2024-04-18 09:35 ص

هل تفعلها امريكا وتدخل الحرب المباشرة في سوريا؟

2016-10-01
بقلم: إيهاب شوقي
المتابع لقضايا المنطقة يلمح تطورات تميل الى الخيار التشاؤمي المنصب في اقتراب مواجهات عسكرية كبرى على صورة حرب عالمية جديدة، ولا سيما بعد التصريحات الامريكية الاخيرة والتي مفادها ان التعاون مع روسيا على وشك الانتهاء في سوريا ووضع عقدة حلب امام منشار الاجهاز على العصابات الاجرامية في سوريا. والمتابع لجلسات مجلس الامن والمشاريع المقدمة امامه يلمح ايضا ان الطرق قد انسدت امام التوافق الدبلوماسي. والمتابع للاوضاع بالميدان يرى ان هناك سوابق خطيرة اعلنت عن نفسها بالتنسيق العلني المكشوف بين امريكا وعصابات الارهاب والذي تمثل في سابقة قصف قوات الجيش السوري للسماح لمسلحي داعش بالتقدم على الارض، ناهيك عن سقوط الاقنعة الخاصة بالمعارضة المعتدلة وعلاقتها بالقاعدة ممثلة بالنصرة وغيرها من الممارسات التي ارتدت ثوبا اكثر علنية وجرأة من ثوب الحياء السابق. ولا شك وان نزول امريكا الملعب بنفسها دون مناورات لهو دليل قاطع على فقدانها اذرعتها المستترة واقتراب الهزيمة الساحقة للمحاربين عنها بالوكالة. وهنا لابد من التوقف عند بعض القضايا لمحاولة حسمها وعدم تداولها كمسلمات لان التحديد ودقة التوصيف هي الملاذ الآمن اولا للانصاف وثانيا للتخطيط للمراحل المستقبلية في صراع نحسبه سيمتد لفترة اطول من الفترة التي يقدرها بعض المتفائلين. اول قضية هي عملاء الولايات المتحدة، وبصرف النظر عن الممارسات لبعض الدول والتي قد تخدم اجندتها الا ان لقب عملاء هو في النهاية لاينطبق الا على الراسخين في العمالة والمرتبطين استراتيجيا بها، وهم بلاشك مختلفون عن الحلفاء الاستراتيجيين لها، لان التحالف الاستراتيجي شئ والعمالة شئ اخر، ولكن في حالة الحرب والاستنفار قد تختلط الامور ويصعب التفريق بينهما في خضم وزحام المعارك. ومصدر التدقيق هنا هو ما يفترض ان يتم التعامل به حاليا و مستفبليا في المعركة واطرافها وفلولها وبقاياها. والشاهد ان جميع العصابات الاجرامية عميلة لامريكا اما سابقا وحان التخلص منها واما حاليا واما مشاريع مستقبليين للعمالة يقدمون اوراق اعتمادهم لها، حيث ان الحرب بالوكلاء ذوي القناع الاسلامي هو اختراع امريكي بحت، كما ان اسقاط النظام السوري بتوجهاته وتحالفاته هو مصلحة امريكية اصيلة. والشاهد الاخر ان دولا لا تمتلك سوى التمويل لايمكن ان ترتقي من سلم العمالة لسلم التحالف الاستراتيجي لانها مرتهنة بسيدها ولا تستطيع التغريد خارج سربه ولاتمتلك رفاهية الخلاف معه او مقاومته حتى عن فيما يمس وجودها ذاته والحديث هنا يخص السعودية ودول الخليج كنموذج صارخ على العمالة التي تحاول دائما الاصطباغ بصبغة التحالف وهو غير صحيح لان من يملك التحالف يملك فضه، وهؤلاء المساكين لايقوون على ذلك. الامر الاخر يتعلق بمصر، والتي يحلو للكثيرين وضعها في قائمة العملاء، وهو توصيف ابعد ما يكون عن الدقة بعيدا عن معايير الظلم والانصاف، فهي لاتمتلك مؤهلات العمالة التي تشترط حرية اختيار السقوط والضعة، وهي لا تمتلك هذه الحرية ولن يسمح لها حتى لو اختار بعض انظمها ذلك، فهناك اكثر من عاصم اوله شعبها وثانيه جيشها، مهما حدث لهذا الشعب من تضليل وتجويع، ومهما حدث لجيشها من محاولات للتلاعب بعقيدته القتالية او مساس باطراف ثوابته لم ينفذ بعد جوهره، فالعمق الشعبي والعسكري لن يسمح لمصر مهما تدهور حالها بالوقوع في فخ العمالة، الا انه ومن المؤسف انها وقعت في فخ التفريط في دورها وقوتها وفي حق نفسها اولا قبل التفريط في واجباتها القومية تجاه اشقائها، كما ان الا انها تمتلك باوضاعها الحالية بالطبع مؤهلات التحالف الاستراتيجي مع اي قوة عظمى. الامر الاخر يتعلق بتركيا وهي حليف استراتيجي للامريكان وعضو رئيسي بالناتو، الا ان الاوهام الخارجية لاردوغان والمتعلقة باستعادة (امجاد) الامبراطورية العثمانية نفوذا بل وغزوا والتي جعلته غير راض عن حدود معاهدة لوزان، و الاوهام الداخلية بالسيطرة التامة دون معارضة ودون اعتبار لاي تنوع فكري او ثقافي او عرقي او حتى نقد او امتعاض، جعلت من (السلطان) اردوغان عبئا على حلفائه قبل اعدائه، وهو ما يضع وجاهة لاي سيناريو محتمل للانقلاب الاخير او القادم وهو ما يضع ايضا وجاهة لاي توقع لاي خطوة يخطوها مهما كانت متهورة ومهما كان اتجاهها وفي اي خانة تصب، فهو خارج التوقعات ولايستطيع طرف من الاطراف التعويل عليه او الثقة به وبتحركاته. والحديث هنا يجب ان يشمل ايران، والتي تتفرغ مواقع تابعة للخليج لوصف وتحليل تعاونها الخفي مع الامريكان وتحميل الاتفاق النووي ما لا يحتمل من لا معقوليات دون التعقل والتوقف للحظة للتفكير في ان هناك شئ اسمه التسوية مع القوي عند انعدام القدرة على هزيمته، ولا نذيع سرا عندما نقول اننا سمعنا من مسؤولين ومطلعين جادين على بعض الامور ان هناك قرارا تفضيلا امريكيا للتعامل مع ايران عن السعودية من منطلق ان عدو عاقل خير من صديق احمق، وان هذا التعامل في اطار ضبط الامور وعدم انزلاقها لكوارث اقليمية، وهو له شواهد في اكثر من مجال، دون ان يتعلق الامر بحد ادنى من التنازلات من الطرفين. والامر الاخر فيما يخص الحلفاء متعلق بالبريطانيين والالمان والفرنسيين ومدى صمودهم مع الامريكان في مواجهة الروس، وهو امر لابد من حسابه بدقة لان لكل منهم سقف وطموح ومصالح وروادع، ووفقا لطبيعة المعارك وكلفتها سيصمد من يصمد ويعلن حياده من يعلن. والسؤال، هل تستطيع امريكا المواجهة العسكرية كما تلوح، وهل يمتلك اوباما قدرة القرار في ايامه الاخيرة، والذي لم يستطع اتخاذه في السنوات الماضية، وهل امريكا ستقدم على عمليات ضد الجيش السوري وهي تعلم انها مواجهة مع مباشرة مع روسيا، وما معنى التلويح الدائم بالخطة "ب" وهل هذه الخطة كما فسرها لافروف باستخدام النصرة لاسقاط النظام؟ العقل يقول ان امريكا يدها مغلولة عن التدخل المباشر بحكم التوقيت الداخلي وانتخاباتها الوشيكة، وبحكم توازنات القوى وكارثية الخيار وتداعياته وحجم احتمال حرب حقيقية مباشرة مع الروس. وليس لدى الامريكان خيار الا التضييق السياسي على الروس ودعم العصابات وتحريضها ضد المصالح الروسية بل وفي الداخل الروسي والمضايقات الجيواستراتيجية في المحيط الروسي، وهو ليس هين ولكنه ليس بالعامل الحاسم في تغيير الاوضاع على الارض، وان كانت امريكا وضعت المسألة السورية كخيار حياة او موت، فهو المبرر الوحيد لاقدامها على حماقة حرب عالمية، ولكن ذلك لن يكون ايضا قبل تسلم الرئيس(او الرئيسة) الجديد. مانراه حاليا هو حصاد مر، للامريكان من (هيبتهم)، وللسعوديين والاتراك من (خيبتهم) وللاسف للمصريين من مواقفهم الماسخة التي لن تجعل من مصر رقما يعتد به بعد انمتهاء الصراع وستؤخر كثيرا جدا من الزمن اللازم لاستعادة الدور القيادي المفقود.