2024-04-20 02:46 م

مسؤولية المحكمة الجنائية الدولية في محاسبة السعودية

2016-10-19
علي إبراهيم مطر

لم تتوقع السعودية أن تأخذ مجزرتها المروعة التي ارتكبتها في صالة العزاء في العاصمة اليمنية صنعاء، ضجة كبيرة تشكل لها ارباكاً في التعامل معها، لتنكرها لفترة وجيزة ثم تعترف بها بطريقة الهارب من جريمته وبذرائع واهية. لم تقدم السعودية ادلة وبراهين صادقة وحقيقية عن عدم مسؤوليتها عن هذه المجزرة المروعة التي سقط ضحيتها 700 يمني بين شهيد وجريح جلهم من المدنيين، هي ظنت أنها ككل مرة ترتكب فيها مجازرها فيمر العالم عليها وكأن شيئا لم يحصل باستثناء بعض الجهات والدول التي ترفع الصوت عالياً بوجهها.

جريمة مروعة بكل ما للكملة من معنى جعلت السعودية تستعين بجهات غربية على ما يبدو لصياغة بيان الاعتراف، الذي عزا الجريمة الى معلومات مغلوطة أو عدم الابلاغ عن الغارات قبل القيام بها، وكأنها تريد السخرية من المجتمع الدولي والشعوب العربية، لكن هول هذه الجريمة التي ذكرتنا بجرائم الصهاينة في لبنان وفلسطين شكل صدمة عالمية دفعت الى الضغط على السعودية من أقرب المقربين لها.

لقد أدى ذلك إلى إدانات أممية من قبل الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون، أو المفوض السامي لمجلس حقوق الانسان زيد بن رعد الحسين أو المبعوث الأممي الى اليمن اسماعيل ولد شيخ الذين دعوا الى تحقيق بالحادثة وعرض التحقيقات ومعاقبة المسؤولين عن هذه الجريمة، لكن هذه الادانات حتى ما كانت لتحصل لولا رفع الصوت من قبل الشعوب العربية والاسلامية، ما دفع الدول الغربية لادانة هذه المجزرة.
لم يعد من المقبول إذاً السكوت عن هذه الجرائم، والسماح للمسؤولين السعوديين بالافلات من العقاب، إذ لا بدَّ من البحث عن آليات توقف هذه الجرائم. فالمسؤولية عن ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية يتحملها، إلى جانب الحكومات، الأشخاص الطبيعيون المتهمون بالتخطيط لارتكابها، وإذا كانت السعودية صادقة في بيانها عليها ان تقدم المسؤولين عن هذه المجزرة لمحاكمتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية، هذا فضلاً عن التعويض على عوائل الضحايا، وقد أشارت المادة 25 من النظام الأساسي للمحكمة، إلى أن "اختصاص المحكمة يطبق على الأشخاص الطبيعيين"، أي المسؤولية الجنائية فردية، وأن الشخص الذي يرتكب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة يكون مسؤولاً عنها بصفته الفردية... ولكن تبقى مسؤولة عن الضرر الذي يلحق بالآخرين نتيجة لأعمالها غير المشروعة، وتلتزم الدولة التعويض عن هذا الضرر على النحو المقرر في أحكام المسؤولية الدولية".
ومع أن السعودية لم توقع على نظام المحكمة الجنائية لكنه يمكن اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي لعرض هذه الجرائم وإحالة ملف السعودية إلى المحكمة الجنائية الدولية، أو اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، عبر استخدام قرار الاتحاد من أجل السلام. إلا أن ذلك لا يعني أننا سنرى تحقيق العدالة بحق هؤلاء القتلة، لأن المجتمع الدولي ليس حاضراً لتحمل مسؤولية هذه المحاسبة، كما أن السعودية ستبقى على نهجها، طالما أن واشنطن تقف الى جانبها وتمنع محاسبتها مثلها في ذلك مثل "اسرائيل".
عن موقع "العهد"