2024-03-29 06:04 م

انحسار دور "فتح" لمصلحة التنظيمات المتشددة يجعل فتيل عين الحلوة قابلاً للإشتعال في أي لحظة

2017-03-13
صيدا - احمد منتش
حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" التي اعلنت انطلاقتها مطلع عام 1965 بعد استكمال بناء جناحها العسكري "قوات العاصفة"، ماعادت تُعرف كما كانت طوال عقود في زمن قائدها التاريخي ياسر عرفات، بـ"ام الصبي"، تعبيراً عن كونها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والعمود الفقري لكل الفصائل والقوى الفلسطينية، كما كان يحلو لعرفات تسميتها.
تكاد لا تحصى حلقات التآمر والضربات الموجعة التي تعرضت لها حركة "فتح"، منذ انطلاقتها، خصوصا من العدو الاسرائيلي الذي احتل الأرض وقتل وهجّر وهوّد، إذ اغتال ابرز قادتها وكوادرها ورموزها.
وليس وحده الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني "الفتحاوي"، هو الذي استطاع اخراج مقاتلي "فتح" وكل الفصائل الفلسطينية المسلحة من العرقوب وجنوب الليطاني في آذار 1978، وبعد أربعة أعوام من بيروت والمناطق اللبنانية إبان الاجتياح الاسرئيلي عام 1982. فسياسات المحاور العربية انهكتها واضعفتها، وانعكست خلافاتها مع العديد من الدول العربية، ولاسيما منها سوريا والعراق، ومحاولات تطويعها على وضعها الداخلي، إذ مزقت جسدها الانشقاقات على غرار حركة "فتح الانتفاضة" بزعامة "ابو موسى"، وحركة "فتح المجلس الثوري" بقيادة صبري البنا، وصولاً الى عضو اللجنة المركزية محمد دحلان.
أما الضربة الأشد وقعاً وتأثيراً في تراجع دورها، فكانت من حركة "حماس" التي استطاعت انتزاع السلطة الشرعية منها، بعد الخسارة المدوية التي تعرضت لها بفقدانها غالبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني، في الانتخابات التي أجريت في حزيران 2006 وأتاحت لها تشكيل اول حكومة من دون "فتح".
ويجمع متابعون على ان طريق السلم والتفاوض مع الاسرائيليين، بدءا بمؤتمر مدريد وحتى كمب ديفيد وتوقيع اتفاق اوسلو التي اعترفت فيها "فتح" بوجود اسرائيل، وتنازلت عن حقها في الكفاح المسلح، كان لها دور اساسي ورئيسي في اضعافها، واتساع هوة الانقسامات والفساد والتآمر عليها، إن صح التعبير، ليس من اسرائيل التي ضربت عرض الحائط كل البنود المتفق عليها في اوسلو، واوغلت في احتلالها للاراضي الفلسطينية فحسب، بل في التآمر عليها من الداخل الفلسطيني والحركي.
يبقى ان التذكير بهذه الوقائع هو فقط للدلالة على ان "فتح" اليوم بكل ما يعتريها من ترهل وانقسامات وتراجع لدورها، وعدم تحمّل قياداتها لأبسط واجباتهم في حماية ابناء المخيمات في لبنان، وضبط الاوضاع الامنية فيها، عاجزة كليا عن القيام بهذا الدور، فمخيم عين الحلوة، أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان، بات منذ أعوام في عهدة القوى الاسلامية، معتدلة ومتشددة، واثبتت التجارب ان الحركة ومن معها من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، أظهرت فشلها وعجزها في كل المعارك والاشتباكات التي خاضتها مع القوى الاسلامية المتشددة، حتى في السيطرة على زاروب يتحكم به المتشددون داخل المخيم، كما أنها لم تتمكن من توقيف او اعتقال اي مطلوب لديها او لدى السلطات اللبنانية بتهمة الارهاب، فيما المشرف على "فتح" في لبنان هو عضو اللجنة المركزية عزام الاحمد الذي يقيم في رام الله، لا يكلف نفسه عناء البقاء في بيروت اكثر من 48 ساعة، بعد زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، رغم اشتعال مخيم عين الحلوة بين انصاره والعناصر المتشددة، ويتجنب زيارة المخيم الذي يشهد دوماً زيارات لديبلوماسيين ومسؤولين اجانب، ويحاول رمي المسؤولية على الدولة والجيش اللبنانيين، علماً أنه قال في احدى مقابلاته التلفزيوينة مفاخراً ان الشيخ احمد الاسير لم يكن في عين الحلوة بل كان في محلة التعمير الخاضعة لسيطرة الجيش اللبناني، بينما الجميع يعلم أن الاسير كان في "مخيم الطوارئ" الخاضع لسيطرة العناصر االفلسطينية الاسلامية المتشددة. كذلك قال ان المطلوبين الفلسطينيين داخل المخيم لا يتجاوز عددهم عدد اصابع اليد، والكل يعرف ان المطلوبين بالمئات!
هذا الواقع، لا يعني اطلاقا ان "فتح" لم تعد تمثل شريحة واسعة من ابناء المخيمات الفلسطينية في لبنان، فدورها ووجودها يبقيان حاجة ماسة وملحة داخل المخيمات وخارجها، ولكن مطلوب اشياء كثيرة لتستعيد دورها من جديد، اقله على الساحة اللبنانية، وما من شك في ان قادتها وكل المرجعيات الفلسطينية واللبنانية يعرفون ذلك جيدا. وفي ظل تراجع "فتح"، سيبقى فتيل عين الحلوة قابلاً للإشتعال في أي وقت، اذا لم يتدارك المعنيون الواقع القائم اليوم.
عن "النهار" اللبنانية