2024-03-28 07:52 م

دمشق تكتب بيانها الخالد

2017-08-22
بقلم: د. يحيى محمد ركاج*
عندما تتحدث دمشق، يصمت العالم ليستطيع أن يحتوي لغة الياسمين. وعندما تتحدث دمشق، تتوقف عقارب الساعة على ميقاتها. وعندما تتحدث دمشق يرتفع صوت العروبة عالياً. تحدثت دمشق منذ سبع سنوات وأعلنت كلمتها، فأبى الحلف المعادي إلا أن يعكر الأجواء على هدوء ياسمينها، فأعلنوا من خلال تجييشهم شعار الثورة الي تنتقل من بلد إلى بلد لتغطي كل البلاد المرصودة، وأتبعوها بإرهاب عالمي تحت مسميات مختلفة، إلا أن صوت دمشق أبى إلا أن يكون له كلمة النصر، التي تختلف عن كل كلمات العالم. تحدثت دمشق بحديث الثورة التي حافظت بها على المفهوم القديم الموروث، واعتمدت صيغ المفهوم الحديث المكتسب رغم أنهار الدماء التي سالت معها، فقد حافظت على جوهرها باعتبارها عملية حركية دينامية تتميز باستبدال الشكل البالي للحكم بمضامينه السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى تشكيل أكثر تقدما، تستند على الحوار مع أبناء المجتمع، وتتم بأيديهم، وتتميز عن باقي ثورات الدول والأمم بأنها تتم تحت قيادة وطنية ثابتة، أعلن العالم حربه عليها، لأنها من صنع الوطن، فقد عُرف عنها ولاؤها للوطن، والتزامها بأهدافه وقيمه، والعمل على تجديدها، أو تحديثها وتطويرها، ورفض القيم البالية، والعمل على إزالتها بأقل التكاليف المادية والمعنوية الممكنة. إنها الثورة التي قضمت المراحل الكلاسيكية للثورات من شعارات وانقسامات وتوحد، بمرحلة واحدة، جسدتها جماهير الأمة بالتفافها حول قائدها ودعمها له في ثورتها التي سوف تغزو النظام العالمي البالي، وسياسة القطبية المنفردة في التحكم بمصائر الأمم، إنها الثورة التي لم يستطيع المنظرون أن يفسروا مداخلها وفقاً لأهوائهم، فأدركوا خطورتها على سلبهم لثروات الشعوب، وانتهاك لسيادة دول الجنوب النامي. إنها الثورة التي قدمت صياغة جديدة للولاء والانتماء والديمقراطية محلياً وعربياً وعالمياً، من خلال توسيع المشاركة المجتمعية في أمور الحكم والدولة، لتشمل أفراد الوطن جميعاً من جهة، وتناول مفردات الحكم الأكثر تأثيراً في المجتمعات من جهة أخرى، انطلاقا من المشاركة العريضة في أمور الحكم المتمثلة بقوانين الإدارة المحلية ومن ثم قانون الانتخابات، وصولاً إلى رأس الهرم السياسي الحاكم، وهو الدستور، بما تتضمنه السلسلة من قوانين للإصلاح الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والتمكين بمضامينه المختلفة، بالإضافة إلى قانون للأحزاب وقانون للإعلام وغيرها من القوانين التي تحفظ كرامة الشعب. إنها الثورة التي زرع بذورها شعب مقاوم، فاحتضنها رئيس سورية الشاب العربي المقاوم من بوابة حزبه الثوري القومي العربي، احتضنها الرئيس الذي أقرت به شخصيات العالم المثالية كأفضل شخصية في العالم في عام 2009، ومن أفضل الشخصيات في العالم في أعوام متعددة. الرئيس الذي بقي ثابتاً راسخاً متمسكاً بقوميته في مواجهة الغطرسة الأمريكية إبان العدوان الهمجي على العراق واحتلاله، الرئيس الذي بقي راسخاً في دعمه لحزب الله الذي يحاول البعض الانقضاض على النصر الذي حققه على الكيان الصهيوني باتهاماته بالخلفية الطائفية، الرئيس الذي استمر على موقفه الداعم لحركة الإخوان المسلمين السنية في غزة، وأصر على احتضانها ودعمها وحماية كوادرها التي تعمل على تحرير الأرض العربية المقدسة من الكيان الصهيوني الغاصب، ولم يتخلى أو يتنازل أو يتنصل من القضية الفلسطينية رغم طعن قادة حماس لقلب العروبة والقومية العربية، مرتكزاً على حزب ثوري قدم الدماء في سبيل وحدة الأمة وعزة شعبها وكرامته. إنها، بلا شك، الثورة البيضاء المزركشة بدماء الشهداء، والتي أعلن نهايتها معرض دمشق الدولي بحشود الدول العربية والأجنبية المشاركة به في قلب دمشق. وبحشوده البشرية التي غطت شوارع مدينة الياسمين، واثقو برفع قيادتها لراية النصر. إنها ثورة أهل الأبجدية قديماً وحديثاً وعلى مر العصور. إنها ثورة شعب وجيش وقائد، فلتستعدوا لمتابعة إعمارها.
*باحث في السياسة والاقتصاد (سورية)