2024-04-25 10:27 م

محمد عساف: وراء شخصيتي الفنية يختبئ إنسان بسيط

2016-10-06
عند دخولي القاعة الكبيرة التي احتضنت حفل محبوب العرب محمد عساف في مدينة دوسـلدورف الألمانية، كان أول ما لفت إنتباهي هو خلو القاعة من صور الفنان الفلسطيني، ومن اللافتات أو الصور التي تمجده وتصفه بأنه صاحب الصوت الأجمل وبأنه النجم الكبير، كما يحدث عادة في مثل هذه الحفلات الفنية. وبدلا من ذلك  كان هناك العديد من الفتيات وهن يرتدين ألبسة فلسطينية تقليدية مزركشة، وعلى شاشة كبيرة خلف المنصة تم عرض صور لمدارس فلسطينية.
وقبل أن تصيبني الدهشة من هذا الرابط بين صور المدارس وحفل محمد عساف، بادرني د. عماد أبو كشك، رئيس جامعة القدس، والراعي الرسمي للحفلة الفنية قائلا بأن الهدف من هذا الحفل هو دعم المدارس في فلسطين، بالاضافة الى دعم القطاع الصحي. وذلك بالتعاون مع الجالية الفلسطينية في فوبرتال ودوسلدورف. حيث سيرصد جزء كبير من ريع الحفلة لهذه الانشطة الخيرية.
التزاحم الشديد لحضور تظاهرة النجم، والحماس الكبير لسماعه صغيرا وكبيرا، شجعني للعمل على لقاء محمد عساف الذي كان يقوم بتمرين صوته في قاعة جانبية قبيل بدء الحفل. قابلني النجم بابتسامته المعهودة، ثم رحب بي ودعاني للجلوس، معتذرا بأن الحفلة على وشك البداية، وأنه سيضطر مغادرتي قريبا. وقبل بدء حواري معه استدرك قائلا: "أنا سعيد لمخاطبة الجمهور العربي في ألمانيا".
DW عربية: هل هذه هي الزيارة الثانية لك إلى المانيا؟
محمد عساف: نعم صحيح. هي المرة الثانية،حيث كنت المرة الأولى في برلين، أنا سعيد جدا بوجودي هنا، فأنا أحب ألمانيا، والطبيعة هنا خلابة، كما أحب أيضا كرة القدم الألمانية، اعتبر ان ألمانيا بلد متقدم، والجاليات العربية والفلسطينية فيها نشطة، وأنا مسرور بجمهوري العزيز الذي تجشم السفر من أجل القدوم إلى حفلتي. للاسف، منعني ضيق الوقت من التجول بحرية، حيث قدمت بالامس فقط وسوف أسافر غدا صباحا.
أنت تقوم الآن بالتحضير لحفلة كبيرة، ما هي التحضيرات التي تقوم بها من وراء الكواليس، ماهي الامور التي تشغل بالك وقتها؟
في الحقيقة ما يشغل بالي طوال الوقت هو كيف سيستقبلني جمهوري، هل سأكون على قدر توقعاته، لذلك أشعر ببعض القلق والتوتر، الآن أنا أتكلم معك قبل الحفلة إلا أنه لدي شعور بالخوف بالرغم من تجاربي الغنائية الكثيرة، إلا أن هذه المشاعر تصيبني دائما قبل بدء أي حفلة، وهو ما يدفعني للقيام بتدريبات على الحفلة مرارا قبل بدايتها، وهذا التحضير الجيد في نفس القاعة التي سوف أغني بها، يعطيني شعورا بالراحة والألفة مع القاعة، مع تقنيات الصوت، ومعرفة أماكن خطواتي. كلها أمور أعتبرها مهمة لنجاح أي حفلة أوعند لقاء الجمهور، وأداء أول أغنية، وبعدما ألمس تشجيع الجمهور وتقبله لي، يبدأ هذا التوتر بالزوال، وأبدأ أيضا في الاندماج في جو الحفل وبهجته.
البعض يعتبر أنك مقل في إنتاج أعمالك الفنية على الشاشة، مقارنة بالحفلات التي تلاقي فيها جمهورك.
أنا أعتبر لقاء الجمهور مباشرة هو أمر مهم لأي فنان، وأسعد جدا عندما ألتقي بالناس وجها لوجه، ويكون التواصل بيننا كبيرا. قد يعتبرني البعض مقلا، إلا أنني أحاول إختيار ما أعتقد أنه الأفضل، وهو ما قد يستلزم وقتا أطول، أعمالي الفنية الجديدة تتجلى الآن في فيديو كليب  بعنوان "سيوف العز" سوف يكون جاهزا خلال أيام. ولقد حاولت من خلال هذه الأغنية أن أقدم اللون الفلسطيني المحبب والذي عرفني به جمهوري، كما إن الفيديوكليب مصور بطريقة مبتكره، وآمل أن تجلب الفرحة  لقلوب المشاهدين. أيضا  أحضر حاليا لألبومي الغنائي الثاني، والذي من المفترض أن يكون جاهزا قبل نهاية هذا العام، حيث سأعرض فيه أغاني جديدة، بعدة ألوان موسيقية، وآمل أن تعجب الجمهور. إلا أنني لم أجد إسما مناسبا  للألبوم القادم لحد الأن، وكلما اعتقدت أنا وفريق الانتاج أننا وجدنا إسما ملائما، إلا وقمنا بتغييره لاحقا. 
الجميع يعرفك كفنان او سوبر ستار، إلا أنني أتساءل دائما عن طبيعتك الشخصية، من هو محمد الإنسان الذي يختفي خلف محمد الفنان؟
أشكرك على هذا السؤال المهم، أعتقد أن التركيز علي دائما يكون من خلال الصفة الفنية لما سأغنيه، أو بالنسبة لصوتي  أو أعمالي الفنية. لكن خلف محمد الفنان هناك محمد آخر يختبئ خلف هذه المظاهر الفنية، أنا شخصية بسيطة جدا، لا أميل إلى تعقيد الأمور، وفي قرارة نفسي أعرف أنني لا أختلف كثيرا عن الناس البسطاء. لقد تربيت في المخيم، وبالرغم من مرارة العيش هناك والطفولة القاسية التي يعرفها إبن المخيم ومن تربى هناك، إلا أنني أفخر دائما بأنني إبن مخيم فلسطيني، وفيه قضيت أجمل أيام عمري وانا لا أخجل من هذا القول، ولم أولد وفي فمي ملعقة من ذهب، بالعكس أنا أعتقد أن هذا الأمر يمدني بالقوة من أجل أن أكافح وان أنجح.
إن شخصيتي البسيطة هذه هي السبب وراء تصرفاتي، الناس تحلل شخصيتي على أساس أنني نجم، وهي التي تعطيها هذه الأبعاد الكبيرة، وردات الفعل، إلا أنني في النهاية إنسان أخطأ وأصيب، ولا أعتقد أن شخصيتي تختلف عن شخصية أي إنسان من جمهوري. العديد من الأمور التي واجهتني مثل علاقاتي الخاصة أو الارتباط أو أي أمور أخرى كانت نابعة من محمد الانسان وليس من محمد الفنان، وهو ما اعتبره جزءا من شخصيتي، وقد تتشابه مع اي شخص آخر.
هل تحاول دائما في أحاديثك التركيز على فلسطين والانسان الفلسطيني؟
صحيح، أعتبر أن هذا يشكل جزءا من رسالتي، أنا أحب الجميع، ما أود التأكيد عليه أيضا  هو أن الحفلة التي أغني فيها هي حفلة خيرية، وجزء كبير من ريع الحفلة سيذهب إلى دعم المدارس والقطاع الصحي في فلسطين، وهو ما اعتبره أيضا رسالة راقية لأي فنان. كما أعتبر أن ذلك من واجبي، خاصة وأني أحمل لقب سفير النوايا الحسنة لدى الأمم المتحدة. لذلك أحاول دائما إيصال الصوت الفلسطيني والعربي في أي مكان، وتقديمه بالطريقة اللائقة. أريد من العالم أن يفهم ما معنى فلسطيني، وأحاول دائما أن اقدم شعبي وثقافته في افضل صورة. إن أجمل أيامي هي التي أقضيها في فلسطين بالرغم من الاحتلال والمشاكل الموجودة في وطننا، إلا أنني أشعر بالسعادة مجرد كوني هناك، ومحبة الناس لي  هي التي تعطيني الدفعة من أجل النجاح والابداع.
كعادته كان محمد متألقا في الحفل، وارتسمت الفرحة على وجوه الحاضرين من فئات عمرية مختلفة، ويبدوا أن الفنان نسي توتره وقلقه مع الاستقبال الحافل للجمهور له، كما إنه مازح جمهوره عندما اعطاه البعض أوراقا كتبت عليها بعض عبارات التحية للآخرين ليقرأها في الحفل بصوته، حيث خاطب الحاضرين بالقول:"جمهوري العزيز! نحن لسنا هنا في قاعة أفراح".
علاء جمعة // DW