2024-04-25 08:21 م

أميركا وعرقلة الربط بين دمشق وبغداد..

2017-07-08
 بقلم: عمر معربوني
نحن على وشك الدخول في مرحلة ما بعد تحرير الموصل وهو أمر يرتبط بالوقت، حيث باتت فلول "داعش" في المدينة القديمة محاصرة تمامًا وتفقد القدرة يومًا بعد يوم إمكانية متابعة القتال بسبب الضغط المستمر من وحدات الجيش العراقي. ورغم توقعاتنا بهزيمة "داعش" في الموصل، إلّا أنّ سؤالًا يبقى حاضرًا وهو: هل يعني تحقيق الهزيمة بالتنظيم في مدينة الموصل نهاية التنظيم؟ وهل ستتمكن وحدات الجيش العراقي ووحدات الجيش السوري من تحرير خط الحدود المشتركة وتأمينه بشكل دائم ونهائي؟.. ما استدعى طرحي لهذا السؤال هو ظهور بدايات تناقض في الرأي ووجهات النظر بين رئيس الحكومة العراقية العبادي وهيئة الحشد الشعبي، عبر الكلام الصادر عن نائب رئيس هيئة الحشد حول الكيفية التي يجب ان تتم فيها محاربة التنظيم وكيفية ادارة مرحلة ما بعد الهزيمة؛ وخصوصًا الأمر المرتبط بطريق الربط بين دمشق وبغداد واذا ما كان سيقتصر استخدام الطريق على الجانب التجاري ام سيتعداه ليكون خط امداد ودعم يخدم المواجهة مع الكيان الصهيوني.

اذا ما تابعنا التصريح الأخير لرئيس الحكومة العراقية حول عدم دستورية محاربة تنظيم "داعش" خارج الأراضي العراقية، فهذا يعني في مكان ما تمهيدًا لإعلان العراق الرسمي عدم رغبته في ان يكون طرفًا مباشرًا في المواجهة مع الكيان الصهيوني ولو ان الأمور لم تصل بعد الى هذا الحد. وبالرجوع الى مراحل القتال السابقة في اكثر من مكان بمواجهة "داعش"، كان واضحًا قدرة اميركا على التحكم ببعض قرارات الحكومة العراقية المرتبطة بمشاركة الحشد الشعبي العراقي في المعارك، وآخرها عدم مشاركة الحشد في معارك الموصل تحت حجج وذرائع مختلفة سبقتها ولا تزال حملة شيطنة وتشويه للحشد الشعبي، والسبب برأيي هو منع الحشد من المشاركة وتخفيض القدرات في مواجهة تنظيم "داعش" واطالة امد المواجهة بشكل يُبقي التنظيم الإرهابي قوة حاضرة في العراق ومحاولة فرضه كأمر واقع في مستقبل العراق والمنطقة، حيث ان الخطة الأخطر من التقسيم هي اقامة ما طرحه "داعش" كمسمّى لدولته، في نطاق جغرافي يشمل كامل بادية الشام واطرافها في الأردن وبعض السعودية، وهو ما يؤمن إقامة النطاق العازل بين سورية والعراق ويفصلهما بشكل كامل عن القدرة في التأثير بالمواجهة مع الكيان الصهيوني.

في العمليات الأخيرة التي نفّذتها وحدات الجيش السوري على خط الحدود بالتزامن مع عمليات نفّذها الحشد الشعبي العراقي، تمّ ربط الحدود واصبحت الطريق سالكة بين بغداد ودمشق وهو ما احدث خرقًا كبيرًا في القوس العازل الذي كانت اميركا تتجه لتثبيته عبر بديل لتنظيم "داعش" من خلال مجموعات سورية كـ"جيش سورية الجديد" و"مغاوير الثورة" وغيرها، وهو الأمر الذي رفع منسوب التوتر الأميركي والصهيوني معًا وتحاول اميركا الآن ايجاد حل له عبر الضغوط السياسية. فإذا ما استطاعت اميركا والسعودية التأثير في القرار السياسي للحكومة العراقية، سنكون امام عملية عرقلة للشق المرتبط بأداء طريق الربط لأي دور يتعلق بالصراع مع الكيان الصهيوني، وسنكون امام معركة سياسية كبيرة في العراق ربما تعيد تحريك انقسامات همدت بعض الشيء ولكنها على ما يبدو لا تزال كامنة ويمكن استخدامها في خلق انقسام سياسي في الحد الأدنى يؤدي الى تجميد البحث في مسألة موقف العراق من الصراع مع الكيان الصهيوني ويبقي الوضع بالنسبة لميزان القوى مع الكيان الصهيوني على ما هو عليه.

إنّ استمرار الأميركيين بالتواجد في العراق ستكون له تداعيات سلبية على واقع الصراع، وعلى العراقيين جميعًا ان يدركوا مخاطر بقاء الأميركيين وتأثيراتهم السلبية على مستقبل العراق، وان يبادروا الى مطالبة الحكومة بانهاء الدور العسكري الأميركي الذي يعمل هذه الأيام على اعداد عملية سينفذها تنظيم "داعش" الإرهابي في منطقة الحدود المشتركة غرب الأنبار وجنوب راوة – عانة – القائم، وهي عقد جغرافية اساسية باحكام السيطرة عليها سيتم تأخير عملية الربط واطالة عمر تنظيم "داعش" في السيطرة عليها. ولهذا، فإنّ انطلاق عمليات الحشد الشعبي المتوقفة عند تل صفوك منذ فترة باتجاه جنوب البعاج وتعزيز تواجد الحشد في محيط الرطبة ضروري، وإلّا فإن ما تحقق حتى اللحظة قد يتعرض لإخفاقات ستؤثر في البعد المعنوي للمواجهة ولو آنيًا، وهو ما يستدعي مواقف واضحة للحكومة العراقية حول مجموعة من القضايا وعلى رأسها موقف مباشر من الدور الأميركي في العراق.