2024-04-19 05:24 م

محمد بن سلمان وتدمير السعودية الوشيك

2017-06-25
عميرة ايسر*
كلُ من لاحظ تطور النظام السِّياسي القبلي العشائري السعودي من عهد الملك الأول المؤسس عبد العزيز أل سعود حتىَّ الملك عبد الله يلاحظ بأنَّ كل ملوك السعودية كانت لهم نوع من الرؤية المستقبلية لكيفية إدارة نظام الحكم والحفاظ على وحدة الدولة وانسجامها وعدم إدخالها في صراعات داخلية أو حروب مع الدول المجاورة بصفة مباشرة وعلنية كما يفعل الملك الحالي سلمان بن عبد العزيز والذي في عهده تحولت سياسة المملكة من المهادنة وإدارة الأمور والصراعات من خلف الستار إلى التدخل المباشر في إذكاء نار الحروب والأزمات في الدول العربية والخليجية خاصة،فاليمن الجريح والذي يعاني منذ حوالي سنتين نتيجة السِّياسة السعودية الرعناء والتي تمَّ بموجبها إعلان الحرب عليه تحت يافطة عاصفة الحزم وكان قائدها والمخطط لها ابن الملك سلمان الشاب الذي لا يمتلك أي نوع من الخبرات السِّياسية أو العسكرية ولم يدرس العلوم الإستراتيجية لكيفية شنِّ الحروب والتحكم فيها،تمَّ تعيينه من طرف والده المريض بالزهايمر وعدَّة أمراض أخرى ليكون وزيراً لدفاع في دولة تعتبر أقوى وأغنى وأكبر دولة خليجية لها تأثير ديني وإقليمي وعربي كبير،فهذا الشاب الأرعن المندفع الذي لا يقبل النقاش أو الرأي الأخر ويتمسك بمواقفه حتىَّ ولو كان مخطأً كما ينقل ذلك موقع العهد الجديد المقرب من دوائر صناعة القرار في الرياض.فمحمد بن سلمان الذي جاء برؤية2030لتطوير المملكة وتحديثها على كافة الأصعدة والميادين فعل المستحيل من أجل أن يصبح ولياً للعهد وتحالف مع محمد بن زايد ولي عهد إمارة أبو ظبي وأصبح الرجلان على توافق تام فيما يخص القضايا الإقليمية والدَّولية وتبلورت عندهما نفس الرؤية الإستراتيجية التي تفضل التعاون مع الصهاينة والأمريكان وخدمة مصالحهم الأمنية والقومية على حساب مصالح بلدانهم العليا،وهذا ما جعل محمد بن زايد يهندس لإطاحة بولي العهد محمد بن نايف وزير الداخلية السَّابق والذي يعتبر الرجل القوي والحازم داخل النظام السعودي،فقبل يوم واحد فقط من تعيين محمد بن سلمان ولياً لعهد خلفا لمحمد بن نايف نشر حمد المزروعي المقرب من محمد بن زايد تغريدة على حسابه الشخصي على تويتر تفيد بأنَّ محمد بن سلمان هو الملك القادم للمملكة وهذا ما أثار حفيظة الكثير من المسئولين والمثقفين وشرائح واسعة من المغردين ليتأكد الخبر ضمنياً في اليوم الموالي بتعيين محمد بن سلمان ولياً لعهد وسط تحليلات ومعلومات رشحت من داخل العائلة المالكة تفيد بأنَّ الملك سلمان ربما يتخلى ويتنازل عن منصب الملك بعد أيام وربما أشهر قليلة،فمحمد بن سلمان المتعطش للعرش قام بعقد صفقة سرية تمثلت في أن يدفع هو و محمد بن زايد لمحمد بن نايف مبلغ100مليار دولار إضافة إلى أصول في داخل البلاد وخارجها نظير تنازله عن ولاية العهد بعدما تمت الإطاحة قبله بالأمير مقرن بن عبد العزيز الذي كان ولياً لعهد،فالسعودية التي مرت بتحولات سياسية واقتصادية عميقة منذ سنة1981إلى غاية2002حيث انخفضت أسعار النفط وأصبحت البلاد مُدانة بحوالي200مليار دولار وتراجع الدَّخل السنوي لفرد من18ألف إلى8آلاف ريال،وبعد سنة2003وإثر بداية ارتفاع أسعار النفط حتىَّ وصلت إلى100دولار لبرميل كان دخل السعودية السنوي في السنوات العشر الماضية تقريبا650ًمليار دولار سنوياً ولكن بعد أن اتخذ الملك سلمان قراره بشنِّ حرب ظالمة على اليمن والتدخل في الشؤون الداخلية لدول الربيع العربي وانخراط المملكة في حرب بالوكالة في سوريا تراجع الاحتياطي السعودي إلى أقل من250مليون دولار حسب الخبراء الاقتصاديين وفقدت البلاد الكثير من أموال صناديقها السِّيادية بعد أن أعطت أمريكا حوالي460مليار دولار منها أكثر من100مليار دولار ذهبت لشراء الأسلحة وذلك ضماناً لسكوت أمريكا عن تعيين الشاب محمد بن سلمان ولياً لعهد،فدونا لد ترامب الذي تهمه مصالحة أمريكا القومية ونفوذها الجيواستراتيجي في منطقة الخليج العربي اضطر لموافقة على أن يصبح محمد بن سلمان ولياً لعهد بعد أن تعهد بأن يبنى جسور علاقات وطيدة مع الكيان الصهيوني وهذا ما أشارت إليه صحيفة هآرتس الصهيونية والتي أكدت على أنَّ محمد بن سلمان ومنذ2015التقى بعدة مسئولين صهاينة بل أن هناك لقاءات جرت بين ضبَّاط مخابرات سعوديين وصهاينة على هامش القمة العربية التي عقدت في الأردن بتاريخ29آذار مارس الماضي وإحداها تمَّ في مدينة إيلات المحتلة سنة2015،وهذا حسب ما ذكرته صحيفة معاريف الصهيونية قبل مدة،ووصفت محمد بن سلمان بأنه أفضل شريك استراتيجي لإسرائيل في مواجهة الخطر الإيراني،فالكيان الصهيوني الغاصب يعتبر تعيين محمد بن سلمان يخدم الإستراتيجية الصهيونية في المنطقة العربية إذ رحبت على لسان وزير الاتصالات الصهيوني في حكومة نتنياهو"أيوب قرآ" بهذا التعيين وقال:في بيانه الذي نشرته الصحافة العبرية بأنَّ هذا القرار يزيد من حجم التعاون بين دول منطقة الشرق الأوسط وليس فقط فيما يتعلق بالنفط،وهذا حسب ما ذكرته صحيفة تايمز أوف إسرائيل الصهيونية في عددها الصادر يوم السبت24يونيو2017 وأضاف بأنَّ فترة ولاية ترامب ستشهد تعاوناً بينَ السعودية ودول المنطقة بما فيها إسرائيل،فالتقارب العلني بين الصهاينة والسعودية بعد أن أصبح محمد بن سلمان هو الحاكم بأمره في البلاد وبيده السُّلطة الفعلية في اتخاذ القرارات الكبرى والإستراتيجية سيزيل القناع عن النظام السعودي الذي كان ينفي إعلامه ومثقفوه والمرتبطون به أي علاقة لبلادهم بالعدو الإسرائيلي والذي حسب ما يقول الجنرال جادي أيزنكوت في مؤتمر هرتزيليا لأمن القومي الصهيوني وهو رئيس أركان الجيش الصهيوني بأنه ليس هناك عداوة بين العرب وإسرائيل،وبالتالي فإنَّ هذا التعاون والذي سيكون حتماً بين تل أبيب و الرياض وحلفائها في المنطقة سيزيد من حدَّة الاحتقان والسخط الموجودة في السعودية رغم القرارات التي اتخذها محمد بن سلمان غداة تعيينه ولياً للعهد والتي من بينها صرف راتب شهريين كمكافأة ودفع البدالات والعلاوات وكذلك تمديد عطلة العيد لمدة25يوزم مدفوعة الأجر محمد بن سلمان الذي يجمع بين يديه سلطة وزير الدفاع والنائب الثاني لرئيس الوزراء السعودي،ولكن رغم كل هذه الإجراءات المالية والاقتصادية لتقرب من الشعب ولكن الهبوط الحاد في أسعار النفط ولجوء البلاد لبيع أصول شركاتها الإستراتيجية والبداية كانت مع شركة أرامكو والحرب على اليمن التي تستنزف موارد البلاد ومداخليها وكذلك زيادة أسعار المحروقات والمواد الغذائية وارتفاع نسب التضخم والبطالة كل هذه مؤشرات تدل دلالة قطعية على أنَّ السعودية تعيش مرحلة مفصلية ومرحلية من تاريخها خصوصاً وأن محمد بن سلمان أعلنها صراحة بأنه سيقوم بنقل الحرب إلى العمق الإيراني واتهام الجانب الإيراني لسعودية صراحة بوقوفها وراء التفجيرات الإرهابية الأخيرة في طهران والسِّياسة الإقليمية السعودية التي تقوم على خلق الكثير من الأعداء على المستوى الإقليمي أو حتىَّ الدولي واستعداء دول كتركيا وإيران وقطر سيؤدي لعواقب وخيمة قد تمهد لحرب إقليمية كبرى أو حروب أهلية داخلية تنهي حكم آل سعود كما يتوقع الكثير من المراقبين لتطور وتسارع الإحداث الدراماتيكية في البلاد منذ تولي الملك سلمان بن عبد العزيز لدفة الحكم في السعودية ومن ثم تعيين ابنه ولياً لعهد وهذا ما سيخلق له بالتأكيد الكثير من المعادين لسياساته وتوجهاته داخل العائلة المالكة التي لن يسكت العديد من أمراءها الكبار عن تعيين شاب لا يمتلك من الحنكة والدهاء والخبرة السِّياسية ما يؤهله لكي يحكم بلاداً بحجم السعودية وما سيخلفه ذلك من تداعيات سلبية ويهدد بانفراط عرى التحالف الذي يربط عائلة آل سعود مع الكثير من القبائل العربية في أرض الحجاز والتي يرى بعض زعمائها أنهم أحق بالحكم منهم وخاصة الذين ينحدرون من نسل الهاشميين والأشراف في بلاد الحرمين الشريفين. *كاتب جزائري