2024-04-25 07:48 م

الأستانة ....والطريق الى مستقبل سورية

2017-01-23
بقلم: الدكتور خيام الزعبي
بين متفائل ومتشائم من إمكانية تحقيق نتائج ملموسة على صعيد حل الأزمة السورية، تنطلق اليوم الاثنين جولة جديدة من جولات الحوار "السورى - السوري"، التى تستضيفها العاصمة الكازاخستانية الآستانة، فهناك حراك دبلوماسي مكثف يسعى لتهيئة الأجواء بين ممثلي المعارضة المسلحة والحكومة السورية، الذي سيدفع مسار الحل السياسي إلى مكان جديد قد يغيّر صورة الحرب السورية... إذا كتب له النجاح. هذا الإجتماع كان مناسبة لنقل العديد من الرسائل المهمة فيما يتعلق بالأزمة السورية، ولعل الرسالة الأهم كانت أن هناك ما يشبه الإجماع التام على محورية الدور الروسي في الملف السوري، وأنه لا يمكن التوصل لحلول واقعية وموضوعية لتلك الأزمة، بمنأى عن هذه الدولة، وكانت الرسالة الثانية، أن الأطراف التي تحضر هذا الاجتماع، اتفقت على أنه لا مجال للحديث عن حل عسكري للأزمة، وإنما يتمثل الحل الأمثل في الحل السياسي، وضرورة التزام جميع الفرقاء على الأرض السورية بهدفي المؤتمر الأساسيين هما "تثبيت وقف إطلاق النار" والتمهيد "للدخول في مباحثات سياسية"، أما الرسالة الثالثة، تمثلت في أن مؤتمر الأستانة كان مناسبة لتعيد روسية تأكيدها على أن ثوابتها المستقرة في حل الأزمة السورية باقية كما هي، وتمثلت تلك الثوابت، بتحقيق استقرار ووحدة الشعب السوري، والأرض السورية، والالتزام بالحل السياسي، كمدخل وحيد لمعالجة الأزمة السورية، وهو ما يعنى الرفض القاطع لكل صور التدخل والعبث الأجنبي في الشؤون الداخلية السورية، والتنسيق مع الحكومة السورية لمحاربة الإرهاب وإجتثاثه من جذوره، وبالتالي تعتبر موسكو نجاح هذا المؤتمر نجاحاً كبيراً لسياستها الخارجية. في هذا السياق أصبحت الظروف الحالية ناضجة للحل السياسي والأحداث التي جرت في تركيا أحدثت انعطافة كبيرة تجاه الأزمة السورية لأن تركيا لن تستطيع السيطرة على الداخل التركي طالما أن الوضع السوري متأزم ، ومع ذلك، فـإن مؤتمر الأستانة الذي يجري حالياً لا يزال يمثل فرصةً تاريخية لإنهاء الصراع الذي طال أمده وأثقل كاهل السوريين، الذين يتطلعون إلى مشاركة إيجابية من أطراف النزاع في المفاوضات بعد قرابة 6 سنوات من حرب دفع السوريون فيها ثمناً باهظاً وفاقمت من معاناتهم، لذلك من المتوقع أن يتم خلال مشاورات الآستانة التوقيع على وثيقة تثبّت وقف إطلاق النار الهش وتقويته في جميع أنحاء سورية. وهنا نأمل أن يكون مؤتمر الآستانة هو إنطلاق مسيرة إعادة بناء سورية من جديد من خلال وضع حد لمنطق السلاح وانتشاره ، والذهاب اتجاه تحقيق المصالحة الوطنية وإعادة النازحين والمهجرين الى مدنهم وقراهم، ولعل الجميع أصبح يعي جيداً أن المخرج الوحيد لكل مشاكل سورية التي عصفت بها طيلة السنوات السابقة لن تحل إلا عبر الحوار الوطني الصادق الذي يجتمع فيه كل مكونات سورية تحت سقف واحد تاركين كل خلافاتهم وأحقادهم خارج قاعة الحوار والمضي قدماً نحو إخراج سورية من مشاكلها وأزماتها، وإنطلاقاً من ذلك لا بد لنا أن نسارع مجتمعين إلى وضع حد لخلافاتنا ونبلور مواقف موحدة من الأزمة ونفهم بأن العالم يستغل غياب وحدتنا ويتلاعب بنا، ويقدم عروض لا تصلح إطلاقاً لتسوية صراعات أدت إلى حروب تزداد وحشية واتساعاً. اليوم نحن نتطلع لإنعقاد هذا المؤتمر ونرى فيه فرصة هامة ونادرة، ليس ذلك فحسب، بل نرى أنها فرصة وحيدة لوضع الأسس المؤدية لإنهاء الحرب في سورية وبناء سورية الحديثة، وعليه فإن على وفدي الحكومة السورية والمعارضة المسلحة وعلى من يشارك في المؤتمر مسؤولية كبيرة للتوصل إلى نتائج جادة وإيجابية للتوصل إلى الحل المنشود في سورية، الذي قد يمهد الى وقف إطلاق النار بين الأطراف المتصارعة ووقف الأعمال القتالية والإنتقال إلى مرحلة إعادة البناء. وأختم مقالي بالقول إن مباحثات الأستانة هذه المرة أهم من كل المباحثات الأخرى التي سبقته، لوجود قوى سياسية فاعلة متمثلة بروسيا وتركيا وإيران ودول أخرى مؤثرة، كما أن هذا المؤتمر سيعول عليه لأنه سيحدد مستقبل سورية فإما الاستقرار وإما استمرار دوامة الحرب والصراع في سورية، وهنا يتساءل الكثير من المراقبين السياسيين وبقلق ملحوظ: هل ستنجح المشاورات السورية- السورية في الوقت الذي يبدو التحدي الأكبر ماثلاً للعيان وهو هل يمكن تطبيق أيّ إتفاق سلام يتم التوصل إليه أصلا، وهل سيلبي هذا الاتفاق مطالب الكثير من الأطراف الفاعلة في المشهد السوري؟!.
khaym1979@yahoo.com