2024-04-16 12:31 م

اللقاء السوري الأمريكي وفسحة الأمل

2017-07-13
بقلم: محمود الشاعر
إذا رأيت أنياب ترامب بارزة بعد اتفاقية وقف إطلاق النار في الجنوب العربي السوري فلا تظن بأن الأمريكي يبتسم لحلول سلمية منتظرة على الأرض السورية بل هو الرضوخ لواقع فرضته إنجازات الجيش السوري وحلفاؤه في المنطقة وهو محاولة لحفظ ماء الوجه بعد الفشل الذريع الذي منيت به أمريكا وأعوانها في محاولاتها المتكررة لتثبيت أقدامها على الأرض السورية، حيث لم تنجح في الاستيلاء على مناطق في الشمال بذريعة إيجاد المناطق الآمنة وخابت مساعيها في الشرق السوري عند الحدود العراقية لفصل الجيشين السوري والعراقي وإعادة تجميع شراذم الإرهابيين المدحورين من مناطق عدة هناك ، ولم تفلح في اقتطاع مناطق في الجنوب السوري إرضاءً للطامع الإسرائيلي الخائف على كيانه المهزوز في فلسطين بعد الصمود الأسطوري لمحور المقاومة والتصريحات الإيرانية الداعمة للجانب السوري. إن إدخال الاتفاقية الروسية الأمريكية حيز التنفيذ يعني فيما يعنيه كف اليد الإسرائيلية والأردنية عن المنطقة الجنوبية، حيث لم يتوان هؤلاء عن دعم الإرهابيين ومدهم بالسلاح والعتاد لفترات طويلة ولن يكون لهذا الدعم أية فعالية بعد وقف إطلاق النار بالمعيار الذي تم الاتفاق عليه بين الطرفين الروسي والأمريكي، كما يفتح هذا الاتفاق آفاقاً جديدة لمصالحات واسعة تشمل مناطق عدة في الجنوب السوري وتضمن إعادتها إلى الحضن السوري وتحقن الدماء وتعيد الأمان والاستقرار إلى بقاع مختلفة هناك عانت من الإرهاب وذاقت مرارة الحرب كما أن هذه الاتفاقية تشرع الأبواب لحلول سياسة مرتقبة في جنيف وتبعد شبح العرقلة والتعطيل في حال صدق النية الأمريكية مع أن الإرث الأمريكي ومساره السياسي في المنطقة لا يبشر إلا بأداء يخدم مصالحه الشخصية وبما ينسجم مع مبدأ النفعية الذي تتبعه السياسة الأمريكية وهذا ما يقلل من مستوى الثقة بالطرف الأمريكي الذي يضيع فرص التعاون مع الطرف الآخر لمكافحة الإرهاب أو للحفاظ على دولة سورية موحدة. كما أن التدخل الأمريكي المتكرر في الميدان السوري واختباره لصبر الحلفاء الذي نفذ مؤخراً مع التصريحات الروسية والإيرانية الأخيرة يؤكد عدم مصداقية الطرف الأمريكي الذي يسعى دائماً للتصعيد متجاهلاً خطورة الحماقات التي يرتكبها رغم التحذيرات الروسية من النتائج الكارثية لتلك الأفعال غير المسؤولة في المنطقة. إن افتقاد واشنطن لإرادة العمل المشترك وسعيها الحثيث للهيمنة على الآخر كقوة إمبريالية لها تاريخها الأسود في المنطقة يثير المخاوف ويقلل من فرص الالتقاء مع الآخر لحل الأزمات لكننا محكومون بفسحة الأمل التي تتسع اليوم مع هزيمة التنظيمات الإرهابية في الموصل وفي البادية السورية وفي مناطق كثيرة يتم فيها تحقيق النصر بشكل متسارع. وأياً كانت النية الأمريكية ومقاصدها البعيدة في المنطقة فإن الإرادة السورية الصامدة ستبقى لها الكلمة الفصل والقرار الأخير الذي ستدافع عنه حتى النهاية.
*أمين تحرير صحيفة العروبة بحمص