2024-04-17 02:53 ص

ظلال يوم القدس العالمي ورسائل الصواريخ الإيرانية على دير الزور

2017-06-22
بقلم: المحامي محمد احمد الروسان*
انّه لمن حسن الطالع أن يتزامن الاحتفال بيوم القدس العالمي هذا العام الهجري المبارك، في هندسة فعل عسكري عميق بالمعنى الرأسي والعرضي، تمثل بتموضع في دك القوّة الصاروخية الإيرانية البالستيّة بواطن الإرهاب الأممي المسيّل في أحشاء الشرق السوري، من جغرافية شمال غرب الجمهورية الإسلامية الإيرانية، في سلّة رسائل متعددة للإسرائيلي والأمريكي، ومن ارتبط بهما من بعض عرب ومسلمين، جعلت الكيان الصهيوني حيراناً مرتبكاً فقد توازنه. فعلى خلفية التطورات الإقليمية والدولية شهدت الساحة الإيرانية الداخلية تنافساً بين تيار المحافظين من جهة, الذي يراهن على خط الثورة الإسلامية, وتيّار الإصلاحيين ومعهم المحافظين المعتدلين من جهة أخرى الذي يراهن على العمل السياسي البراغماتي، مع الأوضاع الداخلية والإقليمية والدولية ملتزماً بنهج الثورة الإسلامية أيضاً, ومع مجيء العملية السياسية الانتخابية الأخيرة, والتي كانت فرصة لوسائل الميديا العالمية في تضخيم وتفخيم هذا التنافس وتصويره للرأي العام الدولي على أنّه صراع, وهو غير ذلك في حقيقته, لأسباب تعلمها العامة قبل الخاصة . ومما لاشك فيه, أنّ الانتخابات الإيرانية الأخيرة ذات المشاركات الشعبوية الواسعة, أثارت حماسات غير عادية , أعجبت خصوم طهران الإقليميين والدوليين .... وجعلت الطبقة الوسطى الإيرانية ذات الآفاق السياسية الحقيقية أن تعبّر عن نفسها بنفسها, حيث يتم الرهان عليها على مستوى القوام الإيراني الداخلي في إحداث الانجازات والتغيرات المختلفة داخل مؤسسات الدولة الإيرانية، بحيث قالت هذه الطبقة التي تمثل غالبية الشعب الإيراني المتعدد القوميات كلمتها النهائية والمتمثلة في أنّها طبقة سياسية حيّة، تحافظ على الصراع الطبقي في المجتمع وتعمل على تجديد النخب السياسية والدبلوماسية والدينية والأستخبارية، وتقول رأيها بكل صراحة ودون خوف أو وجل في ظل النظام الثوري الإسلامي الإيراني. فقد تجسّدت الثورة الإسلامية الإيرانية على شكل دولة هي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتجري فيها انتخابات محلية وبرلمانية ورئاسية، .... واستطاع قادة وكوادر الثورة أن يجعلوا من الثورة دولة تتعاطى مع معطيات العالم الحديث والمتمدن. وبالنتيجة كشفت الانتخابات الأخيرة، حيوية وديناميكية الثورة الإسلامية الإيرانية، كما كشفت عن دور إقليمي ودولي موجّه, تمثل في التضخيم الإعلامي في تصوير المعركة السياسية الانتخابية, بأنّها تعكس صراعاً قويّاً مصيرياً بين تيار محافظ وتيار إصلاحي، في حين أنّ المسألة تنافس شريف لخدمة الثورة الإسلامية ومآلاتها إزاء شعبها والشعوب الإسلامية والعربية، وذهبت بعض تقارير أجهزة المخابرات الدولية بوصفها للتيار الإصلاحي على أنّه تآكل على مستوى القوام السياسي الداخلي والخارجي الإيراني. وأسهبت مثل هكذا تقارير إزاء الطرف الآخر، أنّه تيار محافظ يسعى إلى تعزيز القدرات الإيرانية, دون تقديم تنازلات للأطراف الخارجية الإقليمية والدولية, وتيار إصلاحي يسعى إلى تعزيز القدرات الإيرانية عن طريق البراجماتية وتبادل التنازلات مع الأطراف الإقليمية والدولية. المحافظين راهنوا على المدرسة العسكرية – السياسية, بعبارة أخرى اعتمدوا على مفهوم أولوية الأمن القومي من أجل ردع الخطر الخارجي، بينما الأصلاحيون راهنوا على مفهوم ضرورة أولوية التنمية الاقتصادية – السياسية – الاجتماعية – الثقافية – الفكرية لردع خطر التفكك الداخلي. وإيران ما بعد المشهد الانتخابي الحيوي داخليّاً إذ ستعمد إلى تعزيز قدراتها العسكرية والأمنية مع تعاظم قوّة حرس الثورة على القوام المؤسساتي الإيراني، وفي ذات السياق تزايد الضغوط الاقتصادية الداخلية, والمواجهات مع الأقليات والحركات المنشقة وتراجع في برامج الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية، لذلك من المتوقع أن تعمد حكومة الرئيس حسن روحاني، إلى الاشتباك مع الملفات الاقتصادية الداخلية، والعمل على تخفيف أثر العقوبات الاقتصادية ولاحقاً إلغائها وتحت عنوان: سياسة الخطوة خطوة، كما أكّد الرئيس روحاني على ضرورة البناء على الأرضية المشتركة، في العلاقات وحتّى مع الرياض التي قطعت علاقاتها مع طهران، وتعزيز العلاقات والروابط رغم الخلافات، وشدّد على ضرورة اعتراف واشنطن بحقوق إيران في المجال النووي وعدم عرقلة الاتفاق ذاته. أمّا على المستوى الإقليمي الساخن وبسبب الحدث السوري ومآلاته, إذ تسعى إيران إلى تعزيز الروابط مع حلفائها الإقليميين سوريا, الصين, الفدرالية الروسية، كل دول البريكس الأخرى، حزب الله, محاولة إعادة حماس إلى تموضعها السابق، تسخين العلاقات مع حركة الجهاد الإسلامي، كذلك إذ تنهج إيران نهجاً آخر مختلف هذه المرّة مع من يختلف معها في رؤيتها للمنطقة من أطراف إقليمية عربية وغير عربية، كما ستسعى إلى تعاظم وتعزيز روابطها المختلفة مع دول أسيا الوسطى الحديقة الخلفية للاتحاد السوفياتي السابق .... مقابل ذلك سوف تتزايد حركة الاستقطاب الإقليمي, مع سعي دؤوب وحثيث للحركات المنشقة الإيرانية إلى استخدام مناطق في دول الجوار الإيراني, لجهة القيام بالعمليات العسكرية ضد النظام الإيراني .... كما ستسعى دولة الكيان الصهيوني – العبري إلى المزيد من استهداف طهران وعملها الدؤوب لتشكيل تحالف دولي ضدها, وقد كان هذا واضحاً في آخر تصريحات للنتن ياهو زوج سارة. ولجهة وكيفية التعامل مع الملف النووي الإيراني, سوف تزداد وتتفاقم الخلافات الأمريكية الإسرائيلية, والخلافات الأمريكية الأوروبية, والخلافات الإسرائيلية الأوروبية أيضاً, وهذا سيقود بلا شك إلى ارتباك أمريكي, لجهة المفاضلة, بين خيار التعايش مع إيران نووية, أم خيار استهداف القدرات النووية الإيرانية رغم تسييل الاتفاق النووي, الذي قد يكون بعيداً, وكل المؤشرات وحسب ما أعتقد: ترشح الأول - خيار التعايش الأمريكي مع إيران نووية! وفي سياق الوضع الدولي الحائر, وتحديداً الأمريكي, لجهة التعامل مع إيران, وبوّابتها العربية والإسلامية – قلب الشرق العربي سوريا, بعد مشهد الشارع العربي الأخير, سيكون للتوافقات الروسية الأوروبية, سمة إمكانية التعايش أيضاً مع إيران نووية, مع تقاربات روسية صينية لجهة, القبول بإيران نووية واقعاً وحقيقة وظهر ذلك في الدفع للتوصل إلى الاتفاق النووي مع طهران, وانضمام الأخيرة إلى منظمة دول تعاون شنغهاي, وتمتعها بالعضوية الكاملة, لمواجهة النفوذ الأمريكي في أسيا الوسطى, و وضع قوات واشنطن والناتو, في العراق المحتل, وأفغانستان المحتلّة, مع احتمالية كبيرة لحدوث تفاقمات في سلّة تفاهمات أمريكية روسية, كما تقول المعلومات والمعطيات الجارية, حول الملف جلّ النووي الإيراني والبرنامج الصاروخي الباليستيّ, بحيث تكون موسكو الضامن الدولي المسؤول, أمام المجتمع الدولي, لجهة سلمية البرنامج النووي الإيراني(وهي كذلك)، وانّ برنامج الصواريخ الإيراني ليس له علاقة بالملف النووي رغم محاولات الكيان الصهيوني الزج بهذا الملف, بسبب خصوصية العلاقات الروسية الإيرانية وتساوقاتها, إزاء معظم ملفات الشرق الأوسط وخاصةً الحدث السوري والاشتباك المشترك فيه . ومن جهة أخرى موازية لما ذكر آنفاً, سوف تزداد الخلافات داخل مجلس الأمن الدولي كما قلنا سابقاً, باتجاه التعامل مع إحداثيات الملف النووي الإيراني عبر مسارات الرئيس ترامب وخضوعاته لأدوات الدولة العميقة في واشنطن, حيث ما سيحدث في سيناريو الملف النووي الكوري الشمالي, سيتم إسقاطه على الملف النووي الإيراني, مع سعي حثيث لدولة الكيان العبري – الصهيوني, على تفعيل التسويق لمفهوم الخطر الإيراني الشامل, للضغط على واشنطن لتعبئتها بمواجهة الخطر الإيراني, الذي جعله رئيس الوزراء العبري – الصهيوني, أهم التحديات التي تواجه دولته والعالم, في منطوق خطاباته وتصريحاته, وتفاهماته مع ايباكه, في العاصمة الأمريكية دي سي واشنطن. يوم القدس العالمي الذي سنّه الأمام القائد الخميني رحمه الله تعالى، هو يوم ملحمي يجسّد مفهوم التضامن الإسلامي لقضية إسلامية تاريخية باقية ما بقيت السموات والأرض، يعمل الجميع على حلّها حتى تعود القدس إلى حاضنتها الإسلامية والعربية معزّزة ومكرّمة، ومع تعاظم الخطر الصهيوني الذي يهدّد القدس في ظل الاتفاقيات الاستسلامية التي وقعها بعض النهج العربي مع العدو الصهيوني، لا يسعنا إلاّ أن نتذكر بإجلال وإكبار الإمام الخميني رحمه الله تعالى، الذي أعلن مأثرته الثورية التي أطلق العـنان لها بتاريخ السابع من آب عام 1979م، باعتبار الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك، يوماً للقدس العالمي ليكرّس نهجا كفاحيا يجسد من خلاله النموذج الإسلامي الجهادي الحقيقي، الذي انتصر لقضايا الأمة الإسلامية جمعاء، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وجوهرها قضية القدس الشريف، هذه القضية التي حازت على جانب كبير من اهتماماته الجهادية في وقت مبكر قبل الثورة، وهو يعيش في منفاه عندما عبّر عن مواقفه الثورية بشجاعة، ولم يصمت على مسلسل الجرائم الصهيونية بحق إخوة الدين والإسلام في فلسطين المحتلة، فأطلق صرخته المدوية لرفض هذا الواقع الإجرامي، فدعا الشعوب الإسلامية والعربية والحكّام من منفاه، لرفع الظلم والقهر عن كاهل الشعب الفلسطيني. أمّا عندما انتصرت الثورة الإسلامية في إيران بقيادة سماحته، فإنه أطلق العنان لمأثرته الجهادية ليضع الأمور في نصابها، أمام الأمّة الإسلامية لتتحمل مسؤولياتها وتستشعر الخطر الصهيوني الذي يهدد القدس بدعم ومساندة الاستكبار العالمي. بهذا اليوم التاريخي أعلن سماحة الإمام والقائد المسلم الكبير انحياز الثورة الإسلامية بشكل معلن، لفلسطين والقدس وأصبحت الجمهورية الإسلامية في إيران طرفا أساسيا واستراتيجيا، في معادلة الصراع الوجودي مع القوى المعادية للإسلام لا سيما الصهاينة العدو الأول للأمة العربية والإسلامية. لقد أثبتت المأثرة الجهادية لسماحة الإمام، نظرته الثاقبة لوضع الحلول الجذرية الجهادية المناسبة لتصحح مسار الأمة في إدارة الصراع مع قوى الاستكبار العالمي، واستحداث وعي جديد يمكنّها من استعادة دورها الجهادي في جميع الميادين بعد تغيبه لفترة طويلة. لهذا فإن انتصار الثورة الإسلامية في إيران، كان أكبر من ثورة لأنها تحوّل عالمي ومفصل تاريخي، ما بين الانحطاط والنهوض، وما بين الحق والباطل، فكانت فلسطين المحتلة والقدس في عقل ووجدان الإمام، الذي سكن وجدان الأمة كزعيم مسلم قبل وبعد الثورة، ليس لأنّه عالم دين فقط، بل لأنّه القائد الملهم الذي استطاع بحنكته ودرايته تحطيم أهم ركائز الاستكبار العالمي وأدواته، وبناء الدولة الإسلامية الحديثة وحمل هموم الأمّة التي عالجها وشخّصها بشكل دقيق ووضع الحلول المناسبة، وكانت القضية الفلسطينية من أولوياته على صدر اهتماماته، فكان الهدف من يوم القدس العالمي جمع المسلمين الذين توحدهم أولى القبلتين وثالث الحرمين، تحت راية الإسلام لمواجهة قوى الاستكبار العالمي والصهيونية، وكل من يدور في فلكهم من القوى الرجعية التي منحت العدو الاستكباري فرصة ذهبية لتحقيق أطماعه وأهدافه، التي عجز عن تحقيقها بالحروب منذ أكثر من ستين عاما، لقد استجابوا ( القوى الرجعية العربية) لشروطهم واملاءاتهم العدوانية وأطماعهم التوسعية ليجعلوا من فلسطين المحتلة والقدس نقطة انطلاق باتجاه الأمّة، لترجمة مشاريعهم ومخططاتهم العدوانية، التي تستهدف إخضاع الأمّة وتفتيتها وإثارة النعرات الدينية والطائفية والعرقية والقومية، من أجل السيطرة على مقدراتها وثرواتها وتسويق الكيان الصهيوني المصطنع في فلسطين المحتلة، بشكل شرعي وقانوني من خلال مشاريعهم ومخططاتهم الاستسلامية، ليكون الامتداد الطبيعي للحلف الاستكباري العالمي الذي يدعم ويساند المشروع الصهيوني منذ ولادته وحتى اليوم، لضمان تفوقه العسكري والمساهمة في تطوير بنيته الصناعية التكنولوجية، ليتحول إلى قاعدة استعمارية متقدمة لتغلغل الاحتكارات الدولية العملاقة، في أسواق المنطقة وضمان السيطرة عليها وحمايتها وفرض مشروعهم الجديد على الأمّة، تحت يافطة النظام الإقليمي الشرق أوسطي الجديد، الذي يعتبر جزءا لا يتجزأ من النظام الاستعماري العالمي الجديد، وما يجري في سورية اليوم الدليل على ذلك المشروع. وفي يوم القدس نبحث من جديد المأساة اليمنية المتفاقمة، عقيدة الأمن القومي الولاياتي الأمريكي، تتقاطع مع نظيرتها الفرنسية والبريطانية، والتي صاغ مفاصلها وتمفصلاتها وتحوصلاتها الأممية، أعضاء الحكومة العالمية في البلدربيرغ الأمريكي والفرنسي والبريطاني والصهيوني أعضاء فيها بجانب آخرين، عبر مجموعات من أمراء ليل وغربان موت، بزعامات من أمثال وأشكال كارل رووف(جنيّ)البيت الأبيض ومنظّر الربيع العربي برنارد ليفي، والتي عبّر عنها الناطق الرسمي باسم حكومة البلدربيرغ الأمريكي، الرئيس الزئبقي ترامب، حيث تم الإيعاز إلى المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي لتنفيذها وتوسيعها، فتشمل الآن الحرب على اليمن والذي تركوه أخوته في الجبّ ميتاً، وقد تمتد إلى الجزائر والمغرب، كما أشرنا في أكثر من قراءة سابقة وفي أكثر من تحليل لنا في أكثر من مكان ومناسبة، وعبر الفضائيات ووسائل الميديا المختلفة وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، وستضرب في قلب القارة الأفريقية حيث الصراع مع الصين وبريطانيا وفرنسا وإيران وحزب الله هناك. وهذه العقيدة أيضاً هي في جزء منها يتموضع في سعي حثيث للولايات المتحدة الأمريكية إلى إنشاء نسخة متطورة ومختلفة من حلف بغداد جديد في الشرق الأوسط، انّه الناتو العربي بمضمون القوّة العربية المشتركة، والتي لا نعرف حتّى اللحظة طبيعة النظام الداخلي لها، خاصةً بوجود(دولتان تلتزمان بمعاهدة مع الكيان الصهيوني)فهل تقبل مثلاً تل أبيب بتدخل عربي لإعادة السلطة الفلسطينية إلى غزّة مثلاً؟ والأخيرة أراض محتلة من قبلها، كذلك ما ماهية العقيدة العسكرية لهذه القوّة المشتركة؟ ثم هل ثمّة علاقة لهذه القوّة مع إسرائيل الصهيونية؟ ألم يبادر رئيس جهاز الموساد الأسبق إلى القول: سيكون هناك تعاون مع هذه القوّة كوننا نحارب الإرهاب! فأيّ إرهاب تتحدث عنه أيّها السافل شابطاي شابيط؟. عقيدة أمريكية جديدة صيغت، حتى تتمكن العاصمة واشنطن من سحب قوّاتها من المنطقة ومناطق شمال أفريقيا كي تعيد تموضع قواتها في الشرق الأقصى، فوفّرت الغطاء السياسي لعمليات حلف بغداد الجديد وغردقه السياسي، بشجر الغردق ذاته وجلّه وفصله(الناتو العربي)على اليمن وما زالت توفرها. أمريكا لا تريد إنهاء الأزمات في منطقة الشرق الأوسط، بقدر ما تريد إدارة الأزمات، لا بل وأزيد من ذلك، تستخدم الأزمات عبر الوكلاء من بعض عرب، كأسلوب إدارة لذات الأزمات، لذلك واشنطن دي سي تدرك أنّ العقدة الحقيقية في المنطقة تكمن في أنّ كل شيء ممكن وفي ذات الوقت ليس كلّ شيء متاح، وتدرك أنّ وكلائها في المنطقة لا يدركون ذلك، وان أدركوه تناسوه وبادروا إلى الفعل لغايات آنية ضيقة، وجعلوا صراعاتهم كدول صراعات شخصية بل وطفولية. وهناك بون شاسع بين الممكن والمتاح، وهو المسؤول عن تموضع الشكل والجوهر الذي ينتهي إليه مسرح العمليات، حيث تضيق الخيارات كل الخيارات، وزمن المتاح بدأ يتلاشى قبل الكارثة القادمة التي ستمزّق المنطقة وعبر حرب العرب بالعرب، حيث العرب ما زالوا يمارسون إستراتيجية اللهاث وراء إيران، والأخيرة توظف وتستثمر في الأيديولوجيا لأحداث اختراقات جيواستراتيجية تخدم مصالحها، في حين أنّ العرب الأيديولوجيا عندهم تستخدم لحماية الأنظمة حتّى ولو قادت إلى تفتيت المجتمعات أو حتّى إلغائها. الحرب والعدوان على اليمن فضيحتنا الكبرى كعرب، نقول: إيران وصلت إلى هناك.. حسناً، من الذي أوصلها وفتح أمامها الأبواب؟ ألسنا نحن العرب؟ من الذي ترك اليمنيين طوال عقود خلت على تخوم العدم؟ ألسنا نحن العرب؟ أرادوا لليمن أن تكون رجولته عند حدود الجنبيّه(الخنجر)، وصدق من قال أنّ الحفره اليمنية بمثابة برمودا عربي، صحيح أنّه في اليمن شعب بهياكل عظمية بفعلنا كعرب، وصواريخ تنهال عليه عبر إعادة الأمل هذه المرة، ولكن جلّ العرب هياكل عظمية بعد أن دمروا جيوشهم بأياديهم فصارت المقاومة وجهة نظر والإرهاب وجهة نظر. فمن يفشل في المعركة كما هو حاصل الآن في عدم تحقيق أي هدف من بنك أهداف الحرب على اليمن، والتي صارت تعصف بأصحابها، لن يكون قادراً على تكرارها بالمطلق لا على ذات الميدان اليماني ولا على الميدان السوري إن فكّر وقدّر، بل يذهب مكرهاً مجبراً إلى مسرح آخر وميدان مسرح عمليات جديد، حيث وحدهم ووحدهم فقط أصحاب القضية من يكرر المحاولة، أمّا أصحاب المشاريع سواء كانوا من الأصلاء أو الوكلاء للغربي، فيبحثون دوماً عن البدائل تنفيذاً لدور مرسوم ومقدّر لهم بامتياز. محاربة الإرهاب تتطلب التزاما أكثر جدية من قبل الدول الغربية و فرنسا بشكل خاص، و ينبغي على القادة الأميركيين و الفرنسيين والبريطانيين وكل المنظومة الغربية والمندرجة تحت راية الناتو، مراجعة مواقفهم و التخلي عن كل الممارسات المشجعة للإرهاب، مثل تدريب و تسليح(الثائرين المعتدلين في سوريه)الذين لا هم معتدلون و لا ثائرون وإنما إرهابيون متعطشون للدماء. لهذا السبب كانت المأثرة الجهادية في هذا اليوم المجيد من شهر رمضان المبارك، الذي تجاوز حدود الجمهورية الإسلامية، ليعم معظم الشعوب الإسلامية، ليقرع جرس الإنذار بتشكيل حلف إسلامي جهادي مواز، للحلف الاستكباري العالمي لمواجهة أهدافه ومخاطره وأطماعه العدوانية في منطقتنا، لتحطيمها على صخرة صمود الأمة واجتثاث الغدة السرطانية من قبلها في فلسطين المحتلة، وتحرير أرض العرب والمسلمين بشكل كامل وشامل واستعادة الحقوق المغتصبة في فلسطين المحتلة و كل فلسطين وعاصمتها القدس الشريف. أعلن الإمام الخميني عن تعيين آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، يوما عالميا للقدس، يوم انتصار الحق على الباطل. وفي هذا اليوم يبرهن الشعب الإيراني المسلم المنجب للشهداء، وعن طريق المظاهرات والمسيرات المليونية التي يقيمونها، عن عدائهم المبدئي والأصلي "لإسرائيل" هذا الكيان الصهيوني الزائل بإذن الله، وفي هذا اليوم ضمت أغلب الشعوب المسلمة في الأقطار الأخرى أصواتها إلى الشعب الإيراني المسلم، وأقامت المظاهرات الحاشدة المعادية لأمريكا ولإسرائيل، ولكنه تم قمع أغلب هذه المظاهرات من قبل عملاء أمريكا والحكومات العميلة الحاكمة، حقّا فإنّ يوم القدس هو يوم انتصار المستضعفين على المستكبرين. وفي ظلّ ظلال هذا اليوم العظيم – يوم القدس العالمي، لا بدّ من وقفة في محطة الإيضاح للعلاقة بين الصهيونية كحركة سياسية استعمارية عالمية ذات برامج أممية شاملة، تشكل الشركات المتعددة الجنسيات وبعض مؤسسات المجتمع المدني المنتشرة في العالمين العربي والإسلامي أفرعها من جهة، وبين اليهودية كديانة من جهة أخرى وبلسان حال اليهود أنفسهم. فالصهيونية والحال هذه تكاد تكون مرادفه لليهودية ومتساوقة بالمطلق معها, بل أنهما وجهان لعملة واحده بصرف النظر عمّا يبديه البعض من مخالفه لهذا الرأي. ولقد اعترف زعماء الحركة الصهيونية وقادة الكيان الصهيوني بهذا التطابق الموضوعي والتقني بين الصهيونية واليهودية . فالحقيقة ساطعة _ كالشمس في رابعة النهار _ إنّ الذين أتوا من خلف البحار لاغتصاب فلسطين هم اليهود وليس آخرين , هؤلاء اليهود الذين قدموا لبلادنا من مشارق الأرض ومغاربها لم يأتوا مهاجرين مسالمين كما يهاجر أي إنسان إلى أي مكان , بل أتوا غزاه محتلين بالرغم منّا, وهؤلاء اليهود الغزاة هم الذين اقتلعونا من أرضنا ومارسوا ضدنا أبشع الجرائم ورمونا بعدها بأقذع الصفات عبر وسائل الأعلام المسيطر عليها. وعندما يذهب البعض منا إلى التفريق بين غاز يهودي وغاز صهيوني على أرض فلسطين / يجانب الصواب ويجافي الحقيقة ويخدع نفسه !! أليس كل يهودي على أرض فلسطين بغض النظر عن رغباته اليسارية أو الأنسانيه جزءً موضوعياً من المشروع الصهيوني في المنطقة وبالتالي عدو؟!. فاليهودية ليست عرقا" حتّى نكون عنصريين إذا عاديناها وهي ليست قوميه حتّى نكون متعصبين قومياً إذا ندّدنا بها ... اليهودية هي عقلية التقوقع والانعزال التي ابتليت بها مجموعات من عدّة أعراق وقوميات بسبب اعتناق اليهودية...وهي تتميز عن غيرها بفكرة ( أرض الميعاد) أي احتلال فلسطين ,وفكرة( شعب الله المختار) أي العنصرية , هذا هو تراثهم الثقافي الموروث الذي هيّأهم للدور الذي يلعبونه لمصلحة الأمبرياليه ولذاتهم أيضا" بشكل موازي ... بعبارة أخرى الدور الذي هيّأهم ليكونوا صهيونيين.... والثابت تاريخيّاً إن هؤلاء اليهود الغزاة استقدمتهم الدول الأمبرياليه مثل بريطانيا ليصبحوا قاعدة لها في بلادنا وهذا ثابت تاريخيّاً ... وهنا لا نبرئ الأمبرياليه, فهي عدوه لنا مع اليهود أو بدونهم . مشكلتنا كمسلمين وعرب مع اليهودية عامه ومع اليهود في فلسطين خاصة, وليس مع عدو هلامي هو الصهيونيه , وانّ الموقف الذي لا يميز بين اليهودي والصهيوني , بالنتيجة هو الأقرب للمنطق ومصلحة الأمة حتّى دون النظر إلى أي اعتبارات شرعيه . ((فالصهيونيه هي الأبنه الشرعية لليهوديه )) وبنتيجة خلاصة ألخلاصه نقول : غير تلك المعلومات ( غير المؤطره علمياً ) التي تشير إلى وجود ما يسمّى الشعب اليهودي , الذي لم يعرف التاريخ رؤية واضحة لسماته وعناصر تكوينه ومناطق سكناه , إلاّ أنّ قبولنا الديني ( القرآن الكريم) بوجود ديانة وأنبياء ورسل مع معجزاتهم وقصص بعبر ودروس .... ننزع إلى أن الديانة _ أي ديانة _ هي الهوية لكل من أعتنقها دون وجود خصائص انثروبولوجيه محدّده لهؤلاء المعتنقين أو جغرافيا لمناطق السكنه . فالديانة هي من أعطت الهوية مع ما رافقها من طقوس لأداء الصلوات , وعادات فرضتها مناسبات اجتماعيه حتّى تراكم الموروث بأذهان هؤلاء وانتشرت هذه الديانة في المناطق العالية _ الشمال _ من قارة أوروبا , وبسبب هذه الديانة وقتامتها بعد التحريف لم تلقى قبولاً من المجتمعات الجديدة الأوروبية ... فانطووا على أنفسهم هؤلاء وامتهنوا مهناً لم تكن تلقى رواجا"في تلك المجتمعات , وامتهانها دليل ضعف . وفي غفلة بدأت أدوار سريه لمعتنقي هذه الديانة ... تتعاظم بسبب الأموال التي راكموها بحيث بدئوا يبحثون/ فيها وبها/ تعبيرات سياسيه لممارسة السلطة وفق منظومة دستوريه / شعب , أرض , وحكومة / فبدئوا يتصلون ويتخيرون حتّى جاءت اللحظة المناسبة بعد تراجع دور الخلافه العثمانيه وانكسارها ... ففي غفلة جاء الوعد المشؤوم وتدفق هؤلاء سرطاناً في جسد هذه المنطقه وابتدئوا المذبحه للتخويف والترويع , ودفع المعتنقين لليهوديه إلى هذه المنطقه فكانت المأساة لديانه هائمه محشوه محرّفه لبشر لا سمه سيكولوجيه واضحة لهم / كتل بشريه مهاجره لا يجمعها إلاّ الخوف _ ولخوفهم ثقافة عنصريه أخرى _ والترّويع الذي مارسته عليها(أي على هذه الكتل البشرية الأنف ذكرها ) منظمات يملؤها الشوق والخرافة لبناء حكومة وشعب على أرض فلسطين , والتي لا يمكن قلعها ( أي الدولة اليهوديه ) من فلسطين إلاّ عبر خلافه إسلاميه راشدة للمسلمين آتية بقوّه من الشرق ... لأمّه تملك سمات القوّه والعزة تعشق الموت في سبيل الله كما تعشق الحياة ...أمّه قادره على إيجاد نموذج يفوق خلافة الأتراك للأمّه وقيادتها . 
mohd_ahamd2003@yahoo.com
 *عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية