2024-04-25 02:22 م

روسيا و السعودية .. علاقة استراتيجية أم ظرفية

2017-10-09
بقلم: امجد الاغا
تغيرات جذرية تحدث في الشرق الاوسط ليس لناحية السياسة فحسب بل كان للميدان النصيب الأكبر من هذه التغيرات ، خاصة بعد حروب الوكالة بين القطبين الروسي و الأمريكي ، و في الظاهر فقد كانت الغلبة للقطب الروسي ، و ما نشاهده اليوم من زيارات كانت بمجملها تحط في واشنطن باتت اليوم وجهتها الوحيدة موسكو ، في اشارة واضحة لقيادة موسكو للمنطقة ، و اليوم سلمان بن عبد العزيز يحط في موسكو ، هي زيارة تحمل في طياتها دلالات وأسرار بعضها معروف للجميع وبعضها الآخر يبقى في إطار التحليل ، وكان من اللافت الحملة الإعلامية التي قامت بها القنوات الإعلامية السعودية والتي روجت للزيارة عبر بروباغندا هدفها إظهار السعودية على أنها حليف استراتيجي لروسيا وبأن الزيارة تاريخية ، فهل هذه هي حقيقة الواقع . صحيفة "أور آسيا دايلي" الروسية، التي نشرت تقريرا تحدثت فيه عن الزيارة منوهةً بأن التقارب السعودي الروسي ذو طابع ظرفي، فمن غير المرجح أن تؤدي هذه الزيارة إلى تغييرات حقيقية على مستوى العلاقات الثنائية في أي مجال من مجالات التعاون ، وعلى الرغم من إعراب كلا الطرفين عن رغبتهم في دخول مستويات جديدة من التبادل المشترك، إلا أن ذلك يظل مجرد نوايا لا أكثر ، إذ لا يمكن أن ترقى العلاقات بين موسكو و الرياض للمستوى الجيوسياسي ، فعلى الرغم من قبول الرياض دعوة موسكو، إلا أن ذلك لا يفتح المجال لأي شراكات حقيقية ، ففي الواقع، و للدخول في أي نوع من التعاون الثنائي بين الدولتين، من الضروري القضاء على العديد من العقبات كخطوة أولى ، فلم يعد خافيا على أحد الوعود السخية التي أعلنت عنها السعودية سابقا فيما يخص توقيع عقود عسكرية مع موسكو فضلا عن ابرام اتفاقيات ، علاوة على ضخ استثمارات بمليارات الدولارات في الاقتصاد الروسي، طبعا لم يحدث أي شيء منها على أرض الواقع وظلت هذه الوعود في إطار الحرب النفسية لإثارة قلق إيران لا غير. و بالنظر إلى الشأن السوري ، نجد أن هناك تعارضا واضحا في سياسات البلدين تجاه الملف السوري ، على اعتبار أن السعودية ضخت مليارات الدولارات لدعم الإرهابية ،قابله تدخل روسي و الذي جاء ضد ارادة الرياض ، الأمر الذي دفع بآل سعود للمناداة بمقاطعة موسكو دبلوماسيا ، كما وصفت الرياض الدور الروسي في سوريا بالمدمر ، ووصلت السعودية إلى قناعة تامة بأن هناك علاقة استراتيجية وثيقة بين سوريا وروسيا لا يمكن زعزعتها، ما أدى إلى اهتزاز ثقة السعودية تجاه موسكو. ملفات كثيرة شائكة بين البلدين ، اهمها سلاح النفط و الذي استخدمته السعوديّة ضد موسكو وطهران خلال السنوات الماضيّة. إذا حقيقة الأمر أن روسيا لا تثق في السعودية حيال هذا الموضوع لكونها قد تستخدم هذه الورقة مجدداً، لأهداف سياسيّة وعسكرية ، يضاف إليه قرب السعودية من أمريكا التي تعد عدّو بارز لموسكو في ظل إدارة ترامب التي لا تدخر جهدا في فرض عقوبات اقتصادية على روسيا ، كما أن روسيا لا تتخلى عن شريكها الاستراتيجي إيران ، مقابل اللاعب السعودي الذي فشل في تحقيق أهدافه الإقليمية التي تتعارض مع الأهداف الروسية، والتي تلتقي بدورها مع الإيرانيّة التي تجمعها علاقات متنامية مع روسيا في الشرق الأوسط . توقيت الزيارة جاء ربما بعد أن وصلت الرياض إلى قناعة بضرورة اللجوء إلى روسيا من أجل ترتيب الأوراق الإقليمية ، و لا سيما الازمة الخليجية و التي وصلت إلى طريق مسدود ، كما انه من الممكن ان تستغل موسكو العجز السعودي المتنامي يوما بعد يوم ، و طرح اتفاقيات لتمرير بعض الاوراق السياسية و لا سيما تقديم أسماء ولوائح بالإرهابيين القادمين من الجمهوريات الروسيّة في تنظيم داعش الإرهابي ، و التي ساهمت السعودية بحسب تقارير نشرتها الاستخبارات الروسية بدعم مقاتلين شيشان ، كما تعاونت سابقاً في تقديم معلومات عن قائد جيش الإسلام السابق زهران علوش الذي قضى بغارة روسيّة بناءً على معلومات من الأمير السعودي محمد بن سلمان، وفق مصادر صحفيّة. هو فصل جديد من فصول الشرق الاوسط ، لكن الابرز في العناوين و إن كان ظاهريا ، هو سحب البساط من تحت واشنطن ، لتكون روسيا هي المهندس الجديد للشرق الأوسط .