2024-04-19 06:50 ص

العزف بلا وتر لايُطرب الآذان؟

2016-09-29
بقلم: الدكتور محمد بكر 
الكباش ثم الكباش ثم الكباش, هكذا بات ينفرد عنوان الملف السوري هذه الأيام، سنوات امتلأت بمحطات ومراحل بات يصعب حصرها، قال عنها المتنازعون أنها نقاط تحول وتغييرٍ جذري لمسار الصراع، ودفعاً للانصياع، كل ذلك بات في مهب الريح، والحديث عن تسويات ربما دفن في التراب، قالها نصرالله و" من الآخر " الكلمة الفصل للميدان، والانجازات كبيرة ، الجعفري قبله وفي مجلس الأمن قال: حتى لو تخلت واشنطن أو بريطانيا عن بعض مدنها لن تتخلى الحكومة السورية عن "إنش " من أراضيها، بالمقابل تنقل رويترز عن مسؤولين أميركيين أن دول الخليج ستزود المعارضة السورية بصواريخ مضادة للطائرات، بدوره أكد نصر الله أن السعودية ماضية في الصراع حتى ذروته، والدعم الغربي والخليجي والتركي مستمر للمسلحين، في حين نسفت مستشارة الرئاسة السورية الدكتورة بثينة شعبان كل ما قيل عن اتفاق روسي ايراني تركي لتغطية التدخل البري التركي في سورية، وقالت إن أردوغان هول الطرف الأول في الحرب على سورية، ليُدفن كل الحديث عن تحول تركي في (تراب جرابلس) ، وبات جل ما تطلبه المستشارة اعتذاراً أميركياً رسمياً ليس مثلما تم من خلال قنوات غير رسمية لا يعول عليها بحسب تعبيرها. مانقلته رويترز (إن صح) عن نية دول خليجية تزويد المعارضة بمنظومات  دفاع جوي نوعية، هو من المؤكد على العين الأميركية ولن يجدي نفعاً نشر الخارجية الروسية لتفاصيل الاتفاق في إحراج واشنطن التي ربما ستكرر قصفها بالخطأ وستعتذر رسمياً لدمشق هذه المرة ، ربما يثير بعض منطق المسؤولين السوريين استغراب واستهجان الشعب السوري الكبير، لجهة أن تهون الدماء وتُمحى آثار العدوان السافر بمجرد اعتذار رسمي، وعليه فإننا نعتقد يقيناً أن الحدث الوحيد الذي شكل عنواناً حقيقياً لتحول جذري في المشهد السوري وإن جاء متأخراً، فأن تصل خيراً من أن لا تصل هو إسقاط دفاعات الجيش العربي السوري لطائرتين إسرائيليتين، هذا الحدث هو فقط من يرسم التحولات ويلغي الأخطار، والاستمرار في انتهاجه هو من يصون الوحدة الإسلامية وينسف قواعد المحاولات الحثيثة التي تصوغها الوهابية مع بريطانيا لمذهبة الصراع الدائر اليوم،  ( كما قال الأمين العام لحزب الله). شئنا أم أبينا نجح الطرف الآخر الساعي لمذهبة الصراع إلى حد كبير في تحقيق المراد، وغسل عقول الجحافل، لأنه شيد مابناه على أنقاض وتبعات غفلتنا عن الجبهة الصحيحة، وانحرافنا عن المسار ولاسيما بعد حصدنا للصورة المضيئة والسامية لمعاني المقاومة، فكان لزاماً على الوهابية أن تضرب في عقر دارنا وبأدوات من جلدتنا لتشويه المضيء والابتعاد عن الجغرافية المقدسة، فكان طبيعياً أن يطول طريقنا إليها عبر حلب وحمص. نعم ماحذر منه نصر الله بأن " الإسرائيليين"  يتحضرون لضربة عسكرية للبنان أو غير لبنان، لأن الظروف مؤاتية لجهة وجود الغطاء والمال الخليجي من جهة والفصائل المتطرفة التي تعمل لخدمة" إسرائيل" من جهة أخرى، هو صحيح وفي محله، ولكن السؤال؟ من المهم أن ننجح في تشخيص العلة والمحظور، ولكن الأهم هو كيف نتجرع العلاج المناسب الذي معه نختصر الزمن والكلفة معاً للشفاء التام؟. إن عدم صياغة التحولات على قاعدة ( إسقاط الطائرتين الإسرائيليين)، والاستمرار في مسلسل يبدو سيزيفياً في أجزائه وحلقاته التي  لاتحتاج مطلقاً للبراهين، فالدليل هو السنوات العجاف التي مضت ولايزال الخصم الذي لا يدفع من أهله ومدنه وموارده كما ندفع، لايزال ماضٍ للذروة لم يمل، و" الإسرائيلي " يتحين فرصة الحصاد للخاتمة كما يشتهي، الاستمرار في تلك الاستراتيجية لن يجلب إلا مزيداً من التيه والدوران في حلقة مفرغة، كمن يصدح على " أنغام " تتزاحم مكبوتة عن بوحها، فالوتر مقطوع والجود ممنوع والردع مرفوع.
* كاتب صحافي فلسطيني مقيم في ألمانيا
Dr.mbkr83@gmail.com