2024-04-20 08:54 ص

من المهجر للقدس.. أطباء عادوا لخدمة فلسطين

البروفيسور سامي حسين

2017-01-14
“قدمتُ لمستشفى المقاصد بالقدس قبل عدة أعوام، وأقلقتني حال مرضى القلب من الأطفال، فاتخذت قرارا بالانتقال للعمل بالمدينة لمساعدتهم؛ هذا واجب وطني والتزام إنساني تجاه أبناء شعبي”. هكذا يلخص الطبيب الفلسطيني نزار حجة تجربة العودة لخدمة وطنه.

فعندما وضع البروفسور الفلسطيني نزار حجة معاناة أطفال فلسطين المرضى في إحدى كفتي الميزان، ونجاحه الأكاديمي والمهني على مدار سنوات بألمانيا في الكفة الأخرى؛ رجحت كفة الأطفال ودفعه حسه الإنساني والوطني للعودة لفلسطين، في سبيل مساعدة مرضى القلب وإعطائهم الأمل لعيش حياة طبيعية بعد إجراء عمليات جراحية معقدة لهم.

ولد حجّة في مدينة دورا بمحافظة الخليل (جنوب الضفة الغربية) عام 1967، ووصل ألمانيا لتلقي تعليمه الجامعي في الطب عام 1986، ثم أكمل درجتي الماجستير والدكتوراه في تخصص جراحة قلب البالغين والأطفال، وعمل في قسم جراحة قلب الأطفال بإحدى المستشفيات الألمانية ثماني سنوات قبل أن يعود لفلسطين ويستقر بالقدس.

حكاية العودة

حكاية العودة للوطن بدأت عام 2011 عندما أطلع وزير الصحة الفلسطيني آنذاك فتحي أبو مغلي البروفسور حجة على أوضاع مرضى القلب بفلسطين وحاجتهم الماسة لوحدة خاصة كانت الوزارة تعمل على إنشائها بمدينة رام الله، ولاحقا تم الاتفاق على إنشائها في القدس بقرار سياسي لخصوصية وضع المدينة.
وهكذا حزم الدكتور نزار حجة أمره وتوجه للقدس ليباشر العمل في مستشفى المقاصد رئيسا لقسم جراحة قلب الأطفال منذ عام 2013.

أجرى حجّة منذ قدومه نحو ألف عملية جراحية لأطفال يعانون من عيوب خلقية في القلب، ويبلغ عددها 48 عيبا، وتمكن من اجتياز عمليات جراحية معقدة بنجاح اجتمعت فيها أربعة عيوب في قلب طفل واحد.

وأشار إلى أن أكثر العيوب شيوعا لدى الأطفال وجود ثقب في القلب وتصل نسبة هؤلاء الأطفال إلى 15% من عدد المرضى، مضيفا أن 60% من مرضى قسم جراحة قلب الأطفال من قطاع غزة و40% من محافظات الضفة الغربية.

وخلال عام واحد تمكن حجة وطاقمه من إجراء ثماني عمليات جراحية نوعية بتقنيات وآليات جديدة، من ضمنها إجراء العملية وقلب الطفل نابض، وهذا غير مستخدم في الشرق الأوسط حتى الآن، حسب قوله.

وعن ظروف العمل القاسية في المستشفى قال نعمل في ظروف صعبة جدا بسبب الديون المتراكمة على المستشفى من تحويلات وزارة الصحة الفلسطينية، فالكثير من المواد التي نحتاجها للعمليات أوقفت الشركات توريدها لنا، والنتيجة اضطرار بعض المرضى للتوجه للمستشفيات الإسرائيلية لتوفر المواد اللازمة لعملياتهم الجراحية هناك.

وأضاف “كنت أرغب في أن تشجعني بلدي على البقاء فيها أكثر، لكن وزارة الصحة حاربتني منذ وصولي هنا، وضغطت علي بعدة وسائل لأستسلم وأعود لألمانيا، وأحدها عدم اعتراف المجلس الطبي الفلسطيني بشهاداتي حتى الآن رغم اعتراف جميع دول العالم بها، ومن ضمنها إسرائيل، ويؤلمني أنني أُجري عمليات لأطفال فلسطين الذين تحولهم السلطة الفلسطينية وترفض في الوقت نفسه الاعتراف بي كطبيب”.
وبغرفة العمليات المجاورة لنزار حجّة يقوم رئيس قسم جراحة الأعصاب في مستشفى المقاصد البروفسور سامي حسين القادم من ألمانيا أيضا، بإجراء عملياته الجراحية لإزالة الأورام من الرأس والعمود الفقري.
عودة المعرفة

ولد حسين بمدينة الناصرة عام 1955 وترعرع بقرية دير حنا، ومع بلوغه سن 18 توجه لألمانيا لتلقي تعليمه الجامعي في الطب، وعمل بعدها بقسم التشريح الدقيق في كلية الطب بمدينة هانوفر، وساعدته المعرفة الواسعة بعلم التشريح على أن يصبح جراحا للأعصاب لاحقا.

كان الدكتور سامي حسين يستقبل بألمانيا نحو مئة مريض فلسطيني سنويا لإجراء عمليات أعصاب معقدة لا تجرى بالشرق الأوسط، لذلك قرر زيارة القدس للاطلاع على أوضاع المرضى وعمل في البداية طبيبا متطوعا.

وفي عام 2011 استأنف عمله بمستشفى المقاصد، وعن تلك الفترة يقول “بدأتُ من الصفر، وكانت هناك نواة لجراحة عصبية لكنها متأخرة جدا من ناحية علمية وتقنية، وبدأنا تطوير العمل حتى أصبحنا طاقما وحصلنا عام 2014 على ترخيص من المجلس الطبي الفلسطيني كأول قسم لجراحة الأعصاب في فلسطين مع برنامج تعليمي لتدريب أطباء في هذا المجال”.
وعن عودته للوطن بعد غربة استمرت أكثر من أربعين عاما بألمانيا، قال “لم يكن القرار صعبا لأنني وصلت لكل المراتب التي أريد الوصول إليها بألمانيا، وشعرت بأنني أريد أن أقدم شيئا لوطني الذي ولدت وترعرعت به، وما تزال زوجتي وأبنائي الخمسة بألمانيا وأزورهم هناك بشكل شهري”.

المصدر : الجزيرة