2024-04-25 02:49 م

إعدامات البحرين... بداية مرحلة جديدة في قمع الشعب

2017-01-18
بقلم: جهاد حيدر
لم يكن أصل القرار بجريمة اعدام المواطنين الثلاثة، التي ارتكبها ديكتاتور البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، إلا امتدادا لنهج عدواني تصاعدي يعتمده النظامان الملكيان في المنامة والرياض ضد الشعب المسالم في البحرين. مع ذلك، لم يكن توقيت هذه الجريمة، وتزامنها مع غير سياق داخلي وخارجي، مصادفة عرضية. كما لم يكن أسلوبها وفظاعتها إلا ترجمة لقرار مدروس يهدف الى الارتقاء في اساليب الضغط على الشعب الذي ارتضى السلمية في المطالبة بحقوقه البديهية، وتوجيه رسائل متعددة الاتجاهات.

أتت جريمة اعدام المواطنين الثلاثة في البحرين، عباس السميع (27 عاما)، وسامي مشيمع (42 عاما)، وعلي السنكيس (21 عاما)، بعد فشل كل الاساليب التي اعتمدها ديكتاتور البحرين حتى الان. فلم يثمر الرهان على ملل الشعب.. ولا على يأسه.. ولم يثنه اعتقال قادته وزجهم في السجون.. ولا اجراءات التضييق المتصاعدة التي طالت حتى ممارسة الشعائر الدينية.. ولا قرارات اعتقال كبار القادة.. وأظهر الشعب البحريني، في المقابل، صمودا منقطع النظير في الجمع بين السلمية والثبات والتمسك بالمطالب.. ما رفع منسوب القلق لدى ديكتاتور البحرين والجهات الاقليمية التي تقف وراءه، السعودية، إزاء ما يحمله المستقبل من سيناريوهات تتصل بمستقبل البحرين وشعبها.

يبدو من خلال جريمة الاعدام وما سبقها من خطوات تصعيدية، أن النظام البحريني والاقليمي بات يرى في الوقت عاملًا ضاغطًا لمصلحة الشعب.. خاصة بعد تبدد الوهم إزاء امكانية تراجعه أو تراجع قادته عن مطالبه. ما يُفسِر تنوع اساليب النظام القمعية.. ومسارها التصاعدي.. ولو كان يرى أن استمرار الوضع القائم هو في مصلحته لكان اكتفى بالمنسوب الحالي من القمع..
ايضا، يكشف انتقال النظام البحريني، الى القتل عبر أسلوب الاعدام، بما يختزنه من رسائل، عن خشيته من المسار الاقليمي الذي يتراجع فيه معسكر "الانهزام" العربي، ويضعف في ظله وبنتيجته غطاؤه السعودي. وهو سيناريو يخشى ديكتاتور البحرين من أن تنعكس مفاعيله الى الداخل البحريني في حال استمرت التظاهرات السلمية.
أياً كان الدعم السعودي الذي يحظى به ديكتاتور البحرين، يبقى العامل الاميركي هو الاساس في المظلة الدولية التي توفر لكل منهما الامن والدعم، وهو ما مكَّنهما – وتحديداً السعودي - من شن الاعتداءات على شعوب المنطقة، وتحديدا البحريني واليمني ومعهما السعودي..
من الصعب تجاوز مفاعيل الرسائل التي وجهتها رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، قبل أسابيع، من خلال مشاركتها في قمة مجلس التعاون الخليجي في البحرين. ويبدو أن المواقف التي أطلقتها دعما لحكام البحرين وبقية دول الخليج، والاعلان عن أن "أمن الخليج هو أمننا، حضرت في وعي حاكم البحرين، والسعودية، تشجيعا لتصعيد اجراءاتهم ضد الشعب البحريني.. أضف الى أن النهج العدواني لادارة ترامب ضد ايران، التي ستتولى دفة القيادة في واشنطن، أدى الى استعادة الرهانات التي كانت سائدة في مواجهة ايران.. ووفر لهم مزيداً من الشعور بالثقة والتعالي وهو ما قد يدفعهم نحو مزيد من اجراءات القمع والعدوان في الداخل.
 
نظرياً، يمكن الحديث عن وجود خيارات كان يمكن أن تنهي الازمة التي يواجهها البحرين، وفي الوقت نفسه المحافظة على النظام الملكي.. مع تلبية قدر من مطالب الشعب البحريني.. ولكن هذا النوع من الخيارات لا يريدها النظام البحريني، ومعه وقبله النظام السعودي..
في المقابل، كان النظام البحريني يتهيب من الذهاب نحو خيارات أكثر دراماتيكية في مواجهة الشعب البحريني لاعتبارات متعددة.. منها سلمية الحراك.. وخطر التطور نحو سيناريوهات كان الواقع الاقليمي ما زال يتهيبها..
بين هذين الحدين، تحركت اجراءات النظام البحريني التي راهن من خلالها على تحقيق ما كان يطمح اليه ويأمله على مستوى قمع الشعب البحريني واخضاعه..

لكن اعدام المواطنين الثلاثة أتى تتويجا لمسار تصاعدي بدأت ملامحه ترتسم منذ فترة.. وترجمة لقرار خطير يبدو أن النظام البحريني – السعودي، قد اتخذه بحشر الشعب البحريني أمام خيارات نجح في تجنبها حتى الان..
وتنطوي جريمة تنفيذ الاعدام، على مجموعة من الرسائل التي تعمد النظام البحريني، توجيهها. أبرزها دفن أي محاولة حوار تلبي حدًا أدنى من مطالب الشعب البحريني.. والاعلان النهائي عن أن لا سقف سياسي غير سقف استمرار الواقع القائم.. والتعبير عن استعداده لتجاوز الخطوط الحمراء في المواجهة.. والاعلان عن بدء مرحلة جديدة.. في سياق تصاعدي.. والتأسيس لمرحلة اشد عدوانا.
في كل الاحوال، من الصعب قراءة خطوات النظام البحريني التصعيدية التي يدرك مسبقاً خطورة مفاعيلها وتداعياتها.. بمعزل عن السياقات الخارجية ذات الصلة والتي تشكل توجهات النظام السعودي نقطة ارتكازها. والسبب بكل بساطة ووضوح أن ديكتاتور البحرين مرتهن في أصل بقائه للاحتضان الاقليمي والدولي، دون امتلاك أي مقوم من مقومات البقاء الداخلية. وبالتالي فإن الفهم الادق لقرار الجريمة وتنفيذها، يستوجب وضعها ضمن دائرة توجهات النظام السعودي.. وما يسعى اليه والتأسيس له، وعلاقة كل ذلك، بالمرحلة التي تلي على المستويين البحريني والاقليمي.
المصدر/ موقع العهد