2024-04-20 01:19 م

روسيا تتجه نحو التشدد وتوسيع الانتشار العسكري عالميا

2016-10-21
بقلم: جورج حداد

على اثر النتائج التي اسفرت عنها الانتخابات البرلمانية الاخيرة في روسيا والمتمثلة بالفوز الكاسح لحزب "روسيا الموحدة" والى جانبه احزاب المعارضة الوطنية، والافلاس الفاضح لاحزاب معارضة الطابور الخامس الموالية للغرب، بدأت الدولة الروسية في انتهاج سياسة اكثر تشددا في مواجهة سياسة الهيمنة الاميركية، ليس فقط في الاستراتيجية العامة للدولة والاستعداد للمواجهة العسكرية الشاملة (حتى الصاروخية ـ النووية) مع اميركا وحلف الناتو، بل كذلك في المواجهة الاقليمية، بالاسلحة التقليدية (غير النووية) في مختلف انحاء العالم.

ولى زمن الغطرسة الاميركية
ويقول بعض المحللين ان روسيا بعد الانتخابات البرلمانية الاخيرة ستكون غير ما قبلها، وان ما جرى ضد صربيا والعراق وليبيا من تدخل خارجي وتمزيق تلك البلدان وسحق شعوبها بحجة نشر الديمقراطية الكاذبة لن يتكرر بعد الان.

وبمناسبة مرور سنة على بداية الحملة العسكرية الجوية الروسية، بطلب من الحكومة الشرعية في سوريا، لمواجهة العدوان الخارجي الارهابي  دعا وزير الدفاع الروسي جنرال الجيش سيرغيي شويغو الى اجتماع موسع علمي ـ تكنولوجي ـ عسكري، عقد في وزارة الدفاع، وحضره عدد كبير من الجنرالات من مختلف القوات الروسية، البرية والبحرية والجوية والفضائية والاستخبارية، ومن العلماء، بالاضافة الى قادة المجمع الصناعي الحربي.

وطرح للبحث موضوع العمل لتحسين الترسانات العسكرية للجيش والاسطول. ودارت المناقشات حول كيفية العمل للوصول الى هذا الهدف، على ضوء تجربة العمليات القتالية في سوريا.
وبينت النقاشات في الاجتماع ان وزارة الدفاع الروسية لا تخفي ابدا انه يجري السعي حتى الحد الاقصى لاستخدام كل ما هو موجود وكل ما هو جديد في الترسانة العسكرية الروسية للقضاء على الارهابيين في سوريا. ومنطق الجنرالات هو، على العموم، واضح: ان المنظومات القتالية المعاصرة، وكما تبرهن التجربة، تتوجه نحو انزال الاضرار الاساسية بمجموعات العصابات.

وخلال انعقاد هذا اللقاء العسكري ـ العلمي الموسع في وزارة الدفاع، اعلن نيقولاي بانكوف، نائب وزير الدفاع، في كلمة له في "دوما الدولة" (البرلمان)، ان روسيا تنظر في مسألة استعادة القواعد العسكرية في البلدان الاجنبية، حيث كانت توجد في العهد السوفياتي السابق.

المصادقة على الاتفاقية الجديدة مع سوريا
وفي الوقت ذاته طرح امام "دوما الدولة" موضوع التصديق على الاتفاقية مع سوريا لموضعة اسراب طيران حربي ومنظومات دفاع جوي روسية على كامل الاراضي السورية، بهدف حماية الاجواء والاراضي السورية من اي اعتداء خارجي. وقد صادقت "دوما الدولة" على الاتفاقية . وتعني هذه الاتفاقية ببساطة ان الاجواء والاراضي السورية اصبحت بحماية قوات الطيران والدفاع الجوي الروسية ضد اي عدوان جوي. ومدة الاتفاقية غير محددة، ولكن يحق لكل طرف ان يطلب وقف العمل بالاتفاقية بطلب خطي قبل مدة سنة من انهاء الاتفاقية.

المياه الاقليمية السورية
و يتوقع بعض الخبراء ان يتم في وقت قريب عقد اتفاقية مشابهة، سرية او علنية، تشمل المياه الاقليمية السورية، خصوصا ان الامر يتعلق بالمشاريع المستقبلية لاستخراج النفط والغاز من شرقي المتوسط، وهو ما اصبحت سوريا تعتمد عليه بشكل خاص لاجل اعادة اعمار البلاد واستعادة المواطنين السوريين، الذين اصبح عددهم بالملايين، والذين تهجروا بسبب العدوان واسع النطاق الذي تعرضت له سوريا  


حماية سوريا من التقسيم
ومن جهة اخرى فإن اتفاقية الحماية الجوية الروسية لسوريا، قطعت الطريق نهائيا على مخاطر تقسيم سوريا، لان الجيش الوطني السوري سيتمكن، بفضل الظروف العملانية التي اوجدتها هذه الاتفاقية، ان يتعامل بعد الان بلا هوادة مع العصابات الارهابية من جهة ومع التوجهات والمحاولات الانفصالية من جهة ثانية.
    
اميركا وقعقعة السلاح
وخلال مناقشة الاتفاقية طالب النواب بتجديد القواعد العسكرية في كوبا وفيتنام، وقال النائب أوليغ نيلوف (من حزب "روسيا العادلة" المعارض) "ان شركاءنا الاستراتيجيين في واشنطن لا يفهمون اللغة الدبلوماسية، وهم يقومون بالقعقعة بالسلاح". وطالب النائب من الحزب ذاته الكسيي تشيبا بالعمل لايجاد قواعد عسكرية في افريقيا ايضا.
اما الزعيم القومي المتشدد فلاديمير جيرينوفسكي فقال ان القواعد في كوبا وفيتنام لا لزوم لها. القواعد يجب ان تقام في الشرق الاوسط حيث يوجد النزاع.

اتفاق دفاع جوي مع ارمينيا
وفي هذا السياق قدم ايضا الرئيس بوتين الى مجلس "دوما الدولة" نص اتفاقية مع جمهورية ارمينيا للدفاع الجوي عن منطقة القوقاز، من اجل المصادقة ايضا عليها. وكان قد تم التوقيع على هذه الاتفاقية في 23 كانون الاول 2015. وقد صادق البرلمان الارمني على الاتفاقية في شهر حزيران الماضي. ومدة الاتفاقية هي خمس سنوات تتجدد تلقائيا، الا في حال طلب احد الطرفين وقف العمل بها او تعديلها. وتضمن هذه الاتفاقية الحماية الجوية لارمينيا من اي عدوان تركي او اميركي او ناتوي في حال تجدد النزاع مع اذربيجان حول ناغورني كاراباخ.
ويتوقع بعض المحللين ان تقوم كل من العراق وقبرص واليونان بعقد اتفاقيات مماثلة مع روسيا، سرية او علنية، للحماية من الخطر الناتوي والتركي الماثل ولتخليص شمال قبرص من الاحتلال التركي منذ 1974، سلما او حربا.

*كاتب لبناني مستقل