2024-04-20 02:15 م

واشنطن تدشن حرباً استخباراتية «مفتوحة» مع حزب الله..

2017-10-13
ابراهيم ناصرالدين
التهدئة السياسية الداخلية في لبنان، واستغلال مكونات الحكومة «للوقت» الدولي والاقليمي «المستقطع»، لتمرير التفاهمات المتاحة على الملفات غير الخلافية، لا تعني أن «النار» ليست تحت «الرماد» على المستوى الأمني في ظل قرار اميركي بالذهاب بعيدا في مواجهة مفتوحة مع حزب الله بدأت بعض مؤشراتها بالظهور، فيما وردت الى بيروت تطمينات اوروبية بعدم وجود اي مؤشر على حرب اسرائيلية قريبة ضد لبنان... 
ووفقا لاوساط معنية بهذا الملف، فان رفع مستوى التصعيد الاميركي ضد حزب الله عبر رصد مكافأة مالية لاعتقال مسؤولين رفيعي المستوى في هرمه التنظيمي، لا تساوي في «الشكل» الا اعلانا رسميا عمليا عن هذه الاستراتيجية القديمة -الجديدة المتوارثة من ادارة اميركية الى اخرى، لكنها كانت تخبو وتظهر تبعا لظروف سياسية «تكتيكية»،وليست استراتيجية، اما خطورة هذا الاجراء فيكمن في أن الولايات المتحدة الاميركية تقدمت خطوة على «رقعة الشطرنج» واضعة دائرة «حمراء» حول مسؤولي حزب الله المطلوبين كهدف للاغتيال وليس للاعتقال، خصوصا انها تعرف جيدا بان سوقهما الى «العدالة» المفترضة ضرب من «الخيال»، وهذا يعيد المواجهة بين أمن حزب الله والاستخبارات الاميركية الـ«سي اي ايه» الى ذروتها على الساحة اللبنانية المفتوحة على نشاط شهد تفعيلا لمختلف اجهزة الاستخبارات الاقليمية والدولية، كما اظهر تقريرا اعد قبل اسبوعين اشار الى دخول ضباط رفيعي المستوى من الـ«سي اي ايه» الى بيروت في مهمة غير واضحة...
وتلفت تلك الاوساط الى ان هذا القلق لم يأت من فراغ، فثمة مؤشرات خطيرة تتعلق باعادة واشنطن تفعيل وتنشيط خلايا لبنانية سبق لها وتعاملت منذ سنوات طويلة مع السفارة الاميركية في بيروت تحت «ستار» وظائف وهمية، بعض هؤلاء سرحوا من «العمل» في فترات سابقة وتمت استعادتهم للاستفادة من «خبراتهم» العملانية... والجدير ذكره انه جرت عملية «تطهير» كبرى لهذه المجموعة في العام 2011 بعد عملية استخباراتية ناجحة استطاع عبرها حزب الله من اختراق مجموعة جواسيس عاملة مع الاميركيين فيما عرف يومها بعملية «البيتزا هات»، يومها تساقط عشرات الجواسيس بسبب اهمال رجال المخابرات الاميركية و«استهتارهم»، وتمكن الحزب من «تنظيف» الهيكل القيادي التنظيمي بعد ان تمكنت الاستخبارات الاميركية من خرقه... ونجح جهاز أمنه بعد عملية رصد ناجحة في الايقاع بالشبكة التجسسية ومعها كم كبير من المعلومات، ما أدى الى استبعاد عشرات اللبنانيين ممن تعاونوا مع السفارة وقد بدأ بعضهم بالعودة الى ممارسة مهامه...

 دور دحلان...

وبحسب المعلومات عاد التعاون الوثيق بين الاستخبارات الاميركية ونظيرتها السعودية والاماراتية على الساحة اللبنانية الى سابق عهده، وبراي تلك الاوساط، فان هذا التعاون ينتج «خليطا» شديد الخطورة، هو كناية عن مجموعات تكفيرية متشددة تديرها وتمولها الرياض وابوظبي وتقدم لها الـ«سي اي ايه» التقنيات المتطورة والتسهيلات اللوجستية لتنفيذ عمليات تكون مزيجا من الاغتيالات والتفجيرات وعمليات تخريب على نطاق واسع.. ولعل ابرز ما يعلق في الذاكرة تفجير بئر العبد الذي استهدف السيد محمد حسين فضل الله وتبين لاحقا انه كان «ثمرة» تعاون وثيق بين الاستخبارات السعودية والاميركية...وفي هذا الاطار «العيون» باتت «مفتوحة اكثر على فصيل فلسطيني بعينه يتبع مباشرة مسؤول فتح السابق محمد دحلان الذي جرى تاهيله في الامارات واعطي ادوارا على الساحتين الفلسطينية واللبنانية...

 مواجهة «قاسية»

وامام هذه الوقائع، يدرك حزب الله انه سيكون في مواجهة حرب أمنية «قاسية» وسيكون الضرب فيها «تحت الحزام»، ولم تكن المقاومة تحتاج الى الاعلان الاميركي الاخير لتزيد من «اليقظة» الامنية، «فدرس» العام 2011 غيّر الكثير من أسلوب عمل أجهزة الحزب الاستخباراتية على مختلف تخصصاتها، وخصوصا «الامن المضاد»، وجل ما فعلته واشنطن بمجاهرتها العلنية انها اعطت «الشرعية» للحزب في خوض حرب «استباقية» و«دفاعية» عن نفسه بعد الادعاءات الاميركية «الفارغة» واتهاماتها ضد  مسؤوليها، وهي تتحمل اليوم المسؤولية المباشرة عن أي مكروه قد يحصل لهما او لأي كادر في حزب الله. انها مرحلة «صعبة» لكن الحزب وأجهزته باتت اصعب مراسا واكثر قدرة على خوض مواجهة مفتوحة ودون ضوابط اذا ما كان القرار الاميركي فعلا تجاوز «الخطوط الحمراء»..

 تحذيرات... وتطمينات أوروبية

وفي سياق متصل أكدت اوساط وزارية بارزة ان وزير الخارجية جبران باسيل اجرى اتصالات بعيدة عن الاضواء مع نظرائه الاوروبيين في محاولة لاستكشاف طبيعة التصعيد الاميركي وحدوده، واحتمالات التصعيد الاسرائيلي العسكري، ووفقا للمعلومات تلقى وزير الخارجية اجوبة «مطمئنة» لجهة عدم وجود اي مؤشرات لدى تلك الدول حول استعدادات اسرائيلية للقيام بعمل عسكري واسع النطاق ضد لبنان، ولم يظهر تبادل «الرسائل» بين قوات اليونيفيل العاملة في الجنوب والجانب الاسرائيلي وجود اي طلب بتعديل تموضع هذه القوات، كما لم تسجل أجهزة استخبارات الدول المشاركة في هذه القوات أي مؤشرات مقلقة تستدعي التحرك الميداني او الدبلوماسي «العاجل»..
لكن الدبلوماسية الاوروبية دعت الى «الحذر» وترقب خطوات الرئيس الاميركي دونالد ترامب اتجاه ايران لانها ستكون لها تداعيات تعيد «خلط الاوراق» في المنطقة وتفتح «الباب» امام احتمالات كثيرة. الموقف الاوروبي واضح وقد تم ابلاغ الادارة الاميركية ان الوقت لإلغاء الاتفاق النووي مع إيران، ليس مناسبا... ومع افتراض ان ترامب تبنى خيارا «وسطيا» بالاعلان عن خرق إيران للاتفاق دون اتخاذ قرار بالغائه، وترك القرار للكونغرس لاتخاذ الموقف المناسب خلال ستين يوما، فان هذه «التسوية» لا تقلل المخاطر، لانها ستفتح «الابواب» لممارسة  ضغوط كبيرة على إيران لدفعها الى الموافقة على تعديل الاتفاق... وقد شرح الاميركيون لنظرائهم الاوروبيين «خارطة الطريق» التي يريدون السير بها في المرحلة المقبلة، فما تريده واشنطن من طهران هو رقابة وثيقة على المواقع العسكرية الإيرانية السرية والعلنية؛ وهو امر صعب التحقق، فطهران لم توافق على هذا الامر خلال التفاوض مع إدارة أوباما... ومن الصعب جدا أن توافق عليه اليوم.
 ولذلك تعمل الولايات المتحدة وإسرائيل على «اتفاق مواز» يحدد  الاعمال الإيرانية التي ستعتبر خرقا  للاتفاق، لبلورة إجماع حول طبيعة الرد على هذه الخروقات وسط تنسيق في الجهد الاستخباري حيال البرنامج النووي الإيراني... وبحسب الاوساط الاوروبية فان ما تسعى اليه الادارة الاميركية، اتفاق يتضمن منع  التهديد الإيراني غير النووي على إسرائيل وحلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.. ويأتي على رأس قائمة «المخاطر» حزب الله باعتباره الخطر الاستراتيجيي الاول على اسرائيل... وهذا ما يضع لبنان في «عين عاصفة» من الضغوط المختلفة في الاشهر القليلة المقبلة...
"الديار" اللبنانية