2024-03-28 11:15 م

ناهض حتر... شهيد الكلمة المقاومة و الفكرة المناهضة

2016-09-26
بقلم: مريم الحسن
في عصر الإنحطاط العربي و اضمحلال القيم الإنسانية و الإنحراف الأخلاقي المتستر بالخطاب الديني المنافق و الجلباب المذهبي المتطرف الحاقد و اللحية المتأسلمة المارقة و الأحكام الشرعية الجائرة لدين مزيف و متوحش يعتدي على الله و على دينه الرحيم بما لم ينزل به من سلطان في أيٍ من سنن رسالاته السماوية العادلة. و في ظل حكومة العولمة الصهيونية الظلامية الظالمة المستبدة بالعقول و المتحكمة بالرأي العام و المطوِّعة له بنظام الإرهاب الإستكباري و التدجين الإعلامي و نشر الأكاذيب و تلفيق التهم و تبديل الحقائق و الوقائع و تسطيح الوعي و استنزافه و تشتيته عما ينفعه و يرقّيه و يطوّره بحشوِه و إتخامه بما يُسخّفه و يكويه و يُضمره, يصير التفكير تهمة, و الخروج عن نظام التطويع شبهة, و الكلام بما يخالف أوامر السلطان الصهيوني و أذنابه من أتباع و عملاء و خدم  جنحة تستدعي الإعتقال و السجن, أما الكتابة دفاعاً عن الحق و المنطق و العقل و توضيح الحقائق و فضح الشبهات فتصير جريمة تنويرية كبرى موثقة بالدلائل و البراهين يُعاقب فاعلها بقتله إعداماً او اغتيالاً أو بصُدفة القضاء عليه موتاً قضاءً و قدر.... .....   هذه هي كل القصة... في عصر العولمة و التطور المعلوماتي و الانفتاح الإعلامي صارت الكلمة رصاصة, و الفكرة بندقية, و الصوت و الصورة سلاح, و الكاتب أو الإعلامي أو المفكر أو الباحث أو المثقف أو الناشط جنود في جبهة حرب تقابلها جبهة مناهضة. جبهة كشف الحقائق مقابل جبهة طمسها أو تزيّفها ,جبهة تنوير العقول مقابل جبهة تعتيمها و تضليلها, جبهة المقاومة و التحرر مقابل جبهة التطبيع مع المحتل و حماية المتصهين و التسويق للخيانة و العمالة, أي جبهة الحق في مقابل جبهة الباطل و في المجمل : جبهة النور مقابل جبهة الظلام. و من اختار ان يكون جندياً في جبهة النور علم مسبقاً و قبل انخراطه فيها بأنه سيكون مشروع شهيد و بأن حقوقه التي كفلتها له كذباً شرعة حقوق الإنسان لن تحميه و بأن مقاومته السلمية و قلمه و كتبه و حقه بالكلام و بالتعبير عن رأيه بكل حرية لن يشفعوا له في زمن ديكتاتورية العولمة الصهيونية الظالمة و الانفتاح الإعلامي المتحكم بالأفراد كالبيادق و في زمن عبور الكلمة فيه من اقصى الأرض إلى أقصاها بسرعة الضوء و بكبسة زر.... ....   هي الحرب القذرة... حرب شرسة و غير تقليدية, حرب العقول الظلامية الشيطانية البشعة و الجشعة التي تريد الاستئثار بكل شيء و تدمير الأرض بعد نهب كل شيء فيها و قتل من تشاء ساعة تشاء بلا رادع او حسيب. حرب القوى الاستعمارية التي تريد استغلال قوتها و تسلطها بأبشع و أسوأ استغلال, و ممنوع على المظلوم أن يقول لا, و ممنوع على الحر أن يقول لا, و ممنوع على العقل أن يقول لا, و ممنوع على الإنسان المسالم المحب للسلام و للحق أن يعيش بكرامته و أن يفكر بحريته و أن ينهض بفكره و بوعيه و بوعي قومه أو أن يتقدم بأمته, و إن تحدى و قال لا فالطائرة جاهزة لقصف بلاده و دياره و هدمها فوق رأسه و فوق أجساد أطفاله, و العميل او الجاسوس حاضرين ليدللوا على مكانه و على عنوانه, و السيف حاضر لقطع رقبته و رقاب أفكاره, و الذَنَب التابع له العميل الخائن لأمته و لقومه حاضر و جالس على عرشه أو على كرسيه ليعطي الأمر باعتقاله, و المُدَجنون (الزومبي او المستَحمرون) حاضرون ليصدقوا كذبة الظالم و افترائه على المظلوم  و حاضرون ليثبتوا الولاء و الطاعة لصاحب الأمر الناهي عن المعروف و الآمر بالمنكر, و حاضرون لمواجهة صاحب الحق حد الإستماتة الأخلاقية و الانتحار الجسدي في سبيل تشويه سيرة من يقاوم الظلم عبر تلفيق التهم له و تزوير الحقائق و الوقائع ضده لتسهيل مهمة القضاء عليه قتلاً أو إعداماً او اغتيالاً.... ....   القصة ليست قصة كاريكاتير مستفز و كاتب أعاد نشره و قاتل متطرف جاهل رأى في الأمر تطاول على ذات الله الذي ما عرفه و لا عبده و لو أنه عرفه و عبده حقاً ما كان لا قتل و لا ظلم و لا تطرف و لا تجهّل و لا طمس فكره و غيّب عقله و أطاع قاتله و التحق بالقطيع المدَجّن من الأساس. القضية قضية نور و ظلام, قضية تركيع النهوض في زمن الانحطاط. القضية قضية الكلمة في عصر العولمة, كلمة إذا ما خرجت فكرتها عن طوع حكومة الظلام حُكم عليها بالإعدام. القضية قضية اغتيال الفكر في زمن أُعطي فيه الأمر و الضوء الأخضر لاغتيال العقل و الوعي. القضية قضية اغتيال الفكرة المقاومة في زمن التطبيع العلني مع المحتل و المتصهين, القضية قضية طمس الحقيقة في زمن تزييفها, و قضية اغتيال النهوض في أمة ممنوع عليها أن تنهض و أن ترفع رأسها و أن تلتحق بالتطور و بالسباق المعرفي بين باقي الأمم, القضية ليست قضية ناهض حتر و رسم مستفز نشره على صفحته على الفايس بوك, القضية قضية كل مناهض للجهل و للتخلف و للرجعية و للتذلل و للانبطاح أمام المستكبر, و قضية كل مناهض للصهيونية و للتطبيع معها و مع كيانها الغاصب للأراضي العربية, و قضية كل مناهض لشيطان أمريكا و مقاوم له و لربيبته إسرائيل و قضة كل مدافع عن مشرقيته و عروبته و عن كرامته و عن فكره الحر.... ....   هذه هي كل القصة, من نفذ الاغتيال ليس إلا مسلم مُدَجن مُعدل جينياً بعد أن سُلب نعمة التفكير و التفكر أو زومبي عربي فقد روحه بعد ان امتصت الوسائل الإعلامية الصهيونية وعيه و أذلّه اتباعها الأعراب بالتفقير و التجهيل و باغتيال دينه و فطرته السليمة عبر سلاح التحريض الطائفي و الشحن المذهبي المتطرف و التحزب النابذ و الكاره للآخر و لفكره و لوجوده بما يخدم ديمومة ملك السلطان الجائر الناهب السارق الخائن و العميل و يخالف وصايا الله في كل رسالاته السماوية, و خاصة في القرآن و في الرسالة المحمدية. المجرم الحقيقي ليس من نفذ بل من جهّل و فقّر و تعامل و تصهين و طبّع مع المحتل و خان أمته ثم شارك في تدمير بلدانها و استجلب إليها شذاذ الأفاق ليعربدوا فيها و يقتلوا إنسانها و فتح حدوده لهم ليدخلوا و يخرجوا  عبرها و ما زالوا على حالهم و ما زال هو على حاله و لن يتبدل لأن الخائن من هذا المستوى خائن لا يتوب و لا يندم و إن ندم أو نوى تراجع خاف على رأسه و على عرش ملكيته  الزائفة المزيفة الزائلة حتماً التي ما كانت لتقوم و لتستمر لولا عمالته و خيانته و تطويع المُدَجنين و سكوتهم في أمته.... ....   هي الكلمة في زمن العولمة باتت خطرة و باتت تهز عروش و تغيّر أنظمة و تثير ثورات فكيف الحال و نصر جبهة النور و الحق و المقاومة بات يلوح في الأفق؟ من سيحمي العروش المستكبرة و الأنظمة العميلة الخائنة لشعوبها من سلطان بأس عدالتها و انتشار نورها؟ هي الكلمة المقاومة و الفكرة المناهضة للصهيونية و للجهل و للتخلف و للرجعية الحامين لها ما أخاف قاتل ناهض حتر الجالس على عرشه فدبّر جريمة قتله باغتياله بيد مُدَجنٍ من عامة أتباعه و أعوانه و أشباهه . لكن أين المفر و الناهضون كثر؟ و كم سيقتلون بعد قلمه من أقلام و يسكتون بعد إسكاته فمه من أفواه ناطقة بالحق و مستنهضة للفكر و داعية إلى التحرر و الوقوف في وجه الظلم و الظلام؟ إن الله يأبى إلا أن يتم نوره و يظهر حقه ليورث أرضه عباده الصالحين. و من عباد الله الصالحون سوى هؤلاء الذين يدافعون عن الحق و يجابهون الظلم و يستنهضون الهمم للتحرر من الإنقياد الأعمى و التبعية المُدجنة للتفكير و التفكر و يدعون إلى مواجهة الخطط الشيطانية؟ و سلاحهم إما بندقية خلوقة مقاومة مدافعة عن حقوقها و أرضها و أهلها و قيمهم, أما قلم حر ناطق بالحق لا يسكت و لا يسكن و لا يستكين و لا يرهبه تهديد و لا تهويل و لا يبيع شرفه لا بمال الكون و لا بمناصب خائنة, إما كلمة طيبة و خلقٌ حسن أو عمل صالح يخدم الأرض و أهلها و يسعى لإعمارها بما يخدم القيم الإنسانية و نشر فكر السلام و المحبة و التسامح و قيم عدل و رحمة الله الرحمن الرحيم بين أممها؟.... ....   هي الكلمة الحرة و المقاومة من اغتالوها باغتيال ناهض حتر اليوم و باغتيال أمثاله البارحة ممن سبقوه و يسعون إلى إطفاء نورها بترهيب من بقي منهم , لكن هيهات و هل لحياة الأحرار قيمة من دون العيش بكرامة و قول كلمة الحق و وقفة عز تشرّفهم و من دون الدفاع عن الحقوق و ذكرى شريفة تخلد ذكراهم إن استشهدوا لتنير طريق من سيلحقوا بهم على نفس الطريق؟.... ....        ناهض حتر... على روحك السلام, قلمك استشهد لكن كلمته المقاومة باقية, حرة و مناهضة على الدوام.