2024-03-28 11:19 م

من نحن ... سؤال لم يعد تائه و لا بريء و لا محتار

2017-05-26
بقلم: مريم الحسن
هو الخزي .. هو العار ... .... هذا ما شعرنا به و نحن نراكم تُحلبون كالأبقار... ... هو الخزي ... و أي خزي ... ... أن نراكم تقتلوننا في كل يوم... ... و تسحقون لحمنا في كل يوم... ... و تعرّوننا من ثياب كرامتنا في كل يوم... ... و لا نملك لكم سوى الإنصات لترّهاتكم... ... و الفرجة البكماء... ... مع الإستهزاء... ... على قبيح خياناتكم... ... و ضرب الكفين من شر البلية... ... و الصراخ عليكم لا لا لا ... ... كفى ... ... و نحن نهز لكم رؤوسنا بالإقرار ... ... الإقرار بأنكم ألد أعدائنا ... ... و مع هذا نقبل (و يا لحسرتنا) بمصافحتكم ... ... الإقرار بأنكم سبب كل نكبةٍ أضعفت أمتنا ... ... و مع هذا ما زلنا نجالسكم و نحاوركم ... ... الإقرار بأنكم سبب اشمئزازنا ... ... من انتمائنا... ... من هويتنا ... ... و أنكم كبرى مصائبنا ... ... و أن كل ابتلاءاتنا ... هي أنتم ... ... و سببها أنتم بكل اختصار ... ... هو الخزي ... و أي خزي ... ... هو العار... و ياليتنا نستطيع غسلنا من هكذا عار ... ... من انتم ... و كيف إلى أوطاننا تسللتم ... ... كيف لم نراكم حينها ... ... أكنا إلى هذا الحد عمي الأبصار ... ... آه منه هكذا زمن ... ... كيف استبيحت فيه كل القيم ... ... كيف انقلبت فيه الموازين و تبدلت فيه الأدوار ... ... أنتم العبيد أم نحن العبيد؟ ... ... أم نحن العبيد و انتم ورقة التوت التي أخفت لسنوات و لسنوات عورتنا ... ... أم أنكم الإجترار المستمر لوباءٍ اجتاح منذ قرون تلتها قرون جينات أمتنا ... ... أم أننا نحن كنا الوباء و انتم فقط... كنتم و ما زلتم فقط ... ... أقصى التجلى لقمة تخلفنا؟ ... ... آه منه هكذا زمن ... ... أصاب الكون كله بالدوار ... ... من نحن اليوم فيه ... ... و من نحن... منذ قرون خلت فيه كنا ... ... أ نحن المغضوب عليهم في القرآن الكريم يا ترى ... ... و ما محمد إلا البشير لقومٍ آخرين أتى لينذرنا في أم القرى ... ... فمكرنا له ... ... كما مكرنا لموسى و عيسى قبله ... ... فجرى علينا ما على القوم الكافرين ... ... المحرّفين ... ... في الغابرين جرى ... ... أم أننا كنا و ما زلنا القوم المستضعفين ... ... و لا زلنا ننتظر ميراثنا مع المنتظرين... ... قيامةً تعيد للكون كله توازنه ... ... فتنهي صراعنا مع الموت و تقتله ... ... و تهبنا حياةً أعدل من هذه الحياة ... ... و شيئاً من طمأنينة و بعض من أمانٍ و سعادة بعد استقرار ... ... لكن هيهات... ... هيهات أن نرى قيامةً لنا من دون ثورة... من دون توار ... ... من نحن ... ... سؤال يستحيل أن نجد له الجواب من دون أن نتألم... ... من دون أن نسشعر الخجل... من دون مرار ... ... سؤال جوابه بسيط... ... لكن خزينا أخفاه عن وعينا... ... في اللا وعينا... ... في قاعٍ عميقٍ فيه بلا قرار... ... فتهنا... ... و استلبنا... ... و بتنا بعدها بلا إرادة حرة...بلا قرار... ... من نحن... ... نحن أمةٌ استعذبت ذبحها... ... فباتت تطلب الموت لنفسها بنفسها من الجزار... ... من نحن... ... لنسأل انفسنا مرة واحدة هذا السؤال... ... من دون تبجح... ... من دون تنطح... ... من دون تشبث بماضٍ سحيق... ... لم نره... ... و لنقارن حاضرنا مع حاضر أشباهنا في الخلق من أمم الجوار... ... من نحن ... ... يا لعارنا أن نطقت ألستنا بالحقيقة... ... و سمعتها أذاننا بلغتنا... ... بلهجتنا... ... بلكنتنا... ... بكل أحرف أبجديتنا... ... يا لخزينا... أين سنخفي سوءة وجوهنا... ... في أي قعر عميق... ... تحت أي حجر... ... في بطن أي تربة... ... خلف اي صخرة... ... في عتمة أي ظلمة في غار... ... من نحن... ... أمة المغضوب عليهم نحن..أم أننا أمة الضالين... ... و أي فرقة منا تمشي اليوم يا ترى على صراط الله المستقيم... ... و أي طائفة منا ستتجرأ على الإدعاء بأنها على دين الله... ... و على دين ذاك الرسول الأمي... ... و أنها من سلالة قومه المؤمنين... ... سنظل هكذا ... كما نحن...على حالنا هذا إلى يوم الدين... ... نولد لنُستعبد... ... لنُستعمر ... ... لنَقتُل و نُقتل... ... ولنموت جوعى أو مقهورين... ... و سيولد طفلنا ليُستعبد... ... ليُستعمر... ... ليَقتُل و يُقتل... ... و ليموت على سُنة أبائه الأولين... ... ها نحن ما نحن و من نحن... ... نستفيق كعادتنا جداً جداً متأخرين... ... كنا في ما مضى... ... و لا تبحثوا عن ما مضى... ... فما مضى قد ولّى منذ زمان و قد مضى... ... فنحن ما عليه اليوم فقط... ... أمة كالدّابة العوراء أو العمياء... ... مقعدة... ... صماء و بكماء... ... تجتر مصائبها و مآسيها اجترار... ... تكرر حماقاتها و لا تيأس من التكرار... ... امة استذوقت ملح الخيانة... ... و طعم الخيانة... ... و ذل الخيانة... ... فصارت مثل الخيانة... ... سهلة الإقتياد و جبانة... ... تجاهر بجهلها... ... بتخلّفها... ... بخيانتها... ... بكل وقاحة و صلف... ... من دون اصفرار ضمير أو خجل... ... من دون احمرار... ... ها نحن ما نحن... ... ما زلنا على عهدنا السابق... ... نحارب الأنبياء و الأولياء و الصالحين... ... نلاحقهم... ... نحاصرهم... ... نشيطنهم... ... نتآمر عليهم لنزهق الحق بقتلهم... ... إذا ما طالبت به ألسنة رصاص بنادقهم... ... و نتوارى خلف قناع البلاهة مردِّدين... ... لا حول و لا قوة لنا على الظالمين... ... فأوامر الملك مقدسة... ... و نواهي الأمير مقدسة... ... و فتاوى شيوخ الظلام مقدسة... ... و لا خلاص لنا إلا بقتال المقاومين... ... أ نحن حقاً أمة من سلالة قومٍ مؤمين... ... أم أننا كنا و لا زلنا على عهدنا السابق... ... أمة القوم الضالين... ... أمة المغضوب عليهم... ... بدليل كل هذا القتل فينا... ... كل هذا الإجرام و هذه الخيانات في جينات بنينا... ... كل هذه الإنتكاسات في ديارنا... ... كل هذه الدماء... ... كل هذا الدمار... ... متى سنفهم أن ديننا هو دين السلام... ... بيننا أولاً... ... قبل أن يكون مع خصومنا... ... و قوة بالشراكة مع من ساندنا وليس مع عدونا... ... و مع من صدقنا فعله قبل قوله من أشقاء أمم الجوار... ... متى سنفهم أن الدين أخلاق... ... و وئام و وفاق... ... و رحمة و سلام من الإسلام... ... و علم و علو و تقدم و ازدهار... ... متى سنفهم أن دين الله أمانة في أراضينا... ... و أنه اختصّها به ليربي الأخلاق فينا... ... و أننا أضعنا الأخلاق بعد خياناتنا... ... و بعد انقلابنا على كتاب الله و تعاليم النبيّينَ... ... متى سندرك أننا كنا نحن شعب الله المختار... ... و أننا كنا نحن من خنّا... ... و تآمرنا... ... و قتلنا النبييّن... ... فاستحقينا غضب الواحد الأحد القهّار... ... نحن أبناء و أحفاد الأمة الضالة... ... تفرّقنا و ما زلنا إلى يومنا هذا متفرقين... ... نحن الذين تآمرنا على الدين... فحرّفناه... ... و جعلناه فرقاً و مللاً و شوّهناه... ... نحن الذين هجرنا قداسة كتاب الله... ... و قدّسنا الاقاويل... ... و الأحاديث... ... و تآليف المتفلسفين... ... و المتقوّيلين... ... و جعلنا مع الله شركاء من رجال ماتوا... ... و شبعوا موت... ... و أيضاً من سِيَر الأبرار... ... نحن ما عليه اليوم لأننا متفرقين... ... و لن تقوم لنا قيامة إلا بتصحيح الدين... ... أن نعود إلى كتاب الله فقط... ... و فقط كتاب الله... ... و نرمي خلف ظهورنا كل ما قدسناه... ... من أحاديث النبيين قبل أحاديث المتفلسفين... ... من أحاديث الصادقين قبل أحاديث الكاذبين... ... لنُخلق من جديد... ... و نولد من جديد... ... أمة واحدة... ... كتابها واحد و دينها واحد... ... و سيرتها واحدة... ... صلابتها من قوتها في وحدتها... ... و ليس في تمذهبها و تفرقها... ... و أيضاً و أيضاً... ... و ثم أيضاً... ... ليس في ثقافة وهم الإنتظار... ... نحن نعاني من أزمة وفاق... ... و من قلة أخلاق... ... و من فساد تمدد و تفشى منذ قرون فينا... ... تسلل إلى حاضرنا عبر ماضينا... ... كبر و تضخم حتى صار سكيناً و دينا... ... قصصنا به جذور هويتنا... ... ثم استحال سيفاً... ... انتحرنا به و قطّعنا به الأعناق... ... هذا ما نحن... ... نحن أمة حمّلت أمانة السموات... ... و معجزة كل البيانات... ... فكانت كمثل الحمار الذي حُمّل الأسفار... ... نحن أمة انفعالية... ... تهيج بصوتها على أتفه قضية... ... و عند كل مفترق طرق... ... إذا عدوها هدّد وجودها و اجتاح حدودها... ... أو على بابها الهش بيد فتنته طرق... ... تنكمش على نفسها... ... و تستعين بذل خمولها على حرّاس وجودها... ... و تترك أبطالها وحدهم في الساح... ... و تتجمع كأروع قطيع خلف أسوأ حمار... ... نحن أمة كُتب عليها الذل و المسكنة منذ قرون... ... يوم تآمرنا على الله و أنبيائه... ... و قتلنا الصالحين من أتباعه و أوليائه... ... و فُتنا بعجل السامري و خواره... ... و انبهرنا بزينة قارون أيما انبهار... ... نحن لولا معجزة القرآن بلسانه العربي فينا... ... ما كان لنا وجود بين الأمم... ... و لكنا اندثرنا و انقرضنا و ذكرنا في هذا الوجود انعدم... ... و لما بقيَ منا من يحدث عنا... ... و ما عُرفت لنا بين باقي الشعوب أية أخبار... ... فبئساً لنا من أمة... ... دمرت نفسها بنفسها... ... و انكسرت من كثرة خياناتها و جهلها... ... فصارت ذليلة عميلة... ... باعت أرضها و نفطها و عرضها... ... و سجدت تعبد الدينار و الريال و الدولار... ... نحرت مستقبل و غدِ ابنائها... ... و خانت كل أقداس و وصايا ربها و أنبيائها... ... و ركعت تستجدي الرضى من عين ربها الجديد... ... راعي الثيران و العبيد... ... سيد البيت الأبيض... ... حالب العرب و ثروات العرب مثل نوق البعير و الأبقار.