الادارة الامريكية الديمقراطية برئاسة باراك أوباما أرجأت عملية اخراج عصابة داعش من الموصل الى حين اقتراب موعد الانتخابات الامريكية لمنح مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون ورقة جديدة في مواجهة منافسها الجمهوري ترامب، لكن، مثلما أتت واشنطن بهذه العصابة الى الموصل، ستنقلها الى داخل الاراضي السورية في مناطق دير الزور والرقة والحسكة، ولن تسمح للجيش العراقي بملاحقة عناصر هذه العصابة الارهابية، وضرب المسارات التي ستغادر منها الى داخل سوريا، لترسخ تواجدها هناك واستخدامها مستقبلا في اثارة الحرب الطائفية في كل من العراق وسوريا، بمعنى أن خروج هذا التنظيم الارهابي من الموصل لا يعني أن خطره قد انتهى، فهو صنيعة أمريكية واداة تستخدمها واشنطن لتحقيق مآربها، لذلك، هي أخرجت قائد التنظيم الارهابي "أبو بكر البغدادي"، قبل أن يبدأ الجيش العراقي عملية تطهير الموصل، وسهلت له الوصول الى الرقة بسوريا.
وما يجري الان، هو توظيف "الموصل" في ساحة الصراع ضد الدولة السورية، وبعد الانتهاء من تحرير هذه المدينة العراقية، سيبدأ اللاعبون رسم الخرائط، بعد أن دفعوا بعصابة داعش الى الاراضي السورية، استنزافا للتحالف السوري الروسي خاصة بعد الانتصارات التي حققها هذا التحالف في حلب ومنطقتها.
ومن اللاعبين الخطيرين، النظام التركي الذي يصر على أن يكون له موطىء قدم في الموصل، نحو رسم خارطة جديدة، تكون له حصة كبيرة الى جانب اللاعبين الاخرين، وبالتالي، يبدو أن المسألة ليست في تحرير الموصل، بقدر ما هي، ماذا بعد طرد داعش من هذه المدينة المحتلة منذ سنوات؟! ، وتقول دوائر سياسية لـ (المنــار) أن هناك توافقا بين أمريكا وفرنسا وبريطانيا وتركيا، على رسم خرائط جديدة، باقامة مناطق واسعة آمنة في الشمال السوري، وتكثيف الدعم للعصابات الارهابية لمنحها فترة أطول لمقاومة متصاعدة مع التحالف الروسي السوري، في حين حددت تركيا منطقة الحظر الجوي بخمسة الاف كيلومتر مربع، وهذا بداية علنية لتقسيم سوريا، وسوف تشهد المنطقة اصطفافات ومفاجآت جديدة، وربما حروبا اضافية، وستتضح في الفترة القريبة القادمة حجم الارتباط القوي بين النظام الوهابي التكفيري في السعودي والدول التي تستعد لرسم خارطة جديدة لساحتين هامتين في الوطن العربي هما سوريا والعراق، وأن لا نستبعد ارهاصات وتداعيات خطيرة قادمة من بينها، حرب شرسة في المنطقة، تكون فيها اسرائيل طرفا مركزيا.