2024-03-29 03:35 م

السعودية بحلة مزيفة

2017-11-08
بقلم: محمود الشاعر
من يصدق أن السعودية ستتحول بين ليلة وضحاها إلى "بلد عصري " ويستطيع محمد بن سلمان بعصاه السحرية أن ينفذ خططه الإصلاحية الاقتصادية هناك ببناء مدينة الخيال في الصحراء شمال غرب المملكة التي يسعى من خلالها إلى جذب المستثمرين بمباركة أمريكية وإسرائيلية ومن يصدق أن المملكة التي ربت قطعان الإرهاب في دهاليزها وأرضعتهم من فكرها الوهابي المتطرف وربتهم على قطع الرؤوس وأكل الأكباد وسفك الدماء وشرعت الزنى على أنه جهاد وعلمت متطرفيها نشر ثقافة الكراهية وتكفير الآخر ونبذ الأقليات وإثارة النعرات الطائفية من يصدق أن هذه المملكة سترتدي حلة جديدة بانفتاحها على العالم كما يزعم ابن سلمان والاعتماد على الإسلام الوسطي المعتدل كنهج لها في علاقاتها مع شعوب العالم ،ألا تدل هذه التصريحات على سذاجة سياسية يراد بها تلميع وجه المملكة وتقديم صورة بعيدة عن الواقع الذي عبرت عنه ممارسات بني سعود منذ نشأتهم الأولى وحتى اليوم وهم المرتبطون فكرياً وإيديولوجياً بالوهابية التي اتخذها هؤلاء كغطاء ديني يمارسون تحته مختلف أنواع الظلم والإرهاب والبطش بالآخر للحفاظ على مملكتهم المتشددة ،وقد عرفوا عبر تاريخهم الأسود بمحاربة الانفتاح وارتكاب عمليات القتل على خلفيات طائفية كما يحدث في بعض الأحياء داخل السعودية واعتقال الآلاف وكم الأفواه وانتهاك حقوق الإنسان ولا يمكن لمملكة الظلام أن تدعي بأي شكل من الأشكال تبنيها للقيم الديمقراطية العصرية وهي تقوم بقصف اليمنيين وتعمل على تسميم المياه الجوفية ونشر وباء الكوليرا الذي أودى بحياة الآلاف المؤلفة من المدنيين الأبرياء في اليمن . إن محاولة ابن سلمان لإظهار بلاده بمظهر عصري منفتح ليست إلا محاولة لتنفيذ مخططات إستراتيجية هدفها جذب المستثمرين الأجانب وقمع خصومه السياسيين والمنافسين له داخل البلاط الذين يكيدون له الدسائس والحيل للإيقاع به . كما أن أمريكا التي لا تهتم لأي خطط إصلاحية تطال السعودية التي يعاني أبناؤها من واقع بائس تسعى إلى تمرير مصالح شركاتها التجارية التي حجزت النسبة الأكبر في مشروع ابن سلمان المصاغ أمريكياً بعد أن وضعت يدها على آبار النفط وفتحت الأسواق لاستثماراتها على حساب الشعب السعودي وأعلنت تبنيها للملك المطيع لها تحقيقاً لمصالحها الشخصية في المنطقة . ولأن أي مشروع تريد السعودية تحقيقه اليوم لا يمكن أن تقوم له قائمة دون الشراكة مع إسرائيل وبرضاً إسرائيلي مسبق كان لابد للسعودية أن تشرك الصهيوني في مشروعها ،وبحسب تصريحات أمريكية فإن مشروع مدينة ابن سلمان سيفقد دلالته الإستراتيجية في النظام العالمي وسينتهي بالفشل إذا لم يتم التنسيق مع الكيان الصهيوني لذلك تسعى السعودية للاستفادة من خطة إسرائيلية مقترحة لإقامة شبكة قطارات بين البحر الأحمر والمتوسط تنفيذاً لمشروعها المرتقب . ولأن السعودية تريد الظهور بوجه مخادع عبر تبييض صفحتها السوداء فقد بدأت بتهديد معارضات الرياض برفع يد الدعم الإرهابية عنها بحجة أنها تضم الكثير من المتشددين وكأن قطعان الإرهابيين الذين دعمتهم طويلاً ومازالت تفعل خلال الحرب الإرهابية على سورية كانوا حملاناً وديعة ،وهكذا فإن المعارضات المزعومة لن تنجح في توحيد صفوفها مما يعرقل عقد مؤتمرها المقرر "الرياض"والذي أخرته السعودية . إن تصريحات الغلام السعودي لن تغير من حقيقة مملكة الشر ولن تحسن صورتها المشوهة لأن من يسعى إلى النيل من حرية الآخرين وتدمير الشعوب وتحقيق أطماع الغرب لن يلعب إلا الدور الخسيس المطلوب منه مهما حاول التخفي وراء أقنعة الحضارة والرقي .
*أمين تحرير صحيفة العروبة بحمص