2024-04-18 05:10 م

الطربوش الإماراتي والحدود السورية العراقية

2017-06-16
بقلم: د. يحيى محمد ركاج*
انتهى عصر الإسلام السياسي، ودخل في سبات قد يكون طويلاً وعميقاً، وانتهى معه دور المحمية قطر، رغم أن دورها لن يدخل في سبات طويل أسوة بالطربوش الذي استوعب رأسها المتدحرج، بل الأمر برمته أن دورالمال السياسي قد عاد للواجهة مجدداً، وليس مستغرباً أن يكون طربوشه من الخليج العربي مجددا أيضاً، خصوصاً لدولة الإمارات العربية المتحدة، ولا داعي هنا للمقاربة أو التساؤل أين النمور الآسيوية وأين الدولة الفلانية وأين غيرها وأين ......الخ. فالطربوش هنا كما يقال باللهجة العامية (صحيح أنه لبيّس) لكن ليست كل الرؤوس قادرة على تحقيق الجاذبية نفسها، ناهيك عن أن الإدارة الأمريكية باستراتيجيتها المتجددة لا تود الخوض في مغامرات طويلة الأجل فيها من المخاطرة ما قد يجعلها تعطي أجزاءً من وقتها للمنطقة العربية، فملفاتها في أفريقيا وأوروبا أكثر أهميةً لها بعد أن قام العربان بتحقيق أهدافها في منطقتهم بالوكالة والعمالة. وبالعودة إلى الإمارات العربية المتحدة، مع التركيز على كلمة العربية في التسمية أسوةً بدولةٍ أخرى كان لها هدفاً آخر بالحرب الأمريكية على منطقتنا، لم تأت من فراغ، فهي وفق أسلوب استراتيجية الذكاء المتبع عندهم لها أهدافها وغاياتها، إلا أنني سوف أقف هنا على مقال قديم نوع ما توقفت عنده مع قضية إفلاس دبي القابضة، ومن ثم أتت قضية اغتيال القيادي الفلسطيني محمود المبحوح على أراضي الإمارات، ومسارعة شارلوك هولمز العرب آنذاك في دبي للكشف عن تورط صهيوني في القضية، لتنتهي بعدها ملفات التحقيق بالقضية وينام معها العرب والفلسطينيين في أحضان الجاذبية السياحية في أبراج دبي، وتموت معهم أيضاً قضية إفلاس دبي التي انتعشت بفعل العصا السحرية والقدرة الإلهية لتمارس دورها القذر في اختراق العقول العربية وتشويهها في عمليات التثاقف الهدامة التي تقضي على عقلية الإبداع والإبتكار الصناعي لدى الشباب العربي. ولعل أهمية الطربوش الإماراتي بالنسبة للملفات الأمريكية لا تقل أهميته عنها بالنسبة لمنطقة شرق المتوسط، خاصة بعد عدم القدرة الأمريكية على تحقيق كامل أهدافها في الحرب الإرهابية التي دعمتها ضد الشعب السوري، فالحرب السورية التي أدركت الولايات المتحدة منذ عامين أنها في طريقها للنهاية بعيداً عن تحقيق كامل الأهداف الصهيونية، فرضت خوض حربٍ اقتصادية جديدة في ملفات إعادة الإعمار، التي على ما يبدو أن القيادة السورية مدركة جيداً لأبعاد هذه الحرب وخطورتها، فالطربوش الإماراتي الذي جذب أثرياء سورية وعقولها إليها، ورفض استقبال بقية الشعب الذي أرغمه الإرهاب على هجر بلده، لم يتدخل أيضاً في تسعير الحرب على سورية ولا في الترويج لها، كما لم يثر المشكلة مع إيران، ولم يتم تداول اسمه في أي من منصات إعادة الإعمار التي دعمها الغرب المنخرط في الحرب على سورية والطامع بالكعكة السورية. ولعل أهمية البوابة الإماراتية تفوق البوابة القبرصية في إعادة الإعمار مع تسارع إنجازات الجيش العربي السوري بالوصول مع الجيش العراقي إلى نقطة التماس على الحدود، أي تحقيق إنجازٍ إقتصاديٍ يفوق وصفه إعادة شريان الحياة الاقتصادية للاقتصاد السوري، فهو بوابة النهوض المتجدد للاقتصاد، وإعادة إحياء شبكة الربط اللوجستية مع إيران وصولا للبحار الخمسة، الأمر الذي يستدعي إما الزج ببوابتي الإمارات وقبرص في ملفات إعادة إعمار سورية والمنطقة برمتها مع ضغوط غربية على سورية لتقبل بهذه المنصات، أو إعادة هندسة تدميرية للبنى التحتية السورية من قبل القوات الأمريكية لمنع سورية من تسريع وتيرة النهوض قبل انتهاء الملفات الأخرى التي تتصارع عليها الولايات المتحدة مع الصين وروسيا ومنظومة البريكس. فسقوط طربوش الاسلام السياسي والقدم التركية والذراع الكردية وبيضة التقسيم الصهيونية التي لم تتحول كما تمنى مركز الدراسات الصهيوني في الكيان الغاصب إلى "عجة" في الأراضي السورية، لن يدفع بالولايات المتحدة إلى مواجهة مباشرة مع روسيا إلا إذا كانت الاستعدادات للحرب العالمية المباشرة قد اكتملت، رغم أن البوادر العالمية تشير إلى غير ذلك، فمواجهة روسيا التي تبتعد عن الواجهة العسكرية المباشرة مع أمريكا يخفي وراءه الكثير الكثير، خاصة بعد البريجزت البريطاني (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)، وإعادة رسم صورة المارد الإيراني في مخيلة شعوب الخليج العربي. عشتم وعاشت سورية قلب العروبة النابض.
*باحث في السياسة والاقتصاد (سورية)