2024-04-20 08:18 ص

التوطين أو الخراب

2017-09-23
بقلم: نبيه البرجي
كل ما في الأمر أن الرئيس دونالد ترامب أطلق رصاصة الرحمة على رأس الجمهورية. هل هي حقاً تستحق الحياة؟
كوكتيل من الفضائح. سقوط كامل، ونهائي، للقيم السياسية، بما في ذلك الصيغة الملتبسة للديمقراطية. أحدهم قال «لسنا أكثر من ذبابة على رقعة الشطرنج». آخر سأل «لولا هيفاء وهبي وأخواتها هل بقي لبنان؟».
كما لو أن مساراً منهجياً، ومبرمجاً، دفع بنا الى القاع. دولة قيل فيها انها تنتج اللبنانيين ثم راحت تنتج أنصاف اللبنانيين. اولئك الذين كانوا يتظاهرون بعشرات الآلاف من أجل كوبا أو من أجل فيتنام، فاذا بهم يقبعون قي الثلاجة. رجال الدين يعدوننا (ويتوعدونا) بالمخلص الآتي حتماً (متى وماذا ينتظر؟). رجال الدولة يعدوننا (ويتوعدوننا ) بأبنائهم.
لا حل أمامنا سوى الرقص السيزيفي على ضفاف الغيب. منذ الأزل والنصوص المقدسة تقول ان كل شيء بيد الله. واقعاً كل شيء بيد أولياء الأمر. لا سبيل أمام الرعايا سوى أن يطأطئوا رؤوسهم .
ألا يعلم دونالد ترامب اننا دولة فاشلة وترزح تحت دين عام يناهز  
(فعلياً) المائة مليار دولار، دون أن يستطيع أصحاب العجائب (وصندوق العجائب) أن يجدوا حلاً لمشكلة الكهرباء، ولا الماء، ولا الطرقات. حتى دون أن يجدوا حلاً للفساد الذي يستشري في أدغال الدولة.
أليس أهل السياسة، في أكثرهم، أهل الفساد؟ هذه الجمهورية، بتصدعاتها وبفضائحها، وبصفقاتها، وبتوزع ولاءاتها، وبتنوع (وفظاظة ) الاوصياء عليها (اذا عدتم الى تغريدات ثامر السبهان)، هل تستحق ان تبقى يوماً واحداً على قيد الحياة ؟
التوطين الفلسطيني أكثر من أن يكون واقعاً، وان كان اللاجئون قد وضعوا داخل الأسوار وداخل الشروط القاتلة. التوطين السوري آت لا محالة. الرئيس الأميركي لم ينطق بما نطق به أمام الملوك والرؤساء الا لأن ثمة تسويات وصفقات يفترض أن تكون وراء الباب.
اذاً، متى تفتح الأبواب. ما قاله ترامب يعني ان التسوية السورية ليست وشيكة. توماس فريدمان يرى أن الحل لحرائق المنطقة لا بد أن يكون جراحياً بعدما استنزفت سوريا وضاع العراق.الحراثة في الرماد...
فديرالية، أو كونفديرالية، تجمع لبنان وسوريا والاردن. هكذا يتم استيعاب مشكلة اللاجئين، وحيث لا عودة لـ «الفالاشا العرب». وهكذا، بتوطين النازحين، يحدث الانقلاب الديموغرافي في لبنان، ولا يعود هناك من موطىء قدم للايرانيين وأصحابهم فيه.
البيت الأبيض قال كلمته. اما التوطين أو الخراب، كما لو ان التوطين ليس الخراب بعينه. الذين راهنوا على برابرة الجرود، يراهنون الآن على اتجاهات ، وانتماءات، النازحين. مرجعيات روحية حذرت من المضي في الانزلاق لأن هؤلاء يتحولون أكثر فأكثر نحو النظام.
هل دقت الساعة الاغريقية في الجمهورية بعد تلك الليلة البابلية الطويلة، وحيث التراشق حول كل شيء بين شيوخ الطوئف.الأحرى شيوخ الطرق.
يا جماعة، القسطنطينية باتت وراءنا. لبنان اصبح وراءنا. قد لا تكون هناك انتخابات نيابية لأن الحقبة المقبلة هي حقبة الجراحات الدراماتيكية في الخرائط. أي لبنان، ايها السيد ترامب، حين نمتثل لدعوتك ويدخل مليونا سوري وفلسطيني، على الأقل، في التركيبة اللبنانية، وهي أوهى من بيت العنكبوت ؟
قبل أن يطلق الرئيس الأميركي الرصاصة الأخيرة على رأس الجمهورية، كم غرزت الطبقة السياسية أظفارها في كل شيء ,
حتى انه لم يعد لنا من خلاص سوى بين يدي هيفاء وهبي ومايا دياب وميريام كلينك.
الآن، بعد فوات الأوان، ادركنا لماذا الستاتيكو، وكنا نظن أنه المظلة الدولية فاذا به السبيل الى ما ينتظرنا. من يعرف ماذا يتنظرنا؟!
"الديار"