2024-04-19 12:47 م

الانتصار السوري ولكن.... من يطفئ الجمر

2017-09-23
بقلم: د. يحيى محمد ركاج*
سبع عجاف مرت على سورية لم يشهد التاريخ مثلها، دمار ودماء وحصار وافتراءات رافقهم ميدان لتجريب استراتيجيات المواجهة وأسلحتها بين العصبة الكبار في التحكم والسيطرة على العالم، وحصار لم يشهد شعب في العالم قذارته، رافقه وضع الأسر والأفراد في سورية أمام عدة خيارات يحتوي كل منها على مجموعة من الصعاب المحاكة في غاية الدهاء، فإما البقاء في مناطق المواجهات بين الجيش العربي السوري مع الإرهابيين ومواجهة الموت الذي صوره الإعلام بأنه القدر المحتوم لمن بقي في سورية نتيجة اشتعال كامل الجغرافيا السورية المقدسة، أو النزوح من هذه المناطق إلى مناطق سيطرة الدولة لمن تمكن من الوصول إليها مما شكل ضغوطاً ديموغرافية وتنموية على أماكن استقبالهم نتيجة قطع الطرق وتدمير الموارد وتخريبات الخلايا النائمة، أو إلى مخيمات اللجوء نتيجة إرادة البعض بالخروج من سورية وهم قلة، ونتيجة قطع طرق الوصول لمناطق سيطرة الدولة بالنسبية لأغلبية المهجرين، الأمر الذي جعلهم عرضة لاستباحات مخابرات الدول الأخرى المنخرطة بالحرب على سوريا سواء أكان ذلك بهجرات اللجوء أم المنح الدراسية أو عقود التشغيل متوسطة وطويلة الأمد، ولاستباحة مافيات الأعضاء البشرية واللحم الأبيض، دون أي مسؤولية أخلاقية للدول التي استضافة مخيمات اللجوء رغم أن المخيمات كانت وسيلة هذه الدول للتسول وجمع المعونات. ولعل مكمن الخطورة في هذه الإجراءات رغم تنوعها وتعدد مصادرها، يكمن بأنها على سوية واحدة من التهديد المستقبلي المباشر لأمن الدول العربية عموماً، وأمن الجمهورية العربية السورية على وجه الخصوص. وقد أظهرت أزمة اختراقات مناهج وزارة التربية في سورية أحد أبرز عوامل التهديد هذه. حيث المنح التي قدمت للشباب السوري وفق معايير أشرفت مراكز دراسات الدول الغربية على إعدادها بما يخدم أجهزة مخابراتهم، ومنح اللجوء الإنساني الذي جعل الشباب والأطفال السوريين على وجه الخصوص عرضة للفلترة وفقاً لقابليتهم لتقبل الفكر الذي سوف يقدم لهم، والاحتفاظ بمن لم يتقبل الفكر الغربي المعد لهم كفترة حضانة بغية تأهيلهم وإعادتهم لبلدانهم، ليجدوا جيلاً فتياً مهيئاً لتقبل ما يحملونه من أفكارٍ مسمومة لاختراق سيادة الدولة تحت مسميات التطور والحداثة والتثاقف الفعال. لقد أتى اكتشاف أزمة المناهج من قبل بعض النخب ليطلق ناقوس الخطر عن واقع مستقبل المواجهات التي سوف تشهدها المنطقة بعد الإعلان النهائي لانتصار الجيش العربي السوري على الإرهاب الموجه والمدعوم من قبل دول الاستعمار وحلفائهم، والمشكلة في هذه الأزمة رغم اكتشافها المبكر لا يكمن في خطورة الاختراقات التربوية الحاصلة فقط، بقدر ما تكمن هذه الخطورة في الفوضى التي حملها التعامل معها من جهة، وسياسة الإقصاء التي رافقت اكتشافها، ومن ثم المقدرة على صياغة مناهج جديدة وفق المعايير العالمية بحيث تكون قادرة على تحقيق أهدافها المتنوعة في تنمية روح الابتكار والإبداع لدى الطالب السوري وتنمية حس المواطنة لديه من جهات أخرى. خاصة أن اختراقات هذه المناهج تخدم ما يتم زرعه في نفوس الشباب المهجر واللاجئ في أوروبا، وكذلك أيضاً الشباب المستفيد من المنح التعليمية المجانية للدراسات العليا واستقطاب الكوادر السورية. إن انتصار الجيش العربي السوري أصبح كشمس منتصف الصيف، لكن المنطقة لن يخمد جمرها ما لم تستطيع الجمهورية العربية السورية أولاً، ومن ثم الدول العربية مواجهة الاختراقات المجتمعية والتنموية التي تم بثها خلال السنوات العجاف السابقة، فهل تعتبر هذه الدول قبل فوات الآوان. عشتم وعاشت الجمهورية العربية السورية قلب العروبة النابض.
*باحث في السياسة والاقتصاد (سورية)