2024-04-24 01:20 ص

لغة الغرماء

2016-10-21
بقلم: محمد يس
استقر وأجمع الخبراء المتخصصين وغير المتخصيين بأن الاستقرار والاقتصاد وجهان لعملة واحدة، وتبسيطاً استحالة احداث تنمية اقتصادية حقيقية تعود على المجتمع والبلاد بالرخاء، من منطلق أن رأس المال جبان ويبحث دائما عن الأمان وما يحدث من حولنا من أحداث يؤكد تللك النظريات التى أصبحت تطبيقات، فى حين أننا أغفلنا الآتى: · أن أصحاب تلك النظريات والتى نجحوا أن يجعلوها يقينا عند الجميع برهاناَ بما يحدث على أرض الواقع هم صانعى عدم الاستقرار ومؤججيه. · أصحاب تلك النظريات التطبيقية رسخوا لها لتكون سبباً فى احداث تنميتهم الاقتصادية المستديمة. · هم أول من يتصارع ويتنافس ليستثمروا أموالهم فى تجارات الموت فى أشد بِقاع العالم تأججاً. · هم المستفيد الأول من تداعيات إحداث الفوضى فى المناطق التى أوجدوها بها من خلال استمرار اشعال الفتن بما يحقق استمرار تدفق مبيعاتهم من السلاح والبضائع المعيشية التى تضمن استمرار قدرة المتنازعون على التناحر. · أن تلك المناطق المتناحرة هى فى الواقع معامل حقلية لتطوير بحوثهم لكافة أنواع المنتجات العسكرية التقليدية والغير تقليدية بخلاف المنتجات الدوائية والغذائية عن طريق عمل البحوث والتجارب اختصاراً للوقت والبروتوكولات المنظمة لذلك فى بلادهم احتراماً لآدمية وقدسية وخدمة انسانهم تُجرى على بشر جعلوا من أنفسهم فى مرتبة أقل من الحيوان. · أن الدراسات الجيدة والتحليلية للتاريخ واستنباط العِبر والدروس المستفادة يتم استغلالها الاستغلال الآمثل عند الاحتياج لها لضمان تقليل مخاطر فشل ما يضعونه من خطط معُظمين بذلك الخلافات العقائدية والمذهبية والعشائرية والقبلية والتى هى فى الأساس من غرس أجدادهم لبذرتها، وباتوا هم من يحصد ثمارها، ونحن من يحصد حنضلها وعلقمها وأشواكها. · أننا قد استسلمنا لما يقوموا بتصديره لنا من أفكار ومعتقدات وثقافات وفتات التكنولولجيا التى تجعل دائماً بلادنا أسواقاً مفتوحة لهم خارج المنافسة، وصدقناهم وألغينا عقولنا وكذبنا واقعنا المرير فإستحققنا وبجدارة أن ننزل بمرتبة الخليفة التى أوضعنا الله إياها وارتضينا بمرتبة كائنية دونية، فمن لايستعمل عقله فى التدبر فهو كائن أقل مرتبة من الكائنات البشرية، وعلى هذا الأساس هم ينظرون لنا ويتعاملون معنا ويبنون قواعد وأُسس قوى بلادهم. · أن الفقر والعوز كُفر وملاذ يسير وخصب لكل الأطراف يستغله المحترفون تبعاً لأهوائهم. آلا يمكن أن نستوعب من دروس وعِبر التاريخ وأن نفهم أن أصحاب النظرية التطبيقية " النمو الاقتصادى والاستقرار وجهان لعملة واحدة " والتى روجوها الينا وجعلوها لنا اضافة لشماعات فشلنا مأثورين بها لا نقوى على فعل غيرها هم أنفسهم من يُطبقون لأنفسهم أن النمو الاقتصادى والدمار هما وجهان لعملة واحدة، وأنها وسيلتهم للحياة فى تحقيق الرخاء والتقدم والنمو. فلماذا لا نقوم نحن بقلب ونسف نظرياتهم التطبيقية التى استمرت وستستمر الى آخر الزمان إن لم نعود الى رُشدنا ونلفظ مقامات الكائنية الدونية ونرتقى الى المقامات البشرية الى مقام الخليفة الذى أوجدنا الله عليه وأراده لنا، فقط هى الارادة الحقيقية التى ترفع الهامات وتقوى الهمم والعزائم، وتُحول الهزائم الى انتصارات والنكسات والنكبات الى دروس وعِظات وتجعل من الآذلاء أعزاء. أتحدث هنا عن لغة المصالح الاقتصادية المشتركة، لغة اجتمع عليها الفرقاء، وتصالح بها الغرماء، لغة تُبعد شبح الفقر والعوز، وتُسد أبواب الفتن وتباعد بين دروبها ، فهى لغة العقلاء بعيداً عن لغة الغباء الأحمق، وقد يكون للغباء تدريبات تقلل من حدته، وربما كذلك الحماقة ولكن بعد حدوث الكوارث والعديد من الدروس القاسية. ولكن ماذا لو اجتمعا الغباء والحماقة سوياً، آهذا ما نرتضيه لأنفسنا.      
*عضو المجلس المصرى للشئون الاقتصادية
mfyassin4@yahoo.com