2024-04-18 03:46 ص

هل هي الحرب على سورية؟

2017-06-28
بقلم: الدكتور خيام الزعبي
كما توقعنا مند أعوام، هزيمة قاسية لأمريكا وأدواتها من المتطرفين في سورية، فالخطط والإستراتيجيات التي وضعت وعُمل عليها منذ بداية الأزمة السورية تعرضت للتعثر والفشل، الأزمة التي أريد لها أن تسقط سورية وتقضي على دول محور المقاومة، تراجعت حدّتها لمصلحة المحور نفسه، فأمريكا تشعر انها على وشك خسارة الحرب في سورية، بسبب إنهيار داعش و خسارتها لعاصمتها العراقية (الموصل)، والسورية (الرقة)، ولهذا فهي في حالة بحث عن أوراق ووسائل جديدة لحفظ نفوذها من خلال افتعال وخلق ذرائع جديدة لاستمرار الحرب في سورية وهي جزء من المخطط الذي وضعته أمريكا لتدمير دول الشرق الأوسط لصالح طفلتها المدللة "إسرائيل". على خط مواز، كشفت التحرشات الأمريكية بالقوات السورية في منطقة التنف الحدودية الأردنية العراقية السورية، وإسقاط طائرة حربية فوق مدينة الرقة حجم التآمر على سورية، هذه المعركة أكدت الدور الأمريكي القذر في مؤامرة تقسيم سورية، ورعايتها للتكفيريين، والدليل أن المعطيات الميدانية والتصريحات الأمريكية -الغربية كشفت بلا شك أن واشنطن هي التي صنعت داعش وأخواتها فتحركها متى تشاء، والى أية جهة تريد، كما تقدم لها الأسلحة بكافة أشكالها، فضلاً عن فتح مسارات آمنة لهروب التكفيريين خاصة بعد تقدم الجيش السوري مدعوماً من حلفاؤه، لإطباق الحصار عليهم في البادية السورية وعلى نحو آخر أن أمريكا لا تريد لهذه التنظيمات التكفيرية من (داعش) وأخواتها أن تنهزم، حتى تنجح في تدمير سورية وتخريب المنطقة وهو ما تتمناه أمريكا بالفعل لذلك يعملون على مواصلة إرتكاب المذابح والعمليات التخريبية. بعد كل هذه الحقائق التي كشفت حقيقة المشروع الأمريكي التكفيري ، تدعي أمريكا اليوم ان "النظام السوري" يستعد لشن هجوم كيميائي إنطلاقاً من قاعدة الشعيرات الجوية القريبة من حمص، وهي مسوّغات لمواصلة عدوانها على الجيش السوري خاصة بعد التقدم الكبير الذي حققه في حلب وحمص وحماة، وريف دمشق وفتح الحدود السورية العراقية واستعادة العديد من آبار النفط والغاز التي كانت تحت سيطرة داعش في دير الزور، ولهذا تريد تفجير الموقف مجددا في سورية لأنها لا تريد لهذه الحرب أن تنتهي وأن يتوقف شلال الدم بأي شكل من الاشكال، لأنّ البيت الأبيض يعرف أنّ نجاح وإنتصار الجيش السوري معناه انهيار الجماعات المسلحة والإرهاب ومجمل أصناف التدخّلات الخارجية، أمّا فبركة كيميائي خان شيخون فليست إلّا دليلاً واضحاً على تفسير السياسة الأمريكية التدميرية المعدة مسبقاً لتقسيم سورية وحل القضية الفلسطينية وفق الرؤية الإسرائيلية. وكما هو الحال دائماً، الميدان العسكري هو الذي يحدد المنطلقات الاساسية لمستقبل سورية، وآخر خبر سيطرة الجيش السوري على أخطر عقدة طرق استراتيجية لداعش، التي تربط ريف حلب وريف حماه وريف الرقة وبالتحديد "إثريا — خناصر"، "سلمية — الرقة"، ويعد هذا الطريق الشريان الرئيس لمدينة حلب وطريق الإمداد البري للجيش السوري بحلب، وفي حال عودة الأمن والأمان لهذا الطريق سيمكن الجيش السوري من سحب أعداد إضافية من الجنود السوريين إلى جبهات أخرى الأمر الذي سيساهم أيضاً في دعم القوات السورية في الجنوب والشرق السوري لذلك تحاول داعش وأخواتها عرقلة تقدم الجيش بالعمليات الإنتحارية وإشغاله بمعارك فرعية . والسؤال الذي يفرض ذاته ونحن نتلمّس روائح النصر التي تلوح بالأفق، هل يتورط ترامب فعلاً في شن هجوم عسكري على سورية متجاوزاً الشرعية الدولية المتمثلة بمجلس الأمن الدولي؟ خاصة بعد أن تلقى تحذيرات جدية من الرئيس الروسي بعدم ارتكاب مغامرة في سورية لأنها ستكون أصعب من فيتنام على الجيش الأمريكي. لذلك يجب على الرئيس الأمريكي أن يحترس من التورط في شن الحرب على سورية الذي لا يستطيع تطويق حدودها ومجابهة الدول الإقليمية المرشحة للاشتراك فيها مثل إيران وحزب الله وروسيا، وهي حرب سوف تكون مكلفة لبلاده عسكرياً وسياسياً وأخلاقياً وإمكانية تطورها الى حرب إقليمية بأبعاد عالمية قد تنقلب من حرب محدودة الى حرب مفتوحة والتي سوف يكون لها آثار مدمرة متى إشتعلت لأن هناك أكثر من جهة تريد أن تثبت وجودها في المنطقة سواء على الصعيد العسكري أو السياسي. هكذا تبدو المهمة الأمريكية في سورية عسيرة، حيث يصعب عليها تمرير مشروعها، وحتى مع إستخدامها للضربات العسكرية ودعمها للقوى المتطرفة كورقة ضغط، فإنها ليست لصالحها لأن لا أحد يملك كيفية امتداد هذه الحرب وتأثيراتها ونتائجها، وإن المنطقة برمتها ستدفع ضريبة هذا الصراع والذي سيرسم طبيعة العلاقات في الشرق الأوسط في المرحلة القادمة. ويبقى أمام واشنطن وحلفائها فرصة أخيرة قد تلجأ إليها لتحقيق مكسب إيجابي يتمثل في إمكانية تغيير سياستها في المنطقة من خلال إيجاد قنوات إتصال مع النظام السوري والتعاون للقضاء على الجماعات الإرهابية، خاصة بعد فشل الإستراتيجية التي إتبعتها لإسقاط النظام في سورية، وهي لم تحقق ما كانت أمريكا وغيرها تأمل بتحقيقه، وسقط الرهان على إسقاط دور الجيش السوري خلال هذه الأزمة. وبإختصار شديد... إنها سورية وستظل دائماً رغم أنف كل حاقد أو حاسد وستظل دائماً فوق الجميع وللجميع، بالتالي من مصلحة الجميع أن تنهض سورية وتتعافى كي تمارس دورها لإحباط كل المخططات التي تمهد الطريق لإعادة الهيمنة على منطقتنا العربية. 
khaym1979@yahoo.com