2024-03-29 12:53 م

أبو الغيط ...وسورية العروبة

2017-03-30
بقلم: الدكتور خيام الزعبي
أن العروبة ليست شعاراً بل هي ممارسة بالنسبة لسورية التي قدمت الكثير للقضايا القومية عامة وللقضية الفلسطينية خاصة، ولم يكن الشعار الذي هتف به جمال عبد الناصر أكثر من مرة واصفاً دمشق بأنها "قلب العروبة النابض" إلا تعبيراً عن حقيقة راسخة وهي أن دمشق كانت على الدوام عنصراً مهماً من عناصر انتصار العرب في معاركهم الفاصلة عبر التاريخ، لهذا لا نستغرب شراسة الهجمة التي تتعرض لها سورية اليوم من قبل الغرب وحلفاؤه، فهي عنوان الرفض العربي للهزيمة والإحتواء والهيمنة، وهي القلعة العربية الوحيدة التي لم تسقط ولا تزال تتحدث عن النضال والمقاومة في المنطقة. كغيرها من عشرات القمم العربية تعقد القمة في عمان والتي لم تظهر بارقة أمل لحل النزاعات والقضايا العربية العالقة في جسد الأمة العربية، والسؤال المطروح هنا هو: ماذا يتوقع الشعب العربي من هذه القمة؟، في السابق كان للقمة العربية هدف واضح وهو متابعة القضية الفلسطينية كما كان بيدها قرار السلم والحرب وبالتالي كان لها معنى وقيمة وهناك حالة من الترقب لقراراتها، أما الآن يرى المراقبين والمتابعين السياسيين أنه لا جدوى من انعقاد القمة العربية فى ظل ما تشهده البلاد العربية، حيث فقدت القمة أي معنى لها، فلم تقدم الجامعة العربية سوى الأوهام والأحلام للشعوب وتاريخها مليء بالفشل تجاه القضايا العربية، إذ لم تكن حاسمة في المسائل والقضايا الرئيسية، بل كان الخلاف يتفاقم ويزداد بين الدول الأعضاء حتى أصبحت أحلافاً وأقطاباً ضد بعضها البعض، وإزاد هذا الوضع تفاقماً باستحواذ بعض الدول الكبرى على قراراتها، وبالتالي باتت رهينة القوى المتحكمة ماديّاً في تمويلها. يرى الكثير من المراقبين والمحللين السياسيين أن تعليق عضوية سورية في جامعة الدول في نوفمبر 2011م، كان بمثابة نقطة تحول في تاريخ الجامعة، واعتبروها خطوة تخلو من الدبلوماسية ، لذلك فأن التحديات الاساسية أمام قمة عمان هي نفس التحديات التي واجهت القمم العربية السابقة، وأبرز التحديات التي ستواجه السيد أحمد أبوالغيط أمين عام الجامعة وسط هذه الظروف الصعبة، هي الخصومات بين الرؤساء، ووجود القوات والقواعد الأجنبية على الأرض العربية، والحروب الأهلية والعالم العربي الممزق والمنهار الناتج عن الصراع العربي - العربي والتدخل الخارجي وخصوصاً الإقليمي في شؤون بعض دول المنطقة، في هذا الإطار هل يستطيع احمد أبو الغيط كسر شوكة الاٍرهاب الذي يؤدي وظيفة وخدمة لكل أعداء العالم العربي وأن يجد احمد أبو الغيط طريقاً آمناً لكي يلملم ما بقى للأمة من مصادر القوة والمنعة وتركيزها بقوة عسكرية موحدة ، وتحقيق مصالح الوطن والمجتمع العليا، والتوحد حول المشروع الكفيل بمجابهة الهجمة على بلدنا وشعبنا وأمتنا وبناء المستقبل الزاهر. في المقابل إن التقدم الذي حققه الجيش العربي السوري وحلفائه في الميدان, لابد أن يكون فاعلاً ومسايراً للتطورات الدولية الراهنة والتي تغيرت بعد انتصارات الجيش السوري فى حلب وريف دمشق وحمص وحماه والتي أجبرت قوى دولية وإقليمية أن تبدل نظرتها تجاه الدولة السورية وتعتبرها الوحيدة القادرة على حفظ التراب السوري وتحقيق الأمن والاستقرار وتنظيف المنطقة من الإرهاب الدولى, ومن هنا يصبح على العرب في الخليج والمشرق العربي كله أن يقفوا على أصابع أقدامهم شكراً للشعب السوري وجبشه الذين أوقفوا الهجمة التي كانت تستهدف بما يهدد أمن وسلام العالم بأكمله، واذا كانت سورية صامدة أمام كل هذه الضغوط فلا ينبغي ان تظل وحيدة، فمن حق سورية على جماهير الامة العربية ان تخرج الى الشوارع متضامنة مع سورية لمواجهة الارهاب بجميع أشكاله. أقول هنا إنه علينا اليوم تغيير المعادلة في المنطقة لأننا نقف أمام حقيقة واقعية وهي لا حرب من دون سورية ولا سلام من دون سورية وما يحصل اليوم هو محاولة فرض سياسة أمر الواقع الغربي والإسرائيلي على المنطقة، ومن هذا المنطلق تعتبر سورية هي الأكثر مسؤولية في إيقاظ الصحوة القومية المنشودة والحفاظ على ثوابتها بحكم دورها التاريخي في صياغة الحل العربي على مدى الحقب والأزمان المختلفة، وأنها الأكثر قدرة وجرأة على جذب ودفع الآخرين نحو الطريق الوطني، بعد أن أثبت تاريخ العرب الطويل بأن دمشق هي الفاعل المؤثر في الإقليم، من هنا أود التأكيد على أن سورية لهذه الأسباب ستظل رقماً صعباً يفرض على الآخرين طبيعة الإهتمام بها ووضعها في حساباتهم السياسية، بإختصار شديد يمكنني القول أن سورية ستبقى الداعم الأول وخير عون لكل مشروع عربي يدعو للوحدة وستبقى قلب العروبة النابض، كونها القادرة على إستعادة الزمام ولململة شتات النظام الإقليمى العربي من جديد وتثبيت أركانه ونحن على يقين أن إصطفاف السوريين وأشقائهم العرب كافة سيكون الصخرة التي تتحطم عليها أطماع القوى الإستعمارية . khaym1979@yahoo.com