2024-03-29 09:56 ص

مخرجات جنيف 6 تتبخر.. بوادر الصدام

2017-05-25
بقلم: الدكتور محمد بكر 
ما أعلنته واشنطن لناحية عدم وجود شريك لها في سوريا، وأنها لن تتعاون مع الحكومة السورية أبداً حتى في محاربة داعش، وما عدّه لافروف حول دور واشنطن في سوريا لجهة أنه دور تواطئي، ربما قد أطلق النار تماماً على العملية السياسية السورية. حاول دي ميستورا في الجولة السادسة لمحادثات جنيف أن يفرض شيئاً من المرونة على التصلّب السياسي الحاصل. ما طرحه لجهة تشكيل لجنة تتدارس في الدستور شكّل خطاً أحمر لوفد الدولة السورية، فوجد الجعفري في الطرح أنه سابقٌ لأوانه لا بل بات خلف الظهر. يبدو أن ما سمّاه دي ميستورا "زخم" آستانة لم يثمر شيئاً في جنيف، فالحامل الأممي للعملية السياسية التفاوضية ربما لن تُسمع نداءاته بعد اليوم، وكل طروحاته وضياعه وأفكاره "التقنية" مضيعةٌ للوقت. فما يحدث على الأرض أشدّ وأدهى. موقع "برافدا" ووكالة "سمارت" للأنباء أكّدا عبور قوات بريطانية وأميركية الحدود الأردنية السورية برفقة "جيش المغاوير"، وأنهم باتوا على بعد 90 كلم من تدمر، وباتوا قريبين أيضاً من مدينة البوكمال. قيل إن هناك نيّة أميركية لمنع تقدّم قوات الجيش العربي السوري للسيطرة على مدينة دير الزور. الردود النارية لم تنفكّ من التوارد تباعاً في مشهد الميدان. تعلن الولايات المتحدة عن قصفها لقوة تابعة أو موالية للجيش العربي السوري اقتربت من المنطقة، وتطلب بحسب "رويترز" من الجانب الروسي أن يبقى الجيش السوري بعيداً 15 كلم عن أماكن تواجد القوات الأميركية والقوات التي تدعمها. مصادر أمنية بالمقابل أكّدت للميادين وجود توافق روسي-إيراني-سوري لتأمين الحدود السورية العراقية وقتال داعش. في هذا السياق تأتي زيارة فالح الفياض ولقائه الأسد لرسم شكل التنسيق في مواجهة الجديد الحاصل. المصادر عينها صعّدت من لهجة الرسالة عندما أكّدت أنه لا أحد يحقّ له تحديد مسار ووجهة الجيش العربي السوري، لأنه هو صاحب الأرض وأن لا قوة تمنعه من التصدّي لمحاولات احتلال سوريا. لغة الصِدام العسكري باتت تفوح روائحها بشدّة هذه الأيام، وما يحدّد تصاعد ألسنتها ينحصر في اعتقادنا بأمرين رئيسين : - الموقف التركي وشكل تعامله فيما لو حدث هذا الصِدام، لاسيما بعد إعلانه عن عدم مشاركته في معركة الرقة وعتبه الكبير على الجانب الأميركي لجهة اعتماده على ما سمّاه "تنظيم إرهابي" لمحاربة "داعش"، في إشارة لقوات سوريا الديمقراطية ولم يجد حرجاً في إعلان أنه سيستهدفها من دون الرجوع لأحد، وهو غالباً ما يُسارع (أي التركي) للهرولة باتجاه محور موسكو عندما "يغسل" يديه من واشنطن، لاسيما وأن الأخيرة قد أعلنت البدء بتزويد قوات سوريا الديمقراطية بالعتاد. - التعظيم والتفخيم الذي جاد به وزير الخارجية السعودي واصفاً زيارة ترامب والقمم الذي سيعقدها في الرياض بالحدث التاريخي. والأهم إعلانه الصريح عمّا سمّاها مؤسسة أمنية يجري تأسيسها للتصدّي لكل التحديات، بما فيها مواجهة إيران ودعمها للإرهاب بحسب تعبيره. والأبرز في هذا السياق هو عودة الحديث عن القوة العربية المشتركة ودورها وآلية عملها، وهذا ما سيتم بحثه، لا سيما إذا ما كان لها دور في التطوّرات الميدانية الحاصلة في المشهد السوري، وتحديداً في الشمال الشرقي والجنوب. تتعقّد كثيراً خارطة الميدان في سوريا، وتتشابك إرادات فرض النفوذ، وكل ما يحمله جنيف بات شكلاً للحل السياسي من دون أي مضمون حقيقي. لا سيما إصرار وفد المعارضة على جزئيّة الانتقال السياسي، وغياب أية فعالية ورؤية واضحة لتثبيت وقف إطلاق نار ومناطق خفض التوتّر التي سيُطاح بها إن تأكّد دخول القوات البريطانية والأميركية. ليغدوا الميدان وما سيبوح به خلال الأيام المقبلة هو العنوان، وربما قد قُرِئت "الفاتحة" على الحل السياسي كلياً، وبات كل "زخم دي مستورا" في خبر كان.
كاتب صحفي فلسطيني مقيم في ألمانيا
Dr.mbkr83@gmail.com