2024-04-16 01:53 م

الائتلاف الرباعي في مواجهة النفوذ الصيني

2017-11-25
وسط الصعود السريع للصين، بدأ تجمع أمني جديد يتشكل. وفي إطار ما يسمى بالائتلاف الرباعي، عقدت الهند والولايات المتحدة واليابان وأستراليا هذا الشهر مباحثاتهم الأولى على المستوى الرسمي، بهدف الحفاظ على منطقة المحيط الهادي والمحيط الهندي، كمنطقة «حرة ومفتوحة» للجميع. وأصدرت الدول الأربع بيانات منفصلة في أول اجتماع رسمي لها أعربت فيها عن أملها في أن يكون هناك احترام للقانون الدولي. وجاء توقيت هذا الاجتماع قبل انعقاد قمة «الآسيان» في مانيلا. وهذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها الدول الأربع إنشاء تجمع أمني. فقبل قرابة عِقد من الزمان، كانت هناك محاولة أخرى، والتي كانت في ذلك الوقت تحظى بتأييد رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، لإنشاء هذا النوع من التجمع. وعلى الرغم من أن الهند في ذلك الوقت كانت مترددة بشأن انضمامها إلى التجمع، فإنها وافقت لسبب واحد هو أنه يعطي نيودلهي منصة أخرى لزيادة وجودها في شرق آسيا. ومع ذلك، فقد خمدت الفكرة في ظل انتقاد الصين بزعم أن التجمع كان يهدف إلى احتواء صعودها في آسيا وما وراءها. وكانت الصين في ذلك الوقت قد تقدمت باحتجاجات دبلوماسية ضد تأسيس مثل هذا التجمع.وبالفعل، فإن الهند والصين بينهما نزاع حدودي يتأجج ببطء. وقد حدثت مواجهة مؤخراً بين الدولتين على طول الحدود مع بوتان، لذا فإن الانضمام إلى الائتلاف الرباعي يُعطي الهند فرصة لمواصلة الضغط على الصين. وقد تركزت المناقشات بين الدول الأربع حول أهمية وجود «منطقة هندي- هادئ حرة ومفتوحة»، وسط تزايد نفوذ بكين في المنطقة التي شهدت انخراطاً صينياً مع العديد من الدول في النزاعات الإقليمية. وشملت القضايا الأخرى التي نوقشت خلال الاجتماع حرية الملاحة واحترام القانون الدولي وتعزيز الاتصال والأمن البحري، إلى جانب أمور أخرى. بالنسبة لنيودلهي، فإن التجمع يعطيها فرصة لمواجهة مشروع الصين «حزام واحد وطريق واحد». وقد رفضت الهند أن تكون جزءاً من مشروع الصين الضخم، لأنه يتضمن الجزء الباكستاني من كشمير المتنازع عليها بين الهند وباكستان. وقالت الهند في بيانها خلال الاجتماع الرباعي إنها على استعداد للعمل مع الدول التي لها تفكير متشابه بشأن القضايا التي تعزز مصالحها وتدعم وجهة نظر الهند. وأشارت أيضاً إلى أن الهند لديها عقلية مفتوحة للتعاون مع دول ذات التقارب، لكن في أجندة ذات صلة بالهند أيضاً.

ولكن لا يزال التجمع في مراحله الأولية حتى على الرغم من كونه خطوة خطيرة تجاه تشكيل المبادرة الأمنية الرباعية. وقد عقد الاجتماع الذي ضم الدول الأربع في الوقت الذي تقوم فيه البحرية الهندية بتعزيز وجودها في المحيط الهندي مع التركيز على الوجود المتزايد للصين في المنطقة. وقد قامت البحرية الهندية بنشر ما يقرب من 12 سفينة في نقاط استراتيجية على طول الممرات البحرية من مضيق «ملقا» إلى خليج البنغال إلى مضيق سوندا في إندونيسيا. وهذا الانتشار، الذي سيشهد دوريات دائمة للسفن، عندما كانت في وقت سابق تذهب في مهمات قصيرة، يرمي إلى تقديم المساعدة لبلدان منطقة المحيط الهندي لمواجهة تهديدات مثل القرصنة وتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثة في حالات الكوارث، وفقاً للقوات البحرية الهندية.

وقد كانت نيودلهي تشعر بقلق كبير بشأن الوجود المتزايد للصين في البلدان المجاورة للهند، وذلك من خلال إنشاء مشروعات بنية تحتية من باكستان ونيبال في الشمال إلى سريلانكا وجزر المالديف ودول المحيط الهندي الأخرى الذي يصفها الخبراء الاستراتيجيون الهنود بأنها «عقد من اللؤلؤ» يطوق الهند. وفي السنوات الأخيرة، كانت الأنشطة العسكرية للصين مصدر قلق للهند. وقبل عامين، قدمت الهند احتجاجاً دبلوماسياً ضد كولومبو بسبب قيامها بإرساء غواصتين صينيتين في سريلانكا. وعلاوة على ذلك، فإن بكين تساعد إسلام آباد لبناء ميناء «جوادر» الاستراتيجي في باكستان. وبغض النظر عن وجودها المتزايد في نيبال وجزر المالديف، قامت الصين في شهر أغسطس بافتتاح أول قاعدة عسكرية لها في الخارج، وتحديداً في جيبوتي على حافة المحيط الهندي. وقد أعربت الهند عن قلقها بشأن عسكرة المحيط الهندي، وإن لم تذكر أي دولة. ولكن عندما قالت السلطات الهندية إن «دولاً من خارج المنطقة» كانت تحافظ على وجود مستمر في منطقة المحيط الهندي بسبب «ذريعة ما أو أخرى»، كان من الواضح أنها تعني الصين.

وبشكل منفصل، كانت الولايات المتحدة حريصة على تعزيز التعاون مع الهند في منطقة جنوب آسيا والبلدان المُطلة على المحيط الهادئ. ولم تخف واشنطن اهتمامها بزيادة التقارب مع نيودلهي لمواجهة بكين. وقد أعلن وزير الخارجية «ريكس تيلرسون» بالفعل أن الولايات المتحدة والهند يعززان «نهجاً قائماً على القواعد إزاء التجارة وكذلك نهجاً شفافاً ومستداماً للتنمية الاقتصادية»، وأن اليابان انضمت إليهما في هذا الجهد. وتقوم الهند واليابان والولايات المتحدة بالفعل بإجراء مناورات بحرية سنوية مشتركة وتناقش سبل التوسع في مشروعات البنية التحتية في آسيا. وفي النهاية، فإن التجمع الذي يتآزر يرمي أيضاً إلى حماية الطرق البحرية.

د.ذِكْرُ الرحمن*

*رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي