2024-04-19 12:39 م

الخيار بين ولاية الفقيه المقاومة ام بين التبعية للأمام ترامب !

2017-05-26
بقلم: حاتم استانبولي
من الواضح ان زيارة ترامب للمنطقة وضعت اسسا جديدة للعلاقة بين ادارته والدول التابعة لسياسته (حلفائه). وهنا يحضر سؤال ما هو الجديد في هذه الزيارة ولماذا هي مختلفة عن سابقاتها للرؤساء السابقين ؟ اولا: الزيارة جائت في وضع تظهر فيه ملامح تراجع هجمة التحالف الغربي الخليجي على سوريا واليمن في حين انها بمأزق في ليبيا وتعثر في تونس وحائر في العراق, مترافقا مع تشكل حلف روسي ايراني سوري مدعوما من الصين والهند وجنوب افريقيا . من الواضح ان الصراع مع سوريا وعليها هو مفتاح باب التغيرات على الصعيد العالمي ونتائج خريطة الصراع على الارض السورية ستترك اثرا على شكل النظام العالمي الجديد الذي بدات ملامحه تتشكل من باب العتيق في حلب والباب الشرقي في دمشق . ولكي نفهم الصورة بشكل واضح علينا العودة الى تعريف ان السياسة هي اقتصاد مكثف ! وعليه فان ازمة النظام الراسمالي العالمي بشكل عام والأمريكي بشكل خاص تتعمق والصراع بين مراكزه تاخذ طابع التعارض احيانا والتناقض احيانا اخرى ! ويلجا الطرف الأقوى داخل منظومة راس المال لفرض رؤيته ويحاول حل مشكلاته على حساب الأطراف الأخرى . وفي هذا السياق نفهم انسحاب بريطانيا من الأتحاد الأوروبي والخلاف حول تمويل حلف الأطلسي والصراع حول الأتفاقات عبر المتوسط او بين دول شمال امريكيا ! واذا دققنا في الصورة اكثر فاننا نرى ان الحلول الراسمالية ( العولمة ) اصبحت تشكل عامل ضعف وليس قوة بين دول راس المال واصبحت تشكل خطرا على تماسك النسيج الأجتماعي للدول ونزعة التطرف اليميني بدات تتفاقم بحدة في مجتمعاتها والحلول التخديرية لم تعد تنجح معها ! ان اهم ما تواجه هذه الدول هو المديونية الداخلية والخارجية واذا دققنا فان كل من امريكا وبريطانيا وفرنسا والمانيا ولوكسمبورغ تتصدر قائمة المديونية ! ولحل هذه الازمة لجأت الأدارة الأمريكية لحل ازمتها من خلال ثلاث محاور : الطلب من شركائها الأوروبين المساهمة الأكبر في حلف الأطلسي وهذا يعني ان تقوم بتغطية نفقات القوات الأمريكية المنتشرة في العالم والتي تؤمن المصالح الأمريكية اولا ! ثانيا : التلويح بتغيير انظمة الخليج العربي لأخضاعها التام سياسيا واقتصاديا ووضع اليد الأمريكية على مقدراتها بشكل تام ! ثالثا تصعيد التوتر في الشرق الأقصى مع كوريا الشمالية لتشكل عامل ابتزاز لكل من اليابان وكوريا الجنوبية وعقد صفقات اسلحة تحت عنوان مجابهة الخطر الكوري الشمالي وبذات الوقت الضغط على الصين واعطاء مبرر لتواجد الأسطول الامريكي في بحر الصين ! وفي هذا السياق ينظر لزيارة ترامب وفريقه العائلي الى الرياض . لقد خيرت الانظمة الخليجية بين تغييرها او تقبل الأملات الأمريكية (والأسرائيلية). فاختارت الأملآت وقدمت كل ما طلب منها داخليا وخارجيا فقد ترافقت الزيارة مع حالة هجوم داخلي على المنطقة الشرقية لمحاولة استفزاز الطائفة الشيعية واستثمارها في مؤتمرها واقناع الجبهة الداخلية ان الخطر الشيعي داخل البيت ونسوا ان السيعة هم متواجدين منذ الآف السنين في وطنهم وانه ليسوا لاجئين او طارئين. المدقق في المؤتمر ونتائجه يلاحظ انه شكل انعطافا تاريخيا من حيث الشكل ففي الجوهر لم يختلف دور هذه الأنظمة ولكن في مؤتمر الرياض تم اعلان وتوثيق العلاقة وحدد توجهات هذه الأنظمة وحاولت ان تعمم سياسة التبعية على 55 دولة . ان اخطر ما نتج عن مؤتمر الرياض هو اعلان الحرب المذهبية رسميا بين السنة والشيعة واعتبر العداء لأيران وحزب الله هو القاسم المشترك بين كل من ممثلي (السنة واليهودية والكاثوليكية الترامبية) وسيسجل التاريخ ان من بدأ بهذا الأعلان وشكل له القوة العسكرية والمادية وعقد التحالف مع امريكا و(اسرائيل ) هي دول مجلس التعاون وفي مقدمتها السعودية . وسيسجل التاريخ ان السعودية اسقطت كل المطالب العربية (المبادرة العربية) بشان القضية الفلسطينية وخضعت للمطالب الأسرائيلية بان التطبيع اولا ومن ثم الحديث عن الفلسطينيين ليس كقضية وانما كحل لمشكلتهم السكانية , وفي هذا السياق تفهم كلمة العاهل الأردني الذي خرج عن سياق المؤتمر وحذر من خلال اعلانه عن ضرورة الحفاظ على طابع القدس وحمايته وظهرت كلمته انها تغريد خارج السرب وهذه رسالة اعتراض وتوجيه ملاحظة على ان اي حل لن يكون على حساب الأردن .اما كلمة الرئيس المصري فقد دقت اسفين بين دول مجلس التعاون لأشارته بتوجيه اصابع الاتهام للدول التي تدعم الأرهاب وتموله وللدول التي كانت تشتري النفط من داعش . هذه الكلمة التي ادت الى نتائج سريعة ظهرت في تسريب موقف دولة قطر الذي ادى لخلاف بين دول المجلس. من الواضح ان هذا المؤتمر قد نجح من حيث الحضور ولكن لن يكتب له النجاح من حيث تحويل نتائجه لواقع ملموس . حيث اخذ ترامب طلبه المالى والأقتصادي والسياسي وارسل رساله لحلفائه ان منطقة الخليج ولاية امريكية محصورة الصلاحية وان قواته لن تحارب بالنيابة عنهم وان هذه الموال التي استلمها هي تعويض عن غزو العراق وافغانستان . السؤال المهم هل سينجح ترامب من خلال حركته في تاجيل الأنهيار الأقتصادي وخفض سقف المديونية؟ ام سيلجأ لأشعال حروب اكبر من اجل نهب ارصدة الدول الأوروبية ! هل ستكون الحروب في الغرب ام الشرق ام الشرق الاقصى ؟ من الواضح ان الشرق الأوسط انهك وخزائنه نهبت ونفطه صودر واسرائيل نصبت رسميا بارادة خليجية على راس هرم حلفاء امريكا ! اما على الصعيد المعادي لها فما زالت قواه تحقق التقدم على الأرض والمعادلة السورية تخضع لسياسة القضم التدريجي والأهم ان المشروع الفكري الأخواني القاعدي الداعشي ودخل في صراع مع الوهابية , ونفذت مفاعيله لدى المستثمر واصبح عائقا وحملا ثقيلا عليه ! وهي تبحث عن استخراج بدائل ولكن بمسحة قومية عشائرية اكثر قبولا . ان محاولات حرف الصراع ستبؤ بالفشل . ان اعلان الحرب المذهبية هي خدمة لأسرائيل اولا واخيرا وخلط للأوراق لا يمكن ان تحمي نظمكم, وانما هي فخ نص لشعوب المنطقة لفتح جولة جديدة من الصراع مع عدو وهمي هدفه استمرار النزيف البشري والأقتصادي والمادي ! قبل ال78 لم تكن ايران الشيعية ولا حزب الله ولكن كانت مقاومة فلسطينية ولبنانية وخلقوا لها عدو وهمي هم الكتائب والأحرار وحلفائهم وخاضوا المعارك( الطائفية ) مع الثورة الفلسطسنية والحركة الوطنية اللبنانية واخرجوا المقاومة من لبنان واجبروها على الدخول في النفق المظلم وتحولت الكتائب والقوات الى قوى وطنية واصبح الموقع على اتفاق 17 ايار مع اسرائيل قائد وطني وحليف (للسنة ) والسؤال المهم من تغير القوات والكتائب ام ممثلي (السنة) ؟ الجواب ان ممثلي (السنة ) هم من انتقلوا الى موقعهم الأمريكي الأسرائيلي ! فالواقع يقول ان المعادلة القائمة الآن هي الخيار ما بين ولاية الفقيه المعادية لأمريكا واسرائيل ام التبعية للأمام (السني ترامب وحليفه نتنياهو) هذا الشرط الذي وضعه مؤتمر الرياض امام شعوب المنطقة وقواه !