2024-04-19 12:40 م

" الغزو الأمريكي للأراضي السورية ... الهدف والعناوين وخيارات الرد !؟

2017-06-18
بقلم :هشام الهبيشان
أن يستمر الأمريكان بعمليتهم العسكرية شرق و شمال شرق سورية ،وان يتحوّل الوجود الأمريكي في شمال شرق سورية إلى أمر واقع يحاولون فرضه بالقوة ،يحتاج على الارجح لقراراً عسكرياً من سورية وحلفائها للتصدّي للعدوان الأمريكي على الاراضي السورية الذي كان تحت حجج محاربة النصرة وتنظيم داعش، أو على الأقلّ التوجه إلى مجلس الامن والأمم المتحدة لردع الأمريكان عن هذا العدوان السافر على الأراضي السورية . فاليوم هناك غزو مباشر وعلني بري وجوي للأراضي السورية من قبل أمريكا، وهناك حرب تصريحات شنّها ترامب وبعض المسؤولين الأمريكان بشكل مباشر مؤخراً ضد الدولة السورية ونظامها السياسي، ومن هنا اعتقد انّ القادم من الأيام سيحمل الكثير من التطورات الدراماتيكية على صعيد ردّ سورية وحلفائها عسكرياً وسياسياً وأممياً على العدوان الأمريكي السافر على الاراضي السورية، وخصوصاً بعد حديث الأمريكان عن نيتهم التوجه إلى دير الزور مع قرب نهاية معركة الرقة . وهنا، لا يمكن إنكار حقيقة أنّ الأمريكان حاولوا وما زالوا يحاولون المسّ بوحدة الجغرافيا والديمغرافيا للدولة السورية من خلال السعي للسيطرة والنفوذ على مساحات جغرافية من شمال شرق وشرق سورية ، فالأمريكي أظهر منذ بداية الحدث السوري رغبته الجامحة بسقوط شمال سورية خصوصاً وسورية كلّ سورية في أتون الفوضى، ودفع كثيراً باتجاه انهيار الدولة والنظام السياسي السوري، وهذا الأمر ينطبق على أطماع الأمريكان بالشرق السوري، فكانت لهم صولات وجولات في هذا السياق، ليس أولها فتح مصانع سلاحهم بالكامل أمام المجاميع المسلحة وتزويدها بالسلاح والمسلحين العابر والعابرين للقارات ، وليس آخرها ما جرى من أحداث مؤخرآ من غزو علني للاراضي السورية ، واعتقد انّ الهدف الرئيسي للتدخل الأمريكي هو الاستحواذ والسيطرة على جزء من الجغرافيا السورية لتحقيق مطامع اقتصادية وسياسية أمريكية. وهنا ندرك جيداً ، أن أمريكا لم تأت لسورية لمحاربة داعش أو النصرة "فهذه أدوات بيد أمريكا تحركها كما تشاء "، وإنما جاءت لغزو سورية بعد ان تيقنت بأنّ مساحة المناورة لها بسورية قد ضاقت بشكل كبير بعد التدخل الروسي ، ولهذا قرّرت التحرك لإيجاد هامش واوراق مناورة جديدة لها بالاقليم، وهنا لا يمكن إنكار حقيقة أنّ الغزو الأمريكي للأراضي السورية ما كان ليتمّ لولا التوافق والدعم لهذه الخطوة الأمريكية من بعض الأنظمة العربية والغربية وبعض القوى المنخرطة بما يسمى المعارضة السورية بالخارج . وهنا ،من الطبيعي ان يشكل الغزو الأمريكي خطراً كبيراً على مستقبل الدولة السورية سياسياً وامنياً وجغرافياً وديمغرافياً، وخصوصاً بعد اتضاح حقيقة التعاون بين الأمريكان وتنظيم داعش، وهذا ما يؤكد أنّ المرحلة المقبلة ستشهد أحداثاً دراماتيكية عسكرية وسياسية ضدّ هذا الغزو الأمريكي للأراضي السورية، وهذا ما يؤكد أنّ الدولة السورية والجغرافيا السياسية السورية قد دخلت بمرحلة اشتباك دولي واقليمي جديد، وعلى ضوء نتائج هذا الاشتباك سترسم من جديد الخارطة السياسية والجغرافية للاقليم والمنطقة العربية ككلّ. ختاماً، من المؤكد أنّ الغزو الأمريكي للأراضي السورية يرتبط ارتباطاً وثيقاً بما يخطط له الأمريكان من إقامة مناطق عازلة بالشمال والجنوب السوري، فمحاولة وصل منطقة نفوذ أمريكية تمتدّ من شمال شرق سورية إلى شمال غربها إلى اقصى جنوبها هو مخطط أمريكي قديم، ولهذا هم يسعون للاحتفاظ بمنطقة نفوذ جديدة بشرق سورية " التنف " وبالريف الشمالي لحلب "منبج " بالتحديد لضمان فرض سيطرة أمريكية ومساحة نفوذ ومناورة أمريكية جديدة بالإقليم، وهذه الخطوة بالذات ستكون لها تداعيات كارثية على أمن المنطقة والاقليم ككلّ.
*كاتب وناشط سياسي – الأردن
hesham.habeshan@yahoo.com