2024-04-19 07:08 ص

المبعوث الاممي الى اليمن ..عندما يغرق في التسلسل ويضيع في التزمين

2016-10-27
بقلم: عبدالعزيز ظافر معياد  
رغم عدم كشف إسماعيل ولد الشيخ احمد،المبعوث الاممي الى اليمن، رسميا عن تفاصيل خطته المكتوبة التي سلمها لوفد صنعاء(المؤتمر والحوثيين)،الا انه من خلال تصريحاته وبيانه المنشور عن زيارته في صفحته الرسمية، أمس الثلاثاء، يرجح عدم وجود جديد في الخطة باستثناء بعض الإضافات الشكلية،التي يحاول من خلالها الالتفاف على تحفظات صنعاء المعروفة، ويمكن إيضاح ذلك من خلال عدة نقاط منها: -حديثه عن الحل الشامل بما فيها ترتيبات سياسية معناه مواصلة التركيز على اقتراح نائب توافقي بقرار صادر من هادي، تؤول اليه صلاحيات الرئيس، وهى محاولة لتأكيد شرعية هادي المنتهية قبل شن العدوان،وذلك لاضفاء شرعية زائفة على قرار شن الحرب وفتح ثغرة تمكن قيادة السعودية وحلفائها من التملص مستقبلا من المسئولية القانونية من المجازر التي ارتكبتها في اليمن وما تزال. -خلو بيان ولد الشيخ وتصريحاته خلال زيارته لصنعاء من ضرورة وقف العدوان بقرار دولي ملزم ورفع الحصار بكل اشكاله وغموض الطرف الثالث ومآل الوضع الذي سيكون في المحافظات الجنوبية والشرقية خاصة مع تواجد قوات عسكرية ومخابراتية لدول التحالف في عدن وحضرموت، ما يرجح تهميشه لتلك القضايا في خطته المقدمة وعدم وضعها كبنود رئيسية وواضحة فيها، كما ان حديثه في بيانه عن وضع تسلسل واضح ومزمن للإجراءات الأمنية والسياسية ،يكشف عن استمرار طرحه للتنفيذ المتتابع وليس المتزامن بعكس ما دعت اليه خطة كيري واصراره أيضا في تقديم الحل الأمني على السياسي رغم عدم منطقية ذلك. -وهنا يبدي المبعوث الاممي إصرارا عجيبا على التسلسل في التنفيذ رغم ان الركيزة الأساسية في خطة كيري كانت معالجة هذه المعضلة التي اجهضت مفاوضات الكويت، وومع ذلك مازال ولد الشيخ يبدي تعنتا غريبا في هذا الامر،كما ان حديثه المتكرر عن تزمين التنفيذ هو كلام انشائي لا اكثر بدليل انه اعتاد التأخر عن المواعيد التي كان يعلن عنها سابقا، كما حصل في ختام مفاوضات الكويت عندما حدد شهر لبدء الجولة التالية من مفاوضات السلام ،وقبلها تأخر نحو ثلاثة اشهر عن موعده المعلن في جنيف لعقد مفاوضات الكويت ،واعتقد أن الامر لن يتغير بالنسبة للمواعيد التي سيتم تحديدها لتنفيذ اتفاق سلام المرحلة الانتقالية. -لعل اكثر الأمور لفتا للانتباه في بيان ولد الشيخ ،استمراره في التلاعب بالألفاظ ،والذي كان اكثر وضوحا في الفقرة الخاصة بجريمة الصالة الكبرى، فنجده يقول في بيانه موقع الهجوم وليس موقع القصف، كما تجنب ادانة المجزرة تماما او حتى الاعراب عن الأسف لوقوعها ،علاوة على تجاهل ابداء أي دعم للمطالبة بلجنة تحقيق دولية او ضرورة محاسبة مرتكبيها وضمان نيلهم العقاب العادل. -وفي محاولة لإظهار تفاعله مع مطالبات عائلات ضحايا الصالة لإعادة فتح مطار صنعاء امام الملاحة الدولية وتمكينهم من نقل جرحاهم للعلاج في الخارج ،قال ولد الشيخ في بيانه انه قام بدعوة الأطراف المعنية لتسهيل عودة الطائرات المدنية الى مطار صنعاء الدولي ،فلم يتجرأ حتى على ذكر السعودية او ما يسمى التحالف بالاسم واستعاض عنها بالأطراف المعنية بصورة تعبر عن حرصه الشديد على إبقاء السعودية بعيدا وكأنها غير معنية بالمطلق بما حدث . -كل ذلك يظهر خطورة توقيع أي اتفاق للسلام واي تفاهمات فرعية مكتوبة يشرف على صياغتها ولد الشيخ خلال الفترة التالية لإعلان وقف اطلاق النار، لان التلاعب بالصياغة واختيار عبارات مطاطية وغامضة تحتمل اكثر من تفسير ستكون هي سمة تلك الاتفاقات،الامر الذي يفتح الباب واسعا امام تمكين الرياض وحلفائها من التنصل من التزاماتهم والالتفاف على ما تم الاتفاق عليه خلال الفترة الانتقالية. -رغم سلبية ولد الشيخ من مسألة الصالة الكبرى، الا ان الضغط عليه في هذه النقطة (الاحتشاد امام مقر اقامته ،توصيل رسالة عائلات الضحايا اليه وقبل ذلك دفعه لزيارة موقع المجزرة الإرهابية )،اضطره للخوض في الموضوع والاشارة اليه في بيانه ،في حين ان عدم الضغط عليه واحراجه في قضايا أخرى كالبنك المركزي وأزمة الراتب ومجاعة تهامه، جعلته يتجاهل الحديث عنها في بيانه رغم أهميتها ومخاطرها الوشيكة، ما يعني ضرورة التركيز ساسة صنعاء في التعامل معه على الضغط الشخصي والحرص على وضعه دائما في زاوية ضيقة لايستطيع الفرار منها في القضايا المتعلقة بالعدوان في الفترة المقبلة. -وفي المجمل بات واضحا من بيان ولد الشيخ الصحفي،تعزز قناعته باستحالة الحسم العسكري، والذي يبدو انه انعكاس لقناعة بدأت تترسخ لدى صانع القرار السعودي بذلك. -أخيرا كان لافتا تصريحات شخصيات محسوبة على حزب الإصلاح(اخوان اليمن)أمس الثلاثاء، تكشف عن رفض ضمني للقوى اليمنية المتواجدة في الرياض لإنهاء الحرب ،كما نلمسها في تصريحات راجح بادي المتحدث الرسمي باسم حكومة هادي ومسارعته لنفي تسلم الحكومة أي خطة للحل السياسي بعكس ما اعلن عن تسليم ممثلين عن ولد الشيخ في الرياض لنسخة مكتوبة من خارطة الحل السياسي التي قدمها في صنعاء. -يضاف الى ذلك رفض ضمني من عبدالله الشندقي المتحدث باسم مايسمى مقاومة صنعاء في تصريح للامارات اليوم ،لما يقوم به ولد الشيخ في صنعاء عبر التلميح الى رفض أي حل لا يستند الى القرار 2216 حرفيا، في حين كان ما يسمى مجلس تنسيق المقاومة في تعز،المهيمن عليه من قبل الاصلاح، اكثر وضوحا في رفضه للسلام، وذلك بدعوته لمواصلة العمليات العسكرية لتحرير المدينة وعدم التعويل على أي مبادرات أممية، وكل ذلك يظهر استياء تجار الحروب داخل وخارج اليمن من أي تسوية سياسية قريبة ،وسعيهم بكل الوسائل لعرقلة أي جهود تبذل لإنجاحها، ويبدو ان تمكن مراكز النفوذ والفساد من السيطرة الكاملة على إيرادات النفط والغاز في مارب وايرادات منفذ الوديعة بحضرموت، جعلهم يسعون لإطالة امد العدوان والازمة الراهنة حتى يتمكنوا من الاستيلاء على اكبر قدر من تلك الأموال وتسخيرها لصالح تكريس سطوتهم المستقبلية في تلك المحافظات واليمن عموما.
aziz5000000@gmail.com