2024-03-29 10:51 ص

حروب نظام المخزن المغربي غير المعلنة ضدَّ الجزائ

2017-11-08
بقلم: عميرة أيسر
حروب نظام المخزن المغربي غير المعلنة ضدَّ الجزائر لازالت تصريحات وزير الخارجية الجزائري السيِّد عبد القادر مساهل تلقى بظلالها الكثيفة على العلاقات المغربية الجزائرية المتوترة أصلاً منذ اندلاع أزمة حرب الرمال بين البلدين في شهر أكتوبر من سنة 1963، وكان المغرب يهدف من خلال تلك الحرب العدوانية إلى استغلال الوضع السِّياسي والاقتصادي والعسكري لجزائر التي كانت لتوها خارجة من بوتقة استعمار استيطاني أهلك الحرث والنسل طيلة 132 سنة من الاحتلال لاستيلاء على أراضٍ جزائرية يدعي بأنها مغربية كتند وف وبشار، فالنظام المغربي الذي دعم الثورة الجزائرية وفق إستراتيجية أمريكية متبعة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، والتي تقوم على إضعاف دول أوروبا الاستعمارية الكبرى كفرنسا، وبريطانيا لتخلو لها السَّاحة الدولية لكي تكون قائدة، وحيدة ومتفردة لقاطرة النظام الغربي الرأسمالي، وذلك بالاعتماد على حلفائها وأدواتها في مختلف مناطق العالم، ومنها طبعاً نظام المخزن المغربي، والذي اختارته أمريكا دون سائر الأنظمة الإفريقية الموالية لها، لكي يحتضن أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في القارة السمراء، وهي قاعدة أفريكوم، بعد رفض الجزائر لأيِّ تواجد عسكري أمريكي دائم فوق أراضيها، وعندما فشلت الخطط الأمريكية في تحويل الجزائر إلى دولة تدور في فلك النظام الرأسمالي، وذلك في إطار الصراع الأمريكي السوفيتي المحموم في تلك الفترة التاريخية المهمة، لسيطرة على دول العالم المستقلة حديثاً، ضمن ما يعرف بالحرب الباردة، فالنظام الثوري في الجزائر آنذاك قد اختار النموذج الشيوعي الاشتراكي كمنهاج لحكم السِّياسي و لنظامه الاقتصادي، فأوعزت أمريكا بالتالي لحليفها المغربي بأن يشنَّ حرباً لا هوادة فيها،لاستئصال هذا النظام الوليد، ودعمت الجيش المغربي بالمال والسِّلاح والخبرات اللازمة استعداداً لهذه الحرب المرتقبة، وهناك الكثير من التقارير والمعلومات الموثقة عن ذلك، والغريب في الأمر هو أن نفس الشيء قد تكرر مع قضية الصحراء الغربية، إذ أن نظام المخزن لم يطالب بتلك الأراضي الجزائرية يوم كان يحتلها الفرنسيون وطيلة قرن ونيف من الزمن، مثلما لم يكن يطالب اسبانيا، بإعادة ما يزعم الآن أنها أراض مغربية، وهي في الحقيقة ملك لشعب الصحراوي وحده دون سواه. النظام المغربي لم يكتفي بذلك بل افتعل عدَّة أزمة دبلوماسية وأمنية كأزمة سنة 1975، وأزمة غلق الحدود بين البلدين سنة 1994 واستضافته لإرهابيين مطلوبين لجزائر كعبد الحق لعيايدة أمير الجماعة الإسلامية المسلحة الدمويةGAI، والذي استعادته الجزائر بعد عقدها لصفقة ذات صبغة سياسية و أمنية بالدرجة الأولى مع النظام المغربي، الذي وفي إطار إستراتجيته الغير معلنة لتدمير الجزائر من الداخل بعد أن فشل في ذلك عسكرياً. عمد هذه المرة إلى محاولة إضعاف الجزائر عن طريق إغراقها بالمخدرات، فحرب المخدرات القذرة التي يشنها المغرب علينا، تمكنت مصالح الأمن الوطنية من إفشالها،حيث نجحت في إيقاف كميات مهولة من المخدرات المغربية، المعدة والموجهة لتصدير نحو السوق المحلية، ونقولها بكل أسف وبتواطؤ من بعض الأطراف التي أعماها حب المال والسلطان في الجزائر، فإحصائيات المركز الوطني لمكافحة المخدرات والإدمان مثلاً ذكرت، وبأنه وفي سنة 2015 تمكنت مصالح الأمن المُختلفة من حجز حوالي 126 طن من القنب الهندي مصدرها المغرب، منها 57.4 بالمائة في غرب البلاد، و 36.14على مستوى الجنوب، و5.18 بالمائة في منطقة الوسط و 1.27بالمائة في شرق البلاد، والمخابرات المغربية التي بالتأكيد لها اليد الطولى في تنظيم هذه التجارة و تسهيلها، تشنّ ومنذ سنوات طوال حملة تضليل إعلامي غير مسبوقة لتأليب الرأي العام الفرنسي والأوروبي ضدَّ الجزائر، ومحاولة تصويره على أنه بلد مصدر للإرهاب وتجارة الأسلحة، وبأنه من يقف خلف دعم جبهة البوليساريو طمعاً في موارد وثروات الأقاليم الجنوبية لمغرب، فقد ذكرت تقارير فرنسية، وذلك بعد أن تمَّ اختراق حساب الإيميل الالكتروني الشخصي ، لمن يعرف بالغول وهو أحد عملاء المخابرات المغربية في أوروبا، ويعمل بصفة مباشرة تحت إمرة ياسين منصوري المدير العام لمديرية العامة لدراسات والمستندات، وهي مؤسسة عسكرية تتبع عملياً لجهاز المخابرات المغربية، فقد قام هذا العميل بحسب تلك التقارير الإعلامية الفرنسية، بعقد علاقات عمل وثيقة مع مؤسسة SNI، وهي وكالة فرنسية متخصصة في العلاقات العامة، والبروباغندا الإعلامية الموجهة، والتي تم تأسيسها سنة 1983، وذلك بالتنسيق مع جهاز المخابرات المغربية الخارجي GAD، والذي كانت تنحصر مهمته في تزويد مدير هذه المؤسسة الفرنسية السيِّد أونريفي لوبيكار بالمعلومات التي يجب أن تنشرها الوكالة عن الجزائر، وذلك مقابل مبالغ مالية هامة منها 133 ألف كمصاريف وأتعاب حصلت عليها الشركة الفرنسية سنة 2009، وكذلك 130ألف أورو تقاضتها في الفترة الممتدة من 1 أكتوبر إلى غاية 31 أكتوبر لسنة 2008، وكذلك مبلغ 330 ألف أورو تحصل عليه تلك المؤسسة ويتم احتسابه رسمياً كميزانية سنوية ثابتة ، وذلك طبعاً خارج نطاق تذاكر الطائرات المُخصصة لعاملين في تلك الوكالة لزيارة المغرب من أجل السِّياحة والاستجمام، وأيضاً تكاليف الإقامة والنقل، وللإشارة فقط فإن هذه الشركة الإعلامية الفرنسية تستعين بطلبة جامعيين وكتاب صحفيين، ومراكز تفكير الاستراتيجي، أو ما يعرف بمراكز ثينك ثانك في الترويج لمعلوماتها المضللة عن الجزائر، وهي ليست سوى غطاء تستعمله المُخابرات المغربية من أجل تشويه سمعة الجزائر خارجياً، ولم تتوقف حروب المغرب الغير المعلنة على الجزائر عند هذا الحد. فالمغرب يستعين ومنذ سنوات طوال، بفرق خاصة تابعة لجهاز الموساد الإسرائيلي من أجل مراقبة حدوده المغلقة معنا، و القيام بأعمال تجسُّسية، وجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات الاستخباراتية عن الجزائر، وكذلك فالقمر الصناعي المغربي الذي تمَّ إطلاقه حديثاً و الذي اشتراه المغرب بمبلغ 500 مليون أورو من فرنسا سنة 2013، و الذي سيتم إطلاقه من قاعدة غويانا الفرنسية في 8 نوفمبر من هذا العام، و يمتلك القدرة على تصوير الأماكن الحساسة وبدقة عالية تصل إلى 50 سم ، هذا القمر الصناعي تنحصر مهمته حسبما أوردته صحيفة الباييس الاسبانية في التجسس على قدرات، وأماكن تواجد القوات الاسبانية وقوات جبهة البوليساريو، وقطعاً القوات الجزائرية، وذلك طبعاً خدمة لمُخططات دول أجنبية وعلى رأسها الكيان الصهيوني وفرنسا، التي تعرف أكثر من غيرها بأن المعلومات التي سوف يلتقطها القمر الصناعي المغربي ستكون فعالة، ومفيدة جداً لها في حال فكرت في تكرار السيناريو الليبي ضدًّ الجزائر، ولكن بالرغم من كل ما يفعله المغرب لنيل من وحدة الجزائر وسلامة أراضيها، استغرب حديث البعض في وسائل إعلامنا، ودفاعهم المُستميت عن النظام المغربي، وما ذكرته من معلومات وحقائق ليس سوى غيض من فيض فقط، عما يقوم به نظام المخزن لزعزعة الأمن والاستقرار في بلادنا، ورغم أن الملك المغربي محمد السادس، وفي عدَّة خطابات له دعا إلى فصل منطقة القبائل عن الجزائر، ولكن لم يتحدَّث أحد من هؤلاء الأرقوزات من أهل الإعلام والسياسة عندنا عن هذا الموضوع، وكأن على رؤوسهم الطير جاثياً. 
*كاتب جزائري