2024-04-20 01:38 م

عصبة الامم مهدت الطريق لهجرة اليهود وإقامة دولتهم في فلسطين

2017-01-13
بقلم: عبدالحميد الهمشري
يصادف يوم العاشر من شهر كانون الثاني /يناير ذكرى ميلاد عصبة الأمم والذي كان في 10/1/1920 ولمن لا يعلم فإن هذه العصبة أنشئت عقب نهاية الحرب العالمية الأولى بموجب معاهدة فرساي التي وقع عليها يوم 28/6/1919 ممثلو الدول المتحاربة (منصورين) وهم دول الحلفاء، و(مهزومين) ممثلو ألمانيا ، هذه العصبة فشلت في إقامة نظام دولي جديد يقوم على العدالة وضمان السلم والأمن الدوليين، وتطوير التعاون بين الأمم ولهذا لم تعمر طويلاً فانتهى أمرها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بإنشاء هيئة الأمم المتحدة وكان الأبرز في العهد الذي أنشئت بموجبه إنشاء « لجنة الانتداب الدائمة». هذا الانتداب فرض الاحتلال على الأراضي العربية التي كانت تحت الحكم العثماني رغم تناقضه مع ما تم الاتفاق عليه في المراسلات التي جرت بين الحسين بن علي شريف مكة رحمه الله والسير هنري مكماهون الذي وعد بمنح العرب استقلالهم بعد نهاية الحرب العالمية ،وكان الأشد ضراوة في الاحتلال ما فرض على أرض فلسطين في سبيل تنفيذ وعد بلفور الذي صدر قبل نهاية الحرب العالمية الأولى بقليل 2 تشرين الثاني 1917. * فلسطين هدف الاحتلال البريطاني وبدعم أمريكي مطلق لهذا التوجه رغم عدم عضوية الأخيرة في العصبة: وكانت فلسطين، دون بقية الأقطار العربية ، هدفاً للاحتلال والاستعمار الاستيطاني معاً، احتلتها بريطانيا منتدبة بتفويض عصبة الأمم، في حين قامت الصهيونية بتنفيذ خطتها بتعزيز الهجرة والاستيطان ، تحت حماية ورعاية وقوة سلاح «الدولة المنتدبة «، وحتى نفهم دور عصبة الأمم في توفير الظروف والشروط اللازمة لتحقيق المشروع الصهيوني في فلسطين، لا بد من استعراض ما تم الإعداد والتجهيز له في مرحلة ما قبل عصبة الأمم، وما سعت إليه بريطانيا من أجل شرعنة احتلالها لأرض فلسطين تمهيداً لما ستقوم بتنفيذ ما رسمته سياستها الخارجية الذي اختطته ليكون النهج والدور الذي ستلعبه في تنفيذ الوعد الذي أصدره وزير خارجيتها آرثر بلفور حتى إذا قامت هذه الهيئة الدولية ، استخدم الاستعمار والصهيونية تلك العناصر والعوامل ، باسم العصبة ، وفي إطارها ، ومن خلالها ، لتنفيذ المراحل الأولى للمشروع الصهيوني.فأدمجت انكلترا تصريح بلفور في صك الانتداب على فلسطين، وأقرت عصبة الأمم هذا الصك في 24/7/1922، منتهكة بذلك أحكام عهدها رغم وجود تناقضات ما بين وعد بلفور وعهد عصبة الأمم بخصوص حق تقرير مصير الدول التي يفرض عليها الانتداب من جوانب ثلاثة : الأول أن الوعد لم يكن يتفق مع روح تعهدات الاستقلال التي قدمت للعرب قبل صدوره وبعده. والثاني أن هذا الوعد تقرر بالاتفاق مع منظمة سياسية هي الاتحاد الصهيوني وفق الهدف المعلن عنه وهو إقامة «وطن قومي» لأناس يستقدمون من الخارج إلى فلسطين لاحتلالها واغتصاب وطن الشعب العربي الفلسطيني. والثالث أن انكلترا قدمت من خلال الوعد إلى المنظمة الصهيونية التزامات بشأن فلسطين، وفي وقت كانت هذه الأرض ما تزال تشكل، رسمياً، جزءاً من الامبراطورية العثمانية. وبعد إقرار صك الانتداب بثلاث سنوات أضفت الاتفاقية الإنكليزية – الأمريكية لعام 1925 صفة رسمية على موافقة حكومة الولايات المتحدة على تنفيذ صك الانتداب رغم أن الأخيرة لم تكن عضواً في العصبة. وقد استغلت المنظمة الصهيونية هذه الالتزامات للسير قدماً نحو تنفيذ خططها الرامية إلى استعمار فلسطين، على أساس تصريح بلفور وتنفيذه عن طريق نظام انتدابات عصبة الأمم. الشعب الفلسطيني من جانبه قاوم هذه الخطط لأنها تنكر حقه الأساسي في تقرير المصير، وبخاصة بعد أن أدرك أن وطنه سيكون هدفاً للاغتصاب خلال المرحلة التي يكون فيها تحت انتداب عصبة الأمم. وحدثت صدامات كثيرة أشهرها ثورة البراق وثورة 1936 التي شهدت أكبر إضراب في التاريخ استمر لستة أشهر متواصلة وشهد لجان تقصي حقائق منها لجنة كنج - كراين الأمريكية التي لم يؤخذ بتوصياتها ومن ثم ولما كانت بريطانيا على أعتاب الحرب العالمية الثانية أصدرت الكتاب الأبيض لوقف مقاومة الشعب العربي في فلسطين لدولة الانتداب البريطاني التي صاغت قرار تقسيم فلسطين عام 1947 بعد إنشاء هيئة الأمم المنظمة الدولية البديلة لعصبة الأمم التي بفضل قراراتها صنع الكيان العبري على أرض فلسطين فأعطت الثمار لهيئة الأمم المتحدة للإعلان عن قيام دولة الاحتلال الصهيوني وعن نكبة الشعب الفلسطيني بتشريده من أرض الآباء والأجداد إلى دول الشتات في الجوار العربي « أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة الفلسطينية والأردن وسوريا والعراق ولبنان وفي بلاد المهجر». هذا ما صنعته الدول المتقدمة في تشريد الشعب العربي في فلسطين خدمة لمصالحها في إبقاء العرب بين مطرقة الفرقة وسندان العدو الصهيوني.