2024-04-19 04:31 ص

مشهد الحرب اقرب من حلم السلام العالمي

2016-12-09
بقلم: إيهاب شوقي
تذكرنا قمة مجلس التعاون الخليجي الاخيرة (وربما تكون الاخيرة بالفعل) بحضور ما بدا وانه الراعي الرسمي البريطاني، بمثل شائع يقول ان "التاجر عندما يفلس يبحث في دفاتره القديمة" ! وكما يقول ايهاب عمر في دراسته "الخليج البريطاني"، والتي يتناول فيها دور بريطانيا فى تقسيم الخليج العربى إلى دول و إمارات و ممالك، ان المسمي الاكثر واقعية هو "الخليج البريطاني"، فعقب انحسار التواجد البرتغالي والفارسي علي شواطئ الخليج العربي، أتى الأتراك والبريطانيون و معهم الفرنسيون علي الاستحياء لشبه الجزيرة العربية، فعمدوا الي احتلالها و دعم شيوخ قبائل مواليه لهم في وجه قبائل ليست كذلك، و نتج عن هذا الامر ما نراه اليوم من دول في منطقة الخليج ويرصد الحقيقة التاريخية بأن بريطانيا هي التي قامت برسم حدوده وتسمية وتنصيب الدول التي لا تزال قائمة حتي الان في تلك المنطقة. والتاريخ يحدثنا انه، كما نجحت بريطانيا في خلق كيانات سياسية في الخليج العربي على غير أساس طبيعي، كذلك نجحت في فرض نظمها وقوانينها الوضعية، وقد فرضت بريطانيا على البحرين سنة 1909 منح صلاحيات لمعتمدها السياسي في البحرين بتطبيق قانون المحاكم الخاصة بالأجانب، ثم تطور بإدخال النظام والقانون القضائي البريطاني المدني، والذي تم صياغته لتطبيقه على محميات بريطانيا في سواحل الخليج العربي. الشاهد هنا هو ان بريطانيا "المأزومة" بعد اختيارها الخروج من الاتحاد الاوربي "المأزوم" تبحث عن "مأزومين" يحتاجون الحماية بعد التراجع من قبل امريكا "المأزومة" وتغيير مساراتها الاستراتيجية، بعد ان اصبحت الجدوى الاقتصادية للعلاقات الامريكية الخليجية غير مريحة، لان كلفتها اكثر من ريعها، بينما تبدو لبريطانيا الجدوى افضل، فهي غير محملة بتبعات اخرى تتحملها امريكا، فالامن القومي البريطاني متمايز عن الامريكي المتشعب عالميا. والشاهد ايضا ان ان بريطانيا تحاول السبق الى استنزاف ماتبقى في الضرع الخليجي قبل التفكك المنتظر للاتحاد الاوربي على خلفية صعود اليمين الشعبوي، فايطاليا وفرنسا مرشحان بقوة للخروج والقفز من المركب الاوربي الغارق، وبالتالي فان هناك سباقا منتظرا على القصعة الخليجية يلوح في الافق. على جانب اخر، يبدو هناك تفككا منتظرا ايضا في مجلس التعاون الخليجي، والذي تريد السعودية وذيلها البحريني جعله اتحادا خليجيا لتوزيع الاعباء، وترفض الدول الاخرى ذلك بما يهدد بانفضاض المجلس باعتباره وسيلة للاتحاد لا غاية، وان استحال تشكيل الاتحاد فلا حرص عليه، وربما كان التحلل من ميثاقه افضل للكثيرين بعد القيادة الحمقاء السعودية لهذا المجلس وتوريط الباقين في سياسات اضرت كثيرا بامنهم واقتصادهم. وبالتالي فان المرجح ان يقتصر التعاون البريطاني مستقبلا على السعودية والبحرين فقط. وبالتالي ايضا لن يكون هناك موقفا اوربيا موحدا، بل على العكس، ربما يكون هناك انقسام اوربي، فالمانيا "المتماسكة نسبيا" مرشحة للتسوية مع الروس، واحترام مواقع النفوذ، وفرنسا مرشحة بقوة للتعاون بل والتحالف مع الروس، ومن هنا تتشدد بريطانيا في مواقفها طمعا في نصيب الاسد من الضرع الخليجي. في مشهد تصارعي وتكالبي كهذا يبدو الخليج منقسما ليس قفزا من مركب سعودي احمق مثقوب فقط، وانما للاحتماء بقوى اخرى حيث لا تبدو بريطانيا قادرة على الصمود في وجه الروس او الالمان او الفرنسيين او تحالفهم او حتى توافقهم على التسويات. اما امريكا، فلن تستنزف ذاتها الا فيما يتعلق بامن اسرائيل ومحاصرة التمدد الغير مقبول والمتجاوز للروس والصينيين وفي سبيل ذلك ستذهب لاقصى مدى دون محرمات وان لجأت الى الحرب فالمسألة اصبحت لها من مسائل "الحياة او الموت"، وهو ما يفسر ربما اختيار طاقم ادارة ترامب. في مشهد تبدو فيه عودة كلاسيكية لمظاهر الحروب العالمية حيث الانقسامات والصراعات المتشعبة الابعاد وحالة الكساد الاقتصادي التي تجعل الدول تنهمك في معالجة اقتصاداتها بمعزل عن تبعات ذلك الدولية، وتصعد متطرفيها للحكم، تبدو هناك حروب منتظرة في الافق برغم التسويات المنتظرة. هذه الحروب وقودها الغباء والاحقاد الحضارية والطائفية، وتبدو بها المحاور الاقرب للتشكل هي المتشابهات في النوع والازمة، حيث تبدو السعودية والبحرين والكيان الصهيوني حلفا متناغما،ومؤكدا عند تشكل المحاور النهائية وتبلورها، وتبدو هناك دولا من الدرجة الثانية كل همها تقليل الخسارة بعدم الانخراط المباشر في محاور المواجهة. وهناك دول اقليمية عليها اختيار المعسكر، لان المواجهة حتمية، واذا اختارت هذه الدول ان تكون مع معسكر دول الدرجة الثانية فان نهايتها هي الاحتلال الكلاسيكي المباشر!!!!!!!!!!!