2024-04-18 01:26 م

قضية الأسرى وخرافات السلام!

2017-04-19
بقلم: ايهاب شوقي
تم الترويج عربيا لأسطورة السلام مع العدو الصهيوني باعتباره لصالح القضية العربية ولإيجاد صيغ تفاهم مع العدو وأن هذا السلام ينهي العداء والحروب ويمكن ان تكون مغانمه كمغانم النصر وكل هذه الهراءات التي لم تصمد أمام أي اختبار عملي ولم نجد لها "كرامة" او علامة من علامات الصحة.
وقضية الاسرى في السجون الصهيونية من أبسط القضايا التي تدحض هذه الخرافات، فأين مغانم السلام وتفاهماته وأين خطوط التنسيق الساخنة والتي يمكنها على الاقل تخفيف معاناة الاسرى ولن نقول الافراج عنهم؟! كيف يقنع هؤلاء المنبطحون شعوبهم بصحة خيار السلام واستراتيجيته وأين احترام العدو لهم او حرصه حتى على ماء وجههم ليقدم لهم اي مسوغ؟ ام ان الامور أصبحت لا تحتاج لمسوغات ومبررات وبات اللعب على المكشوف وبات السلام بمثابة استسلام اجباري حيث لا يملك المعتدلون خيارات اخرى أو بالأحرى ليست لديهم شجاعة وارادة خيارات المواجهة؟
ان معاناة الاسرى خير شاهد على فضح هذه الانظمة، فالاسرى هم القوى الحية وهم دافِعو ثمن المواجهة وعدم الرضا بالهوان وهذا الصمت يبدو انه مشاركة للعدو الصهيوني في عقابهم لأن صوت المقاومة بلا شك يحرج من اختار طريق الهوان وارتضى به خياراً استراتيجيا.
لا شك ان الصمت الشعبي ايضا يغري الصهاينة ومن يوالونهم في تجاوز كل الخطوط الحمر. ولعل حالة الركود الشعبي واختفاء زخم مناصرة القضية من أهم الظواهر التي تحتاج الى دراسة وتحليل ولا ينبغي دفن الرؤوس في الرمال تجاهها، فالاعتراف بوجودها هو اولى خطوات مواجهتها.
نعم هناك ردة في الشارع العربي تجاه القضية الفلسطينية ومواجهة التطبيع والتنازلات المهينة وهناك حتى ردة امام العدوان السافر وتجاوز خطوط حمر جديدة وهناك تخاذل وتخلٍّ عن الأسرى والمقاومين.
قد نجتهد في التحليل ونرجعه للتمادي في الهوان والذي انتج نوعا من فقدان الامل وفقدان جدوى الاستمرار في المواجهة وهو نوع من الاستسلام للمتخاذلين!
وقد نرجعه لخلط الاوراق وانخراط بعض تنظيمات المقاومة في السياسة لدرجة حرفت مقاومتها وأدخلتها في تناقضات مع القضية المركزية ووضعتها مع العدو في معسكر واحد!
وقد نرجعه لأن هناك من تاجر بالقضية ليخفي تعاونه مع الاستعمار ومع الصهاينة فضلل الجماهير تارة او انكشف امامها فكفرت بمصداقية جميع الاطراف تارة اخرى!
وقد نرجعه لانشغال الجماهير بقضايا اخرى مستجدة فاقت آلامها آلام القضية المركزية وفاقت آلام خيانة وتخاذل العرب تجاهها ما حدث من خيانة وتخاذل بالقضية المركزية كما حدث بسوريا تحديدا وما حدث بالطبع في العراق وليبيا من التباسات وتعاون مع الاعداء وانقسامات مما عدد القضايا والمآسي واصبح مجموعها واصبحت محصلتها فوق الاحتمال ما كسر الظهر العربي وتسبب في هذه الحالة من الصمت الذي هو اقرب لعدم القدرة على النطق منه الى الصمت الاختياري.
وقد نرجعه الى الانشغال بالاوضاع الداخلية الصعبة من حيث الاقتصادات المنهارة وفقدان النخب الطليعية والاستنزاف المجتمعي في ثورات فاشلة ونخب مخترقة ومؤسسات مرتزقة، ما خلق حالة ملوثة اشبه بقنابل مسيلة للدموع او حروب كيماوية اصابت الشعوب بالاختناق وفقدان الوعي الجمعي!
فلنحلل ولنجتهد جميعنا في تحري اسباب هذه الحالة البائسة والتي تعد حالة مثلى ونموذجية لا يبتغي الاستعمار افضل منها ولا سيما وانها كللت بالعداء للمقاومة والتخوين للمقاومين!!!!
من الشائع طبيا وكرسته السينما العربية ان مريض فقدان الذاكرة يحتاج لحادث او اصطدام يشج الرأس ليفيق على عودة الذاكرة، ونرى ان الصدمات الحالية لم ترجع الذاكرة بعد ونرى ان اي خطوة متقدمة للصدمات الحالية لن تكون سوى استعمار تقليدي كلاسيكي بدت نذره،  لعله يعيد الذاكرة ولعل مقاومة الاحتلال تبعث روح التحرر الوطني من جديد وتهدي الكافرين بالمقاومة الى اتباع دعاتها وسبيلها ولله الأمر من قبل ومن بعد!

(*) كاتب عربي من مصر