2024-03-29 03:18 م

هل تجهز إسرائيل على ما تبقي للقضية الفلسطينية من تعاطف في أفريقيا؟

2017-08-22
بقلم: محفوظ الجيلاني
لم يعد التسلل الصهيوني إلى القارة السمراء مجرد حديث تتداوله الألسن وتسربه المواقع الالكترونية والصحف ليهمس به الساسة في أحاديثهم الخاصة والعامة.. لقد أصبح النفوذ الاقتصادي والأمني والسياسي لدولة الكيان الصهيوني في بعض دول القارة الافريقية قوياً الى درجة أن أصبحت هذه العلاقات محل ترحيب واحتفاء من طرف بعض قادة هذه الدول غير عابئين للأسف الشديد بعمق العلاقات التي تجمع شعوبهم بالدول العربية والإسلامية ولا بإرث المواقف التحرّرية التاريخية لهذه القارة ولزعمائها التاريخيين أحرى ما قدمه العرب لأفريقيا من دعم سخي في سبيل نيل حريتها المسلوبة.

 لقد استغلت دولة الكيان الصهيوني حالة الضعف العربي الراهن وانشغال معظم الدول العربية في أزماتها الداخلية المرتبطة بتداعيات ما عرف بالربيع العربي (أو الرجيع العربي على الأصح) الذي أغرق المنطقة في مسلسل من الحروب الانتحارية التي لا معنى لها وجعل دول عربية تفتح مغاليق أموالها ومخازن أسلحتها لتخريب شقيقاتها وتدمير بنيتها التحتية وتشريد شعبها (أنظر ما حلّ بليبيا وسوريا واليمن..).
ففي ظل هذا الظرف العربي البائس راح العدو يخترق الدول الإفريقية واحدة تلو الأخرى لتحقيق حلمه القديم باستعادة موقعه في مؤسسات هذه القارة  بعد طرده منها لسنوات.. وقد أسفرت الزيارات المتبادلة لقادة هذه الدول مع مسؤولي الكيان الى تعهدها للكيان بحصوله على صفة مراقب في الاتحاد الإفريقي أملا في حصوله في وقت لاحق على عضوية تامة فيما أغرق الصهاينة أفريقيا بأوهام الدعم المالي والاقتصادي وبغد مزدهر.
 وبلا شك، فإن هذه العضوية إن تحققت لا قدر الله ستمنح الكيان الغاصب حرية المرور والانخراط في أفريقيا وتعميق التنسيق الأمني والاستراتيجي مع دولها وتشريع وجود الموساد في كل العواصم الإفريقية، وان تحت عناوين مشاريع وهمية للزراعة والتدريب والتنمية؛ لكن هدف العدو الحقيقي هو تشويه صورة الفلسطينيين والعرب والمسلمين وتكريس مقولة إن الشعب الفلسطيني مجتمع إرهابي فضلا عن ممارسة مزيد من الضغط على الدول العربية في شمال إفريقيا بل وتغذية الصراع بينها وجوارها الافريقي ففي موريتانيا هناك مخاوف حقيقية من النوايا الصهيونية في دعم المشاريع الزراعية في هذا البلد.
ولا يكفي ان رئيس وزراء الكيان الصهيوني اصبح شريكا في كل القمم التي تعقد في القارة كالقمة الأخيرة للمجموعة الاقتصادية لدول أفريقيا الغربية (إكواس)، بل هناك جدول زمني لعقد قمة افريقية إسرائيلية تجمع رئيس وزراء دولة الكيان مع اكثر من 25 زعيم دولة افريقية في أكتوبر/تشرين الاول القادم  في محاولة لتكريس التغلغل الصهيوني في هذه القارة..
ما يثير الدهشة انه في الوقت الذي تعمل فيه دويلة الكيان الصهيوني وعبر أعلى المستويات (رئيس الوزراء والخارجية والاستخبارات) على إدارة ملف العلاقات الإسرائيلية الإفريقية بالسرعة الفائقة نرى الدبلوماسية العربية في حالة سبات تام وكأن الأمر لا يعنيها في شيء او تتعاطى معه بفتور وكسل لايصدق..
لقد كان أجدر بالعرب بدل مطاردة الجمهورية الإسلامية الايرانية وترصد مواقفها ان يوحدوا مواقفهم للتصدي لهذا التغلغل وايقافه عند حده..
لا ينبغي ان نهمل هذه القارة العظيمة وهذا الاحتياط الاستراتيجي للأمة وان نتركه لأعدائها الصهاينة..
بالأمس القريب كان للأفارقة مواقف عظيمة من القضية العربية المركزية وظل الكثيرون من الأفارقة ينظرون الى العدو الصهيوني كقوة استعمارية عنصرية تمارس القهر والظلم بحق الشعب الفلسطيني الاعزل وكانت مواقفهم في المحافل الدولية سندا للقضية الفلسطينية (انظر الموقف السنغالي الشجاع من الاستيطان الصهيوني). لكنه وفي ظل التراخي ان لم نقل التواطؤ العربي المأسوف عليه مع المواقف الأمريكية والصهيونية ضد القضية الفلسطينية والمقاومة الشريفة في لبنان ومحورها ها هي إسرائيل تخوض معاركها الدبلوماسية المشبوهة في افريقيا للإجهاز على ما تبقى للفلسطينيين من دعم في القارة الإفريقية لكني على يقين ان شرفاء هذه القارة وأحرارها لن يرضوا بتلطيخ سمعتها..

(*) اعلامي عربي من موريتانيا
عن موقع "العهد" الالكتروني