2024-03-29 12:08 م

ما هي استثمارات ترامب المالية والعسكرية في السعودية؟

2017-05-20
محمد الحسيني/ "العهد"

يبدأ دونالد ترامب أول جولة خارجية له منذ انتخابه رئيساً للولايات المتحدة، وستكون السعودية المحطة الأولى له، يليها الكيان الصهيوني فالفاتيكان ثم إلى بروكسل لحضور قمة الناتو وصقلية لحضور قمة مجموعة السبع، وستكون الرياض محجّة العديد من الرؤساء والزعماء والملوك والأمراء العرب الذين يتوقون للحضور ومبايعة "الشاه الأمريكي" ويشهدون الإعلان عن بدء العهد "الترامبي" الجديد في المنطقة.
السعودية حليفة أمريكا

وبسحر ساحر، تحوّلت السعودية بنظر الإدارة الأميركية من دولة راعية للإرهاب ومموّل رئيس لعمليات التفجير والقتل في أمريكا والعالم، إلى دولة قوية وصديقة تمثّل قلب العالم الإسلامي، وتحرص واشنطن على مصالحها الحيوية معها، وبات الجهد الأمريكي في المرحلة المقبلة مرتكزاً على التحالف مع السعودية ودول الخليج لمحاربة الإرهاب في المنطقة المتمثّل بإيران، والسعي لإزالة الرئيس بشّار الأسد وإنهاء نظامه.
ومهّد وزير الأمن الداخلي الأمريكي جون كيلي لهذه الزيارة بالقول إن العلاقة الأمريكية - السعودية "كانت، وما زالت، قوية وهي دولة محورية لاستقرار هذا الجزء من العالم، وكانت الزيارة لها أولاً لإظهار الاحترام للعالم الإسلامي والمملكة كقلب العالم الإسلامي"، إلا أن محور القضية، بحسب كيلي نفسه، هو أن لدى الولايات المتحدة "مصالح اقتصادية مشتركة هائلة وحيوية.. لذلك لا ينبغي التفريط في هذه المصالح".
ترامب يضمن صفقات ما بعد الرئاسة

إذن، ليس في الأمر سحر، وليس فيه أيضاً تغيير لقواعد اللعبة ساهم في بلورته ولي ولي العهد محمد بن سلمان خلال الزيارة التي أجراها إلى واشنطن في آذار الماضي، وليس هذا الموقف المستجدّ قناعة توصّل إليها الرئيس الأميركي دونالد ترامب نتيجة نصائح مساعديه بإعادة حساباته السياسية حيال المنطقة.. إنه بكل بساطة فعل الدولارات السعودية التي انهمرت على ترامب، وستنهمر خلال سنوات حكمه كلها، وقد تستمر أيضاً إلى ما بعد حكمه.
وعد ترامب العالم أن السعودية ستدفع تكاليف كل جهد قامت به الولايات المتحدة الأميركية لحمايتها وتعويضاً عن كل جندي أمريكي قتل في سبيل تنفيذ هذه الحماية، وها هو اليوم يقترب من تنفيذ هذا الوعد وبإذعان وخضوع سعودي، ولم يحتج الرجل إلى كثير من المواقف والتهديدات حتى تقاطر المسؤولون السعوديون إلى واشنطن يخطبون ودّ ترامب، ويقدّمون له الأضاحي وعروض الاستثمار والتسليح، وقد فرض ترامب كشرط للقيام بهذه الزيارة أن يسبقها إعلان سعودي - خليجي واضح وصريح عن هذه العروض وقيمتها.

300 مليار دولار وأكثر؟!

تعهّدت السعودية بتقديم 40 مليار دولار تحت عناوين استثمارات في البنية التحتية الأمريكية، وأعلنت مصادر بلومبرغ عن أن صندوق الثروة السيادية في المملكة سيعلن عن الخطط المتعلقة بهذا الشأن لتتزامن مع زيارة ترامب، وأعلن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح أن "البنية التحتية الاميركية على وجه الخصوص كانت استثماراً جذاباً"، وكان البيت الابيض أصدر بياناً قال فيه إن الرئيس يدعم تطوير "برنامج اميركي - سعودي من قبل مجموعات عمل مشتركة يستثمر في مجالات الطاقة والصناعة والبنية التحتية والتكنولوجيا"، ومن المتوقع أن تبلغ قيمة البرنامج 200 مليار دولار في الاستثمار المباشر وغير المباشر في السنوات الأربع المقبلة.
وقبل زيارة ترامب للسعودية تم عرض سلسلة من صفقات الأسلحة تقارب قيمتها 100 مليار دولار، وهي الصفقات التي علّقتها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما خلال الأشهر الأخيرة من ولايته بسبب تقارير أدانت انتهاك السعودية لحقوق الإنسان، والجرائم التي ارتكبتها قواتها في حربها على اليمن وسقط جراءها عدد كبير من الضحايا المدنيين، وقالت مصادر البيت الأبيض إن "هذه السلسة وصلت إلى مراحلها الأخيرة وستكون جاهزة قبل وصول ترامب إلى السعودية"، مشيرة إلى أن "حزمة الأسلحة يمكن أن تصل إلى أكثر من 300 مليار دولار على مدى عقد من الزمن".

إيران وسوريا واليمن في قلب الصفقة

في المقلب الآخر من صفقات ترامب مع السعودية، كان لا بد من إعلان مجموعة من التعهّدات الأمريكية التي يستلزمها المشهد السياسي والمالي، ولا تبتعد هذه التعهدات عن رسم واشنطن لخارطة الحكم في السعودية، والتي يبدو أن محمد بن سلمان قد ركن إلى مساراتها الإيجابية لصالحه، وانعكست في مواقفه التي أعلنها في مقابلته الأخيرة مع قناة العربية، وفي مقدّمة هذه التعهّدات مثلث: إيران وسوريا واليمن، ولهذا المثلث زوايا حادة فشلت السعودية في كسرها أو تدويرها، فكان لا بد من الاستعانة بالصديق الأمريكي لمواجهتها. وكانت مواقف وزير الأمن الأميركي جون كيلي الأكثر حدّة حيث توعّد "إيران بعقوبات مغلظة اقتصادية وعسكرية"، وأن أيام الرئيس السوري بشار الأسد "باتت معدودة وأن العد التنازلي له قد بدأ"، وقال: "ليس فقط تنظيم الدولة الإسلامية هو المصدر الرئيسي للإرهاب، بل إن هناك حواضن لهذا الإرهاب وعلى رأسها إيران التي أعلن ترامب أنها الدولة الإرهابية الأولى في العالم، وميليشيات حزب الله، والحوثيون".
ولكن هل سيغامر ترامب بكل المكاسب التي حصل عليها - حتى الآن - من السعودية بإشعال حرائق في المنطقة قد لا يستطيع أحد إطفاءها؟! وهل سيقلب طاولة التوازنات الإقليمية والدولية كرمى لعيون حكّام السعودية الموتورين؟! يعتبر ترامب ما سيقبضه هو دفعة عما سبق، وهو - كما قال - لا يعمل حارساً لدول الخليج، ولكن إذا اختارت السعودية - وهي ثالث دولة في العالم على مستوى نفقات التسليح - أن تلعب بالنار فإن مصانع السلاح الأمريكية جاهزة لتزويدها بما تريد، طالما أن الدولارات السعودية تتدفّق بلا توقّف.