2024-04-25 04:10 ص

أخر أيام اوباما ومصير المنطقة والسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط بعد رحيله

2016-10-01
بقلم: عميرة ايسر*
عرفت منطقة الشرق الأوسط منذ وصول الرئيس الأمريكي باراك اوباما إلي سيدة الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية بتاريخ 20يناير أو جانفي سنة2009وحصل علي جائزة نوبل للسلام وهو لم يتم العام في البيت الأبيض نظير جهوده في تقوية الدبلوماسية والتعاون الدولي بين الشعوب وفاز عن الحزب الديمقراطي أين خسر منافسه الجمهوري جون ماكين ممثل الجمهوريين في هذه المعركة الانتخابية ,ثم ليعاد انتخابه مرة ثانية 4سنوات بعد ذلك,تميز السياسة الخارجية الأمريكية في فترة حكمه الأولي والثانية بعدم انجرار الولايات المتحدة الأمريكية إلي شن عمليات غزو بري واسع كما حصل سابقا في عهد جورج بوش الابن وتورطه في حرب العراق وأفغانستان وإنما عمد إلي اعتماد طرق انتهاج أسلوب الحروب بالوكالة في كل من العراق واليمن وسوريا ومناطق عدة,بالاعتماد علي حلفاءه الإقليميين في المنطقة كما أن اوباما قام بحل ملفات كبري ظلت عالقة في إدراج البيت الأبيض ولم يملك احد قبله من الرؤساء الأمريكان فقام بإعادة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية مع كوبا المقطوعة منذ أزيد من 40سنة وفتح السفارة الأمريكية في العاصمة الكوبية هافانا كما انه قام بخطوة جريئة أغضبت الكثير من الحلفاء التقليديين لواشنطن كالرياض وتل أبيب واعتبرها هؤلاء خيانة أمريكية لكل الاتفاقيات والتفاهمات التي تربطها بهم ومن بينها حماية أمنهم الإقليمي والقومي والعمل علي تحييد إيران وإضعاف قدراتها الاقتصادية والمالية والعسكرية وبدل أن تفعل الإدارة الديمقراطية الأمريكية ذلك تحت قيادة الرئيس باراك حسين اوباما عملت علي العكس من ذلك تماما إذ قامت بتوقيع اتفاق نووي مع طهران وتحت رعاية وإشراف أممي وبالاتفاق مع الدول الغربية بالإضافة إلي روسيا بعد 12سنة من المفاوضات المارثونية و30سنة من الحصار الخانق بعد تغير النظام في طهران ومجيء نظام إسلامي مناهض للمصالح والسياسة الأمريكية ,فصناع القرار الأمريكي أدركوا بعد أن عجزوا عن حل المشاكل المتراكمة في المنطقة العربية بأنه يجب الاستعانة بإيران التي أثبتت عبر سنوات الحصار مقدرة فائقة علي الصمود والتحكم في القرار السياسي داخل طهران وفشل كل المحاولات التي قامت بها المخابرات المركزية الأمريكية للإطاحة أو اختراقه,كما أن إيران رغم ما عانته طوال تلك الفترة من مشاكل طورت أنظمة دفاعية وصاروخية بالستية أرعبت الغرب وأمريكا وقامت بتسليح حلفاءها في المنطقة كحزب الله وحماس والميليشيات اليمنية والعراقية وكما أن القوات الخاصة الإيرانية كانت منذ بداية أحداث الربيع العربي سنة2011,قد تواجدت فوق الأراضي السورية من اجل دعم نظام الدولة السورية في وجه موجة الجماعات الإرهابية التكفيرية التي كانت وكيل أمريكا لتحطيم هذه الدولة التي دعمت مختلف المقاومات الفلسطينية واحتضنت مكاتبها ومعسكرات تدريبها وكانت جسر العبور البري لقوافل المعدات العسكرية والصاروخية الإيرانية باتجاه جنوب لبنان أين تتواجد معسكرات وقواعد حزب الله اللبناني,ووفق هذه المعادلات فرضت إيران نفسها كقوة إقليمية كبري لا تستطيع أمريكا أن تتجاهل نفوذها في المنطقة أكثر من ذلك,فالسياسة الأمريكية التي تحاول أن توازن بين مصالحها الإستراتيجية مع إيران وفي نفس الوقت الالتزام بتعهداته مع المنظومة الغربية والإقليمية في حربها علي الإرهاب والتي أكد الرئيس اوباما أن بلاده ملتزمة بها أكثر من أي وقت مضي وهذا ربما ما دفعه إلي التفكير في توسيع جبهة المواجهة إلي ليبيا الملتهبة والتي تشهد نزاعات وحروب أهلية منذ الإطاحة بنظامها السياسي الذي كان سدا منيعا وقف في وجه امتداد الإرهاب وتفرعاته في ليبيا ,السياسة الأمريكية في عامها الأخير من ولاية اوباما تحاول أن تجد حلا أو نوعا من التسوية السياسية لنزاعات المشتعلة وربما منها المفاوضات الدائرة في الكويت بين الرئيس اليمني المدعوم من الرياض والذي تعتبره شرائح وكتل سياسية وحزبية وقبلية يمنية مهمة بأنه غير شرعي ومنهم الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح وأنصار الله الحوثيين بقيادة عبد المالك الحوثي,والتي ترعاها الرياض بأوامر وتوجيهات أمريكية بعدما أدرك الحلف الأمريكي الغربي السعودي باستحالة الحسم العسكري في الموضوع اليمني وتغليب لغة الحوار والمنطق السياسي العقلاني من اجل إيجاد أرضية لتفاهمات سياسية تحفظ جزءا من المصالح الأمريكية في صنعاء,فالإدارة الأمريكية التي حاولت خلط الأوراق وإعادة ترتيبها من اجل فرض شروطها علي المحور المهزوم سلمت في نهاية الأمر كما يقول المحلل العسكري الأمريكي والاستراتيجي ريتشارد رينز مدير مركز تحليل السياسات العسكرية والسياسية في معهد هدسون دفة الإدارة وحل الملفات المستعصية كسوريا إلي الكرملين الروسي فالرئيس باراك اوباما بات علي قناعة تامة وفق المعطيات الاستخباراتية والميدانية بان الروس هم الأقدر علي لعب دور الوساطة السياسية و واستخدام آلية الحسم العسكري الضروري مثلما حدث في معركة تدمر علي جلب الكل إلي طاولة المفاوضات والتأثير عند الضرورة علي الرئيس بشار الأسد من اجل تقديم تنازلات سياسية عند اللزوم,فهم من غيروا الكثير من المعادلات والمفاهيم بتدخلهم في الوقت المناسب لإنقاذ الوضع في سوريا من الانزلاق نحو المجهول,ولكن ألافت في كل ما حدث في السياسة الخارجية الأمريكية والعلاقات الأمريكية الإسرائيلية تحديدا هو الشرخ والفتور الشديد في علاقة الرئيس باراك اوباما مع رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو اليميني المتطرف المحسوب علي حزب الليكود الذي له توجهات دينية وسياسية معادية للعرب والفلسطينيين,فالسياسة الإسرائيلية العنجهية والعنصرية والتي أحرجت اوباما في المحافل الدولية بعد حروب 2012-2014علي قطاع عزة وما أحدثته من دمار كبير فيه وارتكاب مجازر يندي له الجبين وإفلات القادة العسكريين والسياسيين الصهاينة من العقاب كالعادة,فهذه الإدارة التي قطعت وعودا لمحمود عباس رئيس الدولة الفلسطينية المؤقتة بإنهاء هذا الصراع التاريخي وإقامة دولة علي حدود أراضي 1967فشلت في ذلك بعد أن اصطدمت بجدار التعنت والرفض الصهيوني فبدل تحريك عجلة المفاوضات السياسية لإثبات حسن النوايا قام نتنياهو بمزيد من بناء للوحدات الاستيطانية وتجريف ألاف الهكتارات من الأراضي الزراعية ومصادرتها واندلاع انتفاضة السكاكين المستمرة والتي حملت الإدارة الأمريكية إسرائيل نتيجة ما يحدث داخل مناطق الخط الأخضر ولامت تل أبيب وأجهزتها الأمنية واتهمتها بالعجز عن احتواءها رغم كل الإجراءات الأمنية الردعية التي اتخذتها من اجل ذلك,وما زاد الطين بله والعلاقات تدهورا بين الرجلين هو قيام نتنياهو بإلقاء خطاب ناري ومهين لإدارة الرئيس اوباما أمام نواب مجلس الشيوخ والكونغرس الأمريكي وفرض زيادة حجم المعونات العسكرية السنوية الأمريكية لإسرائيل سنويا لتصبح في حدود 4مليار دولار وتسهيل حصولها علي قروض دولية بقيمة 10مليار دولار أمريكي,وهذا ما أثير غضب الإدارة الأمريكية التي عجزت عن اتخاذ إجراءات ردعية ضد إسرائيل نتيجة لقوة اللوبي اليهودي في دوائر صنع القرار الأمريكي,ونتيجة لذلك فان الرئيس باراك اوباما قد استقال كلية من متابعة الملف الفلسطيني الإسرائيلي أو حتى محاولة تحريك عملية السلام التي أصابها الجمود والشلل شبه التام منذ أزيد من عامين مثلما يقول الدكتور مهدي عبد الهادي رئيس الأكاديمية الفلسطينية في القدس ,فاوباما بهذه السياسة الامبالية اتجاه هذا الملف يخالف نهج الرئيس الأمريكي جيمي كارتر الذي عمل قبل انقضاء فترة رئاسته جاهدا من اجل إيجاد حل نهائي لهذه القضية ولكنه فشل أيضا نتيجة الموقف الإسرائيلي الرافض للانسحاب من أي قطعة ارض احتلتها بالقوة بعد النكسة,فالعلاقة الإسرائيلية الأمريكية في فترة اوباما لم يطبعها تطابق في المصالح بل تضاد وتعارض المصالح الأمريكية وخاصة قيمها الأساسية القومية وهذا ما ذكره الكاتبان ستيفن والت وجون ماشماير في كتابهما اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية,ولكن السؤال الجوهري والذي بات العديد من الباحثين والخبراء يطرحونه بكثرة ,هل ستتغير السياسة الأمريكية بعد رحيل اوباما في المنطقة ,الجواب التقريبي أن السياسات الأمريكية في الأغلب ليست مرتبطة بمواقف الرؤساء وإنما ببرامج معدة مسبقا ففي حال فوز هيلاري كلنتون بالرئاسة فان هذا يعني أن الحزب الديمقراطي سيواصل مع تعديلات بسيطة نفس النهج الذي سار عليه اوباما ويوطد التعاون مع روسيا وربما إيران من اجل حل الملفات الساخنة في المنطقة بما يضمن المصالح الأمريكية والروسية وبقاء مؤسسات الدولة السورية وتحجيم دور المنظمات الإرهابية والضغط علي حلفاءه من اجل القبول بالحل السياسي بديلا حتميا عن مغامراتهم العسكرية الخاسرة ,أما إن وصل الحزب الجمهوري ومرشحه دونا لد ترامب إلي الرئاسة الأمريكية مع ماضيه الأسود وتهربه الضريبي وسياسته العنصرية والمعادية للعرب والمسلمين فان هذا الأمر سيحرض الصقور في الحزب والمحافظين الجدد وبدعم من المركب الصناعي العسكري لمحاولة الضغط علي من يقرر السياسة الخارجية والدفاعية الأمريكية والكونغرس ,لإشعال حروب المنطقة العربية في غني عنها حاليا ,والدفع إلي مواجهة مباشرة مع إيران أو روسيا أو الإيعاز إلي إسرائيل لشن حرب علي حزب الله في جنوب لبنان أو في قطاع غزة أو ربما حسب تحليلات سياسية عربية قيامها بدخول ساحة الحرب والمواجهة المباشرة مع الجيش العربي السوري كما يري الأستاذ والوزير السابق ياسين جابر ,فكل الاحتمالات واردة في ظل إدارة أمريكية جمهورية لن تكون أفضل حالا من إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن التي حولت المنطقة إلي انهار من الدماء,فكل الملفات مؤجلة ومتوقفة إذن إلي ما بعد خوض سباق الرئاسيات الأمريكية وسيقي العالم ينتظر ما ستسفر عنه من نتائج ليصبغ سياساتها علي أساسها , فأنظمة دول حليفة لواشنطن كتركيا والسعودية والتي لا تريد التعاطي سياسيا مع إدارة اوباما في الوقت الراهن تريد إدارة جديدة تضع في أولوياتها إزاحة الأسد والقضاء علي حزب الله وإنهاء المشكلة اليمنية بما يخدم مصالحها وتحييد الدور الروسي والدخول في مرحلة حرب باردة وشن حرب لا هوادة فيها مع إيران لإجبارها علي التخلي عن دعم المقاومة ,فالنظام العالمي الجديد الذي بدا يتبلور علي أسس التعددية القطبية لا يخدم مصالح هذه الدول ويجب كما يقول هنري كيسنجر أن تعمل أمريكا مع حلفاءها علي السيطرة علي مقدرات المنطقة وخنق القوي التي تحاول إيجاد مواقع متقدمة لها فيها ومحاصرتها في عقر دارها فهذه هي ملامح السياسة الأمريكية المرتقبة في حال وصول إدارة جمهورية تحظي بدعم شعبي ونخبوي سياسي وعسكري ومالي كبير في أمريكا وخارجها. عميرة أيسر-كاتب جزائريأخر أيام اوباما ومصير المنطقة والسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط بعد رحيله -عرفت منطقة الشرق الأوسط منذ وصول الرئيس الأمريكي باراك اوباما إلي سيدة الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية بتاريخ 20يناير أو جانفي سنة2009وحصل علي جائزة نوبل للسلام وهو لم يتم العام في البيت الأبيض نظير جهوده في تقوية الدبلوماسية والتعاون الدولي بين الشعوب وفاز عن الحزب الديمقراطي أين خسر منافسه الجمهوري جون ماكين ممثل الجمهوريين في هذه المعركة الانتخابية ,ثم ليعاد انتخابه مرة ثانية 4سنوات بعد ذلك,تميز السياسة الخارجية الأمريكية في فترة حكمه الأولي والثانية بعدم انجرار الولايات المتحدة الأمريكية إلي شن عمليات غزو بري واسع كما حصل سابقا في عهد جورج بوش الابن وتورطه في حرب العراق وأفغانستان وإنما عمد إلي اعتماد طرق انتهاج أسلوب الحروب بالوكالة في كل من العراق واليمن وسوريا ومناطق عدة,بالاعتماد علي حلفاءه الإقليميين في المنطقة كما أن اوباما قام بحل ملفات كبري ظلت عالقة في إدراج البيت الأبيض ولم يملك احد قبله من الرؤساء الأمريكان فقام بإعادة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية مع كوبا المقطوعة منذ أزيد من 40سنة وفتح السفارة الأمريكية في العاصمة الكوبية هافانا كما انه قام بخطوة جريئة أغضبت الكثير من الحلفاء التقليديين لواشنطن كالرياض وتل أبيب واعتبرها هؤلاء خيانة أمريكية لكل الاتفاقيات والتفاهمات التي تربطها بهم ومن بينها حماية أمنهم الإقليمي والقومي والعمل علي تحييد إيران وإضعاف قدراتها الاقتصادية والمالية والعسكرية وبدل أن تفعل الإدارة الديمقراطية الأمريكية ذلك تحت قيادة الرئيس باراك حسين اوباما عملت علي العكس من ذلك تماما إذ قامت بتوقيع اتفاق نووي مع طهران وتحت رعاية وإشراف أممي وبالاتفاق مع الدول الغربية بالإضافة إلي روسيا بعد 12سنة من المفاوضات المارثونية و30سنة من الحصار الخانق بعد تغير النظام في طهران ومجيء نظام إسلامي مناهض للمصالح والسياسة الأمريكية ,فصناع القرار الأمريكي أدركوا بعد أن عجزوا عن حل المشاكل المتراكمة في المنطقة العربية بأنه يجب الاستعانة بإيران التي أثبتت عبر سنوات الحصار مقدرة فائقة علي الصمود والتحكم في القرار السياسي داخل طهران وفشل كل المحاولات التي قامت بها المخابرات المركزية الأمريكية للإطاحة أو اختراقه,كما أن إيران رغم ما عانته طوال تلك الفترة من مشاكل طورت أنظمة دفاعية وصاروخية بالستية أرعبت الغرب وأمريكا وقامت بتسليح حلفاءها في المنطقة كحزب الله وحماس والميليشيات اليمنية والعراقية وكما أن القوات الخاصة الإيرانية كانت منذ بداية أحداث الربيع العربي سنة2011,قد تواجدت فوق الأراضي السورية من اجل دعم نظام الدولة السورية في وجه موجة الجماعات الإرهابية التكفيرية التي كانت وكيل أمريكا لتحطيم هذه الدولة التي دعمت مختلف المقاومات الفلسطينية واحتضنت مكاتبها ومعسكرات تدريبها وكانت جسر العبور البري لقوافل المعدات العسكرية والصاروخية الإيرانية باتجاه جنوب لبنان أين تتواجد معسكرات وقواعد حزب الله اللبناني,ووفق هذه المعادلات فرضت إيران نفسها كقوة إقليمية كبري لا تستطيع أمريكا أن تتجاهل نفوذها في المنطقة أكثر من ذلك,فالسياسة الأمريكية التي تحاول أن توازن بين مصالحها الإستراتيجية مع إيران وفي نفس الوقت الالتزام بتعهداته مع المنظومة الغربية والإقليمية في حربها علي الإرهاب والتي أكد الرئيس اوباما أن بلاده ملتزمة بها أكثر من أي وقت مضي وهذا ربما ما دفعه إلي التفكير في توسيع جبهة المواجهة إلي ليبيا الملتهبة والتي تشهد نزاعات وحروب أهلية منذ الإطاحة بنظامها السياسي الذي كان سدا منيعا وقف في وجه امتداد الإرهاب وتفرعاته في ليبيا ,السياسة الأمريكية في عامها الأخير من ولاية اوباما تحاول أن تجد حلا أو نوعا من التسوية السياسية لنزاعات المشتعلة وربما منها المفاوضات الدائرة في الكويت بين الرئيس اليمني المدعوم من الرياض والذي تعتبره شرائح وكتل سياسية وحزبية وقبلية يمنية مهمة بأنه غير شرعي ومنهم الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح وأنصار الله الحوثيين بقيادة عبد المالك الحوثي,والتي ترعاها الرياض بأوامر وتوجيهات أمريكية بعدما أدرك الحلف الأمريكي الغربي السعودي باستحالة الحسم العسكري في الموضوع اليمني وتغليب لغة الحوار والمنطق السياسي العقلاني من اجل إيجاد أرضية لتفاهمات سياسية تحفظ جزءا من المصالح الأمريكية في صنعاء,فالإدارة الأمريكية التي حاولت خلط الأوراق وإعادة ترتيبها من اجل فرض شروطها علي المحور المهزوم سلمت في نهاية الأمر كما يقول المحلل العسكري الأمريكي والاستراتيجي ريتشارد رينز مدير مركز تحليل السياسات العسكرية والسياسية في معهد هدسون دفة الإدارة وحل الملفات المستعصية كسوريا إلي الكرملين الروسي فالرئيس باراك اوباما بات علي قناعة تامة وفق المعطيات الاستخباراتية والميدانية بان الروس هم الأقدر علي لعب دور الوساطة السياسية و واستخدام آلية الحسم العسكري الضروري مثلما حدث في معركة تدمر علي جلب الكل إلي طاولة المفاوضات والتأثير عند الضرورة علي الرئيس بشار الأسد من اجل تقديم تنازلات سياسية عند اللزوم,فهم من غيروا الكثير من المعادلات والمفاهيم بتدخلهم في الوقت المناسب لإنقاذ الوضع في سوريا من الانزلاق نحو المجهول,ولكن ألافت في كل ما حدث في السياسة الخارجية الأمريكية والعلاقات الأمريكية الإسرائيلية تحديدا هو الشرخ والفتور الشديد في علاقة الرئيس باراك اوباما مع رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو اليميني المتطرف المحسوب علي حزب الليكود الذي له توجهات دينية وسياسية معادية للعرب والفلسطينيين,فالسياسة الإسرائيلية العنجهية والعنصرية والتي أحرجت اوباما في المحافل الدولية بعد حروب 2012-2014علي قطاع عزة وما أحدثته من دمار كبير فيه وارتكاب مجازر يندي له الجبين وإفلات القادة العسكريين والسياسيين الصهاينة من العقاب كالعادة,فهذه الإدارة التي قطعت وعودا لمحمود عباس رئيس الدولة الفلسطينية المؤقتة بإنهاء هذا الصراع التاريخي وإقامة دولة علي حدود أراضي 1967فشلت في ذلك بعد أن اصطدمت بجدار التعنت والرفض الصهيوني فبدل تحريك عجلة المفاوضات السياسية لإثبات حسن النوايا قام نتنياهو بمزيد من بناء للوحدات الاستيطانية وتجريف ألاف الهكتارات من الأراضي الزراعية ومصادرتها واندلاع انتفاضة السكاكين المستمرة والتي حملت الإدارة الأمريكية إسرائيل نتيجة ما يحدث داخل مناطق الخط الأخضر ولامت تل أبيب وأجهزتها الأمنية واتهمتها بالعجز عن احتواءها رغم كل الإجراءات الأمنية الردعية التي اتخذتها من اجل ذلك,وما زاد الطين بله والعلاقات تدهورا بين الرجلين هو قيام نتنياهو بإلقاء خطاب ناري ومهين لإدارة الرئيس اوباما أمام نواب مجلس الشيوخ والكونغرس الأمريكي وفرض زيادة حجم المعونات العسكرية السنوية الأمريكية لإسرائيل سنويا لتصبح في حدود 4مليار دولار وتسهيل حصولها علي قروض دولية بقيمة 10مليار دولار أمريكي,وهذا ما أثير غضب الإدارة الأمريكية التي عجزت عن اتخاذ إجراءات ردعية ضد إسرائيل نتيجة لقوة اللوبي اليهودي في دوائر صنع القرار الأمريكي,ونتيجة لذلك فان الرئيس باراك اوباما قد استقال كلية من متابعة الملف الفلسطيني الإسرائيلي أو حتى محاولة تحريك عملية السلام التي أصابها الجمود والشلل شبه التام منذ أزيد من عامين مثلما يقول الدكتور مهدي عبد الهادي رئيس الأكاديمية الفلسطينية في القدس ,فاوباما بهذه السياسة الامبالية اتجاه هذا الملف يخالف نهج الرئيس الأمريكي جيمي كارتر الذي عمل قبل انقضاء فترة رئاسته جاهدا من اجل إيجاد حل نهائي لهذه القضية ولكنه فشل أيضا نتيجة الموقف الإسرائيلي الرافض للانسحاب من أي قطعة ارض احتلتها بالقوة بعد النكسة,فالعلاقة الإسرائيلية الأمريكية في فترة اوباما لم يطبعها تطابق في المصالح بل تضاد وتعارض المصالح الأمريكية وخاصة قيمها الأساسية القومية وهذا ما ذكره الكاتبان ستيفن والت وجون ماشماير في كتابهما اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية,ولكن السؤال الجوهري والذي بات العديد من الباحثين والخبراء يطرحونه بكثرة ,هل ستتغير السياسة الأمريكية بعد رحيل اوباما في المنطقة ,الجواب التقريبي أن السياسات الأمريكية في الأغلب ليست مرتبطة بمواقف الرؤساء وإنما ببرامج معدة مسبقا ففي حال فوز هيلاري كلنتون بالرئاسة فان هذا يعني أن الحزب الديمقراطي سيواصل مع تعديلات بسيطة نفس النهج الذي سار عليه اوباما ويوطد التعاون مع روسيا وربما إيران من اجل حل الملفات الساخنة في المنطقة بما يضمن المصالح الأمريكية والروسية وبقاء مؤسسات الدولة السورية وتحجيم دور المنظمات الإرهابية والضغط علي حلفاءه من اجل القبول بالحل السياسي بديلا حتميا عن مغامراتهم العسكرية الخاسرة ,أما إن وصل الحزب الجمهوري ومرشحه دونا لد ترامب إلي الرئاسة الأمريكية مع ماضيه الأسود وتهربه الضريبي وسياسته العنصرية والمعادية للعرب والمسلمين فان هذا الأمر سيحرض الصقور في الحزب والمحافظين الجدد وبدعم من المركب الصناعي العسكري لمحاولة الضغط علي من يقرر السياسة الخارجية والدفاعية الأمريكية والكونغرس ,لإشعال حروب المنطقة العربية في غني عنها حاليا ,والدفع إلي مواجهة مباشرة مع إيران أو روسيا أو الإيعاز إلي إسرائيل لشن حرب علي حزب الله في جنوب لبنان أو في قطاع غزة أو ربما حسب تحليلات سياسية عربية قيامها بدخول ساحة الحرب والمواجهة المباشرة مع الجيش العربي السوري كما يري الأستاذ والوزير السابق ياسين جابر ,فكل الاحتمالات واردة في ظل إدارة أمريكية جمهورية لن تكون أفضل حالا من إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن التي حولت المنطقة إلي انهار من الدماء,فكل الملفات مؤجلة ومتوقفة إذن إلي ما بعد خوض سباق الرئاسيات الأمريكية وسيقي العالم ينتظر ما ستسفر عنه من نتائج ليصبغ سياساتها علي أساسها , فأنظمة دول حليفة لواشنطن كتركيا والسعودية والتي لا تريد التعاطي سياسيا مع إدارة اوباما في الوقت الراهن تريد إدارة جديدة تضع في أولوياتها إزاحة الأسد والقضاء علي حزب الله وإنهاء المشكلة اليمنية بما يخدم مصالحها وتحييد الدور الروسي والدخول في مرحلة حرب باردة وشن حرب لا هوادة فيها مع إيران لإجبارها علي التخلي عن دعم المقاومة ,فالنظام العالمي الجديد الذي بدا يتبلور علي أسس التعددية القطبية لا يخدم مصالح هذه الدول ويجب كما يقول هنري كيسنجر أن تعمل أمريكا مع حلفاءها علي السيطرة علي مقدرات المنطقة وخنق القوي التي تحاول إيجاد مواقع متقدمة لها فيها ومحاصرتها في عقر دارها فهذه هي ملامح السياسة الأمريكية المرتقبة في حال وصول إدارة جمهورية تحظي بدعم شعبي ونخبوي سياسي وعسكري ومالي كبير في أمريكا وخارجها. 
*كاتب جزائري