2024-04-20 01:43 ص

"السير في الطحين " أم الغوص في مياه آسنة

2017-03-16
بقلم: بطرس الشيني
" السيرفي الطحين " أم الغوص في مياه آسنة قال " اريك دينيسيه" الباحث ومدير مركز الأبحاث الفرنسي للمعلومات في لقاء مع " ايف كالفي " الإعلامي في تلفزيون فرنسا الدولي قال: "كنا نسير في الطحين" وأطلق هذا المصطلح حول تزييف المعلومات والتقارير التي وردت في وسائل الإعلام الفرنسية الرسمية حول حلب قبل تحريرها ويشير الكاتب " انطوان شار بانتييه " في موقع ATLanTico.Fr الفرنسي إلى أن " دينيسيه " أشار بذلك إلى تبعية الإعلام الفرنسي وتقليده للإعلام الأمريكي البريطاني وكذلك العربي الذي له مصلحة في استخدام التزييف فيما يتعلق بسورية . فيما أشار الصحفي الفرنسي فرانسوا خان إلى علامات استفهام حول الصمت الإعلامي فيما يتعلق بحلب بعد تحريرها . قلة من الصحفيين والكتاب إضافة إلى ثلاثة أو أربعة من اعضاء البرلمان الفرنسي أدلوا في الشهرين الماضيين بتصريحات ومقالات انتقدت التزييف الإعلامي الممنهج والدولي المتعلق بتغطية الأحداث الإرهابية في سورية وكان الانتقاد موجهاً بشكل أساسي الى تشويه الحقائق ومشاركة الإعلام الفرنسي بذلك ,لاشك أن عدد من يبحث عن الحقيقة بعين محايدة مازال قليلاً في فرنسا كما في غيرها من البلدان الغربية في وقت تنشط فيه حملة إعلامية مستمرة منذ ستة أعوام ضد سورية وغيرها من بلدان الشرق تشارك فيها مئات محطات التلفزيون والإذاعة والصحف والمواقع الالكترونية الرئيسة في العالم والأهم معظم مراكز الأبحاث السياسية ووكالات الأنباء وخاصة في الولايات المتحدة وبريطانيا والأخيرة تقود القطيع الممول بدولارات النفط الخليجي وتطبق بحرفية عالية آخر واحدث نظريات علم النفس الإعلامي وبث الإشاعة والحرب النفسية وأوجدت عبر السنوات الست الماضية مصطلحات إعلامية ومقولات أصبحت عبر التكرار والتلقين اليومي أشبه بـ " المسلمات " وكانت الرسالة الإعلامية المدروسة والموجهة المتعلقة بالأحداث في سورية موحدة ومتطابقة في أكثر من ثمانين بلداً حول العالم والقضية ليست موجهة ضد نظام سياسي معين بقدر ما تعكس صورة الهيمنة الأمريكية البريطانية على الإعلام الدولي وتسخير هذا الاعلام لخدمة المخططات السياسية بعيدة المدى المتعلقة بالدول الخارجة عن الطاعة الغربية . واستطاعت الحملات الإعلامية المنظمة خداع ليس سكان المناطق المستهدفة " سورية –ليبيا –العراق –مصر –اليمن بل وأيضاً الجمهور الغربي وفيما كانت حملات التحريض المباشر على العنف تنطلق يومياً من المحطات والمواقع والصحف الناطقة بالعربية كانت الحملة تركز في الغرب على تشويه حقيقة ما يجري لمنع أية معارضة شعبية أوأية تحولات في آراء الناخبين وكانت حملة خادعه للجمهور الغربي بكل امتياز لذلك كان من الطبيعي أن لا تخرج أية مظاهرة في أية واحدة من البلدان الغربية لإدانة الإرهاب والعنف رغم سقوط عشرات آلاف الضحايا من المدنيين والأطفال , والمظاهرات الوحيدة والقليلة التي حدثت كانت بعد أن طال الإرهاب بعض العواصم الأوروبية الداعمة للإرهاب في الشرق , و هذا لا يتعلق بسورية أو اليمن و العراق و ليبيا فقط إذ إن سقوط عشرة آلاف قتيل و جريح ثلثهم من الأطفال في آخر عدوان إسرائيلي على غزة – مر بلا أية ردة فعل شعبية في جميع الدول الغربية نتيجة الضخ الإعلامي الكاذب و المزيف على مدار أيام العدوان و كان من المدهش كيف استطاع ذلك الإعلام خلال شهر واحد من انتهاء الاعتداء تحويل اهتمامات المستمع و المشاهد العربي لقنوات" فرانس BBC"-"24" – "DW"و غيرها إلى موضوعات اجتماعية إشكالية – مثل الشذوذ الجنسي و زواج القاصرات و إدمان المخدرات و المساكنة و فتاوى الإرضاع .. الخ, و في الوقت عينه اختفت أية إشارة إلى الكوارث التي نجمت عن الحصار أو التي نجمت عن إبادة عائلات كاملة و تدمير 30 ألف منزل في غزة و تحويلها إلى أنقاض و أعادت تلك المحطات بصورة متزامنة التذكير بآلام المحرقة النازية و شاركت حتى محطات الدراما و الأفلام في عرض سلسلة غير مسبوقة من أفلام العنف و مصاصي الدماء و الرعب... و قبل حملة دعم الإرهاب على سورية و المنطقة مرّ مقتل عدة ملايين في الحروب التي افتعلتها الشركات الغربية في إفريقيا بلا أي اهتمام شعبي في دول الغرب أيضاً. اعتراف السيد " دينيسيه " بأنهم كانوا يسيرون بالطحين رغم ايجابيتها هي غير منطقية كونها صادرة عن مدير مركز دراسات معلوماتي و التسليم بمعلومات المصادر الإعلامية الممولة لرجل علمي مثله يعتبر أحد أنواع خداع النفس.الإعلام الغربي بمجمله كان و ما زال يردد اسطوانة واحدة و مقولات متطابقة فيما يتعلق بسورية و فلسطين و ليبيا و اليمن رغم تنوع و تعدد تبعيته بين اليمين واليسار واتجاهات ذلك الإعلام وكيف لم ينتبه دارس مثله إلى تطابق الطروحات الإعلامية جميعها مع المواقف السياسية لقادة دول أمريكا و أوروبا وممالك ومشيخات الخليج رغم التناقض السياسي الصارخ في هذا التجمع الدولي ورغم كل الحرية الإعلامية التي يتمتع بها ذلك الإعلام . " السير في الطحين "هي عبارة غير موفقة و لا تعكس صورة واضحة و معبرة عن حجم الخداع و مداه و تأثيراته و الدماء التي كان شريكاً بها .. بل التعبير الأدق هو أنهم " الإعلام الأوروبي بشكل عام" كان يخوض في مياه آسنة و بالكاد يلامس نعال الممولين في خليج النفط و خاصة الإعلام الفرنسي الذي قلد الإعلام الانكليزي و الأمريكي بشكل اخرق وبمقارنة أداء محطة " فرانس 24" باللغة العربية بقرينتها الBBC" "عربي فيما يتعلق بأخبار سورية و ليبيا و فلسطين و اليمن و العراق و مصر يمكن القول إن المحطة الفرنسية بطاقمها العربي كانت أشبه بواحدة من محطات أمراء و ملوك الخليج و تفصلها مسافة واسعة عن مهنية الـ BBC " و خبثها و كانت رسالتها الإعلامية – في دعم الإرهاب أقرب إلى حد التماثل مع المحطة الرئيسة الداعمة للإرهاب الدولي " الجزيرة " أو مثيلتها العربية و هي كانت الأكثر التزاماً باستخدام مصطلحات إعلامية و ضعتها جبهة النصرة و في مرحلة مبكرة تنظيم داعش الارهابي خاصة تعبير " جهاد " و جهاديين و استضافت خلال خمس سنوات أعداداًً كبيرة من الضيوف تم تصنيفهم كإرهابيين أو داعمين للإرهاب في بلادهم الأم, و إذا كان الإعلام الناطق بالفرنسية يؤدي نفس الدور التي تؤديه تلك المحطة فلا يمكن إطلاقا الحديث عن " السير في الطحين " بل المشاركة بجرائم و دعم سياسات تتناقض بشكل صارخ مع جميع مبادئ الثورة الفرنسية.
butros3s@gmail.com