2024-04-24 02:01 م

لن نحاوركم إلى الأبد .. حلنّا السياسي بندقية

2017-03-16
بقلم: ميشيل كلاغاصي
فيينا , ميونخ , زيورخ , مونترو , موسكو , أستانات , جنيفات , إرهاب , تفجيرات , شلال دماء السوريين .. هكذا يترجم العالم المتوحش نفاقه وأكاذيبه وبحثه عن الحل السياسي !, إحذروا فلن نحاوركم إلى الأبد , وحلنا السياسي بندقية. فما أكثر الحديث عن "الحل السياسي" منذ ما قبل الحرب على سوريا , وخلالها , وبالتأكيد فيما بعدها.. فهل يقصد مرددوا هذه العبارة أنهم يحملون شيفرة الحل الحقيقي الجدي الصادق المنصف..؟ أم يتلطون خلفها لإخفاء حقيقة نواياهم في محاولة ٍ لكسب الوقت عبر حرف الأنظار عما يخفون و يخططون !؟. فمنذ أن وصلت الحرب إلى سوريا في اّذار 2011, تتكرر عبارة "الحل السياسي" عشرات المرات يوميا ً, وعلى ألسنة السياسيين ورجال الإعلام دون توقف , والتي تحولت على ما يبدو الى استراتيجية لفظية ليس إلاّ!. فقد سمعناها مرارا ً من الإدارة الأمريكية والإخوة الروس, ومن الفرنسيون والأتراك والعرب والخليجيين وحتى الإسرائيليين , ومن أفواه جميع من يعتدون ويتاّمرون , وحتى من أفواه السوريين أنفسهم "معارضين" أو "مؤيدين". ماذا لو أفصح الجميع عمّا يقصدون بها ... فالأمريكيون , تراهم سيقولون نحتاج شرقا ً أوسطا ً جديدا ً يحقق و يحمي مصالحنا والتي على رأسها الضمان المطلق لأمن اسرائيل , وقد لا يعنينا رحيل الأسد أو بقاؤه , يكفينا أن تتحول سوريا الى دولة ٍ فاشلة مدمرة محطمة ينشغل في داخلها السوريون لعقود ٍ طويلة. أما الإسرائيليون .. فيعرفون أن صراعهم مع محور المقاومة هو صراع وجود حقيقي , الأمر الذي سيجعل سقف "حلهم السياسي" أعلى من الأمريكيين بكثير , وقد يكون زوال الدولة السورية تشظيا ً و ذوبانا ً في عشرات الدويلات أو الكانتونات قصدا ً وحيدا ً. أما الأوروبيون عموما ً, والفرنسيون خصوصا ً, فالحل السياسي خاصتهم يتمثل بتقسيم سورية لضمان حصتهم و مصالحهم في المنطقة بعدما أضاع شيراك وساركوزي و أولاند موروث فرنسا السياسي والإقتصادي والإجتماعي والأخلاقي وتحولت بلادهم الى أداة ٍ أمريكية تابعة . في حين يملك الأتراك مضمونا ً عالي السقف تحت جناح "الحل السياسي" التركي , فالقصة هنا مختلفة تماما ً, وتتعلق مباشرة ً بإحياء أمجاد الدولة العثمانية الغابرة , والتلذذ بقضم المزيد من الأراضي السورية الشمالية وخاصة ً مدينة حلب التي لطالما حلموا بها , أو ما تبقى من حلمه بعد تحريرها, ناهيك عن الأحلام الشخصية " للسلطان " أردوغان وأتباعه في حزب التنمية والعدالة في قيادة المنطقة عبر مشروع إسلاموي إخواني يتيح له الوقوف على حدود أوروبا كديكٍ صارخ . أما عربيا ً فالموضوع مختلف نسبيا ً بين دول الجيوش والعروش الخليجية , فالبعض يرددونها كالببغاوات , دون أن يملكون حلا ً سياسيا ً فعليا ً, ويمكننا أن نميز الموقف المصري , والجزائري , والتونسي , بعدما كرروا العبارة لأكثر من مرة , تحت ظروف متعددة ومختلفة , تعبر عن إرتباكهم , أو مخاوفهم وهواجسهم , فيما يراقبون سير التغير الكوني الجديد من جهة , وبحساباتٍ دقيقة لتفادي طوفان الإرهاب الدولي والمحلي , وعصيان المايسترو الأمريكي وأدواته الخليجية الحاقدة , هذا من جهةٍ أخرى. أما خليجيا ً .. فتبقى العروش والثروات والملذات , ترتقي إلى مستوى الأولويات و الضروريات , و تنحدر و تسقط الهوية العربية , والقضية الفلسطينية , وحياة الشعوب العربية , أمام استراتيجية الإنبطاح و الخنوع وإرضاء أسيادهم في المشروع الصهيو-أمريكي , وبذلك تنفرد في "حلها السياسي" على طريقة الحمار الذي يحمل الأسفار والأحقاد والأموال والبدع الدينية و همجية الوحوش , معتمدةً على تاريخها وأصولها , وعلى كل ما يجذّر عمالتها وغدرها اللذان يسريان في عروقها , وعلى ما يساعدها في إيقاظ الفتن الدينية والمذهبية والطائفية والتي ترجمتها مالا ً ودعما ً ورجالا ً وعقائد تكفيرية - إرهابية , سعت لسفك دماء السوريين والعراقيين واليمنيين و كل العرب. أما سوريا ً .. فغالبية من إدعوا "المعارضة السورية " هم لا حول و لا قوة , ويكتفون بتنفيذ ما يُكلفون به خارجيا ً, بالصيغة الإرهابية , أو عبر صيغٍ مضحكة "لساسةٍ" أقل ما يُقال عنهم , صبيان "السياسة" , ولا يعدو وجودهم أو تأثيرهم أكثر من فرقعة في فنجان . وها هي سوريا اليوم , و قد أحرجت الجميع وحاصرتهم سياسيا ًوعسكريا ً وأخلاقيا ً بفضل انتصارات جيشها وصمودها , وبات العالم يًقرُّ بنصرها , وتيقّن من حتمية التسويات و محاورتها مباشرةً , وضرورة إغلاق صفحة الإرهاب والإرهابيين , بعدما أصبح التعويل على "فوزهم", أو تأثيرهم على تغيير موازين القوى ضربا ً من المحال , وأصبح بالإمكان الحديث عن الحل السياسي كممرٍ إجباري , للتسويات في سوريا و الإقليم والعالم. وها هو الرئيس ترامب لا يجرؤ على إزاحة الضبابية التي غلّف مواقف إدارته بها , ويُفضل استعمال مواهبه في عقد الصفقات , فيما يخوض معاركه الداخلية أمام "صقور" الحروب وأعدائه وكارهيه من الأمريكان. لقد انتهت الحرب العسكرية على سوريا حسابيا ً , و انتهى معها الإستثمار في الإرهاب "مستر" ترامب , ولا بد أن تسرع وتلتحق بركب النصر السوري لتخرج "بطلا ً" , لكن حاذر فمعركة القضاء على "داعش" في الرقة , والنصرة في "إدلب" , دون التنسيق مع الدولة و الجيش العربي السوري كقوة وحيدة و قادرة على إحراز النصر , تجعلك تستعيد مشهدا ً أمريكيا ً يرسل ويستقبل وأحيانا ً يُخفي نعوش الجنود الأمريكان في غير مكان وغير معارك. فقد أخطأ أسلافك في تقديم بلادكم كشرطي و قائدٍ عسكري لدول العالم , بعدما أفشلت سوريا وحلفائها , مخططاتكم في مقايضة أمنها العسكري واستقرارها السياسي "المشوه" الجديد كما ترغبون , على الرغم من نجاحكم في خلخلة وهز ّ الدولة السورية , وسط تاّمرٍ دولي وأممي غير مسبوق طالها كدولة ً عضو في الأمم المتحدة والأسرة الدولية , بعد مسلسل الإرهاب و الحصار والعقوبات , والتهجير وتخريب البنى التحتية بالقوة العسكرية , على مرأى من العالم كله , تحت ذريعة الديمقراطية الواهية. كما حاول أسلافك إدخال العالم في دوامة العصر الأمريكي الجديد بمخاض الحروب والدماء , و تحويل الصراعات والحروب الباردة إلى حروبٍ ساخنة , تجرّ إليها كافة دول العالم. لقد كانت الحرب على سورية ستُشكل ضربة ً قاصمة إلى أغلب دول العالم – فيما لو نجحت – لكن ذكاء وشجاعة الرئيس بشار الاسد , وبسالة الجيش العربي السوري وصمود الشعب , أوقف المشروع الكبير, و كان دافعا ً لبعض الدول الكبرى (روسيا , الصين) أن توجه بوصلتها السياسية , نحو دعم وحماية النظام العسكري والمدني للدولة السورية المستهدفة. بات من الغباء إنتظار نجاح مشاريع التشظي والتقسيم والخرائط الجديدة , وعلى الجميع مراقبة الأثمان التي ستدفعها شعوب و دول المنطقة مقابل استقرارها خاصة ً في السعودية و تركيا و الأردن , فلن تنجو دولٌ استسهلت لعبة الإرهاب , وكان من أهم أخطائها أنهم أصبحوا دولاً لإستقرار الإرهاب بهدف إدارة تحركاته و معاركه ودعمه وعبوره نحو سوريا , ولن ينجو من جعل نفسه بوابةً لعبور جهنم. ولن تنحج "مستر" ترامب في خداع العالم و إقناعه بحربك على "داعش", وإدعائك الحفاظ على وحدة الأراضي السورية كمحورين متوازيين, في وقتٍ يدرك السوريون هواجسكم وأهدافكم الإستراتيجية في تقسيم المنطقة , وفي دحر الروس عن القمة العالية التي اعتلوها من بوابة الأزمة السورية , وحلمكم برسم خريطة المنطقة وفق منظوركم وهدفكم في السيطرة على العالم , بعد ضمانكم أمن وأمان الكيان الإسرائيلي الغاصب , ووضع القضية الفلسطينية في مهب الريح و الضياع , كي تتفرغون لتصفية حساباتكم مع حزب الله والدولة الإيرانية, و الإقتراب أكثر فأكثر من محاصرة الحليف السابق و العدو الحالي دولة روسيا العظمى , ولكم أن تحتفظوا بالحلم الأمريكي لإركاع العالم خلف ظهوركم , بتفردكم وهيمنتكم وعنجهيتكم , عسى أوهامكم تضع النهاية "السعيدة" لأمثالكم.