2024-04-24 01:28 م

تفاهم دحلان وحماس ماذا يخفى بين طياته يا ترى؟

2017-08-19
بقلم: عميرة ايسر     
ولأنَّ المنطقة العربية تشهد مجموعة من التحولات الكبرى سياسياً واستراتيجياً وأمنياً على الأقل في المستقبل المنظور، فإنَّ هذه التحولات قد انعكست أيضاً على الملف الفلسطيني كذلك حيث ولأول مرة في تاريخ علاقات حركة حماس مع محمد دحلان عدوها اللدَّود في الماضي والذي خاضت ضدَّه حروباً طاحنة في سنة 2007 وذلك في أوج الصراع الذي كان حينها يدور بين حركتي فتح وحماس للسَّيطرة على قطاع عزة، يوم كان محمد دحلان رئيس جهاز المخابرات التابع لسلطة رام الله، فالحرب السِّياسية والأمنية والمخابراتية التي ظلت دائرة بين عناصر حركة حماس ومحمد دحلان على أرض فلسطين وخارجها وخاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة أين؟ تمَّ اغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح والذي أشارت أطراف محسوبة على حركة حماس بأنَّ محمد دحلان له يدٌ في اغتياله باعتباره المستشار الأمني لشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي وكذلك يُعتبر محمد دحلان من أشدّ أعداء حماس الذين يمتلكون معلومات قيمة ودقيقة عن كل كوادرها في الخارج بمن فيهم الشَّهيد المبحوح رحمه الله، ويُتهم من قبل بعض القيادات الحمساوية بمسؤوليته المباشرة عن تسريب المعلومات بطريقة أو أخرى لعناصر جهاز الموساد الصهيوني الذين نفذوا عملية الاغتيال ضدَّه ولكن تدور الأيام دورتها ويُصبح دحلان والنظام المصري في ظلِّ حكم الرئيس عبد الفتاح السيسى في عهد قائد حركة حماس في قطاع عزة السيِّد يحي السنوار المقرب من الجناح العسكري لكتائب الشهيد عز الدين القسام السيِّد محمد ضيف شخصياً من حلفاء حركة حماس وتفتح الحركة برعاية القاهرة حواراً مفتوحاً مع الرجل ينتهي بمجموعة من التفاهمات السِّياسية والأمنية والمالية بعد أن تعرضت حركة حماس ولا تزال لضغوط رهيبة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس وورود تقارير أمنية إلى قياداتها في قطاع غزة المحاصر تفيد بأنَّ هناك سيناريوهات تستهدف إنهاء وجودها كسلطة سياسية وأمنية في قطاع غزة، واتهمت حركة فتح ومحمود عباس بأنهم يضغطون على الشارع الغزَّاوي عن طريق التهديد بقطع الرواتب عن الموظفين في القطاع واستغلال الظروف المُجتمعية والمعيشية الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني هناك حيث يعاني أكثر من 1مليون فلسطيني في ظلِّ حكم حركة حماس من حصار بري وبحري وجوي رهيب وظالم، فالتفاهمات بين حركة حماس ومحمد دحلان والتي يريد من ورائها السيِّد يحي السنوار أن يوجد نوعاً من المعادلة في موازين القوى الفصائلية باعتبار أنَّ محمد دحلان القيادي المفصول من حركة فتح لا يزال يتمتع بدعم قوي في صفوف العديد قيادات الحركة و لديه قواعده الجماهيرية في قطاع غزة وكذلك الضفة الغربية وهو شيء تراهن عليه حركة حماس في محاولة منها لاختراق الحصار المفروض عليها سياسياً وأمنياً في الضفة الغربية على الأقل. حركة حماس لم تمانع من وجود مجموعات مسلحة تابعة لمحمد دحلان في قطاع عزة لحمايته من الهجمات الصهيونية وكذلك بعودة قادة أمنيين في حركة فتح تابعون له إلى النشاط السِّياسي في القطاع وهي التي كانت تعارض وجود هؤلاء في القطاع لمدة 10 سنوات تقريباً، فالتصريح الذي أدلى به أحد قيادات الحركة رفض الكشف عن هويته لموقع"مونيتورالإخباري الأمريكي" يؤكد فيه بأنَّ محمد دحلان وأنصاره وأعوانه الحقَّ في العمل في قطاع غزة وهذا ما يؤكد على أن لجنة الاجتماعية التي تجمع شخصيات فلسطينية فتحاوية وحمساوية والتي هدفها جمع الأموال لتوزيعها على المحتاجين في قطاع عزة وقد تمَّ تشكيل هذه اللجنة منذ 3 سنوات تقريباً وقدمت خلالها الإمارات عن طريق محمد دحلان حوالي 50 مليون دولار كمساعدات لفلسطينيين جراء الحرب الإسرائيلية سنة 2014 على القطاع وتشمل تقديم حوالي 1000-1500دولار كمساعدات لعائلات الجرحى الفلسطينيين، وكذلك ما قيمته 5000 دولار لعائلات وعوائل الشهداء، فهذه اللجنة الاجتماعية كما يرى الكثيرون ليست إلاَّ واجهة لعلاقة عميقة بدأت تتشكل بين حركة حماس ومحمد دحلان لمواجهة سلطة رام الله والمظاهرات التي خرجت في نهاية شهر ديسمبر 2016 في قطاع غزة تحت نظر وسمع أجهزة الأمن التابعة لحركة حماس والتي نددت بسياسة الرئيس محمود عباس ورفعت خلالها لافتات وشعارات مؤيدة لمحمد دحلان تصب في هذا المنحى، فحركة حماس التي تتهمها أطراف ودول عربية بأنها منظمة إرهابية فيما تقيم هذه الدول للأسف الشديد علاقات سرية وعلنية مع الكيان الصهيوني الغاصب، و تحاول حركة المقاومة الإسلامية حماس بعد أن فقدت الكثير من الدَّعم الإقليمي وخاصة من دول كتركيا وقطر التي تعاني حصاراً خانقاً منذ أشهر من طرف دول عربية وخليجية شقيقة وبالتالي لم يبقى لحركة حماس من حلّ سوى التحالف مع محمد دحلان الذي كان حتىَّ وقت قريب يعتبر في أبجديات الخطاب السِّياسي لحركة من العملاء والخونة الذين يجب التخلص منهم، ولكنها السِّياسة التي لغتها الوحيدة هي المصلحة حيث هناك قاعدة تقول بأنه بينَ الدول والمنظمات ليس هناك صداقات دائمة ولا عداوات دائمة ولكن هناك بالتأكيد مصالح دائمة وحماس تعمل وفق النظرية البراغماتية في أبجديات السِّياسة الدولية، وتريد الاستفادة من علاقات محمد دحلان مع دول عربية مهمة كمصر والسعودية والإمارات والتي تقف خلف الرجل وتدعمه وتعادي في نفس الوقت تيار حركة الإخوان المسلمين الذي تنتمي إليه حركة حماس فكرياً وإيديولوجياً ومنهجياً في المجمل ولا تريد حماس بالتالي أن تعيش في عزلة داخلية وإقليمية مفروضة عليها. بعد فشل خياراتها الإستراتيجية المناوئة لمحور الإيراني والسوري في المنطقة فشلاً ذريعاً بالإضافة إلى أن داعميها من دول ومنظمات قد لحقت بهم هزائم كبرى في المنطقة وخاصة في سوريا. فسياسة المُراجعات التي قامت بها الحركة بعد أن أصبح السيِّد "إسماعيل هنية" رئيس المكتب السِّياسي لحركة والذي تلقى تهنئة رسمية من طرف السيِّد "جواد ظريف" وزير الخارجية الإيرانية تقبلها إسماعيل هنية بالترحاب والقبول بمعنى أن حماس تحاول التفاهم مع خصوم الأمس تحت يافطة توحيد جهود الجميع من أجل مقارعة الاحتلال الصهيوني والحصول على دعم إيران وحلفائها بالإضافة طبعاً إلى دعم حليفها الجديد محمد دحلان لتشكيل ما أطلق عليه السيِّد يحي السنوار جيش التحرير الوطني الفلسطيني والذي تريد حماس أن يكون بوتقة تنصهر فيها كل التنظيمات والفصائل والأحزاب والقوى الوطنية الفلسطينية بغض النظر على الاختلافات السِّياسية أو الفكرية بينها، وتريد من محمد دحلان الذي أصبح يطلق عليه لقب "قائد التيار الإصلاحي" في حركة فتح، وهو الذي توسط لدى السلطات المصرية من أجل فتح معبر رفح لعلاج الجرحى والمصابين القادمين من قطاع غزة المحاصر وكذلك قدم وعوداً لقيادات حركة حماس بأنه سيساهم في إيجاد حلولٍ ناجعة لتوظيف أكثر من 100 ألف طالب جامعي في غزة يعانون من البطالة الخانقة والمساهمة في خلق فرص عمل قارة لأكثر من 200 ألف شخص عاطل عن العمل في القطاع. العلاقات المصلحية القائمة حالياً بينَ حركة حماس والجناح الفتحاوي الذي يقوده محمد دحلان والمبنية على مجموعة من الاتفاقيات السِّياسية الغير معلنة تسعى حركة حماس من خلالها إلى زيادة قوتها وحضورها على السَّاحة الوطنية الفلسطينية كقوة فاعلة وكلاعب سياسي وعسكري مؤثر لا يستطيع أحد تجاهله وكذلك تريد حماس من خلال اتفاقها مع محمد دحلان أن تقطع الطريق أمام إيجاد أيِّ نوع من أنواع المصالحة السِّياسية أو التنظيمية بينه وبين والرئيس الفلسطيني محمود عباس من أجل إعادة اللحمة لحركة فتح وبحسب آراء العديد من المختصين فإن محمد دحلان قبل وإن ضمنياً المصالحة مع حركة حماس فيما رفضها محمود عباس ووضع العراقيل في وجهها وهو الذي قدم تنازلات مجانية لإسرائيل في العديد من الملفات واستمراره في عمليات التَّنسيق الأمني مع الصهاينة رغم كل ما ارتكبه هؤلاء من جرائم مروعة في حق سكان قطاع غزة طول سنوات، أماَّ محمد دحلان فيرى في التفاهم مع حماس فرصة من ذهب من أجل طرحه كبديل مُحتمل مقبول من طرفها لخلافة الرئيس محمود عباس في الانتخابات الرئاسية الفلسطينية القادمة وبمباركة حمساوية كاملة هذه المرة ، فحركة حماس تُعتبر أكبر وأهم حركة مقاومة إسلامية في فلسطين المحتلة ولها الملايين من الأنصار في فلسطين وخارجها، فهل ستصل التفاهمات بين الطرفين إلى نهايتها يا ترى؟ أم أنَّ سياسة المحاور والتجاذبات السِّياسية والإقليمية ستكون حجرة عثرة في طريقهاَ خصوصاً وأن الكيان الصهيوني يرى في التقارب بين حركة حماس و محمد دحلان خطراً على مشروعه الرامي إلى خلق بؤر توترِ دائمة وذلك حتىَّ يكون المستفيد الأول من الانقسام الداخلي الفلسطيني لتمرير أجنداته لاحتلال فلسطين بالكامل؟ 
*كاتب جزائري