2024-03-28 05:18 م

بعد الضربة الأميركية... فرص ومخاوف في تل أبيب؟

2017-04-12
جهاد حيدر
ليس أمراً عرضياً أن يُحذِّر أحد أهم اعضاء المجلس الوزاري المصغر، والمقرب من نتنياهو، وزير الطاقة يوفال شطاينتس، من أن تكون الضربة الصاروخية الأميركية للقاعدة الجوية السورية، "الشعيرات" هي الاولى والاخيرة لادارة ترامب في سياق حركة الصراع الدائرة في سوريا. مؤكدا على أن "رسالة (عدوان) واحدة لا تغير الصورة العامة الاستراتيجية"، ومقرا بشكل ضمني بأن الولايات المتحدة لا تستطيع وحدها املاء المسارات السياسية والميدانية على الساحة السورية.
بعدما انقضت ساعات الاحتفاء بالضربة الأميركية، في تل أبيب، حافظ صناع القرار على منسوب التفاؤل والفرح بالمستجد الأميركي لكنهم باتوا أكثر واقعية في قراءة المشهد. ويعود ذلك إلى كون الضربة الأميركية محدودة على المستويين العسكري والجغرافي.. ويبدو في ضوء ذلك، أن "إسرائيل" بدأت تقارب ما جرى من زاوية أنه ينطوي على تهديدات وفرص كامنة..
من الواضح أن الفرص المقدَّرة إسرائيليا في العدوان الأميركي تنطلق من فرضية مؤملة في تل أبيب أن يكون ما جرى بداية مسار مستجد في المقاربة الأميركية للواقع السوري، تؤدي فيه الولايات المتحدة دورا عسكريا مباشرا مقابل الدور الروسي.. والفرضية الثانية، أن تترك الضربة الأميركية - التي هي أقرب إلى الرسالة - مفاعيل مباشرة على الخيار السياسي والميداني الروسي على أمل أن يؤدي ذلك إلى ايجاد شرخ بين الروس ومحور المقاومة. وليس خفيا ان تل أبيب ترى هذه النتيجة مدخلا الزاميا لمفاعيل وتداعيات تتصل بمجموعة عناوين على الساحة السورية: بقاء الرئيس الاسد.. النفوذ الايراني.. تواجد حزب الله في سوريا.. والقدرات الصاروخية السورية (كما اوضح شطاينتس نفسه).. ودعم حزب الله في لبنان.
في المقابل، يبدو ايضا أن هناك مخاوف بدأت بالظهور تباعا على ألسنة معلقين وسياسيين حول بعض الخيبات وربما المخاطر التي قد تترتب على الضربة الأميركية. منشأ هذه التقديرات المحتملة على المستوى النظري تنطلق من السقف الذي اختاره الرئيس الأميركي ترامب لتوجيه رسالته، بعيدا عن الحماس والتفاؤل (الإسرائيلي) المفرط. فهو اختار ضربة عسكرية محدودة في حجمها ونتائجها العسكرية، ولا تحشر الاطراف المقابلة للرد الواسع، تجنبا للتدحرج نحو مواجهة مباشرة. ويعني ذلك فيما يعنيه، في الوعي الإسرائيلي (القلق)، أن الرئيس ترامب المندفع والمتوثب، ومعه ادارته، يحرصون حتى الان على قدر من "العقلانية" في الهجوم، ما يثير قدرًا موازيا من المخاوف في تل أبيب من أن تكون الولايات المتحدة تلتزم معادلات مُحدَّدة بما سيساهم في تقييد حركتها ومبادراتها، ويمنح الفريق المقابل هامشاً أوسع في المبادرة والرد.. والنتيجة التي تتخوف من أن تترتب عليها الحؤول دون استكمال هذا المسار بالاتجاه الذي تأمله تل أبيب.
ومما عزَّز هذه المخاوف، أيضا، الرسائل المضادة التي صدرت حتى الان عن محور المقاومة، وعن الطرف الروسي، ما يشي حتى الان بفشل الرهان على مفاعيل سياسية محدَّدة لهذا العدوان، المحدود جغرافيا وعسكريا. مع الاشارة إلى أن إدارة ترامب عمدت إلى تكثيف اتصالاتها – المستندة إلى الضربة العسكرية – بموازاة التلويح بامكانية تكرارها.. بهدف الضغط على الاطراف المقابلة، وتحديدا على الروسي.. وبرزت معالم هذه الضغوط في موقف وزير الخارجية الأميركي، الذي خيَّر روسيا بين واشنطن، وبين ايران وحزب الله والرئيس الاسد.

مع ذلك، لم يعد الحديث عن المخاوف الإسرائيلية، مجرد تقديرات نظرية، محتملة، بل صدرت بعدة وسائل، ومن أبرزها ما أجمله الرئيس الاسبق للاستخبارات العسكرية، أمان، ورئيس معهد ابحاث الامن القومي، اللواء عاموس يادلين، بالقول "من السابق لأوانه معرفة الانعكاسات العامة للهجوم قبل مرور وقت كافٍ لفحص الردود المضادة لروسيا ونظام الأسد وإيران وللاعبين آخرين في مختلف الساحات المهمة في أنحاء العالم"، موضحا ذلك بالقول "في مثل هذا النوع من الحديث عن الردع ثمة دينامية مألوفة لرسم حدود وتحديات مختلفة يتضح مفعولها مع مرور الزمن". واعرب يادلين بشكل صريح عن مخاوفه من أن "يبقى هذا الهجوم المحدود منفرداً، وألا يجر إلى عمليات عسكرية أخرى، وبذلك لن يؤثر على ميزان القوى، وعلى توجهات القتال وعلى التسويات في سوريا، عندما تتحقق". ولفت إلى أنه "مجرد تحقق احتمال الاحتكاك بين الدولتين العظميين وزيادة حدة التوتر بينهما، يمكن أن يزيد من الجهود المشتركة المبذولة للبحث عن تسويات للتخفيف من القتال".