وتمتلك كل العتاصر الأقتصادية التي تجعل من الكيان الكردي قابلاً للحياة بعيداً عن المركز في دمشق، وتحوي أكثر من ثلثي النفط والغاز السوري في حقول الرميلان والهول والجبسة، وتنتج سهولها أكثر من مليون طن قمح، وتضم أكثروأكبر مصادر المياه والطاقة السورية في سلسلة السدود والبحيرات، من سد الفرات الى سد تشرين، فبحيرة الأسد. والأندفاعة الكرديّة في سورية تقع ضمن سياقات وأفاق وفعل ومفاعيل الأستراتيجية الأمريكية، وبالرغم من اتساع الأندفاعة الكردية فهي محكومة بالقلق، من مؤشرات استراتيجية اقليمية لأحتواء مشروعهم في سورية، وأي توسعات كردية بالمستقبل مربوط بالغطاء الجوي الأمريكي، وهو الذي حوّل مناطق انتشار قوات الحماية الكردية الى مناطق كردية آمنة، وهذا يعني أنّ جلّ المشروع الكردي بات رهينة الغطاء الجوي الأمريكي، وهذه ورقة تستثمرها واشنطن بشكل ثلاثي مزدوج: ازاء دمشق كورقة السلخ من جغرافية سورية، وازاء تركيا كدولة كردية في الشمال السوري أو كيان كردي فدرالي من شأنه أن ينقل العدوى الأنفصالية الى الداخل التركي، وازاء الكرد أنفسهم لكي يبقوا كقوّات درك أمريكية في الداخل السوري(جندرمّة لليانكي الأمريكي). انّ الدعم الأمريكي للكرد حتّى اللحظة عسكري ويرغب الكرد بتحويلة الى سياسي، فثمة جزء أساسي من المكاسب الجغرافية الكردية تحقق خلال الشراكة في الحرب على عصابة داعش، والبنتاغون الأمريكي يرفض الى الآن ربط الدعم العسكري بالسياسي، وموقف الخارجية الأمريكية ما زال يدعم ما تسمى بالمعارضة السورية الائتلافية دون غيرهان ولم يستبدلها بالتحالف مع حزب الأتحاد الديمقراطي مثلاً، فالرهان الأمريكي هو على النصرة وقوات الحماية الكردية، ويحرص على العلاقة العسكرية فقط مع الكرد، وأي تنسيق أمريكي سوري مشترك ومعهما الروسي، سوف يعمّق الريبة الكردية بواشنطن دي سي، فالمسألة السورية مفتوحة على كلّ شيء، والوضع في المنطقة صار أقرب الى حرب اقليمية كبرى، قد تتدحرج الى عالمية ثالثة ان لم يتم تنفيذ الأتفاق الروسي الأمريكي بحذافيره. وأرى في قرار تسخين الصراع في الحسكة ليستعر وينفجر بشكل أكبر، هو قرار أمريكي بامتياز للضغط على روسيّا، وردّاً على التعاون العسكري الروسي الأيراني حزب الله وخاصةً في جبهة حلب. ففتح وتفجير الصراع في الحسكة لتشتيت جهود دمشق وحلفائها الساعية لحسم الصراع في جبهة حلب وجبهات أخرى، فالمعركة الآن من ايران الى العراق الى سورية الى تركيا حرب كانتونات كردية، وقلب المشروع الكردي في سورية هو الحسكة كما أسلفنا للتو. تشكل جرابلس اللبنة الأولى في بناءات تركية لمنطقة آمنة في الشمال السوري من جرابلس الى اعزاز، والكرد من حيث يعلمون أو لا يعلمون وعبر فائض القوّة التي شعروا فيها، بعد تحرير منبج في مشروعهم الفدرالي بدفع من واشنطن، هاهم يساهمون ويساعدون تركيا في احيائها من جديد ووضعها تحت التنفيذ(أعتقد فشل تركي في تحقيق ذلك، كون دمشق لن تسمح وتحت أي ظرف، وما اسقاط الطائرتين الأسرائليتين، الاّ رسائل للعابثين في جبهة الجنوب السوري، والعابثين في حرب الشمال السوري على حد سواء). ويبدو أنّ جرابلس ظاهراً في عهدة ارهاب مختلط بمسمى بقايا جيش حر، والجبهة الشامية، وحركة نور الدين زنكي وغيرها، وعملياً هي في عهدة تركيا وقوّاتها الخاصة، واستخباراتها ومخابراتها، فهل سيقوم الطيران السوري والروسي لاحقاً عندما تتعثر التسويات السياسية بضربها، على اعتبار أنّ الدخول التركي الى الشمال السوري مؤشر لقرب التسويات السياسية مثلاً؟ انّ ذهاب داعش في الشمال السوري الى جنوبه نحو منطقة الباب، يدفعه لشن عمليات جديدة نحو مناطق الريف الحلبي التي طرد منها من قبل الجيش السوري وحلفائه أو شرقاً نحو منبج، وفي كلا الحالتين يصلح هروب أو تهريب داعش نحو منطقة الباب، على أنّه دفع تركي لداعش نحو الداخل السوري وعمقه(جنوب شماله فوسطه)ليكون وسيلة ومسارات لأستنزاف جديد للقوّات السورية أو حتّى الكردية نفسها. وبعبارة أخرى، وعبر ما يسمى بدرع الفرات التركي تم ادخال مزيد من الزومبيات الأرهابية، وبغطاء أمريكي الى الداخل السوري، وسيصار الى دفع هذه الزبالة الأرهابية نحو مساعدة الأمريكي للسيطرة على الرقّة، وأجزاء من دير الزور لأقامة دولة القاطع الأمريكي فيها. وكان لدخول الروسي على الخط في الحسكة أن روّض الجميع، الأمريكي بعض الشيء، وأثار شهية تركيا لطرق باب دمشق في مواجهة خطر الدولة الكرديّة الحلم، وقد تكون أحداث الحسكة السابقة وما يجري فيها الآن والقادمة في قابلات الأيام، مرتكزاً لجملة من التحولات الكبرى في المنطقة ازاء الملف السوري، فالأمريكي بصفاقة سياسية، أي وبوقاحة لم يعد قادراً على ستر عورة الأرهاب في قوّاته الأداة(قصد)، والتركي عاجلاً أم آجلاً بات ملتزماً بضرورة مزيد من طرق الباب الدمشقي، ان عبر موسكو، وان بشكل مباشر وقد فعلها أكثر من مرة، حيث بدا للتركي أنّ الخاسر في المسألة السورية وميدانها، سيقبل بخروجه للتركي من ناتج الحل السوري بتهديد مباشر لأمنه القومي، وظهر الخليجي على حقيقته بأنّه أقل من وصفه بطرف في الأزمة السورية، فهو أداة وممول لا أكثر ولا أقل من ذلك. الفعل الدمشقي المركزي في الحسكة، لم ينزع فتيل فتنة طائفية، بل ألزم وبأقل تكلفة عسكرية ممكنة(الدمى الأمريكية)بالتزام الحدود المسموح لها في مناطق الشمال السوري، وما بدا للأسايش لم يكن الاّ وهم اعلامي نتيجة للتريث السوري، ودمشق في الحسكة بعدم فتحها معركة مع الكرد، وبنزعها لفتيل الفتنة حتّى اللحظة، وفّرت قوّاتها العسكرية لجبهات أخرى ضرورية، لجهة دير الزور، بالرغم من أنّ الأمريكي يسعى لتطوير بقاء التركي في الشمال السوري ودفعه لمواجهة مع الجيش السوري، كما يسعى بمرحلة لاحقة، لأستنزاف التركي عبر الكردي والعكس صحيح في حرب الشمال السوري، ولكن في كلا الحالتين الضابط لهذا العبث الأمريكي الكارثي هي موسكو، فهل تنجح الأخيرة في ذلك، في ظل تعقيدات الميدان السوري وغموضه وتداخلات الديمغرافيا في مساربه المتعددة؟ وصحيح واقع أنّ التركي نقل جزء من صراعه مع حزب العمّال الكردستاني الى داخل الأراضي السورية، كما فعل ذات الأمر في الداخل العراقي، بموافقة من الكاكا مسعود البرزاني. ولا سلاح جو لقوّات(قسد)هذا الآوان عبر الأمريكي، ومخزوناتها من صواريخ تاو الأمريكية على وشك النفاذ كما تقول المعلومات ان لم تكن قد نفذت، وتعتمد في هذه اللحظة على صواريخ ميلان وأنواع من صواريخ روسية أخرى مثل: كميتس وكونكورس، ومعضلة(قسد)أنّ الجبهات مفتوحة عليها من الجميع، داعش يقاتلها والترك كذلك، وهي تبدو أنّها قرّرت الأنتحار العسكري على مشارف الرقة كورقة أمريكية وأداة، ان لم تتغير ظروف المعادلة في الشمال السوري. وفي المعلومات، انّ ما تسمى بحركة أحرار الشام وهي أشرارها(الأخوان المسلمون في سورية)، أجرت العديد من الحوارات مع المخابرات التركية وبطلبها وبعد فشل الأنقلاب العسكري، فثمة عرض لفكرة كانتون اسلامي يفرض على أي مشروع فدرالي يطرح كحل للأزمة السورية(أصابع تركية وراءه واضحة)، ومجرد نقاش الكانتون الأسلامي في مفاصل حركة أحرار الشام، فهذا يعد تراجعاً فرضه الواقع على مبادىء الحركة والتي تنص بمجملها على اقامة مشروعها الأسلامي على كامل التراب السوري. وتركيا لجهة العمل السياسي والذي هو نتاج لفعلها العسكري الآن في الشمال السوري على طول الشريط الحدودي مع الدولة السورية، ستحاول وأد مشروع الفدرالية ان غرب الفرات، وان شرق الفرات، وتسعى لفرض هذا الكانتون الأسلامي لوضع واشنطن أمام المر الواقع ولأحراج باقي الأطراف الدولية ومنعها للسير خلف الأجندة الكرديّة وخاصةً يسار الطرف الألماني، فأنقرة ترى في هذا الكانتون الأسلامي في شمال سورية عامل تفجير للفدرالية في حال اقامتها، بسبب التناقضات الجوهرية بينه وبين الكانتون الكردي. أحرار الشام بل أشرارها(الأخوان المسلمون في سورية)تتقمس السياسة التركية في الشمال السوري، فهي دعمت مشروع المنطقة الآمنة بالرغم من معارضة جبهة النصرة له، ووصفتها جبهة النصرة لأحرار الشام بأنّها في خدمة الأمن القومي التركي، يعني يرى فرع القاعدة في سورية، أنّ الأخوان المسلمين السوريين(أحرار الشام)يخدمون الأمن القومي التركي، وتماهي وتساوق عميق وواضح بين أحرار الشام وأنقرة، ومخابرات الأخيرة تدرب أفراد الأولى، وسعي اخوان سورية ضمن الأندفاعة التركية في الشمال السوري لتأسيس ادارة ذاتية اسلامية لمواجهة الأدارة العلمانية الذاتية التي يمثلها الكرد، والتركي استبدل ارهابيين بارهابيين في جرابلس وصار لاعب أساسي في حرب الشمال السوري والأرهابيون المسلّحون هناك صاروا اوراقاً وميليشيات تركية. انّ انجازات الجيش السوري وتقدمه في حلب وباقي بؤر الصراع والنزاع ان بالسلاح وان بالمصالحات يؤكد أنّ المأزق تركي بالدرجة الأولى وسعودي قطري ثانياً، فيما واشنطن شئت أم أبيت مشغولة بدواخلها بسبب الأنتخابات الرئاسية وانعكس ذلك الى حد ما على أوضاع الأرهابيين المسلّحين. عصابة داعش في جلها الآن محصورة في الرقّة وفي بعض مناطق الحسكة، وان كانت الفصائل العسكرية الأرهابية في الجنوب السوري تحوّلت الى بطالة ارهابية، الاّ أنّ هناك ثمة استثمارات اسرائيلية وأمريكية فيها، راجع تحليلنا التالي: جبهة الجنوب السوري ولواء بني كنانة بمثابة مثلث برمودا أردني، على محرك البحث غوغل، والجيش السوري في جبهة الجنوب السوري مستمر في استراتيجيات التجزير لمواقع سيطرة الأرهابيين ثم حصار المجزّر منها ليصار الى قضمة كاملاً، ويسيطر على جلّ العقد الجغرافية في الجنوب السوري، والأردني وعبر الموك يركز على قتال داعش، ويحافظ على خط الأمن على طول الحدود مع سورية بعمق 6 – 8 كم مربع ومتفاهم على ذلك مع دمشق وموسكو، مع تحوّل السلفية الجهادية التكفيرية الى خطر أردني داخلي أنكر ذلك الرسمي الأردني أم لم ينكره. نواة العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي صدى المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي ذراع جنين الحكومة الدولية، تجترّها اجتراراً للأستراتيجيات الولاياتية الأمريكية السابقة مع تعديلات وتحسينات واضافات هنا وهناك، وتجديد للأدوات من دول وظيفية وحركات وأحزاب وتيّارات تنفذ الخطط والعمليات القذرة، مع تحسينات للمبرّرات واستخدامات للمصطلحات بكثافة على شاكلة المعزوفات التالية: الحرية والتحرر، وحقوق الأنسان والأنعتاق من نير الظلم، والديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية، والحاكمية الرشيدة وتطوير الموارد البشرية، والشفافية والنزاهة، ومحاربة الفساد، وما الى ذلك من مصطلحات وكلمات تستلذ لسماعها الأذن البشرية وتطرب، وتسترخي الأجساد الذكورية والأنثوية لها على حد سواء. جزء من هذه الأستراتيجيات الأمريكية حول العالم بعناوين فرعية لكنّها هامة، تتمفصل في تشجيع واسناد جلّ الحركات الجهادية المسلّحة في أماكن النفوذ الأمريكي وما يعتبر مجال حيوي وجزء من أمنه القومي، على المطالبات بالأنفصال وتشكيل الكيانات او الدويلات وعلى طول الحدود ما بين تواجدها ومراكز الدول التي تطالب بالأنفصال عنها. الولايات المتحدة وحلفائها من الغرب وبعض من عرب مرتهن، تعمل على توظيفات وتوليفات لسوق الجهاد الأممي كفردوس جهادي في تعزيز الفكر الأنفصالي الذي تنادي به الحركات المسلحة، في الرغبة بالأنفصال والأبتعاد عن مراكز الدول التي تفعّل عملها العسكري فيها، وتحت معزوفات الأستراتيجيات الأمريكية السابق ذكرها خدمة لمصالحها ومصالح حلفائها، بعبارة أخرى البعض يوهبن الحركات وبالتالي الثورات، والبعض الآخر يعمل على أخونة بعضها، أمّا الأمريكي فيوظّف ويولّف فيستثمر ويحصد، والولايات المتحدة الأمريكية مستعدة لتأمين الاعتراف الذي يتيح للحركات الإسلامية السنية الانفصالية أيّاً كانت الغطاء القانوني الدولي، وعلى وجه الخصوص عدم اتهامها بواسطة أمريكا والاتحاد الأوروبي وحلفائهم بالإرهاب، طالما انّ ذلك يخدم المصالح ويحقق لها نقاط ربح في ساحات الخصوم. واشنطن وحلفائها من غرب وبعض عرب، يريدون دولة عربية قطرية جديدة مبنية على فرز ديمغرافي وجغرافي، بأساس التجانس المذهبي وليس التجانس السياسي وخير مثال على ذلك: العراق وسورية، وباقي الدول التي يغلب عليها عدم التجانس الطائفي بدواخلها الأجتماعية ستؤول نحو التفكك والفرز الديمغرافي والجغرافي، في حين أنّ الدول التي يغلب عليها التجانس المذهبي كمصر وليبيا سيصيبها ضعف في المركز وعدم قدرة هذا الأخير(المركز)على السيطرة على الأطراف. وسلّة التحالفات الأمريكية ومن ارتبط بها، تعمل من جهة على محاصرة الأرهاب الآن ومحاربته في العراق وسورية، ومن جهة أخرى تحاول ايجاد حلول سياسية للحدث السوري فتتفاعل مع موسكو وايران، في فوضى لقاءات ماراثونية وحمّى تصريحات متناقضة، حيث يمكن اعتبار الهدفان للعاصمة الأمريكية بمثابة حصان طروادة لأكمال مسيرة التفتيت والتقسيم للمنطقة، ولكن هذه المرّة في اطار البناء الجديد المتساوق مع مصالحها وليس الهدم، حيث الأخير كان المرحلة الأولى من مشروع استراتيجية التوحش، والآن بدأت المرحلة الثانية: البناء في اطار تقسيم المقسّم وتجزئة المجزّأ وتفتيت المفتت، فهي تعمل على انشاء قوّات فصل أو ان شئت دولة القاطع المؤقته لمحور المقاومة في الرقّة السورية، ليقطع التواصل الجغرافي بين ايران والعراق من جهة وسورية وحزب الله من جهة أخرى وعبر فردوس الجهاد الدولي. أروقة صنع القرار في العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، تسعى الى كسب حروب الولايات المتحدة الأمريكية سواءً في سورية أو أوكرانيا، وفي صراعاتها مع الصين وروسيّا، وفي فنزويلا وجلّ أسيا وفي كوبا عبر عودة العلاقات، عبر مخططات هندسة توريط حلفائها وأدواتها، من خلال اجتراح هندسة أنواع جديدة من حروب وغزوات يخوضها الآخرون(الأدوات)، بالنيابة عنها وعن المجمّع الصناعي الحربي وبلدربيرغه في الداخل الأمريكي، فيما تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بالجلوس حول موقد نار حروبها، تلتقط الكستناء وبيض الحجل الطازج من بين ما أشعلته آيادي حلفائها وأدواتها وعملائها، بتوجيه وايعاز من نواة ادارتها(جنين الحكومة الأممية)، وعندّ الأزورار بالكستناء والبيض المشوي تحتسي النبيذ المعتّق حتّى لا تموت بازورارها. نواة(البلدربيرغ)في الولايات المتحدة الأمريكية، لن تسمح لمجتمعات الدواعش التي أنتجتها من رحم القاعدة وأخواتها باستقطاب السنّة، ولن تترك بشّار الأسد في السلطة رغم تغير مزاجها السياسي(ايحاءات تكتيكية مخادعة في فينّا)، وتعمل على طرد حزب الله من سورية، وتسعى للتغلغل داخل مفاصل الدولة الأيرانية من خلال استراتيجية التطبيع الناعم لتفجير ايران من الداخل، وتسعى لتفكيك المحور المقاوم لبنة لبنة وحلقة حلقة، وتستثمر بخبث في المعتدل من الأرهاب(وكأنّه هناك ارهاب معتدل وارهاب غير معتدل)عبر بناء معارضة سورية معتدلة قويّة من بقايا ما يسمّى بالجيش الحر وجبهة النصرة وأخواتها وحركة أحرار الشام، تضم الأكراد وأبناء الطائفة العلوية وغيرها من الطوائف الفضائيّة من خلال ساحات دول الجوار السوري، صنعوا الأمريكان داعش كعصابة فيروسية مغرقة في التطرف(نيولوك ارهاب)، بعد استثماراتهم في فكر ابن تيمية وبالتعاون مع المنظومات الوهابية، لتقديم جبهة النصرة(بنيولوك مستحدث على أنّها معتدلة)وهذه صفاقة سياسية أمريكية بل وقاحة أمريكية بامتياز. تتحوصل وتتموضع جلّ الحركات الأنفصالية الأنشقاقية في العالم، حول فكرة وبرنامج فصل جزء من أرض دولة ما عن أراضي الدولة الأم، وانشاء دولة و أو دويلة أخرى مشوّهة على هذه الأرض المختارة، طلباً للأستقلال والحكم الذاتي بدعاوي مختلفة، فتارة عرقية وتارة دينية، حيث القواسم المشتركة لجميع هذه الحركات الأنفصالية الأنشقاقية تتمفصل في مقاومة الدولة الأم وحكومتها المركزية لها. والمجتمعات الحيّة غير المتأمركة وغير المتصهينة، ان لجهة المحلي منها وان لجهة الأقليمي وان لجهة الدولي، تقاوم الحركات الأنفصالية الأنشقاقية وتصفها كمنظمات ارهابية، وبالرغم من تلقيها دعماً استثنائياً في بعض الحالات من جهات معينة لها مصالح خاصة في الأبقاء على هذه البؤر الساخنة. وقد يكون الأنفصال مفهوماً ان كان بهدف الأختلاف العرقي(الأثني)أو الأختلاف الديني، لكنه لا يكون مفهوماً ولا مبرّراً عندما لا تكون هناك فوارق من أي نوع كان، وتصبح في هذه الحالة مجرد مصالح خاصة للقائمين على هذه الحركات والتي من شأنها تهديد الأمن والسلم الدوليين، عبر اختراقها لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وعدم الحفاظ على وحدة وسيادة الدول. والارهاب الأممي والصعود الى التطرف والانفصال، موجود في عدة بقاع في العالم وخاصة الساحة الاكثر اشتعالا في سورية والعراق كذلك، حيث بدأ تنظيم القاعدة المتطرف ومشتقاته، مساعيه لفرض ما يسمى دولة الخلافة وامارة العراق وما الى ذلك من امارات ودويلات قادمة، وقد انتشرت الشعارات واللافتات في عدة مناطق سنيّة(تبشر)بهذه الخطوة، كذلك يوجد نوايا للانفصال في منطقة القوقاز الشمالي والشيشان، وهي ليست وليدة اليوم بل موجودة منذ سنوات وتسعى للاستقلال عن روسيا الفدرالية، بدعم من الولايات المتحدة التي تسعى لأستجرار النفط من بحر قزوين، وأصبحت هذه الخطوة جدية بعد سيطرتها على أفغانستان، مع أمركة واشنطن للأقتصاد الدولي عبر المؤسسات الأقتصادية الثلاث: البنك الدولي، صندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، في القيام بادماج الأقتصادات العالمية ضمن اطار النفوذ الأقتصادي الأمريكي، على النحو الذي يتيح للأقتصاد الأمريكي وضعاً استثنائياً ومزايا اقتصادية دولية استثنائية خلاّقة، من شأنها أن تعزّز القدرة على نقل التضخم والبطالة وانحفاض معدلات النمو وغيرها من المؤشرات الأقتصادية الكليّة السلبية الى الأقتصادات الأخرى، يعني بالعربي هو أن يدفع الآخرون خسائر الأقتصاد الأمريكي، فعلاً شيء محزن ومضحك لدرجة الجنون. فالى جانب العديد من الحركات والتنظيمات التي تهدد الاستقرار والامن العالميين، حيث أن صعود الراديكاليين والمتشددين يدفع الى عدم الاستقرار في المنطقة، الذي يضاف الى مطبات اقتصادية خطيرة، ستشهدها هذه المناطق زيادة على توسيع شرخ الطائفية كما يجري في سورية، والسعي الحثيث الى تقسيمها لأفراغ قوّة ديكتاتوريتها الجغرافية. وكذلك العراق والعلاقات المتوترة بين السنة والشيعة والعرب والاكراد، حيث أن التطرف الديني يهدد هذا البلد تهديداً حقيقيا بالانقسام الى ثلاثة أجزاء، وعندما كانت الزعامات العراقية تنفي وجود نوايا للتقسيم، كانت آلاف الأسر العربية تهجر من المناطق الكردية وكركوك والالاف من العائلات تهجر بيوتها، تحت قوة السلاح من المناطق الجنوبية حيث الغالبية الشيعية. وكذلك الحال في الباكستان أيضا يوجد ظرفا مماثلاً وان كان مضبوطاً باتجاه السلم بدرجة أكثر، حيث المشاكل مع البشتون والبيلوجستان مستمرة، وفي العربية السعودية واجه النظام الحاكم مشاكل صعبة للغاية وما زال، مع مجموعات الانفصاليين في البلاد خاصة في المناطق الشرقية، حيث يقطن الشيعة وحيث منابع النفط والغاز وثروات أخرى طبيعية كامنة في جوف الأرض. والسودان ليس غائبا بدوره عن الصراع الداخلي، ولتقسيم الشمال السوداني الى دولتين بعد أن نجحت الحركة الشعبية لتحرير السودان، في اقامة دولة جنوب السودان، والتي يصفها كاتب هذه السطور باسرائيل أفريقيّا، والأمر يمتد كذلك في الغرب حيث المشاكل في دارفور، وينسحب نفس السيناريو استراتيجياً لاحقاً، على لبنان واليمن، وأندونيسيا وتركيا، وأفغانستان وفلسطين المحتلة، وليبيا ومصر، والمغرب والجزائر. وعلى الرغم من أن الدول العربية والاسلامية تنظر بعين القلق لمواطن الارهاب وآثاره، الا أنّ بؤراً كثيرة ينتشر فيها الارهاب بأشكال متعددة لكنها في النهاية تنصاع للتصنيف الاميركي، مهما كان الوضع الحقيقي للاطراف الواقعة تحت التصنيف سواءً ارهابا حقيقياً أم لا، لذلك أغفلت معارك مهمة كثيرة فيما وجهت قوتها لأخرى لم تكن تشكل ذلك الخطر الذي يهدد الامن الداخلي لها، مثل الوضع في تركيا واليمن والحرب في الشيشان، وفي هذه المنقطة كانت منظمات غير حكومية مدفوعة من واشنطن، تعتبر أن ما يجري في القوقاز غير خاضع للحرب على الارهاب، وأن المقاتلين هم من أجل الحرية والانفصال، علماً أنّ غالبية المقاتلين في الشيشان هم من الاجانب وعناصر في القاعدة، تماما مثل القاعدة في العراق وأفغانستان وسورية ولبنان وعلى الحدود المشتركة للأردن مع دول جواره، لكن المصالح تقتضي بعدم وضع المعركة هناك في سياق الحرب على الارهاب أي في الشيشان، والواضح ان عرقلة ادراج ما يجري هناك يعرقل المساعي التي تدفع لتحديد أطراف الارهاب الحقيقي، ويؤدي الى تشجيع الراديكالية والتطرف والانقسام الذي يصيب الدور الاسلامي في العالم في العمق، حيث ان حاجة الدول الاسلامية للدور الروسي تصب في عدة اتجاهات، وهي الدولة المحورية في العالم ومجلس الامن واللجنة الرباعية الخاصة في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. فعلى سبيل المثال ولتقريب الفكرة، لا يخفى على أحد أنّ الحركات السنية الأصولية الموجودة في مناطق القوقاز الشمالي: الشيشان، داغستان، أيداجيا - الشركسية، كاباردينو – بلغاريا، أنفوشيا، ترتبط بعلاقات وثيقة مع الجماعات الأصولية السنية الموجودة في السعودية والخليج العربي وعلى وجه الخصوص مع الزعماء الوهابيين والساسة السعوديين والخليجيين. فهي تقدّم الملاذ الآمن لزعماء الحركات السنية الانفصالية القوقازية، وتقديم الدعم المالي واللوجستي لهذه الحركات، وتقديم المتطوعين من المجاهدين الراغبين في القتال إلى جانب الحركات الأصولية السنية القوقازية، ونقل بعضها الى الداخل السوري مثالاً حاضراً وغيره من ساحات جغرافية تريد الهابها واشنطن، وتقول المعلومات والتسريبات بأن المخابرات السعودية لها اليد الطولى في مناطق القوقاز الشمالي، وعلى وجه الخصوص في داغستان والشيشان وأنغوشيا، وتقول التحليلات السياسية والأستخبارية بأن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وباقي وكالات المخابرات، تعتمد بقدر كبير على دعم المخابرات السعودية لها في هذه المناطق والتي تعد مناطق في صميم وجوهر بل نواة الأمن القومي الروسي. انّ تحركات مجتمع المخابرات الأمريكية في مناطق القوقاز الشمالي، ستعتمد بقدر كبير على استخدام المخابرات السعودية للقيام بدور البروكسي المخابراتي الأمريكي في هذه المناطق، والتي ظلت الحركات الوهابية السعودية تنظر إليها كمناطق للجهاد الإسلامي المقدس منذ أيام حرب الجهاد الأفغاني التي رعتها المخابرات الأمريكية والباكستانية والسعودية ضد الاتحاد السوفيتي السابق، وعبر حرب الجهاد الأفغاني نشأت القاعدة وتفرعاتها ومشتقاتها وجلّ زومبياتها. كذلك المثال الصيني ماثل أيضاً:- مع الإشارة إلى أهمية العامل الصيني، كجزء من مفاعيل تأثيرات العامل الخارجي ومثال ذلك ما حدث في قرغيزستان: ففي الصراع القيرغيزستاني – الداخلي الذي اندلاع قبل أكثر من أربع سنوات وأزيد، لارتباطاته بالصراع الصيني – الداخلي، حيث جمهورية قيرغيزستان، تتموضع جغرافياً في شمال شرق أسيا الوسطى، على جبال تيان شان، ويحدها من الشرق الصين، ومن الغرب كازاخستان وأوزبكستان، ومن الجنوب طاجيكستان، بحيث تتمتع قيرغيزستان بحدود طويلة جدّا، مع مناطق شمال غرب الصين عبر المناطق الجبلية الشديدة الوعورة، ولمسافة تزيد عن 600 كم، حيث تقع مقاطعة(سينكيانج) في شمال غرب الصين، ويسكنها أعداد كبيرة من المسلمين الأيغور، والقيرغيز المسلمين، والمطالبين بالأنفصال عن الصين، كما توجد العديد من الفصائل المسلحة الصينية المعارضة في قيرغيزستان، حيث تقدم القاعدة العسكرية الأميركية في ميناس، الدعم المالي والسياسي والعسكري والمخابراتي لها، كي تقوم هذه الجماعات المسلحة بحرب مغاوير، وعصابات داخل مقاطعة(سينكيانج)الصينية المسلمة، وتقول معلومات استخبارية ذات مصادر مختلفة ومقنعة، أنّ شبكات المخابرات الأسرائيلية، وبالتعاون مع شبكات المخابرات الأميركية والتايوانيّة، تساهم في تدريب واعداد الحركات الصينية المسلمة المسلحة والمعارضة لبكين والمطالبة بالأنفصال. قطعاً، المخابرات الصينية غير غافلة عمّا يجري، وهي تملك أكبر شبكات التجسس في العالم، وان كانت تركز على المعلومات العلمية، ودقائق العلم الأكتروني، وآخر ما توصل اليه العلم الحديث، من اختراعات الكترونية مختلفة، الاّ انّها تراقب الوضع عن كثب، وتعمل بهدوء وصمت، كونها بصورة نوايا محور واشنطن – تل أبيب الساعي، الى المزيد المزيد من تدهور وتفاقم الأوضاع من جديد في قيرغيزستان، وإعادة إنتاج الصراع السياسي الأثني الطائفي العرقي فيها، بعد تعثر وفشل المشروع الأمريكي في سورية عبر الحدث السوري، كون ذلك من شأنه أن يؤدي الى تفكيك دول أسيا الوسطى الأخرى، وصرنا نقرأ مصطلح جديد يستخدم من قبل محور واشنطن تل أبيب ومراكز البحث المرتبطة به وهو: أسيا الوسطى الكبرى، ويقود الى فوضى خلاّقة في كل أوراسيا العظمى، وهذا ما تسعى جاهدةً لأحداثه واشنطن وتل أبيب، عندّها وفي هذه اللحظة الزمنية بالذات، سوف تتدخل الصين وبقوّة وبشكل علني وغير علني، لحماية أمنها القومي والداخلي، من أخطار الأخطبوط الشيطاني الشرّير، لمحور واشنطن – تل أبيب، ومن تحالف معه من الغرب الأوروبي. تقول المعلومات حول دولة كازاخستان، أنّ الأخيرة ذات مساحات كبيرة وشاسعة وسكّانها، الكازاخ وطنيون حتّى النخاع، ويمتازون بالتماسك والشعور الوطني والأعتزاز بقوميتهم، وبالتالي هي بمثابة دولة حاجزة وعازلة، وتفصل بين الفدرالية الروسية بشكل عام، ومناطق جنوب روسيا الفدرالية بشكل خاص من جهة، وكل من قيرغيزستان، وطاجيكستان، وأوزبكستان من جهة أخرى، ومن هنا نجد أنّ موسكو صنّفت الصراع القرغيزي الداخلي عندما اندلع وقبل سنوات، بالنسبة لها بأنّه خطر ثانوي آني، فجاء التدخل الروسي عبر منظمة الأمن والتعاون الأوروبية في وقته وحينه، ولكنه لا يخرج عن إمكانية تحوله إلى خطر رئيس في حالة إعادة إنتاجه أمريكياً بعد تعثر الأخيرة في سورية. ومثال آخر المسألة الكردية بمفاعيلها وتداعياتها، على الصراع الكوني في الشرق الأوسط وعلى الشرق ذاته، وبعمق وباستمرار بروزاً وتصاعداً، وعبر متتاليات هندسية سياسية وأمنية وعسكرية، من خلال سعي حثيث محموم لزعماء الحركات الكردية الأنفصالية في الأستقواء بالخارج، عبر بناء تحالفاتهم الأمنية – السياسية – العسكرية مع القوى الخارجية، ذات التوجهات المعادية لشعوب وتاريخ منطقة الشرق الأوسط، وللعراق تحديداً ودول جواره الأقليمي والعربي، تركيا، سوريا، ايران، السعودية، الكويت، والأردن. نعم، العلاقات الأسرائلية – الكردية، تدخل في صميم وجوهر مذهبية الحركات الكردية الأنفصالية المعروفة، حيث تتوافق مع استراتيجيات حلقات الدور الأسرائلي – الموسادي في اقليم كردستان العراق، اقليم ظلّت وما تزال "اسرائيل" حاضرة فيه على الدوام. وتؤكد تقارير مخابرات اقليمية، أنّ واشنطن وتل أبيب تقدمان دعماً غير محدود لأكراد العراق، من أجل فرض سيطرة شاملة على اقليم كردستان، وجعله اقليماً كرديّاً بامتياز لجهة سكّانه، وتطهيره من أي أعراق واثنيات أخرى، عبر طرد السكّان العرب والآشورييين والتركمان، والمطالبة ببقاء نوعي لفرق القوات الخاصة الأمريكية. هذا وقد جعلت واشنطن واسرائيل من كردستان العراق( محمية كردية)، مما جعل من الأقليم الموصوف أعلاه، ملاذاً آمناً لكل الحركات الكردية الموجودة في المنطقة، ولهذا الإقليم أدوار عميقة لجهة الداخل السوري تتساوق مع رؤوس المثلث الأفعواني في الحدث السوري( لندن، باريس، واشنطن) ومن يغذيّه من بعض العرب. وفي مقارنة سريعة، بين ما تقوم به الحركات الكردية الأنفصالية في شمال العراق، وما تقوم به "اسرائيل" لوجدنا الآتي: تعمل الحركات الكردية الأنفصالية في شمال العراق، على طرد السكّان المحليين واقامة دولة كردية، وهي بذلك تطبق ذات النموذج الأسرائيلي الذي ما زال يركز، على أطروحة الحق التاريخي في الأستيلاء على أرض العرب، باعتبار أنّها تمثل آراضي دولة "اسرائيل"، في حين يقول الكرد: أنّ هذه الآراضي تمثل مملكة(مها آباد الكردية) التي كانت في الماضي، فالتساوق والتطابق واضح، بين المنطق الكردي والمنطق الأسرائيلي الأحتلالي في نفي الآخر وتاريخه. ومرةً ثانيةً الأخطر في النموذج الكردي لكردستان العراق، يقوم بالأساس على نفي التاريخ، حيث هناك الآشوريون والكلدانيون وهم أصحاب حضارة مدنية تاريخية، بأفق سياسي أقدم من كيان مملكة الكرد ( مها آباد). الدولة العبرية والولايات المتحدة الأميركية، ليس المهم والمطلوب بالنسبة لهما بالمعنى الأستراتيجي (كردستان)، وانما الذهب الأسود بالمعنى الأستراتيجي الأقتصادي، فكانت ملحمته ملحمة الذهب الأسود عبر اسقاط نظام الرئيس السابق صدام حسين، كما المهم بالنسبة لهما بالمعنى السياسي الأستراتيجي، كل من تركيا وايران وسورية، ويهدفون الى تفريغ المنطقة الكردستانية من سكّانها، وبدأ ذلك في دعم الكرد في عملية طرد العرب والآشوريين والتركمان، عبر المحطة الأولى في مخطط وسيناريو التفريغ، عن طريق قوّات البشمركة الكردية و وحدات الكوماندوز الخاصة فيها، حيث قامت وتقوم بعملية تطهير أثني- ثقافي، وستأتي المحطة الثانية من هذا المخطط، وهو طرد الأكراد أنفسهم عندما تحين اللحظة التاريخية المناسبة. انّه مخطط أميركي – اسرائيلي، بأدوات سياسية وأمنية واقتصادية وثقافية واجتماعية كردية وغير كردية، يسعى الى فتح صناديق الشر الكامن الجديدة والمستحدثة، مرةً واحدةً في اقليم كردستان العراق، فنجد واشنطن وباستمرار تدخل في عمليات اقناع للحركات الكردية الأنفصالية، بأن أميركا سوف لن تتخلّى عنهم وعن دعم طموحاتهم الكردية القومية، في دولة كردية فدرالية في المنطقة، مع طمأنة اسرائيل لزعماء الكرد بأنّها، قادرة على ممارسة الضغوط على الأدارة الأميركية من أجل حماية الكرد أينما وجدوا. وأعتقد أنّ الأستراتيجية التركية لجهة العلاقات مع اقليم كردستان العراق في ظل حليفها مسعود البرزاني، تتموضع وتتنمط من خلال ممارسة أنقرة، استراتيجية سياسية بحيث صارت أكثر ميلاً، للعمل وفق استراتيجية الأغلاق المبكرللأبواب قبل اشتداد العاصفة وريحها ومطرها، أو من خلال مواصلة الأسلوب الذي كانت تقوم به تركيا سابقاً، ازاء التعامل المبكر الأستباقي مع الأزمة الكردية. فأنقرة ترفض رفضاً مطلقاً اقامة دولة كردية في شمال العراق، مع تعاظم لفيتو اقليمي رافض لوجودها، وترفض أنقرة ضم منطقة كركوك الى اقليم كردستان، وحربها مستمرة ضد حزب العمال الكردستاني. مقابل هذه الأستراتيجية التركية، هناك ثوابت ومبادىء كردية، تتمثل في اقامة مناطق حكم ذاتي كردية في جنوب تركيا، غرب ايران، شمال شرق سوريا، على غرار اقليم كردستان العراق، مع ضم كركوك الى الأقليم الكردستاني، مع عدم قيام أي جهة بالتدخل سياسياً أو اقتصادياً أو عسكرياً في اقليم كردستان العراق، كي يكون الأقليم ملاذاً آمناً للحركات الكردية التركية والأيرانية والسورية المعارضة الأنفصالية، كما أسلفنا في السابق من القول. ومع ذلك لا استدارات أمريكية كاملة في المنطقة وخاصةً ازاء الحدث السوري، بل هناك ادارة للأزمة، وما يجري من حراك دبلوماسي وسياسي ومخابراتي واقتصادي يوحي أنّ هناك استدارات أمريكية، بالرغم من وجود تفاهمات سياسية تصل درجة الأتفاق السياسي في قلب الأتفاق النووي، وبالرغم من طلب مؤسسة راند البحثية الأمريكية، والتي تقدّم استشارات للمؤسسة العسكرية الأمريكية من البنتاغون ومجتمع مخابراته البدء بالمرحلة الأنتقالية في سورية ببقاء الرئيس الأسد وبقيادته واشرافه. اذاً اتفاق سياسي أمريكي ايراني في قلب اتفاق ايران النووي، اتفاق سياسي على اعادة تشكيل المنظومة الأقليمية في المنطقة، اتفاق حصلت عليه ادارة أوباما والسؤال هنا: هل نحن عندّ عتبة الحل السياسي في سورية؟. ولأنّ السياسة الدولية هي فن ادارة التناقضات، نجد واشنطن تدعم قوات الحماية الكردية السورية في مواجهة داعش، فهي تدعم ذراع PKK السوري ضد تلك العصابة، بما يتناقض مع المصالح التركية، فهي تدعم قوات الحماية الكردية لمحاربة عصابة داعش، لكن دون مواكبتهم في بناء مشروعهم السياسي حتّى لا تغضب تركيا، حيث الأكراد السوريين صاروا يتمتعون بفائض قوّة يزعج أنقرة. ويبدو أنّ الأكراد حاجة أمريكية وايرانية على السواء في مشروع النظام الأقليمي الجديد للمنطقة، حيث واشنطن تسهّل الدور الكردي على الأرض في الحرب على داعش كما في تل أبيض وكوباني، مع التأكيد أنّ ايران لن توافق على تسوية للنزاع في سورية، من شأنها أن تقطع أو تلغي الجسر الذي يتلقى حزب الله امداداته منه، لذلك قلنا ومنذ البدء أنّ معركة القلمون السوري هي معركة صراع الأرادات الدولية والأقليمية. وما زلنا نلحظ اتصالات سعودية سورية في القناة الروسية غير معلنة، في حين أنّ الرئيس في لبنان يكون بوضع سورية على سكّة الحل السياسي، والاّ سيبقى فخامة الرئيس فراغ في لبنان، وشهدنا اعتقال مخابرات الجيش اللبناني لأمير داعش في لبنان(عماد ياسين)وما تمخض عنه التحقيق يشير الى لعب من قبل عرب روتانا من جديد في الساحة اللبنانية لتفجيرها، مع التأكيد أنّه لا تطورات ولا استدارات الآن، وسيبقى الملف الرئاسي في لبنان على لائحة الأنتظار الأقليمي والدولي. وهل نحن بصدد ترجمات سياسية للفعل العسكري الروسي في سورية مترافق مع تسييل اقليمي للآتفاق النووي تحت وضع المنطقة كلّها على سكة التسويات؟ هل حسم اليمن للسعودية والعراق لأيران؟ وهل حسمت سورية لروسيّا وليبيا لأمريكا؟ حسناً اذاً أين باقي الساحات في المنطقة؟ هل غدت تفاصيل؟ ساحات قد تصبح فرق عمله بسبب استراتيجيات الطبخ الرديء، والتي لا تنتج الاّ سياسات باعة الأرصفة يوم الجمع، وبسبب دبلوماسيات الصعاليك. وفي لبنان نتجه الى صيغة جديدة أقل من الطائف وأكثر من الدوحة، أو اعادة هيكلة للطائف لا هندرة، كون الأخيرة تعني الشطب، وان كان الشطب لأتفاق الطائف يريح المارونية في لبنان، كون الدور السياسي تراجع للأخيرة، ومنذ تطبيق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية. هل طاولة التسويات السياسية صارت تلفح الجميع، بما فيها الساحة اللبنانية والفلسطينية وارتباطاتهما بالساحة الأردنية(الأمريكي ومعه الأسرائيلي من تحت الطاولة يعتبرانها الحلقة الأضعف)، وان كان ما يجري في المنطقة الآن وبعد الفعل العسكري الروسي في سورية، هو بمثابة ادارة للأزمات في الشرق الأوسط لحين نضوج الحلول، فالنتائج ما زالت صفراء وصفراء وصفراء. وتأسيساً على ما تم ذكره سابقاً، هناك جهود روسية عميقة تتموضع بشكل أساسي على تحقيق أو خلق مقاربة تمهد لنصف استدارة على طول خطوط العلاقات السورية السعودية، والسعودية الأيرانية عند عتبة نضوج الصفقة الأقليمية والدولية. فلا أفق لأي حل سياسي ان في سورية بمعزل عن الرياض وحلفائها، وان في اليمن بمعزل عن دمشق وطهران وحلفائهما، وبعبارة أكثر وضوحاً في هذه الجزئية(اليمن مقابل سورية)، بالرغم من رؤية البعض أنّ الحل في سورية يكمن في الحل العسكري لتطهير الجغرافيا السورية من زبالة الأرهاب المصنّع في الداخل السوري والمدخل اليها، عبر الطرف الثالث في الحدث السوري العسكري والسياسي. فروسيّا هي من تهندس اللقاءات السورية السعودية غير المعلنه أو في طريقها لذلك، لخلق المقاربات للوصول الى الأنصاف في الأستدارات، والتي حتماً ستقود في النهاية الى استدارات كاملة وشاملة وقاطعة لحظة النضوج، لكنها تحتاج الى عمليات استثمار في الوقت وبالعمل التراكمي وسيأخذ ذلك زمناً. والعاملين في كواليس مطابخ صنع القرار الروسي يجهدون لأنتاج حل للمسألة اليمنيّة أو الحدث اليمني، وهو ذات الجهد والمجهود لأنتاج حلحلة الحل للمسألة السورية وملحقات الحل، ان في لبنان، وان في العراق، وان في ليبيا، والغائب فلسطين كل فلسطين المحتلة، اللّهم الاّ فيما يتعلق بجعل الساحة الأردنية كمخرجات للملف الفلسطيني، والذي صار ملفاً ثنائيّاً بامتياز على المسار الفلسطيني الأسرائيلي، كجزئية من مشهد الصراع العربي الصهيوني الأستراتيجي ككل، حيث المستفيد الوحيد والأوحد "اسرائيل" من كل ما يجري.
 عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية 
mohd_ahamd2003@yahoo.com